بازگشت

من معطيات الثورة الحسينية


حينما نجلس في مأتم أو في محفل من محافل ذكر الامام الحسين (ع) وثورته الخالدة.. التي هي خلاصة لثورات الانبياء عليهم الصلاة والسلام وامتداد لرسالات الله. فإننا نفعل ذلك لتصفية أنفسنا وتزكية ذواتنا.

ان هذه الدموع التي تجري علي مصاب الشهيد السبط تغسل قلب الانسان، وتقلع الصفات السيئة من نفسيته، فتراهم يلتحم عن طريق الدموع وبسبب هذه التزكية مع روح أبي عبد الله الحسين (ع) صاحب البطولات النادرة، أي مع تلك النفسية التي انتصرت علي كل عوامل الضعف البشري.

ان هذه الدموع هي وسيلة تلاحمنا، وأسلوب تفاعلنا واتصالنا بينبوع فيض الحسين (ع) وفيض أهل بيت النبوة وأصحابه سلام الله عليهم جميعاً، وكذلك كل نوع من أنواع تجديد ذكري أبي عبد الله الحسين (ع)، يجعلنا أكثر تفاعلاً مع هذه المأساة وبالتالي أكثر استيعاباً لدروسها وللقضاء علي النفاق والخداع الذاتي.

نحن في قفص الاتهام.

الامام الحسين عليه الصلاة والسلام حجة الله علينا يوم القيامة وكل امام حجة.

فماذا تعني الحجة؟

الحجة تعني ان الله سبحانه وتعالي الذي خلقك، خلق الامام الحسين (ع)، والذي أعطي الامام الحسين تلك المواهب فان رحمته واسعة، وهو قادر أن يتفضل بلطفه بمثل تلك المواهب عليك، ان الذي أعطي الامام الحسين (ع) هذه المقدرة حتي أنه كلما أصيب في يوم عاشوارء بمصيبة جلّل وجهه الكريم غيمة من البشارة والانشراح.

لماذا؟

لانه كان متصلاً بقدرة الله ويتجلي ذلك في مصيبة أبنه علي الاكبر وهي المصيبة الصعبة الاليمة، وتتمثل أيضاً في فاجعة الطفل الرضيع الذي ألهب قلبه الصغير الجوع والعطش والحر الشديد، فيطلب الامام الحسين (ع) لهذا الطفل شربة من الماء واذا بالاعداء يمرونه بوابل من السهام الغادرة فيذبحونه علي صدر أبيه، فهل يوجد هناك قلب بشري قادر علي أن يتحمل مرارة هذه المصيبة وألمها، كلا. ولكن مع ذلك الامام الحسين (ع) يمسك بالدم ويرمي به نحو السماء ويقول:

«هوّن عليّ ما نزل بعين الله».

لان ما يجري إنما كان بعين الله، وتحت سمعه وبصره وبأحاطة علمه فان ذلك سيهون عليّ، وانني أحب ربي، ومن يحب أحداً فلابد أن يضحي من أجله. وهنا أسأل الانسان-لا أقول: أيها المسلم أو الموالي كلا-إنما أقول أيها الانسان!

كيف انتصر الامام الحسين عليه الصلاة والسلام علي عوامل الضعف البشرية في ذاته؟

كيف انتصر علي حبه العميق_أوبالاحري_علي شفقته الشديدة تجاه ابنه الرضيع، تجاه نجله الشاب الوسيم الذي رآه أمامه مقطعاً بالسيوف ارباً ارباً؟

كيف انتصر علي هذه العوامل كلها وهو بشر، وكان صامداً كالطود العظيم ازاءها؟ بل يتهلل وجهه الكريم انشراحاً كلما زادت مصائبه؟

لاشك أن ذلك كان لارتباطه برب العالمين، لانه يري أن هذه المصائب هي الجسر الذي يربطه بالله ويقربه اليه زلفي.

وما أنت فلماذا لا تنتصر علي ضعفك أيها الانسان؟

ان هذه هي الحجة الله علينا، فكلما نجلس ونذكر ثورة الامام الحسين عليه الصلاة والسلام، ونعظم فيه هذه البطول كلما ندين ضعف أنفسنا، ونحثها علي سلوك الطريق الذي سلكه الامام الحسين (ع) للانتصار علي ذاتها وضعفها.

ان هذا هو الدرس الاعظم الذي يستطيع كل انسان أن يستوعبه من سيرة أبي عبد الله الحسين (ع)، وهكذا فان كربلاء مدرسة متكاملة للمكرمات وللناس، كل الناس بمختلف فئاتهم باستطاعتهم أن يستفيدوا دروساً في المكرمات من هذه المدرسة بل من هذه الجامعة-ان صح التعبير-.

الشباب بأمكانهم، يدرسوا عند علي الاكبر، عند القاسم، عند سائر شباب أهل البيت-عليهم السلام-وللشيوخ أيضاً أساتذتهم في كربلاء الحسين (ع) حبيب بن مظاهر، مسلم بن عوسجة، وغيرهم من الذين ضحوا في سبيل الله.

النساء يستطعن أن يستفدن من هذه المدرسة ويتتلمذن عند زينب الكبري عليها الصلاة والسلام، وعند النساء الفاضلات الاخريات عليهم السلام.