بازگشت

في وصف الوقعة مع ابن مطيع


قال الوالبي، و حميد بن مسلم، و النعمان بن أبي الجعد: خرجنا مع المختار فو الله ما انفجر الفجر حتي فرغ من تعبية عسكره، فلما أصبح تقدم وصلي بنا الغداة فقرأ و النازعات و عبس فو الله ما سمعنا إماما أفصح لهجة منه، و نادي ابن مطيع في أصحابه، فلما جاؤا بعث شبث بن ربعي في ثلاثة آلاف، و راشد بن إياس في أربعة آلاف، و حجار بن أبجر العجلي في ثلاثة آلاف، و عكرمة بن ربعي و شداد ابن أبجر، و عبد الرحمن بن سويد في ثلاثة آلاف، و تتابعت العساكر نحوا من عشرين ألفا، فسمع المختار أصواتا مرتفعة، و ضجة ما بين بني سليم و سكة البريد فأمر باستعلام ذلك فإذا هو شبث بن ربعي و معه خيل عظيمة و أتاه في الحال سعر بن أبي سعر الحنفي و هو ممن بايع المختار يركض من قبل مراد، فلقي راشد بن إياس فأخبر المختار فأرسل إبراهيم بن الاشتر في تسعمائة فارس و ستمأة راجل


و نعيم بن هبيرة في ثلاثمائة فارس و ستمأة راجل، و قدم المختار يزيد بن أنس في موضع مسجد شبث في تسعمائة فقاتلوهم حتي أدخلوهم البيوت و قتل من الفريقين جمع، و قتل نعيم بن هبيرة، و جاء إبراهيم فلقي راشد بن إياس، و معه أربعة آلاف فارس فقال إبراهيم لاصحابه: لا يهولنكم كثرتهم، فلرب فئة قليلة غلبت فئة كثيرة و الله مع الصابرين فاشتد قتالهم، و بصر خزيمة بن نصر العبسي براشد و حمل عليه فطعنه فقتله ثم نادي خزيمة: قتلت راشدا و رب الكعبة، فانهزم القوم، و انكسروا و أجفلوا إجفال النعام، و أطلوا عليهم كقطع الغمام، و استبشر أصحاب المختار، و حملوا علي خيل الكوفة، فجعلوا صفوحياتهم كدرا، و ساقوهم حتي أو صلوهم إلي الموت زمرا، حتي أو صلوهم السكك، و أدخلوهم الجامع، و حصروا الامير ابن مطيع ثلاثا في القصر، و نزل المختار بعد هذه الوقعة جانب السوق، و ولي حصار القصر إبراهيم بن الاشتر فلما ضاق عليه و علي أصحابه الحصار و علموا أنه لا تعويل لهم علي مكر و لا سبيل إلي مفر، أشاروا عليه أن يخرج ليلا في زي إمرأة، و يستتر في بعض دور الكوفة، ففعل و خرج حتي صار إلي دار أبي موسي الاشعري فآووه، و أما هم فانهم طلبوا الامان فآمنهم، و خرجوا و بايعوه و صار يمنيهم و يستجر مودتهم و يحسن السيرة فيهم و لما خرج أصحاب ابن مطيع من القصر سكنه المختار، ثم خرج إلي الجامع و أمر بالنداء الصلاة جامعة فاجتمع الناس و رقي المنبر ثم قال: الحمد لله الذي وعد وليه النصر، وعدوه الخسر، وعدا مأتيا و أمرا مفعولا، و قد خاب من افتري أيها الناس،! مدت لنا غاية، و رفعت لنا راية، فقيل في الراية ارفعوها و لا تضيعوها و في الغاية خذوها و لا تدعوها، فسمعنا دعوة الداعي، و قبلنا قول الراعي، فكم من باغ و باغية، و قتلي في الراعية، ألا فبعدا لمن طغي و بغي و جحد و لغي و كذب و تولي ألا فهلموا عباد الله إلي بيعة الهدي، و مجاهدة الاعداء، و الذب عن الضعفاء من آل محمد المصطفي، و أنا المسلط علي المحلين، المطالب بدم ابن نبي رب العالمين، أما


و منشئ السحاب، الشديد العقاب، لانبشن قبر ابن شهاب المفتري الكذاب المجرم المرتاب، و لا نفين الاحزاب إلي بلاد الاعراب، ثم و رب العالمين لاقتلن أعوان الظالمين، و بقايا القاسطين ثم قعد علي المنبر و وثب قائما و قال: أما و الذي جعلني بصيرا و نور قلبي تنويرا لاحرقن بالمصر دورا و لأَنبشن بها قبورا، و لاشفين بها صدورا، و لاقتلن بها جبارا كفورا، ملعونا غدورا، و عن قليل و رب الحرم، و البيت المحرم، و حق النون و القلم، ليرفعن لي علم من الكوفة إلي أضم، إلي أكناف ذي سلم، من العرب و العجم، ثم لاتخذن من بني تميم أكثر الخدم ثم نزل و دخل قصر الامارة، و انعكف عليه الناس للبيعة، فلم يزل باسطا يده حتي بايعه خلق من العرب و السادات و الموالي، و وجد في بيت المال بالكوفة تسعة آلاف ألف، فأعطي كل واحد من أصحابه الذين قاتل بهم في حصرا بن مطيع و هم ثلاث آلاف و ثمان مائة رجل كل واحد منهم خمسمأة درهم، و ستة آلاف رجل من الذين أتوه من بعد حصار القصر مائتين مائتين و لما علم أن ابن مطيع في دار أبي موسي الاشعري، دعا عبد الله بن كامل الشاكري و دفع إليه عشرة آلاف درهم، و أمره بحملها إليه، و أن يقول له: استعن بها علي سفرك فاني أعلم أنه ما منعك إلا ضيق يدك فأخذها و مضي إلي البصرة، و لم يمش إلي عبد الله بن الزبير حياءمماجري عليه من المختار، و استعمل علي شرطته عبد الله بن كامل، و علي حرسه كيسان أبا عمرة مولي عرينة [1] و عقد لعبدالله بن الحارث أخي الاشتر لامه علي أرمينية و لمحمد بن عطارد علي آذربايجان و لعبد الرحمان بن سعد بن قيس علي الموصل و لسعد بن حذيفة بن اليمان علي حلوان و لعمر بن السائب علي الري و همدان و فرق العمال بالجبال و البلاد، و كان يحكم بين الخصوم حتي إذا شغلته أموره فولي شريحا قاضيا، فلما سمع المختار أن عليا عليه السلام عزله أراد عزله فتمارض هو فعزله و ولاه عبد الله بن عتبة بن مسعود فمرض، فجعل مكانه عبد الله بن مالك


الطائي قاضيا و كان مروان بن الحكم لما استقامت له الشام بالطاعة، بعث جيشين أحدهما إلي الحجاز [2] ، و الآخر إلي العراق مع عبيد الله بن زياد لينهب الكوفة إذا ظفر بها ثلاثة أيام، فاجتاز بالجزيرة عرض له أمر منعه من السير و عاملها من قبل ابن الزبير قيس عيلان، فلم يزل عبيد الله مشغولا بذلك عن العراق، ثم قدم الموصل و عامل المختار عليها عبد الرحمن بن سعيد بن قيس، فوجه عبيد الله إليه خيله و رجله فانحاز عبد الرحمن إلي تكريت، و كتب إلي المختار يعرفه ذلك فكتب الجواب يصوب رأيه، و يحمد مشورته و أن لا يفارق مكانه حتي يأتيه أمره إنشاء الله ثم دعا المختار يزيد بن أنس و عرفه جلية الحال، و رغبة في النهوض بالخيل و الرجال، و حكمه في تخيير من شاء من الابطال، فتخير ثلاثة آلاف فارس، ثم خرج من الكوفة و شيعه المختار إلي دير أبي موسي، و أوصاه بشيء من أدوات الحرب، و إن احتاج إلي مدد عرفه، فقال: أريد لا تمدني إلا بدعائك كفي به مددا ثم كتب المختار إلي عبد الرحمن بن سعيد بن قيس أما بعد فخل بين يزيد و بين البلاد إن شاء الله و السلام عليك فسار حتي بلغ أرض الموصل،: فنزل بموضع يقال له: بافكي [3] و بلغ خبره إلي عبيد الله بن زياد و عرف عدتهم، فقال: أرسل إلي كل ألف ألفين و بعث سنة آلاف فارس فجاؤا و يزيد بن أنس مريض مدنف فأركبوه حمارا مصريا و الرجالة يمسكونه يمينا و شمالا فيقف علي الارباع، و يحثهم علي القتال، و يرغبهم في حميد المال، و قال: إن هلكت فأميركم ورقاء بن عازب الاسدي فان هلك فأميركم عبد الله بن ضمرة العذري فان هلك فأمير كم سعر بن أبي سعر الحنفي و وقع القتال بينهم في ذي الحجة يوم عرفة، سنة ست و ستين، قبل شروق الشمس فلا يرتفع


الضحي حتي هزمهم عسكر العراق، و أزالهم عن مآزق الحرب زوال السراب و قشعوهم انقشاع الضباب و آتوا يزيد بثلاثمائة أسير و قد أشفي علي الموت فأشار بيده أن اضربوا رقابهم فقتلوا جميعا، ثم مات يزيد بن أنس فصلي عليه ورقاء بن عازب الاسدي و دفنه و اغتم عسكر العراق لموته فعزاهم ورقاء فيه، و عرفهم أن عبيد الله بن زياد في جمع كثير و لا طاقة لكم به، فقالوا: الرأي أن ننصرف في جوف الليل قال محمد بن جرير الطبري في تأريخه: كان مع عبيد الله ثمانون ألفا من أهل الشام ثم اتصل بالمختار و أهل الكوفة إرجاف الناس بيزيد بن أنس فظنوا أنه قتل و لم يعلموا كيف هالك؟ و استطلع المختار ذلك من عامله علي المدائن، فأخبره بموته و أن العسكر انصرف من هزيمة، و لا كسرة، فطاب قلب المختار ثم ندب الناس قال المرزباني: و أمر إبراهيم بن الاشتر بالمسير إلي عبيد الله، فخرج في ألفين من مذحج و أسد، و ألفين من تميم و همدان، و ألف و خمسمأة من قبائل المدينة و ألف و أربعمأة من كندة و ربيعة، و ألفين من الحمراء، و قيل خرج في اثني عشر ألفا أربعة آلاف من القبائل و ثمانية آلاف من الحمراء، و شيع إبراهيم ماشيا فقال: اركب رحمك الله فقال المختار: إني لاحتسب الاجر في خطاي معك، و أحب أن تتغبر قدماي في نصر آل محمد، و الطلب بدم الحسين عليه السلام ثم ودعه و انصرف و بات إبراهيم بموضع يقال له: حمام أعين، ثم رحل حتي وافي ساباط المدائن فحينئذ توسم أهل الكوفة في المختار القلة و الضعف، فخرج أهل الكوفة عليه، و جاهروه بالعداوة، و لم يبق أحد ممن شرك في قتل الحسين، و كان مختفيا إلا و ظهر و نقضوا بيعته، و سلوا عليه سيفا واحدا، و اجتمعت القبائل عليه من بجيلة و الازد و كندة و شمر بن ذي الجوشن فبعث المختار من ساعته رسولا إلي إبراهيم و هو بساباط لا تضع كتابي حتي تعود بجميع من معك إلي فلما جاءهم كتابه نادي بالرجوع فوصلوا السير بالسري، و أرخوا الاعنة و جذبوا البرئ، و المختار


يشغل أهل الكوفة بالتسويف و الملاطفة حتي يرجع إبراهيم بعسكره فيكف عاديتهم و يقمع شرتهم، و يحصد شوكتهم، و كان مع المختار أربعة آلاف فبغي عليه أهل الكوفة و بدؤوه بالحرب، فحاربه يومهم أجمع و باتوا علي ذلك فوافاهم إبراهيم في اليوم الثاني بخيله و رجله، و معه أهل النجدة و القوة، فلما علموا قدومه افترقوا فرقتين ربيعة و مضر علاحدة، و اليمن علاحدة، فخير المختار إبراهيم إلي أي الفرقتين تسير، فقال: إلي أيهما أحببت، و كان المختار ذا عقل وافر، ورأي حاضر فأمره بالسير إلي مضر باكناسة، و سار هو إلي اليمن إلي جبانة السبيع، فبدء بالقتال رفاعة بن شداد فقاتل قتال الشديد البأس، القوي المراس، حتي قتل و قاتل حميد بن مسلم و هو يقول:



لاضربن عن أبي حكيم

مفارق الاعبد و الحميم



ثم انكسروا كسرة هائلة، و جاء البشير إلي المختار أنهم ولوا مدبرين، فمنهم من اختفي في بيته، و منهم من لحق بمصعب بن الزبير، و منهم من خرج إلي البادية ثم وضعت الحرب أوزارها، و حلت أزرارها، و محص القتل شرارها فأحصوا القتلي منهم، فكانوا ستمأة و أربعين رجلا ثم استخرج من دور الوادعيين خمسمأة أسير كما ذكر الطبري و غيره، فجاؤابهم إلي المختار، فعرضوهم عليه، فقال: كل من حضر منهم قتل الحسين فأعلموني به فلا يؤتي بمن حضر قتله إلا قيل هذا فيضرب عنقه حتي قتل منهم مائتين و ثمانية و أربعين رجلا و قتل أصحاب المختار جمعا كثيرا بغير علمه، و أطلق الباقين، ثم علم المختار أن شمر بن ذي الجوشن خرج هاربا و معه نفر ممن شرك في قتل الحسين عليه السلام فأمر عبدا له أسود يقال له رزين و قيل زربي، و معه عشرة - و كان شجاعا - يتبعه فيأتيه برأسه قال مسلم بن عبد الله الضبابي: كنت مع شمر حين هزمنا المختار فدنا منا العبد قال شمر: اركضوا و تباعدوا لعل العبد يطمع في فأمعنا في التباعد عنه، حتي لحقه العبد فحمل عليه فقتله، و مشي فنزل في جانب قرية اسمها الكلتانية علي شاطئ نهر إلي جانب تل ثم أخذ من القرية علجا فضربه و دفع إليه كتابا و قال: عجل به إلي مصعب بن


الزبير و كان عنوانه للامير المصعب بن الزبير من شمر بن ذي الجوشن فمشي العلج حتي دخل قرية فيها أبو عمرة بعثه المختار إليها في أمر و معه خمسمأة فارس قرء الكتاب رجل من أصحابه و قرأ عنوانه فسأل عن شمر و أين هو؟ فأخبره أن بينهم و بينه ثلاثة فراسخ قال مسلم بن عبد الله: قلت لشمر: لو ارتحلت من هذا المكان فانا نتخوف عليك، فقال: ويلكم أكل هذا الجزع من الكذاب؟ و الله لا برحت فيه ثلاثة أيام، فبينما نحن في أول النوم أشرفت علينا الخيل من التل و أحاطوا بنا، و هو عريان مؤتزرا بمنديل، فانهزمنا و تركناه، فأخذ سيفه ودنا منهم، و هو يقول:



نبهتموا ليثا هزبرا باسلا

جهما محياه يدق الكاهلا



لم يك يوما من عدو ناكلا

إلا كذا مقاتلا أو قاتلا



فلم يك بأسرع أن سمعنا: قتل الخبيث، قتله أبو عمرة، و قتل أصحابه ثم جيئ بالرؤس إلي المختار، خر ساجدا، و نصبت الرؤس في رحبة الحذائين حذاء الجامع و أنا ألان اذكر من قتله المختار من قتلة الحسين عليه السلام ذكر الطبري في تأريخه أن المختار تجرد لقتلة الحسين و أهل بيته، و قال: اطلبوهم فانه لا يسوغ لي الطعام و الشراب، حتي أطهر الارض منهم قال موسي بن عامر: فأول من بدء به الذين وطئوا الحسين بخيلهم، و أنا مهم علي ظهورهم، و ضرب سكك الحديد في أيديهم و أرجلهم، و أجري الخيل عليهم حتي قطعتهم و حرقهم بالنار، ثم أخذ رجلين اشتركا في دم عبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب و في سلبه كانا في الجبانة فضرب أعناقهما ثم أحرقهما بالنار، ثم أحضر مالك بن بشير فقتله في السوق، و بعث أبا عمرة فأحاط بدار خولي بن يزيد الاصبحي و هو حامل رأس الحسين عليه السلام إلي عبيد الله، فخرجت إمرأته إليهم و هي النوار ابنة مالك كما ذكر الطبري في تأريخه، و قيل اسمها العيوف، و كانت محبة لاهل البيت قالت:


لا أدري أين هو؟ و أشارت بيدها إلي بيت الخلا، فوجدوه و علي رأسه قوصرة فأخذوه و قتلوه ثم أمر بحرقه و بعث عبد الله بن كامل إلي حكيم بن الطفيل السنبسي و كان قد أخذ سلب العباس، و رماه بسهم [4] فأخذوه قبل وصوله إلي المختار، و نصبوه هدفا و رموه بالسهام، و بعث إلي قاتل علي بن الحسين و هو مرة بن منقذ العبدي و كان شيخا فأحاطوا بداره فخرج و بيده الرمح، و هو علي فرس جواد فطعن عبيد الله بن ناجية الشبامي فصرعه، و لم تضره الطعنة، و ضربه ابن كامل بالسيف فاتقاها بيده اليسري فأشرع فيها السيف و تمطرت به الفرس، فأفلت، و لحق بمصعب و شلت يده بعد ذلك، و أحضر زيد بن رقاد فرماه بالنبل و الحجارة و أحرقه، و هرب سنان بن أنس إلي البصرة فهدم داره ثم خرج من البصرة نحو القادسية و كان عليه عيون فأخبروا المختار فأخذه بين العذيب و القادسية، فقطع أنامله ثم يديه و رجليه، و أغلي زيتا في قدر و رماه فيها و هرب عبد الله بن عقبة الغنوي إلي الجزيرة، فهدم داره و فيه و في حرملة ابن الكاهل قتل واحدا من أصحاب الحسين عليه السلام قال الشاعر:



و عند غني قطرة من دمائنا

و في أسد اخري تعد و تذكر



حدث المنهال بن عمرو قال: دخلت علي زين العابدين عليه السلام أودعه، و أنا أريد الا نصرا ف من مكة، فقال:، يا منهال ما فعل حرملة بن كاهل، و كان معي بشر بن غالب الاسدي فقال: ذلك من بني الحريش أحد بني موقد النار، و هو حي بالكوفة فرفع يديه، و قال: أللهم أذقه حر النار، أللهم أذقه حر الحديد قال المنهال: و قدمت الكوفة و المختار بها فركبت إليه فلقيته خارجا من داره فقال: يا منهال لم تشركنا في ولايتنا هذه؟ فعرفته أني كنت بمكة، فمشي حتي أتي الكناس، و وقف كأنه ينتظر شيئا، فلم يلبث أن جاء قوم قالوا: أبشر أيها الامير


فقد اخذ حرملة فجيئ به، فقال: لعنك الله الحمد لله الذي أمكنني منك، الجزار الجزار، فاتي بجزار فأمره بقطع يديه و رجليه، ثم قال: النار النار، فاتي بنار و قصب فأحرق فقلت: سبحان الله سبحان الله! فقال: إن التسبيح لحسن، لم سبحت؟ فأخبرته دعاء زين العابدين عليه السلام فنزل عن دابته وصلي ركعتين، و أطال السجود و ركب و سار فحاذي داري، فعزمت عليه بالنزول و التحرم بطعامي، فقال: إن علي بن الحسين دعا بدعوات فأجابها الله علي يدي ثم تدعوني إلي الطعام؟ هذا يوم صوم شكر الله تعالي، فقلت: أحسن الله توفيقك و انهزم عبد الله بن عروة الخثعمي إلي مصعب فهدم داره و طلب عمرو بن صبيح الصيداوي فأتوه و هو علي سطحه، بعد ما هدأت العيون، و سيفه تحت رأسه فأخذوه و سيفه، فقال: قبحك الله من سيف ماأبعدك علي قربك، فجيئ به إلي المختار، فلما كان من الغداة طعنوه بالرماح، حتي مات، و أنفذ إلي محمد بن الاشعث بن قيس و قد انهزم إلي قصر له في قرية إلي جنب القادسية فقال: انطلق فانك تجده لاهيا متصديا أو قائما متبلدا، أو خائفا متلددا، أو كامنا متعمدا، فأتني برأسه فأحاطوا بالقصر، و له بابان، فخرج و مشي إلي مصعب، فهدم القصر و داره، و أخذ ما كان فيها.

قال المرزباني: و أتوه بعبد الله بن أسيد الجهني و مالك بن الهشيم البدائي و حمل بن مالك المحاربي من القادسية فقال: يا أعداء الله أين الحسين بن علي؟ قالوا: اكرهنا علي الخروج، قال: فألامننتم عليه و سقيتموه من الماء؟ و قال: للبدائي أنت آخذ برنسه؟ قال: لا، قال: بلي و أمر بقطع يديه و رجليه و الآخران ضرب أعناقهما و أتوه ببجدل بن سليم الكلبي و عرفوا أنه أخذ خاتمه، و قطع اصبعه، فأمر بقطع يديه و رجليه، فلم يزل ينزف حتي مات، و أتوه برقاد بن مالك و عمر بن خالد و عبد الرحمن البجلي و عبد الله بن قيس الخولاني فقال: يا قتلة الحسين لقد أخذتم الورس في يوم نحس، و كان في رحل الحسين ورس فاقتسموه وقت نهب رحله


فأخرجهم إلي السوق و كان أسماء بن خارجة الفزاري ممن سعي في قتل مسلم بن عقيل رحمه الله فقال المختار: أما و رب السماء و رب الضياء و الظلماء، لتنزلن نار من السماء دهماء حمراء سحماء، تحرق دار أسماء، فبلغ كلامه إليه فقال: سجع أبو إسحاق، و ليس ههنا مقام بعد هذا، و خرج من داره ها ربا إلي البادية فهدم داره و دور بني عمه و كان الشمر بن ذي الجوشن قد أخذ من الابل التي كانت تحت رحل الحسين عليه السلام فنحرها و قسم لحمها علي قوم من أهل الكوفة فأمر المختار فأحصوا كل دار دخلها ذلك اللحم، فقتل أهلها و هدمها، و لم يزل المختار يتبع قتلة الحسين عليه السلام حتي قتل خلقا كثيرا، و هزم الباقين، فهدم دورهم و أنزلهم من المعاقل و الحصون إلي المفاوز والصحون، قال: و قتلت العبيد مواليها و جاؤا إلي المختار فعتقهم، و كان العبد يسعي بمولاه فيقتله المختار حتي أن العبد يقول لسيد: احملني علي عنقك فيحمله، و يدلي رجليه علي صدره إهانة له و لخوفه من سعايته به إلي المختار فيا لها منقبة حازها، و مثوبة أحرزها فقد سر النبي بفعله، و إدخاله الفرح علي عترته و أهله، و قد قلت هذه الابيات مع كلال الخاطر، و قذي الناظر:



سر النبي بأخذ الثأر من عصب

باؤوا بقتل الحسين الطاهر الشيم



قوم غذوا بلبان البغض ويحهم

للمرتضي و بنيه سادة الامم



حاز الفخار الفتي المختار إذقعدت

عن نصره سائر الاعراب و العجم



جادته من رحمة الجبار سارية

تهمي علي قبره منهلة الديم




پاورقي

[1] عربية خ.

[2] و کان أمير الجيش حبشي بن دلجة القيني في النسخ إلي المختار و هو تصحيف.

[3] ناحية بالموصل قرب الخازر تشتمل علي قري يجمعها هذا الاسم، و في النسخ ياتلي.

[4] سقط هناک نحو سطر هکذا: فالتجأنسوته بعدي بن حاتم الطائي ليشفع عند المختار فأخذوه قبل وصوله - اي قبل وصول عدي - إلي المختار - الخ.