بازگشت

ما هو واقع الكفر؟


ان الكفر في الواقع ليس فقط الجحود اللفظي. كلا انه كما ذكرنا سابقاً أن قليلاً من الناس عبر التاريخ كانوا بهذا المفهوم والآيات القرآنية شاهدة علي ذلك، وهناك آيات كثيرة بهذا المضمون:

«ولئن سألتهم من خلق السموات والارض ليقولنّ الله» (25/لقمان).

واذا ركبوا السفينة في وسط البحر مع تلاطم الامواج بعضها البعض وأشرفت السفينة علي الغرق، رفعوا أيديهم بالدعاء الي الله سبحانه وتعالي، ونسوا الشركاء وأتباعهم، وفي القرآن توجيه الي الله وتذكرة به ولكن هذا التوجيه كان يأتي مع التشريعات العلمية. قال الله تعالي:

«هو الذي يسيركم في البر والبحر حتي اذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا انهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين» (22/ يونس).

كل ذلك يدل علي ان فئة قليلة من الناس كانوا يجحدون بالله، ذلك الجحود اللفظي، ولو ان القرآن نزل علي هذه الفئة القليلة لكان القرآن معزولاً عن الجماهير الاخري.

ان القرآن الحكيم قد تضمن علاج هذه المشكلة النفسية والعقائدية والتشريعة المتجذرة عند أغلب الناس المؤمنين بالله لفظاً ايماناً حقيقاً إذ ليس هذا الجحود اللفظي هو الكفر بمعناه الصحيح، وأنما الكفر في الحقيقة بالذي يدور حول هذه القضية، فهو أما ترك التشريع الاسلامي الي التشريع غير الاسلامي، أو ترك القيادة الاسلامية والاعتبار بالقيادة الغير اسلامية. هذا هو الكفر أو الشرك ولا فرق بينهما، فاذا أهملت التشريع الاسلامي بمجمله، ومضيت الي تشريع آخر ترسم به خارطة حياتك، فأنك لابد أن تضع نفسك سلفاً في خانة الكفار والمشركين بالله وبالعكس قبولك التشريع الاسلامي كنظام متكامل وقبولك بالانصياع لقيادة اسلامية صحيحة فانك تستحق أن تكتب في قائمة المؤمنين.

وقد تترك جانباً من النظام، أو تمتنع عن طاعة القيادة في أمر من الامور بعد أن تقبلها قبولاً أولياً مبدئياً، فأنك مؤمن.

فنحن لا نقول ان الذي يترك الصلاة كافر كما قال الفريق الاول من العلماء والفلاسفة، فهذا غير صحيح، لان الذي يترك الصلاة وهو يؤمن أنها واجبة ليس بكافر، كذلك الذي يترك الصوم وهو يؤمن بوجوبه فهو ليس بكافربل، هو فاسق. ولكن الذي يترك الاقتصاد الاسلامي، فيقول أنه ليس هناك وجود لنظام اقتصادي في الاسلام، أو الذي يترك النظام الاجتماعي في الاسلام معللاً بأفضلية النظام الغربي أو النظام الشرقي، أو الذي يترك قانون الاحوال الشخصية الاسلامية ويركن الي أتباع قوانين الاحوال الشخصية الغربية أو الشرقية.. الذي يفعل هكذا هو الكافر حقاً بالاسلام.

الانحراف عن القيادة الصحيحة مصداق للكفر.

ان الذي يترك القيادة الاسلامية الرسالية ويتجه الي قيادة الطغاة والجبت، هو كافر بلاريب. بينما لو لم يطع الانسان القيادة الاسلامية الرسالية المنبعثة من روح التعاليم الالهية في أمر معين، فان ذلك لا يعدو كونه شركاً خفياً أو فسقاً. ورسول الله (ص) يقول:

«من ختم له بلا إله إلا الله دخل الجنة وأن زنا وأن سرق».

انه لا يعني تلفط كلمة [لا إله إلا الله] وإنما يعني من لا إله أي لا ولي له ولا قائد ولا مشرع إلا الله أي: قبول القيادة الاسلامية، وفي اطار هذا القبول اذا زنا أو سرق يغفر له ان تاب، أما من يدعي بأن الزنا حلال وانّ السرقة التي تكون عبر البنوك والنظام الرأسمالي والنظام الشيوعي حلال هذا الانسان ليس ممن يقول: لا إله إلا الله، بل هو ممن يؤمن بألوهية النظام الاشتراكي والشيوعي والرأسمالي، من دون النظام الاسلامي.