بازگشت

في ذكر مقتل عمر بن سعد و عبيدالله بن زياد و من تابعه و كيفية قتالهم


فلما خلا خاطره، و انجلي ناظره، اهتم بعمر بن سعد و ابنه حفص، حدث عمربن الهيثم قال: كنت جالسا عن يمين المختار و الهيثم بن الاسود [1] عن يساره فقال: و الله لاقتلن رجلا عظيم القدمين، غائر العينين، مشرف الحاجبين، يهمر


برجله الارض، يرضي قتله أهل السماء و الارض، فسمع الهيثم قوله و وقع في نفسه أنه أراد عمربن سعد، فبعث ولده العريان فعرفه قول المختار و كان عبد الله ابن جعدة بن هبيرة أعز الناس علي المختار، قد أخذ لعمر أما ناحيث اختفي، فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا أمان المختار بن أبي عبيد الثقفي لعمر بن سعد بن أبي وقاص إنك آمن بأمان الله علي نفسك و أهلك و مالك و ولدك، لا تؤاخذ بحدث كان منك قديما ما سمعت و أطعت و لزمت منزلك، إلا أن تحدث حدثا، فمن لقي عمربن سعد من شرطة الله و شيعة آل محمد عليهم السلام فلا يعرض له إلا بسبيل خير و السلام ثم شهد فيه جماعة قال الباقر عليه السلام: إنما قصد المختار أن يحدث حدثا هوأن يدخل بيت الخلاء، و يحدث، فظهر عمر إلي المختار فكان يدنيه و يكرمه و يجلسه معه علي سريره و علم أن قول المختا رعنه، فعزم علي الخروج من الكوفة فأحضر رجلا من بني تيم اللات اسمه مالك و كان شجاعا و أعطاه أربعمائة دينار و قال: هذه معك لحوائجنا و خرجا، فلما كان عند حمام عمر أو نهر عبد الرحمن وقف و قال: أ تدري لم خرجت؟ قال: لا، قال: خفت المختار، فقال ابن دومة يعني المختار: أضيق استا من أن يقتلك و إن هربت هدم دارك، و انتهب عيالك و مالك، و خرب ضياعك و أنت أعز العرب، فاغتر بكلامه فرجعا علي الروحاء فدخلا الكوفة مع الغداة: هذا قول المرزباني و قال غيره: إن المختار علم خروجه من الكوفة، فقال: وفينا له و غدر، و في عنقه سلسلة لو جهد أن ينطلق ما استطاع، فنام عمر علي الناقة فرجعت و هو لا يدري حتي ردته إلي الكوفة، فأرسل عمر ابنه إلي المختار قال له: أين أبوك؟ قال: في المنزل و لم يكونا يجتمعان عند المختار، و إذا حضر أحدهما غاب الآخر خوفا أن يجتمعا فيقتلهما، فقال حفص: أبي يقول: أتفي لنا بالامان؟ قال: اجلس و طلب المختار أبا عمرة، و هو كيسان التمار فأسر إليه أن اقتل عمربن سعد و إذا دخلت و رأيته يقول: يا غلام علي بطيلساني فانه يريد السيف فبادره


و اقتله، فلم يلبث أن جاء و معه رأسه فقال حفص: إنا لله و أنا إليه راجعون، فقال له: أتعرف هذا الرأس؟ قال: نعم، و لا خير في العيش بعده، فقال: إنك لا تعيش بعده، فقال: و أمر بقتله و قال المختار: عمر بالحسين، و حفص بعلي بن الحسين و لا سواء، و الله لاقتلن سبعين ألفا كما قتل بيحيي بن زكريا عليه السلام و قيل: إنه قال: لو قتلت ثلاثة أرباع قريش لما وفوا بأنملة من أنامل الحسين عليه السلام و كان محمد ابن الحنفية يعتب علي المختار لمجالسة عمربن سعد و تأخير قتله فحمل الرأسين إلي مكة مع مسافر بن سعد الهمداني و ظبيان بن عمارة التميمي فبينا محمد ابن الحنفية جالسا في نفر من الشيعة، و هو يعتب علي المختار، فما تم كلامه إلا والرأسان عنده فخر ساجدا، و بسط كفيه، و قال: أللهم لا تنس هذا اليوم للمختار! و أجزه عن أهل بيت نبيك محمد خير الجزاء، فو الله ما علي المختار بعد هذا من عتب فلما قضي المختار من أعداء الله وطره و حاجته، و بلغ فيهم أمنيته، قال: لم يبق علي أعظم من عبيد الله بن زياد، فأحضر إبراهيم بن الاشتر و أمره بالمسير إلي عبيد الله، فقال: إني خارج و لكني أكره خروج عبيد الله بن الحر معي و أخاف أن يغدربي وقت الحاجة، فقال له: أحسن إليه و املا عينه بالمال، و أخاف إن أمرته بالقعود عنك فلا يطيب له، فخرج إبراهيم من الكوفة و معه عشرة آلاف فارس، و خرج المختار في تشييعه و قال: أللهم أنصر من صبر، و اخذل من كفر و من عصي و فجر، و بايع و غدر، و علاوتجبر، فصار إلي سقر، لا تبقي و لا تذر، ليذوق العذاب الاكبر، ثم رجع و مضي إبراهيم و هو يرتجز و يقول:



أنا و حق المرسلات عرفا

حقا و حق العاصفات عصفا



لنعسفن من بغانا عسفا

حتي يسوم القوم منا خسفا



زحفا إليهم لا نمل الرجفا

حتي نلاقي بعد صف صفا



و بعد ألف قاسطين ألفا

نكشفهم لدي الهياج كشفا



فسار إلي المدائن فأقام بها ثلاثا، و سار إلي تكريت، فنزلها، و أمر بجباية


خراجها، ففرقه و بعث إلي عبيد الله بن الحر بخمسة آلاف درهم فغضب فقال: أنت أخذت لنفسك عشرة آلاف درهم، و ما كان الحردون مالك فحلف إبراهيم إني ما أخذت زيادة عليك ثم حمل إليه ما أخذه لنفسه فلم يرض، و خرج علي المختار و نقض عهده، و أغار علي سواد الكوفة، فنهب القري، و قتل العمال، و أخذ الاموال و مضي إلي البصرة إلي مصعب بن الزبير فلما علم المختار أرسل عبد الله بن كامل إلي داره فهدمها و إلي زوجته سلمي بنت خالد الجعفية حبسها، ثم ورد كتاب المختار إلي إبراهيم يحثه علي تعجيل القتال، فطوي المراحل حتي نزل علي نهر الخازر علي أربعة فراسخ من الموصل و عبيد الله بن زياد بها، قال عبد الله بن أبي عقب الديلمي: حدثني خليلي أنا نلقي أهل الشام علي نهر يقال له الخازر، فيكشفونا حتي نقول هي هي ثم نكر عليهم فنقتل أميرهم فابشروا و اصبروا فانكم لهم قاهرون، فعلم عبيد الله بقدوم إبراهيم فرحل في ثلاثة و ثمانين ألفا حتي نزل قريبا من عسكر العراق و طلبهم أشد طلب، و جاءهم في جحفل لجب، و كان مع ابن الاشتر أقل من عشرين ألفا، و كان في عسكر الشام من أشراف بني سليم عمير بن الحباب، فراسله إبراهيم، و وعده بالحباء و الاكرام، فجاء و معه ألف فارس من بني عمه و أقاربه، فصار مع عسكر العراق فأشار عليهم بتعجيل القتال و ترك المطاولة، فلما كان في السحر صلوا بغلس، و عبأ إبراهيم أصحابه فجعل علي ميمنته سفيان بن يزيد الازدي و علي ميسرته علي بن مالك الجشمي و علي الخيل الطفيل بن لقيط النخعي و علي الرجالة مزاحم بن مالك السكوني، ثم زحفوا حتي أشرفوا علي أهل الشام و لم يظنوا أنهم يقدمون عليهم لكثرتهم، فبادروا إلي تعبيئة عسكرهم فجعل عبيد الله علي ميمنته شراحيل بن ذي الكلاع، و علي ميسرته ربيعة بن مخارق الغنوي و علي جناح ميسرته جميل بن عبد الله الغنمي و في القلب الحصين بن نمير و وقف العسكران، و التقي الجمعان، فخرج ابن ضبعان الكلبي و نادي: يا شيعة المختار الكذاب، يا شيعة ابن الاشتر المرتاب -:




أنا ابن ضبعان الكريم المفضل

من عصبة يبرون من دين علي



كذاك كانوا في الزمان الاول

فخرج إليه الاحوص بن شداد الهمداني و هو يقول:



أنا ابن شداد علي دين علي

لست لعثمان بن أروي بولي



لاصلين القوم فيمن يصطلي

بحر نار الحرب حتي تنجلي



فقال للشامي: ما اسمك؟ قال: منازل الابطال، قال له الاحوص: و أنا مقرب الآجال، ثم حمل عليه و ضربه فسقط قتيلا ثم نادي هل من مبارز؟ فخرج إليه داود الدمشقي و هو يقول:



أنا ابن من قاتل في صفينا

قتال قرن لم يكن غبينا



بل كان فيها بطلا جرونا

مجربا لدي الوغي كمينا



فأجابه الاحوص يقول:



يا ابن الذي قاتل في صفينا

و لم يكن في دينه غبينا



كذبت قد كان بها مغبونا

مذبذبا في أمره مفتونا



لا يعرف الحق و لا اليقينا

بؤسا له لقد مضي ملعونا



ثم التقيا فضربه الاحوص فقتله، ثم عاد إلي صفه و خرج الحصين بن نمير السكوني و هو يقول:



يا قادة الكوفة أهل المنكر

و شيعة المختار و ابن الاشتر



هل فيكم قوم كريم العنصر

مهذب في قومه بمفخر



يبرز نحوي قاصدا لا يمتري

فخرج إليه شريك بن خزيم [2] التغلبي و هو يقول:



يا قاتل الشيخ الكريم الازهر

بكربلا يوم التقاء العسكر



أعني حسينا ذا الثنا و المفخر [3] .

و ابن النبي الطاهر المطهر






و ابن علي البطل المظفر

هذا فخذها من هزبر قسور



ضربة قوم ربعي مضري

فالتقيا بضربتين فجدله التغلبي صريعا فدخل علي أهل الشام من أهل العراق مدخل عظيم ثم تقدم إبراهيم و نادي: ألا يا شرطة الله ألا يا شيعة الحق ألا يا أنصار الدين قاتلوا المحلين و أولاد القاسطين لا تطلبوا أثرا بعد عين، هذا عبيد الله بن زياد قاتل الحسين، ثم حمل علي أهل الشام، و ضرب فيهم بسيفه، و هو يقول:



قد علمت مذحج علما لا خطل

أني إذا القرن لقيني لا و كل



و لا جزوع عندها و لا نكل

أروع مقداما إذا النكس فشل



أضرب في القوم إذا جاء الاجل

و أعتلي رأس الطرماح البطل



بالذكر البتار حتي ينجدل

و حمل أهل العراق معه و اختلطوا، و تقدمت رأيتهم و شبت فيهم نار الحرب و دهمهم العسكر بجناحيه و القلب، إلي أن صلوا بالايماء و التكبير صلاة الظهر و اشتغلوا بالقتال إلي أن تحلي صدر الدجي بالانجم الازهر، و زحف عليهم عسكر العراق فرحا بالمصاع، و حرصا علي القراع، و وثوقا بما وعدهم الله به من النصر و حسن الدفاع، و انقضوا عليهم انقضاض العقبان علي الرخم، و جالوا فيهم جولان السرحان علي الغنم، و عركوهم عرك الاديم، و دحوابهم إلي عذاب الجحيم و أذاقوهم أسنة الرماح النازعة للمهج و الارواح، فلم تزل الحرب قائمة، و السيوف لاجسادهم منتهبة، فولي عسكر الشام مكسورا، علي ذلة الخائب الخجل، و ارتياع الخائف الوجل، و عسكر العراق منصورا و علي وجههم مسحة المسرور الثمل و تبعوهم إلي متون النجاد، و بطون الوهاد و النبل ينزل عليهم كصيب العهاد ثم انجلت الحرب، و قد قتل أعيان أهل الشام، مثل الحصين، بن نمير و شر احبيل بن ذي الكلاع، و ابن حوشب، و غالب الباهلي و أبي أشرس بن عبد الله الذي كان علي خراسان و حاز إبراهيم - ره - فضيلة هذا الفتح، و عاقبة هذا المنح، الذي انتشر في الاقطار، و دام دوام الاعصار، و لقد أحسن عبد الله بن الزبير




الاسدي يمدح إبراهيم الاشتر فقال:



الله أعطاك المهابة و التقي

و أحل بيتك في العديد الاكثر



و أقر عينك يوم وقعة خازر

و الخيل تعثر في القنا المتكسر



من ظالمين كفتهم أيامهم

تركوا لحاجلة و طير أعثر



ما كان أجرأهم جزاهم ربهم

يوم الحساب علي ارتكاب المنكر



قال الرواة: رأينا إبراهيم بعد ما انكسر العسكر، و انكشف العثير، قوما منهم ثبتوا و صبروا و قاتلوا فلقطهم من صهوات الخيل، و قذفهم في لهوات الليل حتي صبغت الارض من دمائهم ثيابا حمرا، و ملا الفجاج ببأسه ذعرا، و تساقطت النسور علي النسور، و أهوت العقبان علي أجسادهم و هي كالعقيق المنثور، و اصطلح علي أكل لحمهم الذئب و السبع، و السيد و الضبع قال إبراهيم: و أقبل رجل أحمر في كبكبة يغري الناس كأنه بغل أقمر لا يدنو منه فارس إلا صرعه، و لا كمي إلا قطعه، فدنا مني فضربت يده فأبنتها و سقط علي شاطئ الخازر، فشرقت يداه، و غربت رجلاه فقتلته، و وجدت رائحة المسك تفوح منه، و جاء رجل نزع خفيه، و ظنوا أنه ابن زياد من تحقيق، فطلبوه فإذا هو علي ما وصف إبراهيم فاجتزوا رأسه، و احتفظوا طول الليل بجسده، فلما أصبحوا عرفه مهران مولي زياد، فلما رآه إبراهيم قال: الحمد لله الذي أجري قتله علي يدي، و قتل في صفر، و قال قوم من أصحاب الحديث: يوم عاشورا، و عمره دون الاربعين، و قيل تسعة و ثلاثون سنة، و أصبح الناس فحووا ما كان، و غنموا غنيمة عظيمة، و لقد أجاد أبوا السفاح الزبيدي بمدحته إبراهيم و هجائه ابن زياد فقال:



أتاكم غلام من عرانين مذحج

جرئ علي الاعداء نكول



أتاه عبيد الله في شر عصبة

من الشام لما ارضيوا بقليل



فلما التقي الجمعان في حومة الوغي

و للموت فيهم ثم جر ذيول



فأصبحت قدودعت هندار أصبحت

مولهة ما وجدها بقليل



و أخلق بهند أن تساق سبية

لها من أبي إسحاق سر حليل






تولي عبيد الله خوفا من الردي

و خشية ماضي الشفرتين صقيل



جزي الله خيرا شرطة الله إنهم

شفوا بعبيد الله كل غليل



يعني بقوله هند بنت أسماء بن خارجة زوجة عبيد الله لما قتل حملها عتبة أخوها إلي الكوفة، و بقوله أبي إسحاق هو المختار و هرب غلام لعبيدالله إلي الشام فسأله عبد الملك بن مروان عنه، قال: لما جال الناس تقدم فقاتل ثم قال: ائتني بجرة فيها ماء، فأتيته فشرب وصب الماء بين درعه و جسده، وصب علي ناصية فرسه، ثم حمل فهذا آخر عهدي به قال يزيد بن مفرغ [4] يهجو ابن زياد:



إن المنايا إذا حاولن طاغية

هتكن عنه ستورا بعد أبواب



إن الذي عاش غدارا بذمته

و مات هزلا قتيل الله بالزاب [5] .



ماشق جيب و لاناحتك ناحية

و لا بكتك جياد عند اسلاب



هلا جموع نزار إذ لقيتهم

كنت إمرء من نزار مرتاب



أو حمير كنت قيلا من ذوي يمن

إن المقاويل في ملك و أحباب



و كان المختار قد سار من الكوفة يتطلع أحوال إبراهيم، و استخلف في الكوفة السائب بن مالك، فنزل ساباط ثم دخل المدائن و رقي المنبر فحمد الله و أثني عليه و أمر الناس بالجد في النهوض إلي إبراهيم، قال الشعبي: كنت معه فأتته البشري بقتل عبيد الله و أصحابه، فكاد يطير فرحا، و رجع إلي الكوفة في الحال مسرورا بالظفر و ذكر أبو السائب عن أحمد بن بشير، عن مجالد، عن عامر أنه قال: الشيعة يتهموني ببغض علي عليه السلام و لقد رأيت في النوم بعد مقتل الحسين عليه السلام كأن


رجالا نزلوا من السماء، عليهم ثياب خضر، معهم حراب يتبعون قتلة الحسين عليه السلام فلما لبثت أن خرج المختار فقتلهم و ذكر عمربن شبة قال: حدثني أبو أحمد الزبيري، عن عمه قال: قال أبو عمر البزاز: كنت مع إبراهيم بن الاشتر لما لقي عبيد الله بن زياد بالخازر فعددنا القتلي بالقصب لكثرتهم، قيل كانوا سبعين ألفا، قال: و صلبه [6] إبراهيم منكسا فكأني أنظر إلي خصييه كأنهما جعلان و عن الشعبي أنه لم يقتل قط من أهل الشام بعد صفين مثل هذه الوقعة بالخازر، و قال الشعبي: كانت يوم عاشورا سنة سبع و ستين، و بعث إبراهيم برأس عبيد الله بن زياد و رؤس الرؤساء من أهل الشام و في آذانهم رقاع أسمائهم فقدموا عليه و هو يتغدي، فحمد الله تعالي علي الظفر فلما فرغ من الغداء قام فوطئ وجه ابن زياد بنعله، ثم رمي بها إلي غلامه، و قال: اغسلها فاني وضعتها علي وجه نجس كافر و عن أبي الطفيل عامر بن واثلة الكناني قال: وضعت الرؤوس عند السدة بالكوفة عليها ثوب أبيض فكشفنا عنها الثوب، وحية تتغلغل في رأس عبيد الله و نصبت الرؤس في الرحبة قال عامر: و رأيت الحية تدخل في منافذ رأسه و هو مصلوب مرارا ثم حمل المختار رأسه و رؤس القواد إلي مكة مع عبد الرحمن بن أبي عمير الثقفي، و عبد الرحمن بن شداد الجشمي، و أنس بن مالك الاشعري، و قيل: السائب بن مالك، و معها ثلاثون ألف دينار إلي محمد بن الحنفية، و كتب معهم إني بعثت أنصاركم و شيعتكم إلي عدوكم فخرجوا محتسبين أسفين، فقتلوهم فالحمد لله الذي أدرك لكم الثأر، و أهلكهم في كل فج عميق، و غرقهم في كل بحر و شفي الله صدور قوم مؤمنين فقدموا بالكتاب و الرؤس عليه فلما رآها خر ساجدا، و دعا للمختار، و قال: جزاه الله خير الجزاء، فقد أدرك لنا ثأرنا، و وجب حقه علي


كل من ولده عبد المطلب بن هاشم أللهم و احفظ لابراهيم الاشتر و انصره علي الاعداء، و وفقه لما تحب و ترضي، و اغفر له في الآخرة و الاولي فبعث رأس عبيد الله إلي علي بن الحسين عليهما السلام فادخل عليه و هو يتغدي فسجد شكرا الله تعالي و قال: الحمد لله الذي أدرك لي ثأري من عدوي، و جزي الله المختار خيرا، أدخلت علي عبيد الله بن زياد و هو يتغدي و رأس أبي بين يديه، فقلت: أللهم لا تمتني حتي تريني رأس ابن زياد، و قسم محمد المال في أهله و شيعته بمكة و مدينة علي أولاد المهاجرين و الانصار و روي المرزباني بإسناده عن جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام أنه قال: ما اكتحلت هاشمية و لا اختضبت و لا رئي في دار هاشمي دخان خمس حجج، حتي قتل عبيد الله بن زياد، و عن عبد الله بن محمد بن أبي سعيد، عن أبي العيناء، عن يحيي بن راشد، قال: قالت فاطمة بنت علي: ما تحنأت [7] إمرأة منا و لا أجالت في عينها مرودا و لا امتشطت حتي بعث المختار رأس عبيد الله بن زياد و روي أنه قتل ثمانية عشر ألفا ممن شرك في قتل الحسين عليه السلام أيام ولايته و كانت ثمانية عشر شهرا أولها أربع عشرة ليلة خلت من ربيع الاول سنة ست و ستين، و آخرها النصف من شهر رمضان من سنة سبع و ستين و عمره سبع و ستون سنة قال جعفر بن نما مصنف هذا الثأر: أعلم أن كثيرا من العلماء لا يحصل لهم التوفيق بفطنة توقفهم علي معاني الالفاظ، و لا روية تنقلهم من رقدة الغفلة إلي الاستيقاظ، و لو تدبروا أقوال الائمة في مدح المختار، لعلموا أنه من السابقين المجاهدين الذين مدحهم الله تعالي جل جلاله في كتابه المبين، و دعاء زين العابدين عليه السلام للمختار دليل واضح و برهان لائح علي أنه عنده من المصطفين الاخيار و لو كان علي الطريقة المشكورة، و يعلم أنه مخالف له في اعتقاده، لما كان يدعو له دعاء لا يستجاب، و يقول فيه قولا لا يستطاب، و كان دعاؤه عليه السلام له عبثا، و الامام


منزه عن ذلك، و قد أسلفنا من أقوال الائمة في مطاوي الكتاب تكرار مدحهم له و نهيهم عن ذمة، ما فيه غنية لذوي الابصار، و بغية لذوي الاعتبار، و إنما أعداؤه عملوا له مثالب ليباعدوه من قلوب الشيعة كما عمل أعداء أمير المؤمنين عليه السلام له مساوي، و هلك بها كثير ممن حاد عن محبته، و حال عن طاعته، فالولي له عليه السلام لم تغيره الاوهام و لاباحته تلك الاحلام، بل كشفت له عن فضله المكنون، و علمه المصون، فعمل في قضية المختار ما عمل مع أبي الائمة الاطهار، و قد وفيت بما وعدت من الاختصار و أتيت بالمعاني التي تضمنت حديث الثأر من حشو و لا إطالة، و لا سأم و لا ملالة، و أقسمت علي قارئيه و مستمعيه و علي كل ناظر فيه أن لا يخليني من إهداء الدعوات إلي و الاكثار من الترحم علي و أسأل الله أن يجعلني و إياهم ممن خلصت سريرته من وساوس الاوهام، وصفت طويته من كدر الآثام و أن يباعدنا من الحسد المحبط للاعمال، المؤدي إلي أقبح المال، و أن يحسن لي الخلافة علي الاهل و الآل، و يذهب الغل من القلوب، و يوفق لمراضي علام الغيوب، فانه أسمع سميع، و أكرم مجيب، و الحمد لله رب العالمين و صلاته علي سيد المرسلين محمد و آله الطاهرين بيان: الشعاف رؤوس الجبال، و تنوق في الامر بالغ و تجود قوله: قبل أن يتزعزع كذا فيما عندنا من الكتاب بالزائين المعجمتين يقال تزعزع أي تحرك، و الزعازع الشدائد، من الدمر، و لعل الاظهر أنه بالمهملتين من قولهم ترعرع الصبي إذا تحرك و نشأ، و يقال: تشعشع الشهر إذا بقي منه قليل و هو أيضا يحتمل أن يكون بالمهملتين يقال تسعسع الشهر أي ذهب أكثره و تسعسع حاله انحطت، و تقول حنكت الفرس إذا جعلت في فيه الرسن و حنكت الصبي و حنكته إذا مضغت تمرا أو غبره ثم دلكته بحنكه، و يقال حنكته السن و أحنكته إذا أحكمته التجارب و الامور ذكره الجوهري، و قال رجل مقول أي لسن كثير القول، و المقول اللسان انتهي و الغرار بالكسر حد السيف و غيره، و تقول استأديت الامير علي فلان


فآداني عليه، بمعني استعديته فأعداني عليه، و آديته أعنته، و يقال: عركه أي دلكه و حكه حتي عفاه، و أرعد تهدد و توعد كأبرق، و شمس الفرس منع ظهره، و المغرم بضم الميم و فتح الراء المولع بالشيء، و الهوادي أول رعيل من الخيل، و يقال: حششت الشيء أي دققته و كسرته، و فرش أجش الصوت غليظه و الهزيم بمعني الهازم و هزيم الرعد صوته، و القرا الظهر، و فرس نهد أي جسيم مشرف، و فرس أشق طويل و فرس مقلص بكسر اللام أي مشرف مشمر طويل القوائم، و قوله: قاري اللجام لعل معناه جاذبه و مانعه عن الجري إلي العدو، و الرؤم المحب و المعني محب الحرب الحريص عليه قوله: بكل فتي أي أتيتك مع كل فتي، و قوله: لا يملا الدرع نحره لعله كناية عن عدم احتياجه إلي لبس الدرع لشجاعته، و يقال: حششت النار أي أوقدتها و المحش بكسر الميم ما تحرك به النار من حديد، و منه قيل للرجل الشجاع نعم محش الكتيبة، و المخراق: الرجل الحسن الجسم و المتصرف في الامور، و المنديل يلف ليضرب به، و هو مخراق حرب أي صاحب حروب قوله: يفخذ الناس أي يدعوهم إلي نفسه فخذا فخذا و قبيلة قبيلة مخذلا عن سليمان و اللدن اللين من كل شيء و خطر الرجل بسيفه و رمحه: رفعه مرة و وضعه اخري، و الرمح اهتز فهوخطار، و هند السيف شحذه، و البتر القطع، و الميل جمع أميل، و هو الكسل الذي لا يحسن الركوب و الفروسية، و الاغمار جمع غمر بالضم و هو الجاهل الغر الذي لم يجرب الامور، و العزل بالضم جمع الاعزل و هو الذي لا سلاح معه، و يقال: رأب الصدع إذا شعبه و رأب الشيء إذا جمعه و شده برفق، و سجم الدمع سجوما: سأل، و عين سجوم، و القرم السيد و لمع بالشيء ذهب، و الرسل محركة القطيع من كل شيء و الجمع إرسال، و الاقيال جمع قيل، و هو أحد ملوك حمير دون الملك الاعظم، و الخفرة بكسر الفآء الكثيرة الحياء، و أغذ في السير أسرع و التهويم و التهوم هز الرأس من النعاس، و قصعت الرجل قصعا صغرته و حقرته، و قصعت هامته إذا ضربتها ببسط كفك، و الهتر


بالكسر العجب و الداهية، و ضرب هبرأي قاطع، و يقال: حيا الله طللك أي شخصك و الوغد الدني الذي يخدم بطعام بطنه و قال الجزري: فيه كان شعارنا يا منصور أمت أمر بالموت و المراد به التفاءل بالنصر بعد الامر بالاماتة مع حصول الغرض للشعار، فانهم جعلوا هذه الكلمة علامة بينهم يتعارفون بها لاجل ظلمة الليل انتهي و اللجين مصغر الفضة، و العسجد الذهب و أجفل القوم هر بوا مسرعين، و أطل عليه أشرف، و إضم كعنب جبل، و الوادي الذي فيه مدينة الرسول صلي الله عليه و آله عند المدينة يسمي القناة، و من أعلامنها عند السد الشظاة ثم ما كان أسفل من ذلك يسمي إضما، و المأزق المضيق، و منه سمي موضع الحرب مأزقا و البري بالضم جمع برة، و هي حلقة من صفر تجعل في لحم أنف البعير و المراس بالكسر الشدة و الممارسة و المعالجة و القوصرة بالتشديد و قد يخفف وعاء للتمر، و تمطرت الطير أسرعت في هويها، و الخيل جاءت يسبق بعضها بعضا و الجحفل الجيش، و يقال جيش لجب أي ذوجلبة و كثرة، و المطاولة المماطلة و الغبين الضعيف الرأي و جرن جرونا تعود الامر و مرن، و المكين كأمير القوم يكمنونه في الحرب، و الهزبر الاسد، و كذا القسور، و الخطل الفاسد المضطرب و الوكل بالتحريك العاجز، و النكل الجبان، و الاروع من الرجال الذي يعجبك حسنه، و النكس بالكسر الرجل الضعيف، و الطرماح كسنمار العالي النسب المشهور، و الذكر أيبس الحديد و أجوده، و المصاع المجالدة و المضاربة، و الثمل السكران، و الصيب السحاب و الانصباب، و العهاد بالكسر جمع العهد و هو المطر بعد المطر، و الخازر نهر بين الموصل و إربل، والحاجلة الابل التي ضربت سوقها فمشت علي بعض قوائمها، و حجل الطائر إذا نزا في مشيته كذلك و الا عثر الاغبر و طائر طويل العنق، و العثير بكسر العين و سكون الثاء الغبار و الصهوة موضع اللبد من ظهر الفرس قوله علي النسور أي الذين كانوا في الحرب كالنسور، و يحتمل أن يكون بالثاء المثلثة من النثر بمعني التفرق، و السيد بالكسر الاسد و الذئب، و يقال:


قري البعير العلف في شدقه أي جمعه، و قري البلاد تتبعها يخرج من أرض إلي أرض، و القمرة لون إلي الخضرة، و الكمي كغني الشجاع، أولابس السلاح و يقال باحته الودأي خالصه


پاورقي

[1] الهشيم بن الاسود، خ.

[2] و قيل: شريک بن حدير، و قيل حذيم.

[3] و في رواية: اعني حسينا ذاالسنا و المفخر.

[4] قال الفيروزآبادي: و يزيد بن ربيعة بن مفرغ کمحدث شاعر، جده راهن علي أن يشرب عسا من لبن ففرغه شرابا.

[5] الزاب: نهر بالموصل، و نهر باربل، و نهر بين سوراء و واسط.

[6] يعني عبيد الله بن زياد.

[7] يقال: تحنأ: تخضب بالحناء.