بازگشت

احلك العهود التي مرت باهل البيت


مثل عهد معاوية و ولده يزيد أحرج الفترات و العهود التي مر بها أهل البيت عليهم السلام، فقد دامت امامة الحسين عليه السلام ما يقرب من عشرة أعوام (صفر 51 - محرم 61)، عاصر فيها معاوية لأكثر من تسعة سنين.

لقد بذل معاوية أقصي جهده لوضع الموانع و العراقيل في علاقة الأمة بولدي رسول الله الحسن و الحسين عليه السلام و ذلك من اجل القضاء علي الدعامة السياسية و الاجتماعية لأهل البيت الذين كانت تتسع محبوبيتهم في المجتمع الاسلامي. قام معاوية بحرمان أتباع أهل البيت عليهم السلام من حقوق المواطنة، بل و حتي قطع عطائهم، اضافه الي ما مارسه بحقهم من سياسة القتل و التعذيب و المطاردة و الايذاء [1] .

و قد وجهت هذه السياسة ضربة قاصمة لمعارف الاسلام الاصيلة، مضافا الي تسديدها


ضربة من الناحية السياسية للدولة الاسلامية الحقة.

و عامل آخر ضاعف كثيرا من عزوف الامة عن العلماء الحقيقيين و علي رأسهم اهل بيت النبي صلي الله عليه و آله ألا و هو اتخاذ سياسة المنع العام لتدوين الحديث و ما تبع ذلك من دخول الاسرائيليات و القصص الغريبة الي الساحة الثقافية و الفكرية للخلافة الاسلامية من قبل القصاص و الأحبار حديثي الاسلام [2] .

و قد تصاعدت و تيرة السياسة التي تبناها معاوية لاقصاء الدين عن الحياة الي حد العزم علي حذف اسم النبي صلي الله عليه و آله! حيث كان يتأذي من تكرار سماع اسمه الشريف في الاذان! و لذا سعي من خلال دس الموضوعات من الاخبار في تشريع الاذان التمهيد الي استحداث أمر جديد يحل محله، الا انه لم يفلح في ذلك نتيجة مواقف أهل البيت عليهم السلام [3] .

و من الطبيعي في مثل ذلك الظرف السياسي أن يندر من يعرض نفسه للخطر لتحمل أو رواية حديث الامام الحسين أو أخيه الامام الحسن عليهماالسلام.

الا ان هذا لا يعني غلق باب الانتهال من بحر علم الامام الحسين عليه السلام و حكمته بشكل كامل، فقد نقل عنه خواصه و أصحابه و لا سيما ولده من بعده الامام علي بن الحسين عليه السلام الذي سمع منه أحاديث كثيرة و التي وصلنا بعضها، و أما عامة الناس فلم يسمعوا عنه و لا عن أخيه الحسن عليه السلام الا في مسألة واحدة كما يحدثنا بذلك الامام الرضا عليه السلام حيث يقول:

«ما رأيت الناس اخذوا عن الحسن و الحسين الا الصلاة بعد العصر و بعد الغداة في طواف الفريضة» [4] .



پاورقي

[1] انظر: شرح نهج‏البلاغة: ج 11 ص 43 و موسوعة الامام علي بن أبي‏طالب عليه‏السلام: ج 11 ص 366 - 343 الفصل السابع: کيد أعدائه لاطفاء نوره.

[2] انظر: الموضوعات لابن الجوزي: ج 1 ص 29، الوضع في الحديث: ج 1 ص 279 - 273، الموضوعات في الآثار و الأخبار: ص 153.

[3] راجع: موسوعة ميزان الحکمة: ج 2 عنوان «الأذان».

[4] الکافي: ج 4 ص 424 ح 5. يري عامة اهل السنة عدم جواز الصلاة بعد صلاتي العصر و الصبح، و استثنوا من ذلک صلاة الطواف الواجب اقتداء بفعل الحسنين عليهماالسلام حيث صليا صلاة الطواف بعد الطواف الواجب.