بازگشت

فوائد الصراع


ان الصراع الاجتماعي النابع من إرادة حرة، وضمير انساني وعقلية واعية.. ان هذا الصراع سوف يبلور شخصية الانسان، ويثير دفينة عقله، ويفجر مخزون انسانيته، بل سوف يهديه الي الصراط المستقيم، كما قال ربنا سبحانه وتعالي:

«والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا» (69/العنكبوت)

ان عملية الجهاد، أو عملية الصراع، هي عملية مواجهة الفساد الاجتماعي، هذه المواجهة التي سوف تقتلع من النفس البشرية جذور الفساد والنفاق والانحراف، ذلك لان الانسان قوة خارقة في الخداع الذاتي، أكد ربنا سبحانه وتعالي علي ذلك بقوله:

«ان الانسان لظلوم كفار» (34/ ابراهيم).

بالرغم من انه تحمل مسؤولية رفضت السموات والارض والجبال تحملها، وأشفقن منها ولكن تحمّلها الانسان ولكن بنفسية ظلومة كفارة، تحاول أن تسير وتحجب الحقيقة عن ذاتها، بأن تخدع نفسها ومن حولها، ولذلك فانّ كل انسان ينطوي في داخله علي نسبة كبيرة من النفاق.

ان موعظة الناصحين وهدي المؤمنين وتلاوة آيات القرآن بل وحتي صدمات المآسي الحياتية لا تستطيع أن تنتزع من النفس البشرية جذور النفاق، فيبقي الانسان منافقاً لذاته ولغيره. وتبقي جذور الانحراف حيّة في نفسه فأنّي عادت اليه الحياة الطيبة عاد منحرفاً عن طريقه.

وأكثر من هذا تعالوا بنا لنري أولئك الذين ركبوا في البحر وجرت بهم ريح طيبة وفرحوا بها، ثم أحاطت بهم العواصف والامواج من كل مكان فتساقطت أمام أعينهم الاوهام ولم يعودوا يشركون بالله شيئاً

«ودعوا الله مخلصين له الدين- ولكن لما نجاهم الي البر اذا هم يشركون» (65/العنكبوت)

فالي ساعات قريبة كانت نفوسهم وقلوبهم، وكل وجودهم متوجهاً الي الله سبحانه وتعالي يستمدون منه العون ويدعونه مخلصين، ولكن سرعان ما نسوا أو تناسوا كل عهودهم، ومواثيقهم، وعادوا يشركون!.

وأعظم من هذا يبين لنا القرآن الحكيم صفة الانسان بعد ما رأي بأم عينيه أهوال الموت، وفضائع القبر، ثم عذاب الله في يوم القيامة، رأي بأم عينيه نعيم الجنة وعذاب الجحيم. يقول الله سبحانه وتعالي عن هذا الانسان أنه لو أعيد الي الدنيا لعاد الي ما كان يفعله سابقاً، بالرغم من أنه رأي كل شيء، وهو يطالب ربه في يوم القيامة بأن يعديه الي الدنيا ليحسن عملاً ولكن يقول:

«ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه انهم لكاذبون» (28/الانعام).

إذن لو أعادهم الله سبحانه وتعالي الي الدنيا وأعطاهم فرصة الحياة من جديد. لعادوا الي ما كانوا يقترفونه من آثام ومعاصي.. نعم هذه هي النفس البشرية وهذا هو الطغيان البشري.

فكيف يمكننا القضاء علي النفاق والخداع أو الطغيان النفسي؟

لا يمكننا ذلك إلا بعملية الصراع، الجهاد لانه عن طريق الجهاد وعن طريق المحاولات المتكررة والصعبة يتم تغيير الحياة واصلاحها، ويصلح الانسان نفسه ويتغلب علي طغيانها.

الملاحظ ان الناس كلما أسقطوا صنماً حجرياً قائماً في الحياة الاجتماعية فانهم يسقطون بموازاته صنماً في الاخلاق الفاسدة في أنفسهم.

اننا حينما نحارب طاغوتاً، ونظاماً فاسداً أو مؤسسة اجتماعية منحرفة، فاننا إنما نحارب بقدرها وبموازاتها طغياناً وانحرافاً في أنفسنا وصنماً قائماً في ذواتنا.