بازگشت

موقع الثار في الصراع الحضاري بين التوحيد و الشرك


و لنقف قليلا عند هذه الكلمة لننظر كيف يكون هذا الدم«ثارالله»من دون سائر الدماء.

ليس المقصود ب(الثار) هنا القصاص القصاص فانه تشريع عام لكل من قتل بغير حق، اذا طالب أولياء الدم بذلك، و ليس للشهيد خصوصية في هذا المجال، كما ليس المقصود بذلك معاقبة القاتل و المعتدي في الآخرة فهو أيضا حكم عام لا يخص عدوانا دون عدوان، فلابد أن يكون للثار هنا معني آخر غير المعني المألوف الذي يعرفه الناس، فالثار هنا الله، و هو تعالي ولي الثار، فما عسي أن يكون معني (الثار) هنا؟

و كيف يتولي الله تعالي المطالبة بدم الشهيدين الولد و الوالد:«ثار الله و ابن ثاره»؟

و ما هو المقصود من كلمة«ثار الله»الواردة في هذه الزيارة؟

ان الصراع هنا ليس صراعا شخصيا ليكون ثارا من شخص - كما هو المألوف في الدماء و الثارات - و انما الصراع صراع حضاري، فيكون الثار ثارا للقضية و الرسالة، و انتقاما من الخط الحضاري الذي يريد أن ينال من خط الرسالة. فالشهيد يقاتل في سبيل الله و لتثبيت كلمة الله علي وجه الأرض، و لاسقاط الطاغوت، و احباط دوره و عمله في الأرض و في المجتمع و لازالة الفتنة التي تعيق الناس عن سبيل الله، و الجريمة هنا ليست جريمة علي شخص و انما جريمة علي الخط و الرسالة، التي يقاتل من أجلها الشهيد و هي تحكيم شريعة الله في الحياة.

فلابد أن يكون (الثار) اذن من جنس الجريمة و من جنس القضية: ثارا


للقضية و انتقاما من الخط الحضاري المناوي ء لسبيل الله و للصراط المستقيم، و انتصارا للرسالة التي ضحي من أجلها الشهيد، و احباطا لدور الطاغية و سعيه في الأرض.

فكما أن انزال العقوبة المكافئة للاجرام بشخص المجرم من الثار و الانتقام، كذلك تسقيط الطاغية و (المجرم) و احباط دوره في الأرض و الانتصار للرسالة و تأييدها و دعمها و اسنادها يعد انتقاما من الطاغية و ثارا للشهيد، و الثائر الذي يطلب بدماء الشهداء من اسرة التوحيد، الابراهيمية، و يتولي الانتقام من الظالمين و المجرمين، و الانتصار للشهداء، هو الله تعالي فهو ولي الثار، و ولي الدم،و المنتقم الثائر.