بازگشت

الثار في أسرة التوحيد


و عندما تكون اراقة دم من أجل قضية التوحيد و العبودية لله و تحكيم رسالة الله في الأرض فان الأمر يختلف؛ فالدم هنا اريق في قضية رسالية و ليس في قضية شخصية، و الأمر يتعلق باسرة التوحيد، و لا يتعلق بالأسرة العائلية، بمعناها الضيق.

و اسرة التوحيد بمجموعها ثائرة لهذا الدم، و ليس ذوو الدم من الأسرة الشخصية للمقتول بمعناها المحدود و الضيق، و كما أن الظلامة تقع علي كل أفراد أسرة التوحيد، كذلك العدوان يصدر من أسرة الشرك بأسرها و ليس من فرد أو أفراد بخصوصهم مادام يجمعهم الرضا بذلك، فان الآمر بالعدوان و المنفذ له، و الذي يعد له أسبابه و مقدماته، و المشاهد لساحة الظلم الراضي به. كل اولئك يجمعهم الرضا بالظلم، و كل اولئك مطالبون بهذا الدم:«لعن الله امة قتلتك و لعن الله


امة ظلمتك و لعن الله امة سمعت بذلك فرضيت به».

فالثار - في مثل هذه القضية - لا يخص الأيدي التي تلطخت بالجريمة مباشرة، و انما يعم كل الراضين بذلك،و الناس يجمعهم و يفرقهم الحب و البغض و الولاء و البراءة و الرضا و السخط في مثل هذه الامور التي ترتبط بالعقيدة و الجهاد.

و الناس في هذا الأمر ينقسمون الي شطرين و ولاءين و عقيدتين، و اسرتين: أحدهما: أسرة (التوحيد).

و الاخري: اسرة (الشرك).

و الدم الذي يراق من أجل قضية التوحيد دم لايخص ذوي المقتول فقط، و انما يعم كل أعضاء هذه الاسرة كما أن المطالبة بهذا الدم لا تتوقف عند القاتل و المعتدي فقط من اسرة الشرك و الجاهلية، و انما تعم كل أطراف العدوان من تلك الاسرة: الآمر و المنفذ و المعد و حتي المشاهد الراضي بذلك؛ فالجريمة اذن من اسرة الشرك علي اسرة التوحيد، و الثار لاسرة التوحيد من اسرة الشرك.

و حق الثار هنا لا يتحدد بعصر أو جيل، فما دامت الظلامة باقية، و مادام هناك دم اريق ظلما و عدوانا من اسرة التوحيد، و اسرة الشرك تتبني هذا العدوان و تدافع عنه و ترضي به، فان الثار حق لهذه الاسرة من اسرة الشرك و الجاهلية. و كل جيل من أجيال التوحيد لابد أن يطالب بالثار و يسعي له ليرفع الظلامة، و الدم - و هو هنا دم الشهيد - لا يفتأ يستصرخ الضمائر و يستثير الهمم في أعضاء الأسرة للثار، و لا يزال يغلي في ضمائر المؤمنين من كل جيل حتي يثاروا له.