بازگشت

سائر ما جري عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلي شهادته


بسم الله الرحمن الرحيم

فلما كان الغداة أمر الحسين عليه السلام بفسطاطه فضرب و أمر بجفنة فيها مسك كثير فجعل فيها نورة، ثم دخل ليطلي فروي أن برير بن خضير الهمداني و عبد الرحمن بن عبد ربه الانصاري وقفا علي باب الفسطاط ليطليا بعده، فجعل برير يضاحك عبد الرحمن فقال له عبد الرحمن: يا برير أ تضحك؟ ما هذه ساعة باطل، فقال برير: لقد علم قومي أنني ما أحببت الباطل كهلا و لا شابا، و إنما أفعل ذلك استبشارا بما نصير إليه، فو الله ما هو إلا أن نلقي هؤلاء القوم بأسيافنا نعالجهم ساعة ثم نعانق الحور العين [1] .

رجعنا إلي رواية المفيد قال: قال علي بن الحسين عليهما السلام: إني جالس في تلك الليلة التي قتل أبي في صبيحتها و عندي عمتي زينب تمرضني [2] إذا اعتزل أبي في خباء له، و عنده فلان [3] مولي أبي ذر الغفاري و هو يعالج سيفه و يصلحه


و أبي يقول:



يا دهر أف من خليل

كم لك بالاشراق و الاصيل



من صاحب و طالب قتيل

و الدهر لا يقنع بالبديل



و إنما الامر إلي الجليل

و كل حي سالك سبيلي



فأعادها مرتين، أو ثلاثا حتي فهمتها و علمت ما أراد فخنقتني العبرة، فرددتها و لزمت السكوت، و علمت أن البلاء قد نزل، و أما عمتي فلما سمعت ما سمعت و هي إمرأة و من شأن النساء الرقة و الجزع، فلم تلك نفسها أن و ثبت تجر ثوبها و هي حاسرة حتي انتهت إليه، و قالت: وا ثكلاه ليت الموت أعدمني الحياة، اليوم مات أمي فاطمة، و أبي علي وأخي الحسن يا خليفة الماضي، و ثمال الباقي، فنظر إليها الحسين عليه السلام و قال لها: يا أخته لا يذهبن حلمك الشيطان! و ترقرقت عيناه بالدموع، و قال: لو ترك القطا[ ليلا ]لنام [4] فقالت: يا ويلتاه أ فتغتصب نفسك اغتصابا؟ [5] فذلك أقرح لقلبي و أشد علي نفسي، ثم لطمت وجهها، و هوت إلي جيبها و شقته و خرت مغشية عليها.

ّفقام إليها الحسين عليه السلام فصب علي وجهها الماء و قال لها: يا أختاه اتقي الله و تعزي بعزاء الله، و اعلمي أن أهل الارض يموتون، و أهل السماء لا يبقون، و أن


ّكل شيء هالك إلا وجه الله تعالي، الذي خلق الخلق بقدرته، و يبعث الخلق و يعودون و هو فرد وحده، و أبي خير مني و أمي خير مني وأخي خير مني ولي و لكل مسلم برسول الله أسوة، فعزاها بهذا و نحوه، و قال لها: يا أختاه إني أقسمت عليك فأبري قسمي لا تشقي علي جيبا، و لا تخمشي علي وجها، و لا تدعي علي بالويل و الثبور إذا أنا هلكت، ثم جاء بها حتي أجلسها عندي.

ّثم خرج إلي أصحابه فأمرهم أن يقرن بعضهم بيوتهم من بعض و أن يدخلوا الاطناب بعضها في بعض، و أن يكونوا بين البيوت فيقبلوا القوم في وجه واحد و البيوت من ورائهم، و عن أيمانهم، و عن شمائلهم قد حفت بهم، إلا الوجه الذي يأتيهم منه عدوهم، و رجع عليه السلام إلي مكانه فقام ليلته كلها يصلي و يستغفر و يدعو و يتضرع، و قام أصحابه كذلك يصلون و يدعون و يستغفرون [6] .

ّو قال في المناقب: فلما كان وقت السحر خفق الحسين برأسه خفقة ثم استيقظ فقال: أ تعلمون ما رأيت في منامي الساعة؟ فقالوا: و ما الذي رأيت يا ابن رسول الله؟ فقال: رأيت كأن كلابا قد شدت علي لتنهشني و فيها كلب أبقع رأيته أشدها علي و أظن أن الذي يتولي قتلي رجل أبرص من بين هؤلاء القوم، ثم إني رأيت بعد ذلك جدي رسول الله صلي الله عليه و آله و معه جماعة من أصحابه و هو يقول لي: يا بني أنت شهيد آل محمد، و قد استبشر بك أهل السماوات و أهل الصفيح الاعلي فليكن إفطارك عندي الليلة عجل و لا تؤخر! فهذا ملك قد نزل من السماء ليأخذ دمك في قارورة خضراء، فهذا ما رأيت و قد أزف الامر [7] و اقترب الرحيل من هذه الدنيا لا شك في ذلك.

ّو قال المفيد: قال الضحاك بن عبد الله: و مرت بنا خيل لا بن سعد تحرسنا و إن حسينا عليه السلام ليقرأ فلا تحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لانفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما و لهم عذاب مهين، ما كان الله ليذر المؤمنين علي ما أنتم عليه


ّحتي يميز الخبيث من الطيب [8] فسمعها من تلك الخيل رجل يقال له: عبد الله ابن سمير، و كان مضحا كا و كان شجاعا بطلا فارسا شريفا فاتكا فقال: نحن و رب الطيبون ميزنابكم، فقال له برير بن الخضير: يا فاسق أنت يجعلك الله من الطيبين؟ قال له: من أنت ويلك، قال: أنا برير بن الخضير فتسابا و أصبح الحسين فعبأ أصحابه بعد صلاة الغداة، و كان معه اثنان و ثلاثون فارسا و أربعون راجلا، و قال محمد بن أبي طالب: و في رواية اخري اثنان و ثمانون راجلا و قال السيد: روي عن الباقر عليه السلام أنهم كانوا خمسة و أربعين فارسا و مائة راجل و كذا قال ابن نما، و قال المفيد: فجعل زهير بن القين في ميمنة أصحابه، و حبيب ابن مظاهر في ميسرة أصحابه، و أعطي رأيته العباس أخاه، و جعلوا البيوت في ظهورهم و أمر بحطب و قصب كان من وراء البيوت أن يترك في خندق كان قد حفر هناك، و أن يحرق بالنار مخافة أن يأتوهم من ورائهم و أصبح عمربن سعد في ذلك اليوم و هو يوم الجمعة، و قيل يوم السبت فعبأ أصحابه، و خرج فيمن معه من الناس نحو الحسين، و كان علي ميمنته عمرو بن الحجاج، و علي ميسرته شمر بن ذي الجوشن، و علي الخيل عروة بن قيس، و علي الرجالة شبث بن ربعي و أعطي الراية دريدا مولاه، و قال محمد بن أبي طالب: و كانوا نيفا علي اثنين و عشرين ألفا، و في رواية عن الصادق عليه السلام ثلاثين ألفا قال المفيد: و روي عن علي بن الحسين أنه قال: لما أصبحت الخيل تقبل علي الحسين عليه السلام رفع يديه و قال: أللهم أنت ثقتي في كل كرب، و رجائي في كل شدة، و أنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدة، كم من كرب يضعف عنه الفؤاد، و تقل فيه الحيلة، و يخذل فيه الصديق، و يشمت (فيه) العدو، أنزلته بك و شكوته إليك رغبة مني إليك عمن سواك ففرجته و كشفته، فأنت ولي كل نعمة و صاحب كل حسنة، و منتهي كل رغبة قال: فأقبل القوم يجولون حول بيت الحسين، فيرون الخندق في ظهورهم


ّو النار تضطرم في الحطب و القصب الذي كان القي فيه، فنادي شمر بن ذي الجوشن بأعلاصوته: يا حسين أتعجلت، بالنار قبل يوم القيامة؟ فقال الحسين عليه السلام: من هذا كأنه شمر بن ذي الجوشن؟ فقالوا: نعم، فقال له: يا ابن راعية المعزي أنت أولي بها صليا، ورام مسلم بن عوسجة أن يرميه بسهم فمنعه الحسين عليه السلام من ذلك، فقال له: دعني حتي أرميه فان الفاسق من أعداء الله و عظماء الجبارين، و قد أمكن الله منه، فقال له الحسين عليه السلام: لا ترمه فاني أكره أن أبدءهم بقتال [9] و قال محمد بن أبي طالب: و ركب أصحاب عمربن سعد، فقرب إلي الحسين فرسه فاستوي عليه، و تقدم نحو القوم في نفر من أصحابه، و بين يديه برير بن خضير فقال له الحسين عليه السلام: كلم القوم، فتقدم برير فقال: يا قوم اتقوا الله فان ثقل محمد قد أصبح بين أظهركم، هؤلاء ذريته و عترته و بناته و حرمه، فهاتوا ما عندكم و ما الذي تريدون أن تصنعوه بهم؟ فقالوا: نريد أن نمكن منهم الامير ابن زياد، فيري رأيه فيهم، فقال لهم برير: أفلا تقبلون منهم أن يرجعوا إلي المكان الذي جاؤا منه؟ ويلكم يا أهل الكوفة أنسيتم كتبكم و عهودكم التي أعطيتموها و أشهد تم الله عليها، يا ويلكم أ دعوتم أهل بيت نبيكم، و زعمتم أنكم تقتلون أنفسكم دونهم، حتي إذا أتوكم أسلمتموهم إلي ابن زياد، وحلا تموهم عن ماء الفرات بئس ما خلفتم نبيكم في ذريته، مالكم لا سقاكم الله يوم القيامة، فبئس القوم أنتم فقال له نفر منهم: يا هذا ما ندري ما تقول؟ فقال برير: الحمد لله الذي زادني فيكم بصيرة أللهم إني أبرء إليك من فعال هؤلاء القوم أللهم ألق بأسهم بينهم، حتي يلقوك و أنت عليهم غضبان، فجعل القوم يرمونه بالسهام فرجع برير إلي ورائه و تقدم الحسين عليه السلام حتي وقف بازاء القوم، فجعل ينظر إلي صفوفهم كأنهم السيل، و نظر إلي ابن سعد واقفا في صناديد الكوفة فقال: الحمد لله الذي خلق الدنيا فجعلها دارفناء و زوال، متصرفة بأهلها حالا بعد حال، فالمغرور من غرته


ّو الشقي من فتنته، فلا تغرنكم هذه الدنيا، فانها تقطع رجاء من ركن إليها و تخيب طمع من طمع فيها، و أراكم قد اجتمعتم علي أمر قد أسخطتم الله فيه عليكم و أعرض بوجهه الكريم عنكم، و أحل بكم نقمته، و جنبكم رحمته، فنعم الرب ربنا، و بئس العبيد أنتم! أقررتم بالطاعة، و آمنتم بالرسول محمد صلي الله عليه و آله ثم إنكم زحفتم إلي ذريته و عترته تريدون قتلهم، لقد استحوذ عليكم الشيطان، فأنساكم ذكر الله العظيم، فتبالكم و لما تريدون، إنا لله و إنا إليه راجعون، هؤلاء قوم كفروا بعد إيمانهم فبعدا للقوم الظالمين فقال عمر: ويلكم كلموه فانه ابن أبيه، و الله لو وقف فيكم هكذا يوما جديدا لما انقطع و لما حصر، فكلموه فتقدم شمر لعنه الله فقال: يا حسين ما هذا الذي تقول؟ أفهمنا حتي نفهم، فقا ل: أقول: اتقوا الله ربكم و لا تقتلوني، فانه لا يحل لكم قتلي، و لا انتهاك حرمتي، فاني ابن بنت نبيكم و جدتي خديجة زوجة نبيكم و لعله قد بلغكم قول نبيكم: الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة - إلي آخر ما سيأتي برواية المفيد و قال المفيد: و دعا الحسين عليه السلام براحلته فركبها و نادي بأعلاصوته: يا أهل العراق - وجلهم يسمعون - فقال: أيها الناس اسمعوا قولي و لا تعجلوا حتي أعظكم بما يحق لكم علي، و حتي أعذر عليكم، فان أعطيتموني النصف، كنتم بذلك أسعد و إن لم تعطوني النصف من أنفسكم فاجمعوا رأيكم ثم لا يكن أمركم علكيم غمة ثم أقضوا إلي و لا تنظرون إن وليي الله الذي نزل الكتاب و هو يتولي الصالحين ثم حمد الله و أثني عليه و ذكر الله بما هو أهله، وصلي علي النبي و علي ملائكته و علي أنبيائه، فلم يسمع متكلم قط قبله و لا بعده أبلغ منه في منطق ثم قال: أما بعد فانسبوني فانظروا من أنا، ثم راجعوا أنفسكم و عاتبوها فانظروا هل يصلح لكم قتلي و انتهاك حرمتي؟ ألست ابن نبيكم، و ابن وصيه و ابن عمه؟ و أول مؤمن مصدق لرسول الله صلي الله عليه و آله بما جاء به من عند ربه؟ أو ليس حمزة سيد الشهداء عمي؟ أو ليس جعفر الطيار في الجنة بجناحين عمي؟ أو لم


ّيبلغكم ما قال رسول الله صلي الله عليه و آله لي و لاخي: هذان سيدا شباب أهل الجنة؟ فان صدقتموني بما أقول و هو الحق، و الله ما تعمدت كذبا مذعلمت أن الله يمقت عليه أهله، إن كذبتموني فان فيكم من إن سألتموه عن ذلك أخبركم، اسألوا جابر ابن عبد الله الانصاري و أبا سعيد الخدري و سهل بن سعد الساعدي و زيد بن أرقم و أنس بن مالك [10] يخبروكم أنهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله صلي الله عليه و آله لي و لاخي أما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي؟ فقال له شمر بن ذي الجوشن هو يعبد الله علي حرف إن كان يدري ما تقول فقال له حبيب بن مظاهر: و الله إني لاراك تعبد الله علي سبعين حرفا و أنا أشهد أنك صادق ما تدري ما يقول قد طبع الله علي قلبك ثم قال لهم الحسين عليه السلام: فان كنتم في شك من هذا أفتشكون أني ابن بنت نبيكم؟ فو الله ما بين المشرق و المغرب ابن بنت نبي غيري فيكم، و لا في غيركم ويحكم أتطلبوني بقتيل منكم قتلته؟ أو مال لكم استهلكته؟ أو بقصاص من جراحة؟ فأخذوا لا يكلمونه فنادي يا شبث بن ربعي يا حجار بن أبجر يا قيس بن الاشعث يا يزيد بن الحارث ألم تكتبوا إلي أن قد أينعت الثمار، و أخضر الجناب، و إنما تقدم علي جند لك مجند؟ فقال له قيس بن الاشعث: ما ندري ما تقول و لكن أنزل علي حكم نبي عمك، فانهم لن يروك إلا ما تحب، فقال لهم الحسين عليه السلام: لا و الله لا اعطيكم بيدي إعطاء الذليل، و لااقرلكم إقرار العبيد ثم نادي: يا عباد الله إني عذت بربي و ربكم أن ترجمون، و أعوذ بربي و ربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب ثم إنه أناخ راحلته و أمر عقبة بن سمعان بعقلها، و أقبلوا يزحفون نحوه [11] .


و في المناقب روي بإسناده، عن عبد الله بن محمد بن سليمان بن عبد الله بن الحسن، عن أبيه، عن جده، عن عبد الله قال: لما عبأ عمربن سعد أصحابه لمحاربة الحسين بن علي عليهما السلام و رتبهم مراتبهم، و أقام الرايات في مواضعها، و عبأ أصحاب الميمنة و الميسرة، فقال لاصحاب القلب: أثبتوا و أحاطوا بالحسين من كل جانب حتي جعلوه في مثل الحلقة، فخرج عليه السلام حتي أتي الناس فاستنصتهم فأبوا أن ينصتوا حتي قال لهم: ويلكم ما عليكم أن تنصتوا إلي فتسمعوا قولي، و إنما أدعوكم إلي سبيل الرشاد، فمن أطاعني كان من المرشدين، و من عصاني كان من المهلكين، وكلكم عاص لامري مستمع قولي فقد ملئت بطونكم من الحرام، و طبع علي قلوبكم، ويلكم ألا تنصتون؟ ألا تسمعون؟ فتلاوم أصحاب عمربن سعد بينهم و قالوا: أنصتوا له فقام الحسين عليه السلام ثم قال: تبا لكم أيتها الجماعة و ترحا، أفحين استصرختمونا ولهين متحيرين فأصرختكم مؤدين مستعدين، سللتم علينا سيفا في رقابنا، و حششتم علينا نار الفتن خباها عدوكم وعدونا، فأصبحتم إلبا علي أوليائكم و يدا عليهم لاعدائكم، بغير عدل أفشوه فيكم، و لا أمل أصبح لكم فيهم، إلا الحرام من الدنيا أنالوكم، و خسيس عيش طمعتم فيه، من حدث كان منا و لا رأي تفيل لنا، فهلا - لكم الويلات - إذكر هتمونا و تركتمونا تجهزتموها و السيف لم يشهر، و الجاش طامن، و الرأي لم يستحصف، و لكن أسرعتم علينا كطيرة الذباب، و تداعيتم كتداعي الفراش، فقبحا لكم، فانما أنتم من طواغيت الامة و شذاذ الاحزاب، و نبذة الكتاب، و نفثة الشيطان، و عصبة الآثام، و محرفي الكتاب، و مطفئ السنن، و قتلة أولاد الانبياء، و مبيري عترة الاوصياء، و ملحقي العهار بالنسب، و مؤذي المؤمنين، و صراخ أئمة المستهزئين، الذين جعلوا القرآن عضين و أنتم ابن حرب و أشياعه تعتمدون، و إيانا تخاذلون، أجل و الله الخذل فيكم معروف، وشجت عليه عروقكم، و توارثته أصولكم و فروعكم، و ثبتت عليه


قلوبكم، و غشيت صدوركم، فكنتم أخبث شيء سنخا للناصب و اكلة للغاصب، ألا لعنة الله علي الناكثين الذين ينقضون الايمان بعد توكيدها، و قد جعلتم الله عليكم كفيلا فأنتم و الله هم ألا إن الدعي ابن الدعي قد ركزبين اثنتين بين القلة [12] و الذلة، و هيهات ما آخذ الدنية، أبي الله ذلك و رسوله، و جدود طابت، و حجور طهرت، و انوف حمية و نفوس أبيه لا تؤثر مصارع اللئام علي مصارع الكرام، ألا قد أعذرت و أنذرت ألا إني زاحف بهذه الاسرة، علي قلة العتاد، و خذلة الاصحاب ثم أنشأ يقول:



فإن نهزم فهزامون قدما

و إن نهزم فغير مهزمينا



و ما إن طبنا جبن و لكن

منايانا و دولة آخرينا [13] ألا! ثم لا تلبثون بعدها إلا كريث ما يركب الفرس، حتي تدوربكم الرحي، عهد عهده إلي أبي عن جدي فأجمعوا أمركم و شركاء كم ثم كيدوني جميعا فلا تنظرون إني توكلت علي الله ربي و ربكم ما من دابة إلا هو آخذ


بناصيتها إن ربي علي صراط مستقيم أللهم احبس عنهم قطر السماء، و أبعث عليهم سنين كسني يوسف، و سلط عليهم غلام ثقيف يسقيهم كأسا مصبرة، و لا يدع فيهم أحدا إلا (قتله) قتلة بقتلة، و ضربة بضربة، ينتقم لي و لاوليائي و أهل بيتي و أشياعي منهم، فانهم غرونا و كذبونا و خذلونا، و أنت ربنا عليك تو كلنا و إليك أنبنا و إليك المصير ثم قال: أين عمربن سعد؟ ادعو الي عمر! فدعي له، و كان كارها لا يحب أن يأتيه فقال: يا عمر أنت تقتلني؟ تزعم أن يوليك الدعي بن الدعي بلاد الري و جرجان، و الله لا تتهنأ بذلك أبدا، عهدا معهودا، فاصنع ما أنت صانع، فانك لا تفرح بعدي بدنيا و لا آخرة، و لكأني برأسك علي قصبة قد نصب بالكوفة، يتراماه الصبيان و يتخذونه غرضا بينهم فاغتاظ عمر من كلامه، ثم صرف بوجهه عنه، و نادي بأصحابه: ما تنتظرون به؟ احملوا بأجمعكم إنما هي آكلة واحدة، ثم إن الحسين دعا بفرس رسول الله المرتجز فركبه، وعيأ أصحابه أقول: قد روي الخطبة في تحف العقول نحوا مما مرورواه السيد بتغيير و اختصار [14] و ستأتي برواية الاحتجاج أيضا ثم قال المفيد رحمه الله: فلما رأي الحر بن يزيد أن القوم قد صمموا علي قتال الحسين عليه السلام قال لعمر بن سعد: أي عمر! أ مقاتل أنت هذا الرجل؟ قال: إي و الله قتالا شديدا أيسره أن تسقط الرؤوس، و تطيح الايدي، قال: أفمالكم فيما عرضه عليكم رضي؟ قال عمر: أما لو كان الامر إلي لفعلت، و لكن أميرك قد أبي، فأقبل الحر حتي وقف من الناس موقفا و معه رجل من قومه يقال له قرة بن قيس فقال له: يا قرة هل سقيت فرسك اليوم؟ قال: لا، قال: فما تريدأن تسقيه؟ قال قرة: فظننت و الله إنه يريد أن يتنحي و لا يشهد القتال، فكره أن أراه حين يصنع ذلك فقلت له: لم أسقه و أنا منطلق فأسقيه، فاعتزل ذلك المكان الذي كان فيه فو الله لو أنه


اطلعني علي الذي يريد لخرجت معه إلي الحسين [15] فأخذ يدنو من الحسين قليلا قليلا، فقال له مهاجر بن أوس: ما تريد يا ابن يزيد؟ أ تريد أن تحمل؟ فلم يجبه فأخذه مثل الافكل و هي الرعدة، فقال له المهاجر: إن أمرك لمريب، و الله ما رأيت منك في موقف قط مثل هذا، و لو قيل لي: من أشجع أهل الكوفة؟ لما عدوتك، فما هذا الذي أري منك؟ فقال له الحر: إني و الله اخير نفسي بين الجنة و النار، فو الله لا أختار علي الجنة شيئا و لو قطعت و أحرقت ثم ضرب فرسه فلحق الحسين عليه السلام فقال له: جعلت فداك يا ابن رسول الله أنا صاحبك الذي حبستك عن الرجوع، و سايرتك في الطريق، و جعجعت بك في هذا المكان، و ما ظننت أن القوم يردون عليك ما عرضته عليهم، و لا يبلغون منك هذه المنزلة، و الله لو علمت أنهم ينتهون بك إلي ما أري ما ركبت مثل الذي ركبت، و أنا تائب إلي الله مما صنعت، فتري لي من ذلك توبة؟ فقال له الحسين عليه السلام: نعم يتوب الله عليك فانزل فقال: أنا لك فارسا خير مني راجلا قاتلهم علي فرسي ساعة، و إلي النزول ما يصير آخر أمري، فقال له الحسين عليه السلام: فاصنع يرحمك الله ما بدا لك فاستقدم أمام الحسين عليه السلام فقال: يا أهل الكوفة لامكم الهبل و العبر [16] أ دعوتم هذا العبد الصالح حتي إذا أتاكم أسلمتموه؟ و زعمتم أنكم قاتلوا أنفسكم دونه ثم عدوتم عليه لتقتلوه؟ أمسكتم بنفسه، و أخذتم بكلكله، و أحطتم به من كل جانب لتمنعوه التوجه إلي بلاد الله العريضة، فصار كالاسير في أيديكم: لا يملك لنفسه نفعا و لا يدفع عنها ضرا، و حلاتموه و نساءه و صبيته و أهله عن ماء الفرات الجاري تشربه اليهود و النصاري و المجوس، و تمرغ فيه خنازير السواد و كلابهم، و ها هم قد صرعهم العطش، بئسما خلفتم محمدا في ذريته، لا سقاكم الله يوم الظمأ


فحمل عليه رجال يرمونه بالنبل، فأقبل حتي وقف أمام الحسين عليه السلام و نادي عمربن سعد،: يا دريد أدن رأيتك فأدناها ثم وضع سهما في كبد قوسه ثم رمي و قال: اشهدوا أني أول من رمي الناس [17] و قال محمد بن أبي طالب: فرمي أصحابه كلهم فما بقي من أصحاب الحسين عليه السلام إلا أصابه من سهامهم، قيل: فلما رموهم هذه الرمية، قل أصحاب الحسين عليه السلام و قتل في هذه الحملة خمسون رجلا، و قال السيد: فقال عليه السلام لاصحابه: قوموا رحمكم الله إلي الموت الذي لابد منه فان هذه السهام رسل القوم إليكم، فاقتتلوا ساعة من النهار حملة و حملة، حتي قتل من أصحاب الحسين عليه السلام جماعة، قال: فعندها ضرب الحسين عليه السلام يده علي لحيته، و جعل يقول: اشتد غضب الله علي اليهود إذ جعلوا له ولدا، و اشتد غضبه علي النصاري إذ جعلوه ثالث ثلاثة و اشتد غضبه علي المجوس إذ عبدوا الشمس و القمر دونه، و اشتد غضبه علي قوم اتفقت كلمتهم علي قتل ابن بنت نبيهم، أما و الله لا اجيبهم إلي شيء مما يريدون حتي ألقي الله تعالي، و أنا مخضب بدمي و روي عن مولانا الصادق عليه السلام أنه قال: سمعت أبي عليه السلام يقول: لما التقي الحسين عليه السلام و عمر بن سعد لعنه الله و قامت الحرب، أنزل النصر حتي رفرف علي رأس الحسين عليه السلام ثم خير بين النصر علي أعدائه و بين لقاء الله تعالي، فاختار لقاء الله تعالي قال الراوي: ثم صاح عليه السلام: أما من مغيث يغيثنا لوجه الله، أما من ذاب يذب عن حرم رسول الله [18] و قال المفيد رحمه الله: و تبارزوا فبرز يسار مولي زياد بن أبي سفيان و برز إليه عبد الله بن عمير، فقال له يسار: من أنت فانتسب له فقال: لست أعرفك حتي يخرج إلي زهير بن القين أو حبيب بن مظاهر، فقال له عبد الله بن عمير: يا ابن الفاعلة


و بك رغبة عن مبارزة أحد من الناس ثم شد عليه فضربه بسيفه حتي برد، و إنه لمشغول بضربه إذ شد عليه سالم مولي عبيد الله بن زياد، فصاحوا به قد رهقك العبد فلم يشعر حتي غشيه، فبدره بضربة اتقاها ابن عمير بيده اليسري فأطارت أصابع كفه، ثم شد عليه فضربه حتي قتله، و أقبل و قد قتلهما جميعا و هو يرتجز و يقول:



إن تنكروني فأنا ابن كلب

أنا امرء ذو مرة و عصب



و لست بالخوار عند النكب

و حمل عمرو بن الحجاج علي ميمنة أصحاب الحسين عليه السلام فيمن كان معه من أهل الكوفة، فلما دنا من الحسين عليه السلام جثوا له علي الركب و أشرعوا الرماح نحوهم، فلم تقدم خيلهم علي الرماح فذهبت الخيل لترجع، فرشقهم أصحاب الحسين عليه السلام بالنبل، فصرعوا منهم رجالا و جرحوا منهم آخرين و جاء رجل من بني تميم يقال له عبد الله بن خوزة فأقدم علي عسكر الحسين عليه السلام فناداه القوم: إلي أين ثكلتك امك؟ فقال: إني أقدم علي رب رحيم و شفيع مطاع، فقال الحسين عليه السلام لاصحابه: من هذا؟ فقيل له: هذا ابن خوزة التميمي، فقال: أللهم جره إلي النار فاضطرب به فرسه في جدول فوقع و تعلقت رجله اليسري في الركاب و ارتفعت اليمني و شد عليه مسلم بن عوسجة فضرب رجله اليمني فأطارت وعدا به فرسه فضرب برأسه كل حجر و كل شجر حتي مات و عجل الله بروحه إلي النار، و نشب القتال فقتل من الجميع جماعة [19] و قال محمد بن أبي طالب و صاحب المناقب و ابن الاثير في الكامل و رواياتهم متقاربة: إن الحر أتي الحسين عليه السلام فقال: يا ابن رسول الله كنت أول خارج عليك فائذن لي لاكون أول قتيل بين يديك، و أول من يصافح جدك غدا، و إنما قال الحر: لاكون أول قتيل بين يديك و المعني يكون أول قتيل من المبارزين و إلا فان جماعة كانوا قد قتلوا في الحملة الاولي كما ذكر، فكان أول من تقدم إلي




براز القوم، و جعل ينشد و يقول:



إني أنا الحر و مأوي الضيف أضرب في أعناقكم بالسيف

عن خير من حل بأرض الخيف



أضربكم و لا أري من حيف

و روي أن الحر لما لحق بالحسين عليه السلام قال رجل من تميم يقال له يزيد ابن سفيان: أما و الله لو لحقته لاتبعته السنان، فبينما هو يقاتل و إن فرسه لمضروب علي اذنيه و حاجبيه و إن الدماء لتسيل إذ قال الحصين: يا يزيد هذا الحر الذي كنت تتمناه، قال: نعم، فخرج إليه فما لبث الحر أن قتله، و قتل أربعين فارسا و راجلا، فلم يزل يقاتل حتي عرقب فرسه، و بقي راجلا و هو يقول:



إني أنا الحر و نجل الحر

أشجع من ذي لبد هزبر



و لست بالجبان عند الكر

لكنني الوقاف عند الفر



ثم لم يزل يقاتل حتي قتل رحمه الله، فاحتمله أصحاب الحسين عليه السلام حتي وضعوه بين يدي الحسين عليه السلام و به رمق، فجعل الحسين يمسح وجهه، و يقول: أنت الحر كما سمتك امك، و أنت الحر في الدنيا، و أنت الحر في الآخرة ورثاه رجل من أصحاب الحسين عليه السلام و قيل: بل رثاه علي بن الحسين عليهما السلام



لنعم الحر حر بني رياح

صبور عند مختلف الرماح



و نعم الحر إذ نادي حسينا

فجاد بنفسه عند الصياح



فيا ربي أضفه في جنان

و زوجه مع الحور الملاح



و روي أن الحر كان يقول:



آليت لا اقتل حتي أقتلا

أضربهم بالسيف ضربا معضلا



لا ناقل عنهم و لا معللا لاعاجز عنهم و لا مبدلا

أحمي الحسين الماجد المؤملا



قال المفيد رحمه الله: فاشترك في قتله: أيوب بن مسرح و رجل آخر من


فرسان أهل الكوفة انتهي كلامه [20] و قال ابن شهر آشوب: قتل نيفا و أربعين رجلا منهم، و قال ابن نما: و رويت باسنادي أنه قال للحسين عليه السلام: لما وجهني عبيد الله إليك خرجت من القصر فنوديت من خلفي: أبشر يا حر بخير، فالتفت فلم أر أحدا فقلت و الله ما هذه بشارة و أنا أسير إلي الحسين، و ما احدث نفسي باتباعك، فقال عليه السلام: لقد أصبت أجرا و خيرا ثم قالوا: و كان كل من أراد الخروج ودع الحسين عليه السلام و قال: السلام عليك يا ابن رسول الله! فيجيبه و عليك السلام و نحن خلفك، و يقرأ عليه السلام فمنهم من قضي نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلا ثم برزبريربن خضير الهمداني بعد الحر و كان من عباد الله الصالحين فبرز و هو يقول:



أنا برير و أبي خضير

ليث يروع الاسد عند الزئر



يعرف فينا الخير أهل الخير

أضربكم و لا أري من ضير



كذاك فعل الخير من برير

و جعل يحمل علي القوم و هو يقول: اقتربوا مني يأ قتلة المؤمنين! اقتربوا مني يا قتلة أولاد البدريين! اقتربوا مني يا قتلة أولاد رسول رب العالمين و ذريته الباقين! و كان بريرأ قرأ أهل زمانه، فلم يزل يقاتل حتي قتل ثلاثين رجلا، فبرز إليه رجل يقال له يزيد بن معقل فقال لبرير: أشهد أنك من المضلين، فقال له برير: هلم فلندع الله أن يلعن الكاذب منا و أن يقتل المحق منا المبطل، فتصاولا فضرب يزيد لبرير ضربة خفيفة لم يعمل شيئا، و ضربه برير ضربة قدت المغفر، و وصلت إلي دماغه، فسقط قتيلا، قال: فحمل رجل من أصحاب ابن زياد فقتل بريرا رحمه الله و كان يقال لقاتله: بحير بن أوس الضبي فجال في ميدان الحرب و جعل يقول:



سلي تخبري عني و أنت ذميمة

غداة حسين و الرماح شوارع



ألم آت أقصي ما كرهت و لم يحل

غداة الوغي و الروع ما أنا صانع






معي مزني لم تخنه كعوبه

و أبيض مشحوذ الغرارين قاطع [21] .



فجردته في عصبة ليس دينهم

كديني و إني بعد ذاك لقانع



و قد صبرواللطعن و الضرب حسرا [22] .

و قد جالدوا لو أن ذلك نافع



فأبلغ عبيد الله إذمالقيته

بأني مطيع للخليفة سامع



قتلت بريرا ثم جلت لهمة

غداة الوغي لما دعا من يقارع



قال: ثم ذكر له بعد ذلك أن بريرا كان من عباد الله الصالحين و جاءه ابن عم له، و قال: ويحك يا بحير قتلت برير بن خضير فبأي وجه تلقي ربك غدا؟ قال: فندم الشقي و أنشأ يقول:



فلو شاء ربي ما شهدت قتالهم

و لا جعل النعماء عند ابن جائر



لقد كان ذاعارا علي و سبة

يعير بها الابناء عند المعاشر



فيا ليت إني كنت في الرحم حيضة

و يوم حسين كنت ضمن المقابر



فيأسوءتا ماذا أقول لخالقي

و ما حجتي يوم الحساب القماطر [23] .



ثم برز من بعده وهب بن عبد الله بن حباب الكلبي و قد كانت معه امه يومئذ فقالت: قم يا بني فانصر ابن بنت رسول الله، فقال: أفعل يا أماه و لا اقصر فبرز و هو يقول:



إن تنكروني فانا ابن الكلب

سوف تروني و ترون ضربي



و حملتي و صولتي في الحرب

أدرك ثأري بعد ثأر صحبي



و أدفع الكرب أمام الكرب

ليس جهادي في الوغي باللعب




ثم حمل فلم يزل يقاتل حتي قتل منهم جماعة فرجع إلي امه و إمرأته فوقف عليهما فقال: يا أماه أرضيت؟ فقالت: ما رضيت أو تقتل بين يدي الحسين عليه السلام فقالت: إمرأته: بالله لا تفجعني في نفسك! فقالت امه: يا بني لا تقبل قولها و أرجع، فقاتل بين يدي ابن رسول الله فيكون غدا في القيامة شفيعا لك بين يدي الله، فرجع قائلا

إني زعيم لك ام وهب

بالطعن فيهم تارة و الضرب



ضرب غلام مؤمن بالرب

حتي يذيق القوم مر الحرب



إني إمرء ذو مرة و عصب و لست بالخوار عند النكب

حسبي إلهي من عليم حسبي



فلم يزل يقاتل حتي قتل تسعة عشر فارسا و اثني عشر راجلا ثم قطعت يداه فأخذت إمرأته عمودا و أقبلت نحوه و هي تقول: فداك أبي و أمي قاتل دون الطيبين حرم رسول الله، فأقبل كي يردها إلي النساء فأخذت بجانب ثوبه، و قالت: لن أعود أو أموت معك، فقال الحسين: جزيتم من أهل بيتي خيرا! ارجعي إلي النساء رحمك الله، فانصرفت، و جعل يقاتل حتي قتل رضوان الله عليه، قال: فذهبت إمرأته تمسح الدم عن وجهه فبصربها شمر، فأمر غلاما له فضربها بعمود كان معه فشدخها و قتلها، و هي أول إمرأة قتلت في عسكر الحسين و رأيت حديثا أن وهب هذا كان نصرانيا فأسلم هو و امه علي يدي الحسين فقتل في المبارزة أربعة و عشرين راجلا و اثني عشر فارسا ثم اخذ أسيرا فاتي به عمر ابن سعد فقا ل: ما أشد صولتك؟ ثم أمر فضربت عنقه، و رمي برأسه إلي عسكر الحسين عليه السلام فأخذت امه الرأس فقبله ثم رمت بالرأس إلي عسكر ابن سعد فأصابت به رجلا فقتلته، ثم شدت بعمود الفسطاط، فقتلت رجلين، فقال لها الحسين: ارجعي يا أم وهب أنت و ابنك مع رسول الله فان الجهاد مرفوع عن النساء فرجعت و هي تقول: إلهي لا تقطع رجائي، فقال لها الحسين عليه السلام: لا يقطع الله رجاك يا أم وهب


ثم برز من بعده عمرو بن خالد الازدي و هو يقول:



إليك يا نفس إلي الرحمان

فأبشري بالروح و الريحان



اليوم تجزين علي الاحسان قد كان منك غابر الزمان

ماخط في اللوح لدي الديان



لا تجرعي فكل حي فان



و الصبر أحظي لك بالاماني

يا معشر الازد بني قحطان



ثم قاتل حتي قتل - رحمة الله - و في المناقب: ثم تقدم ابنه خالد بن عمرو، و هو يرتجز و يقول:



صبرا علي الموت بني قحطان

كي ما تكونوا في رضي الرحمان



ذي المجد و العزة و البرهان

وذي العلي و الطول و الاحسان



يا أبتا قد صرت في الجنان

في قصر رب حسن البنيان [24] .



ثم تقدم فلم يزل يقاتل حتي قتل - رحمة الله عليه - و قال محمد بن أبي طالب: ثم برز من بعده سعد بن حنظلة التميمي و هو يقول:



صبرا علي الاسياف و الاسنة

صبرا عليها لدخول الجنة



و حور عين ناعمات هنه

لمن يريد الفوز لا بالظنة



يا نفس للراحة فاجهد نه

و في طلاب الخير فارغبنه [25] .



ثم حمل و قاتل قتالا شديدا ثم قتل رضوان الله عليه و خرج من بعده عمير بن عبد الله المذحجي و هو يرتجز و يقول:



قد علمت سعد وحي مذحج

أني لدي الهيجاء ليث محرج



أعلو بسيفي هامة المدجج و أترك القرن لدي التعرج

فريسة الضبع الازل الاعرج




و لم يزل يقاتل حتي قتله مسلم الضبابي و عبد الله البجلي ثم برز من بعده مسلم بن عوسجة - رحمه الله - و هو يرتجز:



إن تسألوا عني فاني ذولبد

من فرع قوم من ذري بني أسد



فمن بغانا حائد عن الرشد و كافر بدين جبار صمد

ثم قاتل قتالا شديدا و قال المفيد و صاحب المناقب بعد ذلك: و كان نافع بن هلال البجلي يقاتل قتالا شديدا و يرتجز و يقول:



أنا ابن هلال البجلي [26] .

أنا علي دين علي



و دينه دين النبي

فبرز إليه رجل من بني قطيعة، و قال المفيد: هو مزاحم بن حريث، فقال: أنا علي دين عثمان، فقال له نافع: أنت علي دين الشيطان، فحمل عليه نافع فقتله فصاح عمرو بن الحجاج بالناس: يا حمقي أ تدرون من تقاتلون؟ تقاتلون فرسان أهل المصر و أهل البصائر و قوما مستميتين لا يبرز منكم إليهم أحد إلا قتلوه علي قلتهم، و الله لو لم ترموهم إلا بالحجارة لقتلتموهم، فقال له عمربن سعد - لعنه الله: الرأي ما رأيت فأرسل في الناس من يعزم عليهم أن لا يبارزهم رجل منهم، و قال: لو خرجتم إليهم وحدانا لاتوا عليكم مبارزة ودنا عمرو بن الحجاج من أصحاب الحسين عليه السلام فقال: يا أهل الكوفة ألزموا طاعتكم و جماعتكم و لا ترتابوا في قتل من مرق من الدين و خالف الامام، فقال الحسين عليه السلام: يا ابن الحجاج أعلي تحرض الناس؟ أنحن مرقنا من الدين و أنتم ثبتم عليه؟ و الله لتعلمن أينا المارق من الدين، و من هو أولي بصلي النار ثم حمل عمرو بن الحجاج لعنه الله في ميمنته من نحو الفرات فاضطربوا




ساعة فصرع مسلم بن عوسجة و انصرف عمرو و أصحابه و انقطعت الغبرة فإذا مسلم صريع و قال محمد بن أبي طالب: فسقط إلي الارض و به رمق فمشي إليه الحسين، و معه حبيب بن مظاهر فقال له الحسين عليه السلام: رحمك الله يا مسلم فمنهم من قضي نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلا ثم دنا منه حبيب فقال: يعز علي مصرعك يا مسلم أبشر بالجنة، فقال له قولا ضعيفا: بشرك الله بخير، فقال له حبيب: لو لا أعلم أني في الاثر لاحببت أن توصي إلي بكل لقاتلك فقال مسلم: فاني أوصيك بهذا و أشار إلي الحسين عليه السلام فقاتل دونه حتي تموت، فقال حبيب: لا نعمتك عينا ثم مات رضوان الله عليه قال: و صاحب جارية له يا سيداه يا ابن عوسجتاه فنادي أصحاب ابن سعد مستبشرين قتلنا مسلم بن عوسجة فقال شبث بن ربعي لبعض من حوله: ثكلتكم أمهاتكم أما إنكم تقتلون أنفسكم بأيديكم و تذلون عزكم، أتفرحون بقتل مسلم ابن عوسجة أما و الذي أسلمت له لرب موقف له في المسلمين كريم، لقد رأيته يوم آذربايجان قتل ستة من المشركين قبل أن تلتام خيول المسلمين ثم حمل شمر بن ذي الجوشن في الميسرة، فثبتوا له [27] و قاتلهم أصحاب الحسين عليه السلام قتالا شديدا و إنما هم اثنان و ثلاثون فارسا، فلا يحملون علي جانب من أهل الكوفة إلا كشفوهم، فدعا عمربن سعد بالحصين بن نمير في خمسمأة من الرماة، فاقتبلوا [28] حتي دنوا من الحسين و أصحابه، فرشقوهم بالنبل، فلم يلبثوا أن عقروا خيولهم، و قاتلوهم حتي انتصف النهار، و اشتد القتال، و لم يقدروا أن يأتوهم إلا من جانب واحد لاجتماع أبنيتهم، و تقارب بعضها من بعض، فأرسل عمر ابن سعد الرجال ليقوضوها عن أيمانهم و شمائلهم، ليحيطوابهم و أخذ الثلاثة و الاربعة من أصحاب الحسين يتخللون فيشدون علي الرجل يعرض و ينهب، فيرمونه عن


قريب فيصرعونه فيقتلونه فقال ابن سعد: احرقوها بالنار فأضرموا فيها فقال الحسين عليه السلام: دعوهم يحرقوها فإنهم إذا فعلوا ذلك لم يجوزوا إليكم فكان كما قال عليه السلام: و قيل: أتاه شبث بن ربعي و قال: أفزعنا النساء ثكلتك امك، فاستحيا و أخذوا لا يقاتلونهم إلا من وجه واحد، و شد أصحاب زهير بن القين فقتلوا أبا عذرة الضبابي من أصحاب شمر فلم يزل يقتل من أصحاب الحسين الواحد و الاثنان فيبين ذلك فيهم لقلتهم و يقتل من أصحاب عمر العشرة فلا يبين فيهم ذلك لكثرتهم فلما رأي ذلك أبو ثمامة الصيداوي قال للحسين عليه السلام: يا أبا عبد الله نفسي لنفسك الفداء هؤلاء اقتربوا منك، و لا و الله لا تقتل حتي اقتل دونك و أحب أن ألقي الله ربي و قد صليت هذه الصلاة، فرفع الحسين رأسه إلي السماء و قال: ذكرت الصلاة جعلك الله من المصلين، نعم هذا أول وقتها ثم قال: سلوهم أن يكفوا عنا حتي نصلي، فقال الحصين بن نمير: إنها لا تقبل، فقال حبيب بن مظاهر: لا تقبل الصلاة زعمت من ابن رسول الله و تقبل منك يا ختار، فحمل عليه حصين بن نمير و حمل عليه حبيب فضرب وجه فرسه بالسيف فشب [29] به الفرس و وقع عنه الحصين فاحتوشته أصحابه فاستنقذوه فقال الحسين عليه السلام لزهيربن القين و سعيد بن عبد الله: تقدما أمامي حتي أصلي الظهر فتقدما أمامه في نحو من نصف أصحابه حتي صلي بهم صلاة الخوف و روي أن سعيد بن عبد الله الحنفي تقدم أما الحسين، فاستهدف لهم يرمونه بالنبل كلما أخذ الحسين عليه السلام يمينا و شمالا، قام بين يديه، فما زال يرمي به حتي سقط إلي الارض و هو يقول: أللهم العنهم لعن عاد و ثمود، أللهم أبلغ نبيك السلام عني و أبلغه ما لقيت من ألم الجراح، فاني أردت بذلك نصرة ذرية نبيك ثم مات رضوان الله عليه، فوجد به ثلاثة عشر سهما سوي مابه من ضرب السيوف و طعن الرماح


و قال ابن نما، و قيل صلي الحسين عليه السلام و أصحابه فرادي بالايماء، ثم قالوا: ثم خرج عبد الرحمن بن عبد الله اليزني و هو يقول:



أنا ابن عبد الله من آل يزن

ديني علي دين حسين و حسن



أضربكم ضرب فتي من اليمن

أرجو بذاك الفوز عند المؤتمن



ثم حمل فقاتل حتي قتل و قال السيد: فخرج عمرو بن قرظة الانصاري فاستأذن الحسين عليه السلام فأذن له فقاتل قتال المشتاقين إلي الجزاء، و بالغ في خدمة سلطان السماء، حتي قتل جمعا كثيرا من حزب ابن زياد، و جمع بين سداد و جهاد، و كان لا يأتي إلي الحسين سهم إلا اتقاه بيده، و لا سيف إلا تلقاه بمهجته، فلم يكن يصل إلي الحسين سوء حتي اثخن بالجراح، فالتفت إلي الحسين و قال: يا ابن رسول الله أؤفيت؟ قال: نعم، أنت أمامي في الجنة، فاقرء رسول الله مني السلام، و أعلمه أني في الاثر، فقاتل حتي قتل رضوان الله عليه و في المناقب أنه كان يقول:



قد علمت كتيبة الانصار

أن سوف أحمي حوزة الذمار



ضرب غلام نكس شاري

دون حسين مهجتي و داري!



و قال السيد: ثم تقدم جون مولي أبي ذر الغفاري و كان عبدا أسود، فقال له الحسين: أنت في إذن مني فانما تبعتنا طلبا للعافية، فلا تبتل بطريقنا، فقال: يا ابن رسول الله أنا في الرخاء ألحس قصاعكم، و في الشدة أخذلكم، و الله إن ريحي لمنتن، و إن حسبي للئيم، ولوني لاسود، فتنفس علي بالجنة، فتطيب ريحي و يشرف حسبي، و يبيض وجهي؟ لا و الله لا افارقكم حتي يختلط هذا الدم الاسود مع دمائكم [30] و قال محمد بن أبي طالب: ثم برز للقتال و هو ينشد و يقول:



كيف يري الكفار ضرب الاسود

بالسيف ضربا عن بني محمد






أذب عنهم باللسان و اليد

أرجو به الجنة يوم المورد



ثم قاتل حتي قتل، فوقف عليه الحسين عليه السلام و قال: أللهم بيض وجهه، و طيب ريحه، و احشره مع الابرار، و عرف بينه و بين محمد و آل محمد و روي عن الباقر عليه السلام عن علي بن الحسين عليهما السلام أن الناس كانوا يحضرون المعركة، و يدفنون القتلي، فوجدوا جونا بعد عشرة أيام يفوح منه رائحة المسك رضوان الله عليه و قال صاحب المناقب: كان رجزه هكذا:



كيف يري الفجار ضرب الاسود

بالمشرفي القاطع المهند



بالسيف صلتا عن بني محمد أذب عنهم باللسان و اليد

أرجو بذاك الفوز عند المورد



من الاله الاحد الموحد



إذ لا شفيع عنده كأحمد

و قال السيد: ثم برز عمر (و) بن خالد الصيداوي فقال للحسين عليه السلام: يا أبا عبد الله قد هممت أن ألحق بأصحابي، و كرهت أن أتخلف و أراك وحيدا من أهلك قتيلا فقال له الحسين،: تقدم فانا لاحقون بك عن ساعة، قتقدم فقاتل حتي قتل (قال:) و جاء حنظلة بن سعد الشبامي [31] فوقف بين يدي الحسين يقيه السهام و الرماح و السيوف بوجهه و نحره، و أخذ ينادي: يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الاحزاب، مثل دأب قوم نوح و عاد، و ثمود و الذين من بعدهم و ما الله يريد ظلما للعباد، و يا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد، يوم تولون مدبرين مالكم من الله من عاصم، يا قوم لا تقتلوا حسينا فيسحتكم الله بعذاب، و قد خاب من افتري [32] و في المناقب: فقال له الحسين: يا ابن سعد إنهم قد استوجبوا العذاب حين ردوا عليك ما دعوتهم إليه من الحق، و نهضوا إليك يشتمونك و أصحابك، فكيف




بهم الآن و قد قتلوا إخوانك الصالحين قال: صدقت جعلت فداك أفلا نروح إلي ربنا فنلحق بإخواننا؟ فقال له: رح إلي ما هو خير لك من الدنيا و ما فيها، و إلي ملك لا يبلي فقال: السلام عليك يا ابن رسول الله صلي الله عليك و علي أهل بيتك و جمع بيننا و بينك في جنته قال: آمين آمين، ثم استقدم فقاتل قتالا شديدا فحملوا عليه فقتلوه رضوان الله عليه و قال السيد: فتقدم سويد بن عمر (و) بن أبي المطاع و كان شريفا كثير الصلاة فقاتل قتال الاسد الباسل، و بالغ في الصبر علي الخطب النازل، حتي سقط بين القتلي و قد اثخن بالجراح، فلم يزل كذلك و ليس به حراك، حتي سمعهم يقولون: قتل الحسين، فتحامل و أخرج سكينا من خفه و جعل يقاتل حتي قتل [33] و قال صاحب المناقب: فخرج يحيي بن سليم المازني و هو يرتجز و يقول:



لاضربن القوم ضربا فيصلا

ضربا شديدا في العداة معجلا



لا عاجزا فيها و لا مولو لا

و لا أخاف اليوم موتا مقبلا



لكنني كالليث أحمي أشبلا

ثمحمل فقاتل حتي قتل رحمه الله ثم خرج من بعده قرة بن أبي قرة الغفاري و هو يرتجز و يقول:



قد علمت حقا بنو غفار

و خندف بعد بني نزار



بأني بالليث لدي الغيار

لاضربن معشر الفجار



بكل عضب ذكر بتار

ضربا وجيعا عن بني الاخيار



رهط النبي السادة الابرار

قال: ثم حمل فقاتل حتي قتل رحمه الله و خرج من بعده مالك بن أنس المالكي و هو يرتجز و يقول:



قد علمت مالكها و الدودان

و الخندفيون و قيس عيلان



بأن قومي آفة بالاقران

لدي الوغي وسادة الفرسان






مباشر و الموت بطعن آن

لسنانري العجز عن الطعان



آل علي شيعة الرحمان

آل زياد شيعة الشيطان



ثم حمل فقاتل حتي قتل رحمه الله، و قال ابن نما: اسمه أنس بن حارث الكاهلي [34] و في المناقب ثم خرج من بعده عمر (و) بن مطاع الجعفي و هو يقول:



أنا ابن جعف و أبي مطاع

و في يميني مرهف قطاع



و أسمر في رأسه لماع

يري له من ضوئه شعاع



اليوم قد طاب لنا القراع دون حسين الضرب و السطاع

يرجي بذاك الفوز و الدفاع



عن حر نار حين لا انتفاع

ثم حمل فقاتل حتي قتل رحمه الله و قالوا: ثم خرج الحجاج بن مسروق، و هو مؤذن الحسين عليه السلام و يقول:



أقدم حسين هاديا مهديا

اليوم تلقي جدك النبيا



ثم أباك ذا الندا عليا ذاك الذي نعرفه وصيا

و الحسن الخير الرضي الوليا



و ذا الجناحين الفتي الكميا



و أسد الله الشهيد الحيا

ثم حمل فقاتل حتي قتل رحمه الله ثم خرج من بعده زهير بن القين رضي الله عنه و هو يرتجز و يقول:



أنا زهير و أنا ابن القين

أذودكم بالسيف عن حسين



إن حسينا أحد السبطين

من عترة البر التقي الزين



ذاك رسول الله غيرالمين

أضربكم و لا أري من شين



يا ليت نفسي قسمت قسمين

و قال محمد بن أبي طالب: فقاتل حتي قتل مائة و عشرين رجلا فشد عليه كثير بن




عبد الله الشعبي و مهاجر بن أوس التميمي فقتلاه، فقال الحسين عليه السلام حين صرع زهير: لا يبعدك الله يا زهير! و لعن قاتلك لعن الذين مسخوا قردة و خنازير ثم خرج سعيد بن عبد الله الحنفي و هو يرتجز:



أقدم حسين اليوم تلقي أحمدا

و شيخك الحبر عليا ذاالندا



و حسنا كالبدر وافي الاسعدا

و عمك القرم الهمام و الا رشدا



حمزة ليث الله يدعي أسدا

و ذا الجناحين تبوأ مقعدا



في جنة الفردوس يعلو صعدا

و قال في المناقب: و قيل: بل القائل لهذه الابيات هو سويد بن عمر (و) بن أبي المطاع قال: فلم يزل يقاتل حتي قتل ثم برز حبيب بن مظاهر الاسدي و هو يقول:



أنا حبيب و أبي مظهر

فارس هيجاء و حرب تسعر



و أنتم عند العديد أكثر

و نحن أعلي حجة و أظهر



و أنتم عند الوفاء أغدر

و نحن أوفي منكم و أصبر



حقا و أنمي منكم و أعذر [35] .

و قاتل قتالا شديدا و قال أيضا:



أقسم لو كنا لكم أعدادا

أو شطركم وليتم الاكتادا [36] .



يا شر قوم حسبا و آدا

و شرهم قد علموا أندادا



ثم حمل عليه رجل من بني تميم فطعنه فذهب ليقوم فضربه الحصين بن نمير لعنه الله علي رأسه بالسيف فوقع و نزل التميمي فاجتز رأسه فهد مقتله الحسين


عليه السلام، فقال: عند الله أحتسب نفسي و حماة أصحابي و قيل: بل قتله رجل يقال له بديل بن صريم و أخذ رأسه فعلقه في عنق فرسه، فلما دخل مكة [37] رآه ابن حبيب و هو غلام مراهق فوثب إليه فقتله و أخذ رأسه و قال محمد بن أبي طالب: فقتل اثنين و ستين رجلا فقتله الحصين بن نمير و علق رأسه في عنق فرسه ثم برز هلال بن نافع البجلي و هو يقول:



أرمي بها معلمة أفواقها

و النفس لا ينفعها إشفاقها



مسمومة تجري بها أخفاقها

ليملان أرضها رشاقها



فلم يزل يرميهم حتي فنيت سهامه، ثم ضرب يده إلي سيفه فاستله و جعل يقول:



أنا الغلام اليمني البجلي

ديني علي دين حسين و علي



إن اقتل اليوم فهذا أملي

فذاك رأيي و الاقي عملي



فقتل ثلاثة عشر رجلا فكسروا عضديه واخذ أسيرا فقام إليه شمر فضرب عنقه قال: ثم خرج شاب قتل أبوه في المعركة و كانت امه معه، فقالت له امه: أخرج يا بني و قاتل بين يدي ابن رسول الله! فخرج فقال الحسين: هذا شاب قتل أبوه و لعل امه تكره خروجه فقال الشاب: أمي أمرتني بذلك، فبرز و هو يقول:



أميري حسين و نعم الامير سرور فؤاد البشير النذير

علي و فاطمة والداه



فهل تعلمون له من نظير؟



له طلعة مثل شمس الضحي

له غرة مثل بدر منير




و قاتل حتي قتل وجزرأسه و رمي به إلي عسكر الحسين عليه السلام فحملت امه رأسه، و قالت: أحسنت يا بني يا سرور قلبي و يا قرة عيني، ثم رمت برأس ابنها رجلا فقتلته و أخذت عمود خيمته، و حملت عليهم و هي تقول:



أنا عجوز سيدي ضعيفة

خاوية بالية نحيفة



أضربكم بضربة عنيفة

دون بني فاطمة الشريفة



و ضربت رجلين فقتلتهما فأمر الحسين عليه السلام بصرفها و دعا لها و في المناقب ثم خرج جنادة بن الحارث الانصاري و هو يقول:



أنا جناد و أنا ابن الحارث

لست بخوار و لا بناكث



عن بيعتي حتي يرثني وارث

اليوم شلوي في الصعيد ماكث



قال: ثم حمل فلم يزل يقاتل حتي قتل رحمه الله قال: ثم خرج من بعده عمرو بن جنادة و هو يقول:



أضق الخناق من ابن هند و ارمه

من عامه بفوارس الانصار



و مهاجرين مخضبين رماحهم

تحت العجاجة من دم الكفار



خضبت علي عهد النبي محمد

فاليوم تخضب من دم الفجار



و اليوم تخضب من دماء أراذل

رفضوا القرآن لنصرة الاشرار



طلبوا بثأرهم ببدر إذ أتوا

بالمرهفات و بالقنا الخطار



و الله ربي لا أزال مضاربا

في الفاسقين بمرهف بتار



هذا علي الازدي حق واجب

في كل يوم تعانق و كرار



قال: ثم خرج عبد الرحمن بن عروة فقال:



قد علمت حقا بنو غفار

و خندف بعد بني نزار



لنضربن معشر الفجار

بكل عضب ذكر بتار



يا قوم ذودوا عن بني الاخيار

بالمشرفي و القنا الخطار



ثم قاتل حتي قتل رحمه الله و قال محمد بن أبي طالب: و جاء عابس بن (أبي) شبيب الشاكري معه شوذب مولي


شاكر، و قال: يا شوذب ما في نفسك أن تصنع؟ قال: ما أصنع؟ اقاتل حتي اقتل قال: ذاك الظن بك، فتقدم بين يدي أبي عبد الله حتي يحتسبك كما احتسب غيرك فان هذا يوم ينبغي لنا أن نطلب فيه الاجر بكل ما نقدر عليه، فانه لاعمل بعد اليوم و إنما هو الحساب فتقدم فسلم علي الحسين عليه السلام و قال: يا أبا عبد الله أما و الله ما أمسي علي وجه الارض قريب و لا بعيد أعز علي و لا أحب إلي منك، و لو قدرت علي أن أدفع عنك الضيم أو القتل بشيء أعز علي من نفسي و دمي لفعلت، السلام عليك يا أبا عبد الله أشهد أني علي هداك و هدي أبيك، ثم مضي بالسيف و نحوهم قال ربيع بن تميم: فلما رأيته مقبلا عرفته و قد كنت شاهدته في المغازي، و كان أشجع الناس، فقلت: أيها الناس هذا أسد الاسود، هذا ابن (أبي) شبيب لا يخرجن إليه أحد منكم، فأخذ ينادي: الارجل؟ الارجل؟ فقال عمربن سعد: ارضخوه بالحجارة من كل جنب، فلما رأي ذلك ألقي درعه و مغفره ثم شد علي الناس فو الله لقد رأيت يطرد أكثر من مائتين من الناس ثم إنهم تعطفوا عليه من كل جانب، فقتل، فرأيت رأسه في أيدي رجال ذوي عدة هذا يقول: أنا قتلته، و الآخر يقول كذلك فقال عمربن سعد: لا تختصموا هذا لم يقتله إنسان واحد حتي فرق بينهم بهذا القول ثم جاءه عبد الله و عبد الرحمن الغفاريان، فقالا: يا أبا عبد الله السلام عليك (إنه) جئنالنقتل بين يديك، و ندفع عنك، فقال: مرحبا بكما ادنوا مني، فدنوا منه، و هما يبكيان فقال: يا ابني أخي ما يبكيكما؟ فو الله إني لارجو أن تكونا بعد ساعة قريري العين، فقالا: جعلنا الله فداك و الله ما علي أنفسنا نبكي و لكن نبكي عليك نراك قد احيط بك، و لا نقدر علي أن ننفعك، فقال: جزاكما الله يا ابني أخي بوجد كما من ذلك و مواساتكما إياي بأنفسكما أحسن جزاء المتقين ثم استقدما و قالا: السلام عليك يا ابن رسول الله، فقال: و عليكما السلام و رحمة الله و بركاته فقاتلا حتي قتلا


قال: ثم خرج غلام تركي كان للحسين عليه السلام و كان قارئا للقرآن، فجعل يقاتل و يرتجز و يقول:



البحر من طعني و ضربي يصطلي

و الجو من سهمي و نبلي يمتلي



إذا حسامي في يميني ينجلي

ينشق قلب الحاسد المبجل



فقتل جماعة ثم سقط صريعا فجاءه الحسين عليه السلام فبكي و وضع خده علي خده ففتح عينه فرأي الحسين عليه السلام فتبسم ثم صار إلي ربه رضي الله عنه قال: ثم رماهم يزيد بن زياد بن الشعثاء بثمانية أسهم ما أخطأ منها بخمسة أسهم و كان كلما رمي قال الحسين عليه السلام: أللهم سدد رميته، و اجعل ثوابه الجنة فحملوا عليه فقتلوه و قال ابن نما: حدث مهران مولي بني كاهل قال: شهدت كربلا مع الحسين عليه السلام فرأيت رجلا يقاتل قتالا شديدا لا يحمل علي قوم إلا كشفهم ثم يرجع إلي الحسين عليه السلام و يرتجز و يقول:



أبشر هديت الرشد تلقي أحمدا

في جنة الفردوس تعلو صعدا



فقلت: من هذا؟ فقالوا: أبو عمرو النهشلي و قيل: الخثعمي فاعترضه عامر بن نهشل أحد بني اللات من ثعلبة فقتله و اجتز رأسه، و كان أبوعمرو هذا متهجدا كثير الصلاة و خرج يزيد بن مهاجر فقتل خمسة من أصحاب عمر بالنشاب، و صار مع الحسين عليه السلام و هو يقول:



أنا يزيد و أبي المهاجر

كأنني ليث بغيل خادر [38] .






يا رب إني للحسين ناصر

و لا بن سعد تارك و هاجر



و كان يكني أباالشعشاء من بني بهدلة من كندة قال: و جاء رجل فقال: أين الحسين؟ فقال: هاأناذا قال: أبشر بالنار تردها الساعة، قال: بل ابشر برب رحيم، و شفيع مطاع، من أنت؟ قال: أنا محمد بن الاشعث قال: أللهم إن كان عبدك كاذبا فخذه إلي النار، و اجعله اليوم آية لاصحابه فما هو إلا أن ثني عنان فرسه فرمي به و ثبتت رجله في الركاب فضربه حتي قطعه و وقعت مذاكيره في الارض، فو الله لقد عجبت من سرعة دعائه ثم جاء آخر فقال: أين الحسين؟ فقال: ها أناذا، قال: أبشر بالنار، قال: ابشر برب رحيم، و شفيع مطاع، من أنت؟ قال: أنا شمر بن ذي الجوشن، قال: الحسين عليه السلام: الله أكبر قال رسول الله صلي الله عليه و آله: رأيت كأن كلبا أبقع يلغ في دماء أهل بيتي و قال الحسين: رأيت كأن كلابا تنهشني وكأن فيها كلبا أبقع كان أشدهم علي، و هو أنت، و كان أبرص و نقلت من الترمذي: قيل للصادق عليه السلام كم تتأخر الرؤيا؟ فذكر منام رسول الله صلي الله عليه و آله فكان التأويل بعد ستين سنة و تقدم سيف بن أبي الحارث بن سريع و مالك بن عبد الله بن سريع الجاربريان - بطن من همدان يقال لهم: بنو جابر - أمام الحسين عليه السلام ثم التقيا فقالا: عليك السلام يا ابن رسول الله! فقال: و عليكما السلام ثم قاتلا حتي قتلا ثم قال محمد بن أبي طالب و غيره: و كان يأتي الحسين عليه السلام الرجل بعد الرجل فيقول: السلام عليك يا ابن رسول الله فيجيبه الحسين، و يقول: و عليك السلام و نحن خلفك، ثم يقرأ فمنهم من قضي نحبه و منهم من ينتظر حتي قتلوا عن آخرهم رضوان الله عليهم و لم يبق مع الحسين إلا أهل بيته و هكذا يكون المؤمن يؤثر دينه علي دنياه، و موته علي حياته في سبيل الله و ينصر الحق و إن قتل، قال سبحانه: و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون [39] .


و لما وقف رسول الله صلي الله عليه و آله علي شهداء احد و فيهم حمزة رضوان الله عليه و قال: أنا شهيد علي هؤلاء القوم زملوهم بدمائهم فإنهم يحشرون يوم القيامة و أوداجهم تشخب دما فاللون لون الدم، و الريح ريح المسك و لما قتل أصحاب الحسين و لم يبق إلا أهل بيته، و هم ولد علي، و ولد جعفر و ولد عقيل، و ولد الحسن، و ولده عليهم السلام اجتمعوا يودع بعضهم بعضا، و عزموا علي الحرب فأول من برز من أهل بيته عبد الله بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب و هو يرتجز و يقول:



اليوم ألقي مسلما و هو أبي

و فتية بادوا علي دين النبي



ليسوا بقوم عرفوا بالكذب

لكن خيار و كرام النسب



من هاشم السادات أهل الحسب

و قال محمد بن أبي طالب: فقاتل حتي قتل ثمانية و تسعين رجلا في ثلاث حملات ثم قتله عمرو بن صبيح الصيداوي و أسد بن مالك و قال أبو الفرج: عبد الله بن مسلم امه رقية بنت علي بن أبي طالب عليه السلام قتله عمرو بن صبيح فيما ذكرناه عن المدائني و عن حميد بن مسلم، و ذكر أن السهم أصابه و هو واضع يده علي جبينه فأثبته في راحته و جبهته، و محمد بن مسلم بن عقيل امه ام ولد قتله فيما رويناه عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام أبو جرهم الازدي و لقيط بن إياس الجهني [40] و قال محمد بن أبي طالب و غيره: ثم خرج من بعده جعفر بن عقيل و هو يرتجز و يقول:



أنا الغلام الابطحي الطالبي

من معشر في هاشم و غالب



و نحن حقا سادة الذوائب

هذا حسين أطيب الاطائب



من عترة البر التقي العاقب




فقتل خمسة عشر فارسا و قال ابن شهر آشوب: و قيل قتل رجلين ثم قتله بشر بن سوط الهمداني [41] و قال أبو الفرج: امه ام الثغر بنت عامر العامري قتله عروة ابن عبد الله الخثعمي فيما رويناه عن أبي جعفر الباقر عليه السلام و عن حميد بن مسلم و قالوا: ثم خرج من بعده أخوه عبد الرحمن بن عقيل و هو يقول:



أبي عقيل فاعرفوا مكاني

من هاشم و هاشم إخواني



كهول صدق سادة الاقران

هذا حسين شامخ البنيان



و سيد الشيب مع الشبان

فقتل سبعة عشرة فارسا ثم قتله عثمان بن خالد الجهني و قال أبو الفرج: و عبد الله بن عقيل بن أبي طالب امه ام ولد و قتله عثمان بن خالد بن أشيم الجهني و بشر بن حوط القابضي فيما ذكر سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم، و عبد الله الاكبر ابن عقيل امه ام ولد قتله فيما ذكر المدائني عثمان بن خالد الجهني و رجل من همدان - و لم يذكر عبد الرحمن أصلا ثم قال: و محمد بن أبي سعيد بن عقيل بن أبي طالب الاحول و امه ام ولد قتله لقيط ابن ياسر الجهني رماه بسهم فيما رويناه عن المدائني، عن أبي مخنف، عن سليمان ابن أبي راشد، عن حميد بن مسلم، و ذكر محمد بن علي بن حمزة أنه قتل معه جعفر بن محمد بن عقيل، و وصف أنه قد سمع أيضا من يذكر أنه قد قتل يوم الحرة و قال أبو الفرج: (ما رأيت) في كتب الانساب لمحمد بن عقيل ابنا يسمي جعفرا، و ذكر أيضا محمد بن علي بن حمزة، عن عقيل بن عبد الله بن عقيل بن محمد ابن عبد الله بن محمد، بن عقيل بن أبي طالب أن علي بن عقيل و امه ام ولد قتل يومئذ [42] .




ثم قالوا: و خرج من بعده محمد بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب و هو يقول:



نشكو إلي الله من العدوان

قتال قوم في الردي عميان



قد تركوا معالم القرآن

و محكم التنزيل و التبيان



و أظهروا الكفر مع الطغيان

ثم قاتل حتي قتل عشرة أنفس، ثم قتله عامر بن نهشل التميمي ثم خرج من بعده عون بن عبد الله بن جعفر و هو يقول:



إن تنكروني فأنا ابن جعفر

شهيد صدق في الجنان أزهر



يطير فيها بجناح أخضر

كفي بهذا شرفا في المحشر



ثم قاتل حتي قتل من القوم ثلاثة فوارس و ثمانية عشر راجلا، ثم قتله عبد الله بن بطة الطائي قال أبو الفرج بعد ذكر قتل محمد و عون: و إن عونا قتله عبد الله بن قطنة التيهاني [43] و عبيد الله بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، ذكر يحيي بن الحسن فيما أخبرني (به) أحمد بن سعيد عنه أنه قتل مع الحسين عليه السلام بالطف ثم قال أبو الفرج و محمد بن أبي طالب و غيرهما: ثم خرج من بعده عبد الله ابن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام و في أكثر الروايات أنه القاسم بن الحسن عليه السلام و هو غلام صغير لم يبلغ الحلم، فلما نظر الحسين إليه قد برز اعتنقه يبكيان حتي غشي عليهما، ثم استأذن الحسين عليه السلام في المبارزة فأبي الحسين أن يأذن له، فلم يزل الغلام يقبل يديه و رجليه حتي أذن له، فخرج و دموعه تسيل علي خديه و هو يقول:



إن تنكروني فأنا إبن الحسن [44] .

سبط النبي المصطفي و المؤتمن



هذا حسين كالاسير المرتهن

بين أناس لا سقوا صوب المزن




و كان وجهه كفلقة القمر، فقاتل قتالا شديدا حتي قتل علي صغره خمسة و ثلاثين رجلا قال حميد: كنت في عسكر ابن سعد فكنت أنظر إلي هذا الغلام عليه قميص و إزار و نعلان قد انقطع شسع أحدهما ما أنسي أنه كان اليسري، فقال: عمرو بن سعد الازدي: و الله لاشدن عليه، فقلت: سبحان الله و ما تريد بذلك؟ و الله لو ضربني ما بسطت إليه يدي، و يكفيه هؤلاء الذين تراهم قد احتوشوه قال: و الله لافعلن فشد عليه فما ولي حتي ضرب رأسه بالسيف و وقع الغلام لو جهه، و نادي: يا عماه قال: فجاء الحسين كالصقر المنقض فتخلل الصفوف و شد شدة الليث الحرب فضرب عمرا قاتله بالسيف، فاتقاه بيده فأطنها من المرفق فصاح ثم تنحي عنه، و حملت خيل أهل الكوفة ليستنقذوا عمرا؟؟ الحسين، فاستقبلته بصدورها، و جرحته بحوافرها، و وطئنه حتي مات (الغلام) [45] فانجلت الغبرة فإذا بالحسين قائم علي رأس الغلام، و هو يفحص برجله، فقال الحسين: يعز و الله علي عمك أن تدعوه فلا يجيبك، أو يجيبك فلا يعينك، أو يعينك فلا يغني عنك، بعدا لقوم قتلوك


ثم احتمله فكأني أنظر إلي رجلي الغلام يخطان في الارض، و قد وضع صدره علي صدره، فقلت في نفسي: مايصنع؟ فجاء حتي ألقاه بين القتلي من أهل بيته ثم قال: أللهم احصهم عددا، و اقتلهم بددا، و لا تغادر منهم أحدا، و لا تغفر لهم أبدا، صبرا يا بني عمومتي، صبرا يا أهل بيتي لا رأيتم هوانا بعد هذا اليوم أبدا ثم خرج عبد الله بن الحسن الذي ذكرناه أولا و هو الاصح أنه برز بعد القاسم و هو يقول:



إن تنكروني فأنا ابن حيدرة

ضرغام آجام و ليث قسورة



علي الاعادي مثل ريح صرصرة

فقتل أربعة عشر رجلا ثم قتله هانئ بن ثبيت الحضرمي فاسود وجهه قال أبو الفرج: كان أبو جعفر الباقر عليه السلام يذكر أن حرملة بن كاهل الاسدي قتله، و روي عن هانئ بن ثبيت القابضي أن رجلا منهم قتله ثم قال: و أبو بكر بن الحسن بن علي بن أبي طالب و امه ام ولد، ذكر المدائني في إسنادنا عنه، عن أبي مخنف، عن سليمان بن أبي راشد أن عبد الله بن عقبة الغنوي قتله، و في حديث عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام أن عقبة الغنوي قتله [46] قالوا: ثم تقدمت إخوة الحسين عازمين علي أن يموتوا دونه، فأول من خرج منهم أبو بكر بن علي و اسمه عبيد الله و امه ليلي بنت مسعود بن خالد بن ربعي التميمية فتقدم و هو يرتجز:



شيخي علي ذو الفخار الاطول

من هاشم الصدق الكريم المفضل



هذا حسين بن النبي المرسل

عنه نحامي بالحسام المصقل



تفديه نفسي من أخ مبجل

فلم يزل يقاتل حتي قتله زحر بن بدر النخعي و قيل عبد الله بن عقبة الغنوي قال




أبو الفرج: لا يعرف اسمه، و ذكر أبو جعفر الباقر عليه السلام في الاسناد الذي تقدم أن رجلا من همدان قتله، و ذكر المدائني أنه وجد في ساقية مقتولا لا يدري من قتله قالوا: ثم برز من بعده أخوه عمربن علي و هو يقول:



أضربكم و لا أري فيكم زحر

ذاك الشقي بالنبي قد كفر



يا زحر يا زحر تدان من عمر

لعلك اليوم تبوء من سقر



شر مكان في حريق و سعر

لانك الجاحد يأشر البشر



ثم حمل علي زحر قاتل أخيه فقتله، و استقبل القوم و جعل يضرب بسيفه ضربا منكرا و هو يقول



خلوا عداة الله خلوا عن عمر

خلوا عن الليث العبوس المكفهر



يضربكم بسيفه و لا يفر

و ليس فيها كالجبان المنجحر



فلم يزل يقاتل حتي قتل ثم برز من بعده أخوه عثمان بن علي و امه ام البنين بنت حزام بن خالد من بني كلاب، و هو يقول:



إني أنا عثمان ذو المفاخر

شيخي علي ذو الفعال الظاهر



و ابن عم للنبي الطاهر

أخي حسين خيرة الاخاير



و سيد الكبار و الاصاغر

بعد الرسول و الوصي الناصر



فرماه خولي بن يزيد الاصبحي علي جبينه فسقط عن فرسه، وجز رأسه رجل من بني أبان بن حازم، قال أبو الفرج: قال يحيي بن الحسن، عن علي بن إبراهيم عن عبيد الله بن الحسن و عبد الله بن العباس قالا: قتل عثمان بن علي و هو ابن إحدي و عشرين سنة و قال الضحاك باسناده: إن خولي بن يزيد رمي عثمان بن علي بسهم فأسقطه [47] و شد عليه رجل من بني أبان دارم و أخذ رأسه، و روي عن علي عليه السلام


أنه قال: إنما سميته بإسم أخي عثمان بن مظعون [48] أقول: و لم يذكر أبو الفرج عمربن علي في المقتولين يومئذ قالوا: ثم برز من بعده أخوه جعفر بن علي، و امه ام البنين أيضا، و هو يقول:



إني أنا جعفر ذو المعالي

ابن علي الخير ذو النوال



حسبي بعمي شرفا و خالي

أحمي حسيناذي الندي المفضال



ثم قاتل فرماه خولي الاصبحي فأصاب شقيقته أو عينه ثم برز أخوه عبد الله بن علي و هو يقول:



أنا ابن ذي النجدة و الافضال

ذاك علي الخير ذو الفعال



سيف رسول الله ذو النكال

في كل قوم ظاهر الاهوال



فقتله هانئ بن ثبيت الحضرمي قال أبو الفرج: حدثني أحمد بن سعيد، عن يحيي بن الحسن، عن علي ابن إبراهيم، عن عبيد الله بن الحسن و عبد الله بن العباس قالا: قتل عبد الله بن علي بن أبي طالب عليه السلام و هو ابن خمس و عشرين سنة و لا عقب له، و قتل جعفر بن علي و هو ابن تسع عشر سنة، حدثني أحمد بن عيسي، عن حسين بن نصر، عن أبيه، عن عمربن سعد، عن أبي مخنف، عن عبد الله بن عاصم، عن ضحاك المشرقي [49] قال: قال العباس بن علي لاخيه من أبيه و امه عبد الله بن علي: تقدم بين يدي حتي أراك و أحتسبك فانه لا ولد لك، فتقدم بين يديه و شد عليه هانئ بن ثبيت الحضرمي فقتله، و بهذا الاسناد أن العباس بن علي قدم أخاه جعفرا بين يديه [50] فشد عليه هانئ بن ثبيت الذي قتل أخاه فقتله، و قال نصربن مزاحم: حدثني عمرو بن


شمر، عن جابر، عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام أن خولي بن يزيد الاصبحي قتل جعفر بن علي عليه السلام: ثم قال: و محمد الاصغر ابن علي بن أبي طالب و امه ام ولد، حدثني أحمد ابن عيسي، عن حسين بن نصر، عن أبيه، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام و حدثني أحمد بن أبي شيبة، عن أحمد بن الحارث، عن المدائني أن رجلا من تميم من بني أبان بن دارم قتله رضوان الله عليه قال: و قد ذكر محمد بن علي بن حمزة أنه قتل يومئذ إبراهيم بن علي بن أبي طالب عليه السلام و امه ام ولد، و ما سمعت بهذا عن غيره، و لا رأيت لابراهيم في شيء من كتب الانساب ذكرا، و ذكر يحيي بن الحسن أن أبا بكر بن عبيد الله الطلحي حدثه عن أبيه أن عبيد الله بن علي قتل مع الحسين، و هذا خطأ و إنما قتل عبيد الله يوم المذار، قتله أصحاب المختار، و قد رأيته بالمذار [51] و قال: كان العباس بن علي يكني أبا الفضل و امه ام البنين أيضا، و هو أكبر ولدها و هو آخر من قتل من إخوته لابيه و امه فحاز مواريثهم [52] ثم تقدم فقتل، فورثهم و إياه عبيد الله، و نازعه في ذلك عمه عمربن علي، فصولح علي شيء (ا) رضي به و كان العباس رجلا و سيما جميلا يركب الفرس المطهم و رجلاه يخطان في الارض، و كان يقال له: قمربني هاشم، و كان لواء الحسين عليه السلام معه، حدثني أحمد بن سعيد، عن يحيي بن الحسن، عن بكر بن عبد الوهاب، عن ابن أبي أويس عن أبيه، عن جعفر بن محمد عليه السلام قال: عبأ الحسين بن علي أصحابه فأعطي رأيته


أخاه العباس، حدثني أحمد بن عيسي، عن حسين بن نصر، عن أبيه، عن عمرو ابن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام أن زيد بن رقاد و حكيم بن الطفيل الطائي قتلا العباس بن علي عليه السلام و كانت ام البنين ام هؤلاء الاربعة الاخوة القتلي تخرج إلي البقيع فتندب بنيها أشجي ندبة و أحرقها، فيجتمع الناس إليها يسمعون منها، فكان مروان يجيئ فيمن يجيئ لذلك، فلا يزال يسمع ندبتها و يبكي ذكر ذلك محمد بن علي بن حمزة، عن النوفلي، عن حماد بن عيسي الجهني، عن معاوية بن عمار، عن جعفر بن محمد عليهما السلام [53] قالوا: و كان العباس السقاء قمربني هاشم صاحب لواء الحسين عليه السلام و هو أكبر الاخوان، مضي يطلب الماء فحملوا عليه و حمل عليهم و جعل يقول:



لا أرهب الموت إذا الموت رقا [54] .

حتي أواري في المصاليت لقي



نفسي لنفس المصطفي الطهر و قا

إني أنا العباس أغدو بالسقا



و لا أخاف الشر يوم الملتقي

ففرقهم فكمن له زيد بن ورقاء [55] من وراء نخلة و عاونه حكيم بن الطفيل السنبسي فضربه علي يمينه فأخذ السيف بشماله و حمل و هو يرتجز:



و الله إن قطعتم يميني

إني احامي أبدا عن ديني



و عن إمام صادق اليقين

نجل النبي الطاهر الامين



فقاتل حتي ضعف، فكمن له الحكم بن الطفيل الطائي من وراء نخلة فضربه علي شماله فقال:



يا نفس لا تخشئ من الكفار

و أبشري برحمة الجبار






مع النبي السيد المختار

قد قطعوا ببغيهم يساري



فأصلهم يا رب حر النار

فضربه ملعون بعمود من حديد فقتله، فلما رآه الحسين عليه السلام صريعا علي شاطئ الفرات بكي و أنشأ يقول:



تعديتم يأشر قوم ببغيكم

و خالفتم دين النبي محمد



أما كان خير الرسل أوصاكم بنا

أما نحن من نجل النبي المسدد



أما كانت الزهراء أمي دونكم

أما كان من خير البرية أحمد



لعنتم و اخزيتم بما قد جنيتم

فسوف تلاقوا حرنار توقد



أقول: و في بعض تأليفات أصحابنا أن العباس لما رأي وحدته عليه السلام أتي أخاه و قال: يا أخي هل من رخصة؟ فبكي الحسين عليه السلام بكاء شديدا ثم قال: يا أخي أنت صاحب لوائي و إذا مضيت تفرق عسكري! [56] فقال العباس: قد ضاق صدري و سئمت من الحياة و أريد أن أطلب ثأري من هؤلاء المنافقين فقال الحسين عليه السلام: فاطلب لهؤلاء الاطفال قليلا من الماء، فذهب العباس و وعظهم و حذرهم فلم ينفعهم فرجع إلي أخيه فأخبره فسمع الاطفال ينادون: العطش العطش! فركب فرسه و أخذ رمحه و القربة، و قصد نحو الفرات فأحاط به أربعة آلاف ممن كانوا موكلين بالفرات، و رموه بالنبال فكشفهم و قتل منهم علي ما روي ثمانين رجلا حتي دخل الماء فلما أراد أن يشرب غرفة من الماء، ذكر عطش الحسين و أهل بيته، فرمي الماء و ملا القربة [57] .

و حملها علي كتفه الايمن، و توجه نحو الخيمة، فقطعوا عليه




الطريق و أحاطوا به من كل جانب، فحاربهم حتي ضربه نوفل الازرق علي يده اليمني فقطعها، فحمل القربة علي كتفه الايسر فضربه نوقل فقطع يده اليسري من الزند، فحمل القربة بأسنانه فجاءه سهم فأصاب القربة و أريق ماؤها ثم جاءه سهم آخر فأصاب صدره، فانقلب عن فرسه و صاح إلي أخيه الحسين: أدركني، فلما أتاه رآه صريعا فبكي و حمله إلي الخيمة ثم قالوا: و لما قتل العباس قال الحسين عليه السلام: الآن انكسر ظهري و قلت حيلتي قال ابن شهر آشوب: ثم برز القاسم بن الحسين [58] و هو يرتجز و يقول:



إن تنكروني فأنا ابن حيدرة ضرغام آجام و ليث قسورة

علي الاعادي مثل ريح صرصرة



أكيلكم بالسيف كيل السندرة [59] .

و ذكر هذا بعد أن ذكر القاسم بن الحسن سابقا و فيه غرابة [60] قالوا: ثم تقدم علي بن الحسين عليه السلام و قال محمد بن أبي طالب و أبو الفرج: و امه ليلي بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي و هو يومئذ ابن ثماني عشرة سنة و قال ابن شهر آشوب: و يقال: ابن خمس و عشرين سنة [61] قالوا: و رفع الحسين سبابته [62] نحو السماء و قال: أللهم اشهد علي هؤلاء


القوم فقد برز إليهم غلام أشبه الناس خلقا و خلقا و منطقا برسولك، كنا إذا اشتقنا إلي نبيك نظرنا إلي وجهه، أللهم امنعهم بركات الارض، و فرقهم تفريقا، و مزقهم تمزيقا، و اجعلهم طرائق قددا، و لا ترض الولاة عنهم أبدا، فانهم دعونا لينصرونا ثم عدوا علينا يقاتلوننا ثم صاح الحسين بعمر بن سعد: مالك؟ قطع الله رحمك! و لا بارك الله لك في أمرك، و سلط عليك من يذبحك بعدي علي فراشك، كما قطعت رحمي و لم تحفظ قرابتي من رسول الله صلي الله عليه و آله، ثم رفع الحسين عليه السلام صوته و تلا: إن الله اصطفي آدم و نوحا و آل إبراهيم و آل عمران علي العالمين ذرية بعضها من بعض و الله سميع عليم ثم حمل علي بن الحسين علي القوم، و هو يقول:



أنا علي بن الحسين بن علي

من عصبة جد أبيهم النبي



و الله لا يحكم فينا ابن الدعي

أطعنكم بالرمح حتي ينثني



أضربكم بالسيف أحمي عن أبي

ضرب غلام هاشمي علوي



فلم يزل يقاتل حتي ضج الناس من كثرة من قتل منهم، و روي أنه قتل علي عطشه مائة و عشرين رجلا ثم رجع إلي أبيه و قد أصابته جراحات كثيرة فقال: يا أبة! العطش قد قتلني، و ثقل الحديد أجهدني، فهل إلي شربة من ماء سبيل أتقوي بها علي الاعداء؟ فبكي الحسين عليه السلام و قال: يا بني يعز علي محمد و علي علي بن أبي طالب و علي أن تدعوهم فلا يجيبوك، و تستغيث بهم فلا يغيثوك، يا بني هات لسانك، فأخذ بلسانه فمصه و دفع إليه خاتمه و قال: أمسكه في فيك و أرجع إلي قتال عدوك فاني أرجو أنك لا تمسي حتي يسقيك جدك بكأسه الاوفي شربة لا تظمأ بعدها أبدا فرجع إلي القتال و هو يقول:



الحرب قد بانت لها الحقائق

و ظهرت من بعدها مصادق



و الله رب العرش لا نفارق

جموعكم أو تغمد البوارق




فلم يزل يقاتل حتي قتل تمام المائتين ثم ضربه منقذ بن مرة العبدي [63] علي مفرق رأسه ضربة صرعته، و ضربه الناس بأسيافهم، ثم اعتنق فرسه فاحتمله الفرس إلي عسكر الاعداء فقطعوه بسيوفهم إربا إربا فلما بلغت الروح التراقي قال رافعا صوته: يا أبتاه هذا جدي رسول الله صلي الله عليه و آله قد سقاني بكأسه الاوفي شربة لا أظمأ بعدها أبدا و هو يقول: العجل العجل! فان لك كأسا مذخورة حتي تشربها الساعة، فصاح الحسين عليه السلام و قال: قتل الله قوما قتلوك ما أجرأهم علي الرحمان و علي رسوله، و علي انتهاك حرمة الرسول، و علي الدنيا بعدك العفا قال حميد بن مسلم: فكأني أنظر إلي إمرأة خرجت مسرعة كأنها الشمس الطالعة تنادي بالويل و الثبور، و تقول: ياحبيباه يا ثمرة فؤاداه، يا نور عيناه! فسألت عنها فقيل: هي زينب بنت علي عليه السلام و جاءت و انكبت عليه فجاء الحسين فأخذ بيدها فردها إلي الفساط و أقبل عليه السلام بفتيانه و قال: احملوا أخاكم، فحملوه من مصرعه فجاؤا به حتي وضعوه عند الفسطاط الذي كانوا يقاتلون أمامه و قال المفيد و ابن نما بعد ذلك: ثم رمي رجل من أصحاب عمربن سعد يقال له: عمرو بن صبيح عبد الله بن مسلم بن عقيل بسهم فوضع عبد الله يده علي جبهته يتقيه فأصاب السهم كفه و نقذ إلي جبهته فسمرها به، فلم يستطع تحريكها ثم انحني عليه آخر برمحه فطعنه في قلبه، فقتله و حمل عبد الله بن قطبة الطائي علي عون بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فقتله، و حمل عامر بن نهشل التميمي علي محمد بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فقتله، و شد عثمان بن خالد الهمداني علي عبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب فقتله [64] .


و قال أبو الفرج في المقاتل: حدثني أحمد بن سعيد، عن يحيي بن الحسن عن بكر بن عبد الوهاب، عن إسماعيل بن (أبي زياد) إدريس، عن أبيه، عن جعفر ابن محمد، عن أبيه عليهما السلام أن أول قتيل قتل من ولد أبي طالب مع الحسين ابنه علي و حدثني أحمد بن سعيد، عن يحيي بن الحسن، عن واحد، عن محمد بن أبي عمير (و) و عن أحمد بن عبد الرحمن البصري عن عبد الرحمن بن مهدي، عن حماد ابن سلمة، عن سعيد بن ثابت قال: لما برز علي بن الحسين إليهم، أرخي الحسين عليه السلام عينيه فبكي ثم قال: أللهم فكن أنت الشهيد عليهم، فقد برز إليهم غلام أشبه الخلق برسول الله صلي الله عليه و آله فجعل يشد عليهم ثم يرجع إلي أبيه فيقول: يا أبة العطش! فيقول له الحسين: اصبر حبيبي فانك لا تمسي حتي يسقيك رسول الله بكأسه، و جعل بكر كرة بعد كرة، حتي رمي بسهم فوقع في حلقه فخرقه و أفبل يتقلب في دمه ثم نادي: يا أبتاه عليك السلام هذا جدي رسول الله يقرئك السلام و يقول عجل القدوم علينا، و شهق شهقة فارق الدنيا [65] قال أبو الفرج: علي بن الحسين هذا هو الاكبر و لا عقب له، و يكني أبا الحسن و امه ليلي بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي و هو أول من قتل في الوقعة و إياه عني معاوية في الخبر الذي حدثني به محمد بن محمد بن سليمان، عن يوسف بن موسي القطان، عن جرير، عن مغيرة قال: قال معاوية: من أحق الناس بهذا الامر؟ قالوا: أنت، قال: لا أولي الناس بهذا الامر علي بن الحسين ابن علي جده رسول الله، و فيه شجاعة بني هاشم، و سخاء بني أمية، و هو ثقيف و قال يحيي بن الحسن العلوي: و أصحابنا الطالبيون يذكرون أن المقتول لم ولد، و أن الذي امه ليلي هو جدهم، و ولد في خلافة عثمان [66] ثم قالوا: و خرج غلام (و بيده عمود) [67] من تلك الابنية و في أذنبه درتان


و هو مذعور فجعل يلتفت يمينا و شمالا، و قرطاه يتذبذبان، فحمل عليه هانئ بن ثبيت فقتله فصارت شهربانوتنظر إليه و لا تتكلم كالمدهوشة ثم التفت الحسين عن يمينه فلم ير أحدا من الرجال، و التفت عن يساره فلم ير أحدا، فخرج علي بن الحسين زين العابدين عيله السلام و كان مريضا لا يقدر أن يقل سيفه وام كلثوم تنادي خلفه: يا بني ارجع فقال: ياعمتاه ذريني اقاتل بين يدي ابن رسول الله، فقال الحسين عليه السلام: يا أم كلثوم خذيه لئلا تبقي الارض خالية من نسل آل محمد صلي الله عليه و آله و لما فجع الحسين بأهل بيته و ولده، و لم يبق غيره و غير النساء و الذراري نادي: هل من ذاب يذب عن حرم رسول الله؟ هل من موحد يخاف الله فينا؟ هل من مغيث يرجو الله في إغاثتنا؟ و ارتفعت أصوات النساء بالعويل فتقدم عليه السلام إلي باب الخيمة فقال: ناولوني عليا ابني الطفل حتي أودعه، فناولوه الصبي و قال المفيد: دعا ابنه عبد الله [68] قالوا: فجعل يقبله و هو يقول: ويل لهؤلاء القوم إذا كان جدك محمد المصطفي خصمهم، و الصبي في حجره، إذرماه حرملة بن كاهل الاسدي بسهم فذبحه في حجر الحسين، فتلقي الحسين دمه حتي امتلات كفه، ثم رمي به إلي السماء و قال السيد: ثم قال: هون علي ما نزل بي أنه بعين الله، قال الباقر عليه السلام: فلم يسقط من ذلك الدم قطرة إلي الارض [69] .


قالوا: ثم قال: لا يكون أهون عليك من فصيل، أللهم إن كنت حبست عنا النصر، فاجعل ذلك لما هو خير لنا أقول: و في بعض الكتب أن الحسين لما نظر إلي اثنين و سبعين رجلا من أهل بيته صرعي، التفت إلي الخيمة و نادي: يا سكينة! يا فاطمة! يا زينب! يا أم كلثوم! عليكن مني السلام، فنادته سكينة: يا أبة استسلمت للموت؟ فقال: كيف لا يستسلم من لا ناصر له و لا معين؟ فقالت: يا أبة ردنا إلي حرم جدنا فقال: هيهات لو ترك القطالنام، فتصار خن النساء فسكتهن الحسين، و حمل علي القوم و قال أبو الفرج: و عبد الله بن الحسين و امه الرباب بنت امرئ القيس و هي التي يقول فيها أبو عبد الله الحسين:



لعمرك إنني لاحب دارا

تكون بها سكينة و الرباب



أحبهما و أبذل جل مالي

و ليس لعاتب عندي عتاب



و سكينة التي ذكرها ابنته من الرباب، و اسم سكينة أمينة، و إنما غلب عليها سكينة، و ليس باسمها، و كان عبد الله يوم قتل صغيرا جاءه نشابة و هو في حجر أبيه فذبحته، حدثني أحمد بن شبيب، عن أحمد بن الحارث، عن المدائني، عن أبي مخنف، عن سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم قال: دعا الحسين بغلام فأقعده في حجره فرماه عقبة بن بشر فذبحه، و حدثني محمد بن الحسين الاشناني باسناده عمن شهد الحسين قال: كان معه ابن له صغير فجاء سهم فوقع في نحره قال: فجعل الحسين يمسح الدم من نحر لبته فيرمي به إلي السماء فما رجع منه (شيء) و يقول: أللهم لا يكون أهون عليك من فصيل [70] ثم قالوا: ثم قام الحسين عليه السلام و ركب فرسه و تقدم إلي القتال و هو يقول:



كفر القوم و قد ما رغبوا

عن ثواب الله رب الثقلين



قتلوا القوم عليا و ابنه

حسن الخير كريم الابوين



حنقا منهم و قالوا أجمعوا

احشرواالناس إلي حرب الحسين






يا لقوم من أناس رذل

جمع الجمع لاهل الحرمين



ثم ساروا و تواصوا كلهم

باجتياحي لرضاء الملحدين [71] .



لم يخافوا الله في سفك دمي

لعبيدالله نسل الكافرين



و ابن سعدقد رماني عنوة

بجنود كوكوف الهاطلين



لالشئ كان مني قبل ذا

فخري بضياء النيرين



بعلي الخير من بعد النبي

و النبي القرشي الوالدين



خيرة الله من الخلق أبي

ثم أمي فأنا ابن الخيرين



فضة قد خلصت من ذهب

فأنا الفضة و ابن الذهبين



من له جدكجدي في الوري

أوكشيخي فأنا ابن العلمين



فاطم الزهراء أمي و أبي

قاصم الكفر ببدر و حنين



عبد الله غلاما يافعا

و قريش يعبدون الوثنين



يعبدون اللات و العزي معا

و علي كان صلي القبلتين



فأبي شمس و أمي قمر

فأنا الكوكب و ابن القمرين



و له في يوم احد وقعة

شفت الغل بفض العسكرين



ثم في الاحزاب و الفتح معا

كان فيها حتف أهل الفيلقين



في سبيل الله ماذا صنعت

امة السوء معا بالعترين



عترة البر النبي المصطفي

و علي الورد يوم الجحفلين [72] .



ثم وقف عليه السلام قبالة القوم و سيفه مصلت في يده آئسا من الحياة، عازما علي الموت


و هو يقول:



أنا ابن علي الطهر من آل هاشم

كفاني بهذا مفخرا حين أفخر



وجدي رسول الله أكرم من مضي

و نحن سراج الله في الخلق نزهر



و فاطم أمي من سلالة أحمد

و عمي يدعي ذا الجناحين جعفر



وفينا كتاب الله أنزل صادقا

وفينا الهدي و الوحي بالخير يذكر



و نحن أمان الله للناس كلهم

نسر بهذا في الانام و نجهر



و نحن ولاة الحوض نسقي ولاتنا

بكأس رسول الله ما ليس ينكر



و شيعتنا في الناس أكرم شيعة

و مبغضنا يوم القيامة يخسر



أقول: روي في الاحتجاج أنه لما بقي فردا ليس معه إلا ابنه علي بن الحسين عليهما السلام و ابن آخر في الرضاع اسمه عبد الله أخذ الطفل ليودعه فإذا بسهم قد أقبل حتي وقع في لبة الصبي فقتله، فنزل عن فرسه و حفر للصبي بجفن سيفه و رمله بدمه و دفنه، ثم وثب قائما و هو يقول إلي آخر الابيات [73] و قال محمد بن أبي طالب: و ذكر أبو علي السلامي في تأريخه أن هذه الابيات للحسين عليه السلام من إنشائه و قال: ليس لاحد مثلها:



فإن تكن الدنيا تعد نفيسة

فإن ثواب الله أعلي و أنبل



و إن يكن الابدان للموت أنشأت فقتل إمرء بالسيف في الله أفضل

و إن يكن الارزاق قسما مقدرا



فقلة سعي المرء في الكسب أجمل



و إن تكن الاموال للترك جمعها

فما بال متروك به المرء يبخل



ثم إنه دعا الناس إلي البراز، فلم يزل يقتل كل من دنا منه من عيون الرجال، حتي قتل منهم مقتلة عظيمة، ثم حمل عليه السلام علي الميمنة، و قال: الموت خير من ركوب العار ثم علي الميسرة و هو يقول:



أنا الحسين بن علي

آليت أن لا ألثني



أحمي عيالات أبي

أمضي علي دين النبي




قال المفيد و السيد و ابن نما رحمهم الله: و اشتد العطش بالحسين عليه السلام فركب المسناة يريد الفرات و العباس أخوه بين يديه، فاعترضه خيل ابن سعد قرمي رجل من بني دارم الحسين عليه السلام بسهم فأثبته في حنكه الشريف، فانتزع عليه السلام السهم و بسط يده تحت حنكه، حتي امتلات راحتاه من الدم ثم رمي به، و قال: أللهم إني أشكو إليك ما يفعل بإبن بنت نبيك، ثم اقتطعوا العباس عنه و أحاطوا به من كل جانب حتي قتلوه، و كان المتولي لقتله زيد بن ورقاء الحنفي و حكيم بن الطفيل السنبسي، فبكي الحسين لقتله بكاء شديدا [74] قال السيد: ثم إن الحسين عليه السلام دعا الناس إلي البراز فلم يزل يقتل كل من برز إليه حتي قتل مقتلة عظيمة و هو في ذلك يقول:



القتل أولي من ركوب العار

و العار أولي من دخول



النار قال بعض الرواة: فو الله ما رأيت مكثورا قط [75] قد قتل ولده و أهل بيته و صحبه أربط جأشا منه، و إن كانت الرجال لتشد عليه فيشد عليها بسيفه فتنكشف عنه انكشاف المعزي إذا شد فيها الذئب، و لقد كان يحمل فيهم و قد تكملوا ألفا فينهزمون بين يديه كأنهم الجراد المنتشر، ثم يرجع إلي مركزه و هو يقول: لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم [76] و قال ابن شهر آشوب و محمد بن أبي طالب: و لم يزل يقاتل حتي قتل ألف رجل و تسعمأة رجل و خمسين رجلا سوي المجروحين، فقال عمربن سعد لقومه: الويل لكم أ تدرون لمن تقاتلون؟ هذا ابن الانزع البطين، هذا ابن قتال العرب فاحملوا عليه من كل جانب، و كانت الرماة أربعة آلاف، فرموه بالسهام فحالوا


بينه و بين رحله [77] و قال ابن أبي طالب و صاحب المناقب و السيد: فصاح بهم: ويحكم يا شيعة آل أبي سفيان! إن لم يكن لكم دين، و كنتم لا تخافون المعاد، فكونوا أحرارا في دنياكم و ارجعوا إلي أحسابكم إذ كنتم أعرابا، فناداه شمر فقال: ما تقول يا ابن فاطمة؟ قال: أقول: أنا الذي اقاتلكم، و تقاتلوني، و النساء ليس عليهن جناح فامنعوا عتاتكم عن التعرض لحرمي ما دمت حيا، فقال شمر: لك هذا، ثم صاح شمر: إليكم عن حرم الرجل، فاقصدوه في نفسه فلعمري لهوكفو كريم، قال: فقصده القوم و هو في ذلك يطلب شربة من ماء، فكلما حمل بفرسه علي الفرات حملوا عليه بأجمعهم حتي أحلوه عنه [78] و قال ابن شهر آشوب: و روي أبو مخنف عن الجلودي أن الحسين عليه السلام حمل علي الاعور السلمي و عمرو بن الحجاج الزبيدي و كانا في أربعة آلاف رجل علي الشريعة، و أقحم الفرس علي الفرات، فلما أولغ الفرس برأسه ليشرب قال عليه السلام: أنت عطشان و أنا عطشان و الله لاذقت الماء حتي تشرب، فلما سمع الفرس كلام الحسين عليه السلام شال رأسه و لم يشرب كأنه فهم الكلام، فقال الحسين عليه السلام: فأنا أشرب فمد الحسين عليه السلام يده فغرف من الماء فقال فارس: يا أبا عبد الله تتلذذ بشرب الماء و قد هتكت حرمك؟ فنفض الماء من يده، و حمل علي القوم، فكشفهم فإذا الخيمة سالمة [79] قال أبو الفرج: قال [80] : و جعل الحسين عليه السلام يطلب الماء و شمر يقول له: و الله لا ترده أو ترد النار فقال له رجل: ألا تري إلي الفرات يا حسين كأنه بطون الحيتان و الله لا تذوقه أو تموت عطشا فقال الحسين عليه السلام: أللهم أمته عطشا قال:


و الله لقد كان هذا الرجل يقول: اسقوني ماء فيؤتي بماء فيشرب حتي يخرج من فيه، ثم يقول: اسقوني قتلني العطش، فلم يزل كذلك حتي مات [81] فقالوا: ثم رماه رجل من القوم يكني أبا الحتوف الجعفي [82] بسهم فوقع السهم في جبهته، فنزعه من جبهته، فسالت الدماء علي وجهه و لحيته، فقال عليه السلام: أللهم إنك تري ما أنا فيه من عبادك هؤلاء العصاة، أللهم أحصهم عددا، و اقتلهم بددا و لا تذر علي وجه الارض منهم أحدا، و لا تغفر لهم أبدا ثم حمل عليهم كالليث المغضب، فجعل لا يلحق منهم أحدا إلا بعجه [83] بسيفه فقتله، و السهام تأخذه من كل ناحية و هو يتقيها بنحره و صدره و يقول: يا أمة السوء بئسما خلفتم محمدا في عترته، أما إنكم لن تقتلوا بعدي عبدا من عباد الله فتهابوا قتله، بل يهون عليكم عند قتلكم إياي، و أيم الله إني لارجو أن يكرمني ربي بالشهادة بهوانكم، ثم ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون قال: فصاح به الحصين بن مالك السكوني فقال: يا ابن فاطمة و بما ذا ينتقم لك منا؟ قال: يلقي بأسكم بينكم و يسفك دماءكم، ثم يصب عليكم العذاب الاليم ثم لم يزل يقاتل حتي أصابته جراحات عظيمة و قال صاحب المناقب و السيد: حتي أصابته اثنتان و سبعون جراحة، و قال ابن شهر آشوب: قال أبو مخنف عن جعفر بن محمد بن علي عليهم السلام قال: وجدنا بالحسين ثلاثا و ثلاثين طعنة و أربعا و ثلاثين ضربة، و قال الباقر عليه السلام: اصيب الحسين عليه السلام و وجد به ثلاث مائة و بضعة و عشرون طعنة برمح و ضربة بسيف أو رمية بسهم، و روي ثلاثمائة و ستون جراحة، و قيل: ثلاث و ثلاثون ضربة سوي السهام و قيل: ألف و تسعمأة جراحة، و كانت السهام في درعه كالشوك في جلد القنفذ، و روي أنها كانت كلها في مقدمه [84] .


قالوا: فوقف عليه السلام يستريح ساعة و قد ضعف عن القتال، فبينما هو واقف إذ أتاه حجر فوقع في جبهته فأخذ الثوب ليمسح الدم عن وجهه، فأتاه سهم محدد مسموم له ثلاث شعب، فوقع السهم في صدره - و في بعض الروايات علي قلبه - فقال الحسين عليه السلام: بسم الله و بالله و علي ملة رسول الله و رفع رأسه إلي السماء و قال: إلهي إنك تعلم أنهم يقتلون رجلا ليس علي وجه الارض ابن نبي غيره، ثم أخذ السهم فأخرجه من قفاه فانبعث الدم كالميزاب، فوضع يده علي الجرح فلما امتلات رمي به إلي السماء، فما رجع من ذلك الدم قطرة، و ما عرفت الحمرة في السماء حتي رمي الحسين عليه السلام بدمه إلي السماء، ثم وضع يده ثانيا فلما امتلات لطخ بها رأسه و لحيته، و قال: هكذا أكون حتي ألقي جدي رسول الله و أنا مخضوب بدمي و أقول: يا رسول الله قتلني فلان و فلان ثم ضعف عن القتال فوقف، فكلما أتاه رجل و انتهي إليه انصرف عنه حتي جاءه رجل من كندة يقال له: مالك بن اليسر فشتم الحسين عليه السلام و ضربه بالسيف علي رأسه و عليه برنس فامتلا دما فقال له الحسين عليه السلام: لا أكلت بها و لا شربت و حشرك الله مع الظالمين، ثم ألقي البرنس و لبس قلنسوة و اعتم عليها و قد أعيا و جاء الكندي و أخذ البرنس و كان من خز، فلما قدم بعد الوقعة علي إمرأته فجعل يغسل الدم عنه، فقالت له إمرأته: أ تدخل بيتي بسلب ابن رسول الله؟ أخرج عني حشي الله قبرك نارا، فلم يزل بعد ذلك فقيرا بأسوء حال و يبست يداه و كانتا في الشتاء ينضحان دما و في الصيف تصير ان يابستين كأنهما عودان و قال المفيد و السيد: فلبثوا هنيئة ثم عادوا إليه و أحاطوا به فخرج عبد الله بن الحسن بن علي عليهم السلام و هو غلام لم يراهق من عند النساء يشتد حتي وقف إلي جنب الحسين عليه السلام فلحقته زينب بنت علي عليه السلام لتحبسه فقال الحسين عليه السلام: احبسيه يا اختي! فأبي و امتنع امتناعا شديدا و قال: لا و الله لا افارق عمي، و أهوي أبجر ابن كعب - و قيل: حرملة بن كاهل - إلي الحسين عليه السلام بالسيف فقال له الغلام: ويلك يا ابن الخبيثة أ تقتل عمي؟ فضربه بالسيف، فاتقاه الغلام بيده فأطنها إلي الجلد


فإذا هي معلقة، فنادي الغلام: يا أماه فأخذه الحسين عليه السلام فضمه إليه و قال: يا ابن أخي اصبر علي ما نزل بك، و احتسب في ذلك الخير، فان الله يلحقك بآبائك الصالحين [85] : قال السيد: فرماه حرملة بن كاهل بسهم فذبحه، و هو في حجر عمه الحسين عليه السلام ثم إن شمر بن ذي الجوشن حمل علي فسطاط الحسين عليه السلام فطعنه بالرمح ثم قال: علي بالنار أحرقه علي من فيه فقال له الحسين عليه السلام: يا ابن ذي الجوشن أنت الداعي بالنار لتحرق علي أهلي، أحرقك الله بالنار، و جاء شبث فوبخه فاستحيي و انصرف قال: و قال الحسين عليه السلام: ابعثوا إلي ثوبا لا يرغب فيه، اجعله تحت ثيابي، لئلا اجرد، فاتي بتبان فقال: لا ذاك لباس من ضربت عليه بالذلة فأخذ ثوبا خلقا فخرقه و جعله تحت ثيابه - فلما قتل جردوه منه - ثم استدعي الحسين عليه السلام بسراويل من حبرة ففزرها و لبسها و إنما فزرها لئلا يسلبها، فلما قتل سلبها أبجر بن كعب و تركه عليه السلام مجردا، فكانت يد أبجر بعد ذلك ييبسان في الصيف كأنهما عودان و يترطبان في الشتاء فينضحان دماوقيحا إلي أن أهلكه الله تعالي قال: و لما اثخن بالجراح و بقي كالقنفذ، طعنه صالح بن وهب المزني علي خاصرته طعنة فسقط عليه السلام عن فرسه إلي الارض علي خده الايمن، ثم قام صلوات الله عليه قال: و خرجت زينب من الفسطاط و هي تنادي: وا أخاه واسيداه وا أهل بيتاه ليت السماء أطبقت علي الارض، وليت الجبال تدكدكت علي السهل، و قال: و صاح الشمر: ما تنتظرون بالرجل؟ فحملوا عليه من كل جانب فضربه زرعة بن شريك علي كتفه و ضرب الحسين زرعة فصرعه، و ضربه آخر علي عاتقه المقدس بالسيف ضربة كبا عليه السلام بها لوجهه، و كان قد أعيا، و جعل عليه السلام ينوء و يكبو، فطعنه سنان


ابن أنس النخعي في ترقوته ثم انتزع الرمح فطعنه في بواني صدره ثم رماه سنان أيضا بسهم فوقع السهم في نحره فسقط عليه السلام و جلس قاعدا، فنزع السهم من نحره و قرن كفيه جميعا و كلما امتلاتا من دمائه خضب بهما رأسه و لحيته، و هو يقول: هكذا حتي ألقي الله مخضبا بدمي، مغصوبا علي حقي فقال عمربن سعد لرجل عن يمينه: أنزل ويحك إلي الحسين فأرحه، فبدر إليه خولي بن يزيد الاصبحي ليجتز رأسه فارعده، فنزل إليه سنان بن أنس النخعي فضربه بالسيف في حلقه الشريف، و هو يقول: و الله إني لاجتز رأسك و أعلم أنك ابن رسول الله و خير الناس أبا و اما، ثم اجتز رأسه المقدس المعظم صلي الله عليه و سلم و كرم و روي أن سنانا هذا أخذه المختار فقطع أنامله أنملة أنملة ثم قطع يديه و رجليه و أغلي له قدرا فيها زيت و رماه فيها و هو يضطرب [86] و قال صاحب المناقب و محمد بن أبي طالب: و لما ضعف عليه السلام نادي شمر: ما وقوفكم؟ و ما تنتظرون بالرجل؟ قد أثخنته الجراح و السهام احملوا عليه ثكلتكم أمهاتكم، فحملوا عليه من كل جانب، فرماه الحصين بن تميم في فيه و أبو أيوب الغنوي بسهم في حلقه، و ضربه زرعة بن شريك التميمي علي كتفه و كان قد طعنه سنان بن أنس النخعي في صدره، و طعنه صالح بن وهب المزني علي خاصرته فوقع عليه السلام إلي الارض علي خده الايمن، ثم استوي جالسا و نزع السهم من حلقه ثم دنا عمربن سعد من الحسين عليه السلام قال حميد: و خرجت زينب بنت علي عليه السلام و قرطاها يجولان بين اذنيها و هي تقول: ليت السماء انطبقت علي الارض، يا عمر بن سعد أ يقتل أبو عبد الله و أنت تنظر إليه؟ و دموع عمر تسيل علي خديه و لحيته، و هو يصرف وجهه عنها، و الحسين عليه السلام جالس، و عليه جبة خز، وقدتحاماه الناس، فنادي شمر: ويلكم ما تنتظرون به؟ اقتلوه ثكلتكم أمهاتكم، فضربه زرعة بن شريك فأبان كفه اليسري ثم ضربه علي عاتقه ثم انصرفوا عنه، و هو يكبو مرة و يقوم اخري


فحمل عليه سنان في تلك الحال فطعنه بالرمح فصرعه، و قال لخولي بن يزيد: اجتز رأسه! فضعف و ارتعدت يده، فقال له سنان: فت الله عضدك، و أبان يدك فنزل إليه شمرلعنه الله و كان اللعين أبرص، فضربه برجله فألقاه علي قفاه ثم أخذ بلحيته، فقال الحسين عليه السلام: أنت الابقع الذي رأيتك في منامي؟ فقال: أتشبهني بالكلاب؟ ثم جعل يضرب بسيفه مذبح الحسين عليه السلام و هو يقول:



أقتلك اليوم و نفسي تعلم

علما يقينا ليس فيه مزعم



و لا مجال لا و لا تكتم

إن أباك خير من تكلم



و روي في المناقب بإسناده عن عبد الله بن ميمون، عن محمد بن عمرو بن الحسن قال: كنا مع الحسين بنهر كربلا و نظر إلي شمر بن ذي الجوشن و كان أبرص فقال: الله أكبر الله أكبر، صدق الله و رسوله قال رسول الله: كاني أنظر إلي كلب أبقع يلغ في دم أهل بيتي ثم قال: فغضب عمربن سعد لعنه الله ثم قال لرجل عن يمينه: أنزل ويحك إلي الحسين فأرحه، فنزل إليه خولي بن يزيد الاصبحي لعنه الله فاجتز رأسه و قيل: بل جاء إليه شمر و سنان بن أنس و الحسين عليه السلام بآخر رمق يلوك لسانه من العطش، و يطلب الماء، فرفسه شمر لعنه الله برجله، و قال: يا ابن أبي تراب ألست تزعم أن أباك علي حوض النبي يسقي من أحبه، فاصبر حتي تأخذ الماء من يده ثم قال لسنان: اجتز رأسه قفاء، فقال سنان: و الله لا أفعل، فيكون جده محمد صلي الله عليه و آله خصمي فغضب شمر لعنه الله و جلس علي صد رالحسين و قبض علي لحيته و هم بقتله، فضحك الحسين عليه السلام فقال له: أ تقتلني و لا تعلم من أنا؟ فقال: أعرفك حق المعرفة: امك فاطمة الزهراء، و أبوك علي المرتضي، وجدك محمد المصطفي، و خصمك العلي الاعلي أقتلك و لا ابالي، فضربه بسيفه اثنتا عشرة ضربة ثم جز رأسه صلوات الله و سلامه عليه، و لعن الله قاتله و مقاتله و السائرين إليه بجموعهم و قال ابن شهر آشوب: روي أبو مخنف عن الجلودي أنه كان صرع الحسين


عليه السلام فجعل فرسه يحامي عنه، و يثب علي الفارس فيخبطه عن سرجه، و يدوسه حتي قتل الفرس أربعين رجلا، ثم تمرغ في دم الحسين عليه السلام و قصد نحو الخيمة و له صهيل عال و يضرب بيديه الارض [87] و قال السيد رضي الله عنه: فلما قتل صلوات الله عليه ارتفعت في السماء في ذلك الوقت غبرة شديدة سوداء مظلمة، فيها ريح حمراء، لا تري فيها عين و لا أثر، حتي ظن القوم أن العذاب قد جاءهم، فلبثوا كذلك ساعة ثم انجلت عنهم و روي هلال بن نافع قال: إني لواقف مع أصحاب عمربن سعد إذ صرخ صارخ: أبشر أيها الامير فهذا شمر قد قتل الحسين، قال: فخرجت بين الصفين فوقفت عليه و إنه ليجود بنفسه فو الله ما رأيت قط قتيلا مضمخا بدمه أحسن منه و لا أنور وجها، و لقد شغلني نور وجهه و جمال هيبته عن الكفرة في قتله، فاستسقي في تلك الحالة ماء، فسمعت رجلا يقول: لا تذوق الماء حتي ترد الحامية، فتشرب من حميمها، فسمعته يقول: أنا أرد الحامية فأشرب من حميمها؟ بل أرد علي جدي رسول الله صلي الله عليه و آله و أسكن معه في داره في مقعد صدق عند مليك مقتدر، و أشرب من ماء آسن، و أشكو إليه ما ركبتم مني و فعلتم بي قال: فغضبوا بأجمعهم حتي كأن الله لم يجعل في قلب أحد منهم من الرحمة شيئا، فاجتزوا رأسه و إنه ليكلمهم فتعجبت من قلة رحمتهم، و قلت: و الله لا اجامعكم علي أمر أبدا قال: ثم أقبلوا علي سلب الحسين عليه السلام فأخذ قميصه إسحاق بن حوية الحضرمي فلبسه فصار أبرص، و امتعط شعره و روي أنه وجد في قميصه مائة و بضع عشرة: ما بين رمية و طعنة و ضربة، و قال الصادق عليه السلام: وجد بالحسين عليه السلام ثلاث و ثلاثون طعنة و أربعة و ثلاثون ضربة، و أخذ سراويله أبجر بن كعب التيمي و روي أنه صار زمنا مقعدا من رجليه، و أخذ عمامته أخنس بن مرثد بن علقمة الحضرمي و قيل: جابر بن يزيد الاودي فاعتم بها فصار معتوها، و في رواية السيد: فصار مجذوما، و أخذ درعه مالك بن بشير الكندي فصار معتوها


فقال السيد: و أخذ نعليه الاسود بن خالد، و أخذ خاتمه بجدل بن سليم الكلبي فقطع أصبغه عليه السلام مع الخاتم، و هذا أخذه المختار فقطع يديه و رجليه و تركه يتشحط في دمه حتي هلك، و أخذ قطيفة له عليه السلام كانت من خز قيس بن الاشعث، و أخذ درعه البتراء عمربن سعد، فلما قتل عمربن سعد وهبها المختار لابي عمرة قاتله، و أخذ سيفه جميع بن الخلق الازدي و يقال: رجل من بني تميم، يقال له: الاسود بن حنظلة، و في رواية ابن سعد: أنه أخذ سيفه القلافس [88] النهشلي و زاد محمد بن زكريا أنه وقع بعد ذلك إلي بنت حبيب بن بديل، و هذا السيف المنهوب ليس بذي الفقار، و إن ذلك كان مذخورا و مصونا مع أمثاله من ذخائر النبوة و الامامة، و قد نقل الرواة تصديق ما قلناه و صورة ما حكيناه قال: و جاءت جارية من ناحية خيم الحسين عليه السلام فقال لها رجل: يا أمة الله إن سيدك قتل، قالت الجارية: فأسرعت إلي سيدتي و أنا أصيح، فقمن في وجهي و صحن، قال: و تسابق القوم، علي نهب بيوت آل الرسول وقرة عين الزهراء البتول، حتي جعلوا ينزعون ملحفة المرأة عن ظهرها، و خرجن بنات الرسول و حرمه يتساعدن علي البكاء، و يندبن لفراق الحماة و الاحباء و روي حميد بن مسلم قال: رأيت إمرأة من بكر بن وائل كانت مع زوجها في أصحاب عمربن سعد فلما رأت القوم قد اقتحموا علي نساء الحسين عليه السلام فسطا طهن، و هم يسلبونهن أخذت سيفا و أقبلت نحو الفسطاط، فقالت: يا آل بكر بن وائل أتسلب بنات رسول الله لاحكم إلا لله يا ثارات رسول الله، فأخذها زوجها وردها إلي رحله، قال: ثم أخرجوا النساء من الخيمة، و أشعلوا فيها النار، فخرجن حواسر مسلبات حافيات باكيات، يمشين سبايا في أسر الذلة، و قلن بحق الله إلا ما مررتم بنا علي مصرع الحسين، فلما نظرت النسوة إلي القتلي، صحن و ضربن وجوههن قال: فو الله لا أنسي زينب بنت علي عليه السلام و هي تندب الحسين و تنادي بصوت حزين و قلب كئيب: وا محمداه صلي عليك مليك السماء، هذا حسين مرمل بالدماء، مقطع


الاعضاء، و بناتك سبايا، إلي الله المشتكي، و إلي محمد المصطفي، و إلي علي المرتضي و إلي حمزة سيد الشهداء، وا محمداه هذا حسين بالعراء، يسفي عليه الصبا، قتيل أولاد البغايا، يا حزناه يا كرباه، اليوم مات جدي رسول الله، يا أصحاب محمداه، هؤلاء ذرية المصفطي يساقون سوق السبايا و في بعض الروايات: يا محمداه بناتك سبايا، و ذريتك مقتلة، تسفي عليهم ريح الصبا، و هذا حسين مجزوز الرأس من القفا، مسلوب العمامة و الرداء، بأبي من عسكره في يوم الاثنين نهبا، بأبي من فسطاطه مقطع العري، بأبي من لا هو غائب فيرتجي، و لا جريح فيداوي، بأبي من نفسي له الفداء، بأبي المهموم حتي قضي، بأبي العطشان حتي مضي، بأبي من شيبته تقطر بالدماء، بأبي من جده رسول إله السماء، بأبي من هو سبط نبي الهدي، بأبي محمد المصطفي، بأبي خديجة الكبري بأبي علي المرتضي، بأبي فاطمة الزهراء سيدة النساء، بأبي من ردت عليه الشمس حتي صلي قال: فأبكت و الله كل عدو و صديق ثم إن سكينة اعتنقت جسد الحسين عليه السلام، فاجتمع عدة من الاعراب حتي جروها عنه، قال: ثم نادي عمر ابن سعد في أصحابه: من ينتدب للحسين فيوطئ الخيل ظهره، فانتدب منهم عشرة و هم إسحاق بن حوية الذي سلب الحسين عليه السلام قميصه، و أخنس بن مرثد، و حكيم بن الطفيل السنبسي، و عمرو بن صبيح الصيد اي، و رجاء بن منقذ العبدي، و سالم بن خيثمة الجعفي، و واحظ بن ناعم، و صالح بن وهب الجعفي، و هاني بن ثبيت الحضرمي، و اسيد بن مالك، فداسوا الحسين عليه السلام بحوافر خيلهم حتي رضوا ظهره و صدره.

قال: و جاء هؤلاء العشرة حتي وقفوا علي ابن زياد فقال اسيد بن مالك أحد العشرة شعر:



نحن رضضنا الصدر بعد الظهر

بكل يعبوب شديد الاسر



فقال ابن زياد: من أنتم؟ فقالوا: نحن الذين وطئنا بخيولنا ظهر الحسين حتي


طحنا جناجن صدره فأمر لهم بجائزة يسيرة قال أبو عمرو الزاهد: فنظرنا في هؤلاء العشرة فوجدنا هم جميعا أولاد زنا و هؤلاء أخذهم المختار فشد أيديهم و أرجلهم بسكك الحديد، و أوطأ الخيل ظهورهم حتي هلكوا [89] أقول: المعتمد عندي ما سيأتي في رواية الكافي أنه لم يتيسر لهم ذلك و قال صاحب المناقب و محمد بن أبي طالب: قتل الحسين عليه السلام باتفاق الروايات يوم عاشورا عاشر المحرم سنة إحدي و ستين، و هو ابن أربع و خمسين سنة و ستة أشهر و نصف قالا: و أقبل فرس الحسين عليه السلام و قد عدا من بين أيديهم أن لا يؤخذ، فوضع ناصيته في دم الحسين عليه السلام ثم أقبل يركض نحو خيمة النساء، و هو يصهل و يضرب برأسه الارض عند الخيمة حتي مات، فلما نظر أخوات الحسين و بناته و أهله إلي الفرس ليس عليه احد، رفعن أصواتهن بالبكاء و العويل، و وضعت ام كلثوم يدها علي ام رأسها و نادت: وا محمداه، واجداه، وا نبياه، و ا أبا القاسماه، وا علياه، وا جعفراه وا حمزتاه، وا حسناه، هذا حسين بالعراء، صريع بكربلا، مجزوز الرأس من القفا، مسلوب العمامة و الرداء، ثم غشي عليها فأقبل أعداء الله لعنهم الله حتي أحدقوا بالخيمة، و معهم شمر، فقال: أدخلوا فاسلبوا بزتهن، فدخل القوم لعنهم الله فأخذوا ما كان في الخيمة حتي أفضوا إلي قرط كان في أذن ام كلثوم اخت الحسين عليه السلام فأخذوه و خرموا اذنها، حتي كانت المرأة لتنازع ثوبها علي ظهرها حتي تغلب عليه، و أخذ قيس بن الاشعث لعنه الله قطيفة الحسين عليه السلام فكان يسمي قيس القطيفة، و أخذ نعليه رجل من بني أؤد، يقال له الاسود، ثم مال الناس علي الورس و الحلي و الحلل و الابل فانتهبوها أقول: رأيت في بعض الكتب أن فاطمة الصغري قالت: كنت واقفة بباب الخيمة و أنا أنظر إلي أبي و أصحابي مجززين كالاضاحي علي الرمال، و الخيول علي أجسادهم تجول و أنا افكر فيما يقع علينا بعد أبي من بني أمية، أيقتلوننا أو


يأسروننا؟ فاذا برجل علي ظهر جواده يسوق النساء بكعب رمحه وهن يلذن بعضهن ببعض، و قد اخذ ما عليهن من أخمرة و أسورة، وهن يصحن: واجداه، وا أبتاه وا علياه، و أقله ناصراه، وا حسناه، أما من مجيريجيرنا؟ أما من ذائد يذود عنا؟ قالت: فطار فؤادي و ارتعدت فرائصي، فجعلت اجيل بطرفي يمينا و شمالا علي عمتي ام كلثوم خشية منه أن يأتيني فبينا أنا علي هذه الحالة و إذا به قد قصدني ففررت منهزمة، و أنا أظن أني أسلم منه، و إذا به قد تبعني، فذهلت خشية منه و إذا بكعب الرمح بين كتفي، فسقطت علي وجهي فخرم اذني و أخذ قرطي و مقنعتي، و ترك الدماء تسيل علي خدي و رأسي تصهره الشمس، و ولي راجعا إلي الخيم، و أنا مغشي علي، و إذا أنا بعمتي عندي تبكي و هي تقول: فومي نمضي ما أعلم ما جري علي البنات و أخيك العليل، فقمت و قلت: ياعمتاه هل من خرقة أستر بها رأسي عن أعين النظار؟ فقالت يا بنتاه و عمتك مثلك فرأيت رأسها مكشوفة، و متنها قد اسود من الضرب، فما رجعنا إلي الخيمة إلا و هي قد نهبت و ما فيها، وأخي علي بن الحسين مكبوب علي وجهه، لا يطيق الجلوس من كثرة الجوع و العطش و الاسقام، فجعلنا نبكي عليه و يبكي علينا و قال المفيد رحمه الله: قال حميد بن مسلم: فانتهينا إلي علي بن الحسين عليهما السلام و هو منبسط علي فراش و هو شديد المرض، و مع شمر جماعة من الرجالة فقالوا له: ألا نقتل هذا العليل! فقلت: سبحان الله أ تقتل الصبيان إنما هذا صبي و إنه لمابه فلم أزل حتي دفعتهم عنه، و جاء عمربن سعد فصاحت النساء في وجهه و بكين، فقال لاصحابه،: لا يدخل أحد منكم بيوت هؤلاء النساء، و لا تعرضوا لهذا الغلام المريض فسألته النسوة أن يسترجع ما اخذ منهن ليستترن به، فقال: من أخذ من متاعهم شيئا فليرده فو الله مارد احد منهم شيئا، فوكل بالفسطاط و بيوت النساء و علي بن الحسين جماعة ممن كان معه، و قال: احفظوهم لئلا يخرج منهم أحد و لا يساء إليهم [90] .


و قال محمد بن أبي طالب: ثم إن عمربن سعد سرح برأس الحسين عليه السلام يوم عاشورا مع خولي بن يزيد الاصبحي، و حميد بن مسلم إلي ابن زياد ثم أمر برؤوس الباقين من أهله بيته و أصحابه فقطعت و سرح بها مع شمر بن ذي الجوشن إلي الكوفة و أقام ابن سعد يومه ذلك و غده إلي الزوال فجمع قتلاه فصلي عليهم و دفنهم، و ترك الحسين و أصحابه منبوذين بالعراء، فلما ارتحلوا إلي الكوفة عمد أهل الغاضرية من بني أسد، فصلوا عليهم و دفنوهم، و قال ابن شهر آشوب: و كانوا يجدون لاكثرهم قبورا و يرون طيورا بيضا [91] و قال محمد بن أبي طالب: و روي أن رؤوس أصحاب الحسين و أهل بيته كانت ثمانية و سبعين رأسا و اقتسمتها القبائل ليتقربوا بذلك إلي عبيد الله و إلي يزيد، فجاءت كندة بثلاثة عشر رأسا، و صاحبهم قيس بن الاشعث، و جاءت هوازن باثني عشر رأسا، و في رواية ابن شهر آشوب بعشرين و صاحبهم شمر لعنه الله، و جاءت تميم بسبعة عشر رأسا، و في رواية ابن شهر آشوب بتسعة عشر، و جاءت بنو أسد بستة عشر رأسا و في رواية ابن شهر آشوب بتسعة رؤوس، و جاءت مذحج بسبعة رؤوس، و جاءت سائر الناس بثلاثة عشر رأسا، و قال ابن شهر آشوب و جاء سائر الجيش بتسعة رؤوس و لم يذكر مذحج، قال: فذلك سبعون رأسا ثم قال: و جاؤا بالحرم أساري إلا شهربانويه فانها أتلفت نفسها في الفرات و قال ابن شهر آشوب و صاحب المناقب و محمد بن أبي طالب: اختلفوا في عدد المقتولين من أهل البيت عليهم السلام فالأَكثرون علي أنهم كانوا سبعة و عشرين: سبعة من بني عقيل: مسلم المقتول بالكوفة، و جعفر و عبد الرحمن ابنا عقيل، و محمد بن مسلم، و عبد الله بن مسلم، و جعفر بن محمد بن عقيل، و محمد بن أبي سعيد بن عقيل - و زاد ابن شهر آشوب: عونا و محمدا ابني عقيل - و ثلاثة من ولد جعفر بن أبي طالب: محمد بن عبد الله بن جعفر، و عون الاكبر ابن عبد الله و عبيد الله بن عبد الله، و من ولد علي عليه السلام تسعة: الحسين عليه السلام، و العباس، و يقال: و ابنه محمد بن العباس، و عمر بن


علي، و عثمان بن علي، و جعفر بن علي، و إبراهيم بن علي، و عبد الله بن علي الاصغر و محمد بن علي الاصغر و أبو بكر شك في قتله، و أربعة من بني الحسن: أبو بكر، و عبد الله و القاسم، و قيل: بشر، و قيل: عمرو كان صغيرا، و ستة من بني الحسين مع اختلاف فيه: علي الاكبر، و إبراهيم، و عبد الله، و محمد، و حمزة، و علي، و جعفر، و عمر و زيد، و ذبح عبد الله في حجره، و لم يذكر صاحب المناقب إلا عليا و عبد الله و أسقط ابن أبي طالب حمزة و إبراهيم و زيدا و عمر و قال ابن شهر آشوب: و يقال: لم يقتل محمد الاصغر ابن علي عليه السلام لمرضه، و يقال رماه رجل من بني دارم فقتله [92] و قال أبو الفرج: جميع من قتل يوم الطف من ولد أبي طالب سوي من يختلف في أمره اثنان و عشرون رجلا [93] و قال ابن نما رحمه الله: قالت الرواة كنا إذا ذكرنا عند محمد بن علي الباقر عليه السلام قتل الحسين عليه السلام قال: قتلوا سبعة عشر إنسانا كلهم ارتكض في بطن فاطمة يعني بنت أسد ام علي عليهم السلام 3 - أقول: روي الشيخ في المصباح عن عبد الله بن سنان قال: دخلت علي سيدي أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام في يوم عاشورا فألفيته كاسف اللون، ظاهر الحزن و دموعه تنحدر من عينيه، كاللؤلؤ المتساقط، فقلت: يا ابن رسول الله مم بكاؤك لا أبكي الله عينيك؟ فقال لي: أوفي غفلة أنت؟ أما علمت أن الحسين بن علي عليهما السلام اصيب في مثل هذا اليوم؟ قلت: يا سيدي فما قولك في صومه؟ فقال لي: صمه من تبييت، و أفطره من تشميت، و لا تجعله يوم صوم كملا، و ليكن إفطارك بعد صلاة العصر بساعة علي شربة من ماء، فانه في مثل ذلك الوقت من ذلك اليوم تجلت الهيجاء عن آل رسول الله صلي الله عليه و آله و انكشفت الملحمة عنهم، و في الارض منهم ثلاثون صريعا في مواليهم، يعز علي رسول الله مصرعهم، و لو كان في الدنيا يومئذ حيالكان صلوات الله عليه و آله هو المعزي بهم


قال: و بكي أبو عبد الله عليه السلام حتي اخضلت لحيته بدموعه، ثم قال: إن الله عز و جل لما خلق النور خلقه يوم الجمعة في تقديره في أول يوم من شهر رمضان و خلق الظلمة في يوم الاربعاء يوم عاشورا في مثل ذلك اليوم، يعني العاشر من شهر المحرم في تقديره، و جعل لكل منهما شرعة و منهاجا إلي آخر الخبر [94] و روي صاحب المناقب من كتاب بستان الطرف عن الحسن البصري قال: قتل مع الحسين بن علي عليهما السلام ستة عشر من أهل بيته، ما كان لهم علي وجه الارض شبيه، و روي عن الحسن بإسناد آخر سبعة عشر من أهل بيته و قال ابن شهر آشوب: المقتولون من أصحاب الحسين عليه السلام في الحملة الاولي نعيم بن عجلان، و عمران بن كعب بن حارث الاشجعي، و حنظلة بن عمرو الشيباني [95] و قاسط بن زهير، و كنانة بن عتيق، و عمرو بن مشيعة، وضر غامة بن مالك، و عامر بن مسلم، وسيف بن مالك النميري، و عبد الرحمن الارحبي، و مجمع العائذي، و حباب ببن الحارث، و عمرو الجندعي، و الجلاس بن عمرو الراسبي و سوار بن أبي حمير الفهمي، و عمار بن أبي سلامة الدالاني، و النعمان بن عمرو الراسبي و زاهر بن عمرو مولي ابن الحمق، و جبلة بن علي، و مسعود بن الحجاج، و عبد الله بن عروة الغفاري، و زهير بن بشير الخثعمي، و عمار بن حسان، و عبد الله بن عمير، و مسلم بن كثير، و زهير بن سليم، و عبد الله و عبيد الله ابنا زيد البصري، و عشرة من موالي الحسين عليه السلام و اثنان من موالي أمير المؤمنين [96] و لنذكر هنا زيارة أوردها السيد في كتاب الاقبال يشتمل علي أسماء الشهداء و بعض أحوالهم رضوان الله عليهم و أسماء قاتليهم لعنهم الله قال: روينا بإسنادنا إلي جدي أبي جعفر الطوسي، عن محمد بن أحمد بن


عياش، عن الشيخ الصالح أبي منصور بن عبد المنعم بن النعمان البغدادي رحمهم الله قال: خرج من الناحية سنة اثنتين و خمسين و مائتين علي يد الشيخ محمد بن غالب الاصفهاني حين وفاة أبي رحمه الله و كنت حديث السن، و كتبت أستأذن في زيارة مولاي أبي عبد الله عليه السلام و زيارة الشهداء رضوان الله عليهم فخرج إلي منه بسم الله الرحمن الرحيم إذا أردت زيارة الشهداء رضوان الله عليهم فقف عند رجلي الحسين عليه السلام و هو قبر علي بن الحسين عليهما السلام فاستقبل القبلة بوجهك فان هناك حومة الشهداء و أومئ و أشر إلي علي بن الحسين عليهما السلام و قل: السلام عليك يا أول قتيل من نسل خير سليل، من سلالة إبراهيم الخليل، صلي الله عليك و علي أبيك، إذ قال فيك: قتل الله قوما قتلوك يا بني! ما أجرأهم علي الرحمن، و علي انتهاك حرمة الرسول علي الدنيا بعدك العفا، كاني بك بين يديك ماثلا، و للكافرين قاتلا قائلا:



أنا علي بن الحسن بن علي

نحن و بيت الله أولي بالنبي



أطعنكم بالرمح حتي ينثني

أضربكم بالسيف أجمي عن أبي



ضرب غلام هاشمي عربي

و الله لا يحكم فينا ابن الدعي



حتي قضيت نحبك، و لقيت ربك، أشهد أنك أولي بالله و برسوله، وأنك ابن رسوله، و حجته و أمينه و ابن حجته و أمينه حكم الله علي قاتلك مرة بن منقذ بن النعمان العبدي - لعنه الله و أخزاه و من شركه في قتلك، و كانوا عليك ظهيرا، أصلاهم الله جهنم


و ساءت مصيرا، و جعلنا الله من ملاقيك، و مرافقي جدك و أبيك و عمك و أخيك، و أمك المظلومة، و أبرء إلي الله من أعدائك أولي الجحود، و السلام عليك و رحمة الله و بركاته السلام علي عبد الله بن الحسين، الطفل الرضيع، المرمي الصريع المتشحط دما، المصعد دمه في السماء، المذبوح بالسهم في حجر أبيه لعن الله راميه حرملة بن كاهل الاسدي و ذويه السلام علي عبد الله بن أمير المؤمنين، مبلي البلاء، و المنادي بالولاء، في عرصة كربلا، المضروب مقبلا و مدبرا، لعن الله قاتله هانئ بن ثبيت الحضرمي السلام علي أبي الفضل العباس بن أمير المؤمنين، المواسي أخاه بنفسه، الآخذ لغده من أمسه، الفادي له، الواقي الساعي إليه بمائه المقطوعة يداه - لعن الله قاتله يزيد بن الرقاد الجهني، و حكيم بن الطفيل الطائي السلام علي جعفر بن أمير المؤمنين، الصابر بنفسه، محتسبا، و النائي عن الاوطان مغتربا، المستسلم للقتال، المستقدم للنزال، المكثور بالرجال، لعن الله قاتله هانئ بن ثبيت الحضرمي


السلام علي عثمان بن أمير المؤمنين، سمي عثمان بن مظعون، لعن الله راميه بالسهم خولي بن يزيد الاصبحي الايادي، و الاباني الداري [97] السلام علي محمد بن أمير المؤمنين، قتيل الاباني الداري [98] لعنه الله، و ضاعف عليه العذاب الاليم، وصلي الله عليك يا محمد و علي أهل بيتك الصابرين السلام علي أبي بكر بن الحسن بن علي الزكي الولي، المرمي بالسهم الردي، لعن الله قاتله عبد الله بن عقبة الغنوي السلام علي عبد الله بن الحسن الزكي، لعن الله قاتله و راميه حرملة بن كاهل الاسدي السلام علي القاسم بن الحسن بن علي، المضروب (علي) هامته المسلوب لامته، حين نادي الحسين عمه، فجلي عليه عمه كالصقر، و هو يفحص برجليه التراب، و الحسين يقول: بعدا لقوم قتلوك، و من خصمهم يوم القيامة جدك و أبوك ثم قال: عز و الله علي عمك أن تدعوه فلا يجيبك، أوأن يجيبك و أنت قتيل جديل فلا ينفعك، هذا و الله يوم كثر واتره


و قل ناصره جعلني الله معكما يوم جمعكما، و بوأني مبوأ كما، و لعن الله قاتلك عمربن سعد بن (عروة بن) نفيل الازدي، و أ صلاه جحيما، وأعد له عذابا أليما السلام علي عون بن عبد الله بن جعفر الطيار في الجنان، حليف الايمان، و منازل الاقران، الناصح للرحمن، التالي للمثاني و القرآن لعن الله قاتله عبد الله بن قطبة النبهاني السلام علي محمد بن عبد الله بن جعفر، الشاهد مكان أبيه، و التالي لاخيه، و واقيه ببدنه، لعن الله قاتله عامر بن نهشل التميمي السلام علي جعفر بن عقيل، لعن الله قاتله و راميه بشر بن حوط الهمداني السلام علي عبد الرحمن بن عقيل، لعن الله قاتله و راميه عثمان بن خالد بن أشيم الجهني [99] السلام علي القتيل، بن القتيل: عبد الله بن مسلم بن عقيل، و لعن الله قاتله عامر بن صعصعة (و قيل أسد بن مالك) السلام علي أبي عبيد الله بن مسلم بن عقيل، و لعن الله قاتله و راميه عمرو بن صبيح الصيداوي


السلام علي محمد بن أبي سعيد بن عقيل، و لعن الله قاتله لقيط ابن ناشر [100] الجهني السلام علي سليمان مولي الحسين بن أمير المؤمنين، و لعن الله قاتله سليمان بن عوف الحضرمي السلام علي قارب مولي الحسين بن علي السلام علي منجح مولي الحسين بن علي السلام علي مسلم بن عوسجة الاسدي، القائل للحسين و قد أذن له في الانصراف: أنحن نخلي عنك؟ و بم نعتذر عند الله من أداء حقك، لا و الله حتي أكسر في صدورهم رمحي هذا، و أضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي، و لا أفارقك، و لو لم يكن معي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة، و لم أفارقك حتي أموت معك و كنت أول من شري نفسه، و أول شهيد شهد لله و قضي نحبه ففزت و رب الكعبة، شكر الله استقدامك و مواساتك إمامك، إذ مشي إليك و أنت صريع، فقال: يرحمك الله يا مسلم بن عوسجة و قرأ: فمنهم من قضي نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلا لعن الله المشتركين في قتلك: عبد الله الضبابي، و عبد الله بن خشكارة


البجلي، و مسلم بن عبد الله الضبابي السلام علي سعد بن عبد الله الحنفي، القائل للحسين و قد أذن له في الانصراف: لا و الله لا نخليك حتي يعلم الله أنا قد حفظنا غيبة رسول الله صلي الله عليه و آله فيك، و الله لو أعلم أني أقتل ثم أحيا ثم أحرق ثم أذري و يفعل بي ذلك سبعين مرة ما فارقتك، حتي ألقي حمامي دونك و كيف أفعل ذلك و إنما هي موته أو قتلة واحدة، ثم هي بعد ها الكرامة التي لا انقضاء لها أبدا فقد لقيت حمامك، و واسيت إمامك، و لقيت من الله الكرامة في دار المقامة، حشرنا الله معكم في المستشهدين، و رزقنا مرافقتكم في أعلي عليين السلام علي بشر بن عمر الحضرمي، شكر الله لك قولك للحسين و قد أذن لك في الانصراف: أكلتني إذن السباع حيا إن فارقتك و أسأل عنك الركبان، و أخذ لك مع قلة الاعوان، لا يكون هذا أبدا، السلام علي يزيد بن حصين الهمداني المشرقي القاري، المجدل بالمشرفي السلام علي عمربن كعب الانصاري السلام علي نعيم بن عجلان الانصاري


السلام علي زهير بن القين البجلي، القائل للحسين و قد أذن له في الانصراف: لا و الله لا يكون ذلك أبدا، أترك ابن رسول الله أسيرا في يد الاعداء، و أنجو؟ لا أراني الله لك اليوم السلام علي عمرو بن قرظة الانصاري السلام علي حبيب بن مظاهر الاسدي السلام علي الحر بن يزيد الرياحي السلام علي عبد الله بن عمير الكلبي السلام علي نافع بن هلال بن نافع البجلي [101] المرادي السلام علي أنس بن كاهل الاسدي السلام علي قيس بن مسهر الصيداوي السلام علي عبد الله و عبد الرحمن ابني عروة بن حراق الغفار يين السلام علي جون بن حوي مولي أبي ذر الغفاري السلام علي شبيب بن عبد الله النهشلي السلام علي الحجاج بن زيد السعدي السلام علي قاسط و كرش [102] ابني ظهير التغلبيين السلام علي كنانة بن عتيق السلام علي ضرغامة بن مالك


السلام علي حوي بن مالك الضبعي السلام علي عمرو بن ضبيعة (الضبعي) السلام علي زيد بن ثبيت القيسي السلام علي عبد الله و عبيد الله ابني يزيد بن ثبيت القيسي السلام علي عامر بن مسلم السلام علي قعنب بن عمرو التمري السلام علي سالم مولي عامر بن مسلم السلام علي سيف بن مالك السلام علي زهير بن بشر الخثعمي.

السلام علي زيد بن معقل الجعفي السلام علي الحجاج بن مسروق الجعفي.

ّالسلام علي مسعود بن الحجاج و ابنه.

السلام علي مجمع بن عبد الله العائذي.

السلام علي عمار بن حسان بن شريح الطائي السلام علي حباب بن الحارث السلماني الازدي السلام علي جندب بن حجر الخولاني.

السلام علي عمربن خالد الصيداوي.

السلام علي سعيد مولاه.

السلام علي يزيد بن زياد بن مهاصر الكندي.

السلام علي زاهد مولي عمرو بن الحمق الخزاعي.

السلام علي جبلة بن علي الشيباني السلام علي سالم مولي بني المدنية الكلبي.

السلام علي أسلم ابن كثير الازدي الاعرج.

السلام علي زهير بن سليم الازدي


السلام علي قاسم بن حبيب الازدي.

السلام علي عمربن جندب الحضرمي.

السلام علي أبي ثمامة عمربن عبد الله الصائدي.

ّالسلام علي حنظلة بن سعد الشبامي.

السلام علي عبد الرحمن ابن عبد الله بن الكدر الارحبي.

السلام علي عمار بن أبي سلامة الهمداني.

السلام علي عابس [103] بن أبي شبيب الشاكري السلام علي شوذب مولي شاكر.

السلام علي شبيب بن الحارث ابن سريع.

السلام علي مالك بن عبد بن سريع السلام علي الجريح المأسور سوار ابن أبي حمير الفهمي الهمداني السلام علي المرتب معه عمرو بن عبد الله الجندعي السلام عليكم يا خير أنصار.

السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبي الدار، بوأكم الله مبوء الابرار، أشهد لقد كشف الله لكم الغطاء، و مهد لكم الوطاء، و أجزل لكم العطاء، و كنتم عن الحق بطاء.

و أنتم لنافرطاء، و نحن لكم خلطاء في دار البقاء و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


أقول: قوله و قيل لعله من السيد أؤمن بعض الرواة 4 - و قال المسعودي في كتاب مروج الذهب: فعدل الحسين إلي كربلا و هو في مقدار ألف فارس من أهل بيته و أصحابه و نحو مائة راجل فلم يزل يقاتل حتي قتل صلوات الله عليه و كان الذي تولي قتله رجلا من مذحج، و قتل و هو ابن خمس و خمسين سنة، و قيل ابن تسع و خمسين سنة و قيل ذلك، و وجد به عليه السلام يوم قتل ثلاث و ثلاثون طعنة، و أربع و ثلاثون ضربة، و ضرب زرعة بن شريك التميمي لعنه الله كفه اليسري، و طعنه سنان بن أنس النخعي لعنه الله ثم نزل و اجتز رأسه و تولي قتله من أهل الكوفة خاصة لم يحضرهم شامي و كان جميع من قتل معه سبعا و ثمانين، و كان عدة من قتل من أصحاب عمربن سعد في حرب الحسين عليه السلام ثمانية و ثمانين رجلا أقول: و لنوضح بعض مشكلات ما تقدم في هذا الباب قوله عليه السلام: لو لا تقارب الاشياء أي قرب الآجال أو إناطة الاشياء بالاسباب بحسب المصالح أوانه يصير سببا لتقارب الفرج، و غلبة أهل الحق و لما يأت أوانه و في بعض النسخ لو لا تفاوت الاشياء، أي في الفضل و الثواب قوله عليه السلام: فلم يبعد أي من الخير و النجاح و الفلاح، و قد شاع قولهم: بعدا له و أبعده الله، و الاغذاذ في السير الاسراع، و قال الجزري: في حديث أبي قتادة فانطلق الناس لا يلوي أحد علي أحد أي لا يلتفت و لا يعطف عليه و ألوي برأسه و لواه إذا أماله من جانب إلي جانب انتهي و الوله الحيرة، و ذهاب العقل حزنا، و المراد هنا شدة الشوق، و قال الفيروزآبادي: عسل الذئب أو الفرس يعسل عسلانا اضطراب في عدوه وهزرأسه و العسل الناقة السريعة، و أبو عسلة بالكسر الذئب انتهي أي يتقطعها الذئاب الكثيرة العدو السريعة أو الاعم منه و من سائر السباع، و الكرش من الحيوانات كالمعدة من الانسان، و الاجر بة جمع الجراب، و هو الهميان أطلق علي بطونها علي الاستعارة، و لعل المعني أني أصير بحيث يزعم الناس أني أصير كذلك بقرينة


قوله عليه السلام و هي مجموعة له في حظيرة القدس فيكون استعارة تمثيلية أو يقال: نسب إلي نفسه المقدسة ما يعرض لاصحابه أو يقال: إنها تصيرا بتداء إلي أجوافها لشدة الابتلاء ثم تنتزع منها و تجتمع في حظيرة القدس، و يقال: انكمش أي أسرع قوله: كأنما علي رؤوسنا الطير أي بقينا متحيرين لا نتحرك قال الجزري: في صفة الصحابة كأنما علي رؤوسهم الطير، وصفهم بالسكون و الوقار، و أنهم لم يكن فيهم طيش و لا خفة، لان الطير لا تكاد تقع إلا علي شيء ساكن انتهي والتقويض نقض من غير هدم أوهونزع الاعواد و الاطناب، و الارقال ضرب من الخبب، و هو ضرب من العدو، و هوادي الخيل أعناقها قوله كأن أسنتهم اليعاسيب، هو جمع يعسوب أمير النحل شبهها في كثرتها بأن كلا منها: كأنه أمير النحل اجتمع عليه عسكره قال الجزري: في حديث الدجال فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل جمع يعسوب أي تظهر له و تجتمع عنده كما تجتمع النحل علي يعاسيبها انتهي.

و كذا تشبيه الرايات بأجنحة الطير إنما هو في الكثرة و اتصال بعضها ببعض و قال الجوهري: و قولهم هم زهاء مائة أي قدر مائة، قوله عليه السلام و رشفوا الخيل أي اسقوهم قليلا قال الجوهري: الرشف المص، و في المثل الرشف أنقع أي إذا ترشفت الماء قليلا قليلا كان أسكن للعطش، و الطساس بالكسر جمع الطس و هو لغة في الطست، و لا تغفل عن كرمه عليه الصلاة و السلام حيث أمر بسقي رجال المخالفين و دوابهم قوله: و الراوية عندي السقاية أي كنت أظن أن مراده عليه السلام بالرواية المزادة التي يسقي به، و لم أعرف أنها تطلق علي البعير، فصرح عليه السلام بذكر الجمل قال الفيروزآبادي: الراوية المزادة فيها الماء، و البعير و البغل و الحمار يستقي عليه و قال الجزري: فيه نهي عن اختناث الاسقية، خنثت السقاء إذا ثنيت فمه إلي خارج و شربت منه و قبعته إذا ثنيته إلي داخل، و الخميس: الجيش، و الوغي: الحرب و العرمرم الجيش الكثير، و الباتر السيف القاطع، و قال الجوهري الجعجعة:


الحبس، و كتب عبيد الله بن زياد إلي عمربن سعد أن جعجع بحسين عليه السلام، قال الاصمعي: يعني احبسه، و قال ابن الاعرابي: يعني ضيق عليه، و قال: العراء بالمد الفضاء لاستربه، قال الله تعالي: لنبذبالعراء و يقال مالي به قبل بكسر القاف أي طاقة و الصبابة بالضم البقية من الماء في الانآء و قال الجوهري: الوبلة بالتحريك الثقل و الوخامة، و قد و بل المرتع و بلا و بالافهووبيل أي وخيم، و البرم بالتحريك ما يوجب السامة و الضجر و الوثير الفراش الوطيئ اللين، و الخمير الخبز البائت، و الفتك أن يأتي الرجل صاحبه و هو غار غافل حتي يشد عليه فيقتله و قال البيضاوي في قوله تعالي: و لات حين مناص أي ليس الحين حين مناص و لا هي المشبهة بليس، زيدت عليها تاء التأنيث للتأكيد كما زيدت علي رب و ثم و خصت بلزوم الاحيان و حذف أحد المعمولين و قيل هي النافية للجنس أي و لا حين مناص لهم، و قيل: للفعل، و النصب باضماره، أي و لا أري حين مناص و المناص المنجا قوله قد خشيت: أي ظننت أو علمت، و كبد السماء وسطها، و البغر بالتحريك داء و عطش، قال الاصمعي: هو عطش يأخذ الابل فتشرب فلا تروي و تمرض عنه فتموت، تقول منه بغر بالكسر، و الزحف المشي ء، المناجرة المبارزة و المقاتلة، و الثمال بالكسر الغياث، يقال: فلان ثمال قومه أي غياث لهم يقوم بأمرهم، و يقال: حلات الابل عن الماء تحلئة إذا طردتها عنه و منعتها أن ترده قاله الجوهري: و قال: تقول تبا لفلان، تنصبه علي المصدر بإضمار فعل أي ألزمه الله هلاكا و خسرانا، و الترح بالتحريك، ضد الفرح، و المستصرخ: المستغيث و حششت النار أحشها حشا أوقدتها قوله: جناها أي أخذها و جمع حطبها، و في رواية السيد: فأصرخنا كم موجفين سللتم علينا سيفا لنا في أيمانكم، و حششتم علينا نارا اقتدحناها علي عدوكم وعدونا


و قال الجوهري: ألبت الجيش إذا جمعته، و تألبوا تجمعوا، و هم ألب و إلب إذا كانوا مجتمعين، و تفيل رأيه أخطأ و ضعف، و الجأش رواغ القلب إذا اضطرب عند الفزع، و نفس الانسان، و قد لا يهمز قوله عليه السلام: طامن أي ساكن مطمئن، و استحصف الشيء استحكم، و شذاذ الناس الذين يكونون في القوم و ليسوا من قبائلهم قوله عليه السلام: و نفثة الشيطان أي ينفث فيهم الشيطان بالوساوس أوأنهم شرك شيطان، قال الفيروزآبادي: نفث ينفث و ينفث و هو كالنفخ و نفث الشيطان الشعر و النفاثة ككناسة ماينفثه المصدور من فيه، و الشطيبة من السواك تبقي في الفم فتنفث و في تحف العقول بقية الشيطان قوله عليه السلام: جعلوا القرآن عضين قال الجوهري: هو من عضوته أي فرقته لان المشركين فرقوا أقاويلهم (فيه) فجعلوه كذبا و سحرا و كهانة و شعرا و قيل أصله عضهة لان العضة والعضين في لغة قريش السحر قوله عليه السلام: قد ركز أي أقامنا بين الامرين من قولهم ركز الرمح أي غرزه في الارض و في رواية السيد و التحف ركن بالنون أي مال و سكن إلينا بهذين و الاظهر تركني كما في الاحتجاج و القلة قلة العدد بالقتل، و في رواية السيد و الاحتجاج السلة و هي بالفتح و الكسر؟؟ السيوف، و هو أظهر قوله: فغير مهزمينا علي صيغة المفعول أي إن أرادوا أن يهزمونا فلانهزم أو إن هزمونا و أبعدونا فليس علي وجه الهزيمة، بل علي جهة المصلحة و الاول أظهر، و الطب بالكسر العادة و الحاصل أنا لم نقتل بسبب الجبن فإنه ليس من عادتنا و لكن بسبب أن حضر وقت منايانا و دولة الآخرين قوله عليه السلام: إلا ريثما يركب أي إلا قدر ما يركب، و طاح يطوح و يطيح هلك و سقط، و الهبل بالتحريك مصدر قولك هبلته امه أي ثكلته، و الكل الصدر و في بعض النسخ بكظمه، و هو بالتحريك مخرج النفس، و هو أظهر، و الزئير صوت الاسد في صدره


قوله: - لعنه الله - مزني أي رمح مزني، و كعوب الرمح: النواشز في أطراف الانابيب، و عدم خيانتها كناية عن كثرة نفوذها و عدم كلالها و الغراران: شفرتا السيف، و الحاسر الذي لا مغفر عليه و لا درع، ويو م قماطر بالضم شديد، قوله هنه الهاء للسكت، و كذا في قوله فاجهدنه، و فارغبنه و رجل مدجج أي شاك في السلاح و يقال عرج فلان علي المنزل إذا حبس مطيته عليه و أقام، و كذلك التعرج ذكره الجوهري، و قال: قال أبو عمرو: الازل الخفيف الوركين و السمع الازل الذئب الارسح يتولد بين الذئب و الضبع، و هذه الصفة لازمة له كما يقال الضبع العرجاء، و في المثل هو أسمع من الذئب الازل [104] و اللبد بكسر اللام و فتح الباء جمع الليدة، و هي الشعر المتراكب بين كتفي الاسد، و يقال للاسد: ذولبد قوله: لا نعمتك عينا أي نعم أفعل ذلك إكراما لك و إنعاما لعينك، و شب الفرس يشب و يشب شبابا و شبيبا إذا قمص و لعب، و أشببته أنا: إذا هيجته و احتوش القوم علي فلان أي جعلوه وسطهم و قال الجوهري: قولهم فلان حامي الذمار أي إذا ذمر و غضب حمي و فلان أمنع ذمارا من فلان، و يقال: الذمار ماوراء الرجل مما يحق عليه أن يحميه، قوله: شاري أي شري نفسه و باعها بالجنة، و المهند السيف المطبوع من حديد الهند، وأصلت سيفه أي جرده من غمده، فهو مصلت و ضربه بالسيف صلتا وصلنا إذا ضربه به، و هو مصلت، و الباسل: البطل الشجاع، و الفيصل الحاكم


و القضاء بين الحق و الباطل، و الولولة الاعوال، و الاشبل جمع الشبل ولد الاسد و الغيار بالكسر من الغيرة أو الغارة و قد يكون بمعني الدخول في الشيء، و العضب بالفتح السيف القاطع و قال الجوهري: سيف ذكر و مذكر أي ذو ماء قال أبو عبيد: هي سيوف شفراتها حديد ذكر، و متونها أنيث، قال: و يقول الناس إنها من عمل الجن و دودان بن أسد أبو قبيلة قوله: بطعن آن أي حار شديد الحرارة، و يقال: أرهفت سيفي أي رققته فهومرهف، و الاسمر: الرمح، و السطاع لعله من سطوع الغبار، و الكمي الشجاع المتكمي في سلاحه لانه كمي نفسه أي سترها بالدرع و البيضة و القرم السيد، و الاكتاد جمع الكتد، و هو ما بين الكاهل إلي الظهر و الآدالقوة، و الا خفاق: لعله جمع الخفق بمعني الاضطراب أو الخفق بمعني ضربك الشيء بدرة أو عريض، أو صوت النعل أؤمن أخفق الطائر ضرب بجناحيه و الرشق الرمي بالنبل و غيره و بالكسر الاسم، و الخور الضعف و الجبن، و الشلو بالكسر العضو من أعضاء اللحم، و أشلاء الانسان أعضاؤه بعد البلي و التفرق قوله: من عامه أي متحير ضال، و لعله بيان لا بن هند، و العجاجة الغبار، و الذوائب جمع الذؤابة و هي من العز و الشرف و كل شيء: أعلاه، و الصوب نزول المطر، و المزن جمع المزنة و هي السحابة البيضاء، و الفلقة بالكسر القطعة و أسد حرب بكسر الراء أي شديد الغضب قوله: فأطنها أي قطعها، و الضرغام بالكسر الاسد، و قال الجزري فيه: و اقتلهم بددا يروي بكسر الباء جمع بده و هي الحصة و النصيب أي اقتلهم حصصا مقسمة لكل واحد حصته و نصيبه، و يروي بالفتح أي متفرقين في القتل واحدا بعد واحد من التبديد انتهي و القسورة العزيز و الاسد، و الرماة، و الرماة من الصيادين و يقال: أجحرته أي ألجأته إلي أن دخل جحره فانجحر قوله عليه السلام: إذا الموت رقا أي سعد كناية عن الكثرة أو القرب و الاشراف


و في بعض النسخ زقا بالزاء المعجمة أي صاح، و المصاليت جمع المصلات و هو الرجل الماضي في الامور، و اللقا بالفتح الشيء الملقي لهوانه، و قال الجوهري: القدة الطريقة و الفرقة من الناس إذا كان هوي كل واحد علي حدة، يقال: كنا طرائق قددا و قال الجوهري: العفاء بالفتح و المد التراب، و قال صفوان بن محرز: إذا دخلت بيتي فأكلت رغيفا و شربت عليه ماء فعلي الدنيا العفاء و قال أبو عبيدة: العفاء الدروس و الهلاك، قال: و هذا كقولهم عليه الدبار إذا دعا عليه أن يدبرفلايرجع و التذبذب التحرك، و الوكوف القطرات، و الهطل تتابع المطر، و الفيلق بفتح الفآء و اللام الجيش، و الورد بالفتح الاسد، و الجحفل الجيش، و نفحه بالسيف تناوله من بعيد، و في بعض النسخ بعجه، من قولهم بعج بطنه بالسكين إذا شقه و قال الجوهري: البقع في الطير و الكلاب بمنزلة البلق في الدواب، و الرفس الضرب بالرجل، و سفت الريح التراب تسفيه سفيا أذرته، و اليعبوب الفرس الكثير الجري، و شددنا أسرة أي خلقه، و الجناجن عظام الصدر 5 - ني: ابن عقدة، عن جعفر بن عبد الله المحمدي، عن التفليسي، عن السمندي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام أنه قال: المؤمنون يبتلون ثم يميزهم الله عنده، إن الله لم يؤمن المؤمنين من بلاء الدنيا و مرائرها، و لكن آمنهم من العمي و الشقاء في الآخرة، ثم قال: كان الحسين بن علي عليهما السلام يضع قتلاه بعضهم علي بعض، ثم يقول: قتلانا قتلي النبيين و آل النبيين [105] 6 - يج/: سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن فضل، عن سعد الجلاب عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال الحسين عليه السلام لاصحابه قبل أن يقتل: إن رسول الله صلي الله عليه و آله قال لي: يا بني إنك ستساق إلي العراق، و هي أرض قد التقي بها النبيون و أوصياء النبيين، و هي أرض تدعي عمورا، وإنك تستشهد بها و يستشهد معك جماعة من أصحابك لا يجدون ألم مس الحديد، و تلا: قلنا يا نار


كوني بردا و سلاما علي إبراهيم [106] يكون الحرب بردا و سلاما عليك و عليهم فأبشروا فو الله لئن قتلونا فانا نرد علي نبينا قال: ثم أمكث ما شاء الله فأكون أول من ينشق الارض عنه، فأخرج خرجة يوافق ذلك خرجة أمير المؤمنين، و قيام قائمنا (و حياة رسول الله) صلي الله عليه و آله ثم لينزلن علي وفد من السماء من عند الله، لم ينزلوا إلي الارض قط، و لينزلن إلي جبرئيل و ميكائيل و إسرافيل، و جنود من الملائكة، و لينزلن محمد و علي و أنا وأخي و جميع من من الله عليه في حمولات من حمولات الرب: جمال من نور لم يركبها مخلوق ثم ليهزن محمد صلي الله عليه و آله لواءه، و ليدفعه إلي قائمنا مع سيفه ثم إنا نمكث من بعد ذلك ما شاء الله ثم إن الله يخرج من مسجد الكوفة عينا، من دهن، وعينا من ماء، وعينا من لبن، ثم إن أمير المؤمنين يدفع إلي سيف رسول الله صلي الله عليه و آله و يبعثني إلي المشرق و المغرب، فلا آتي علي عدو لله إلا أهرقت دمه، و لا أدع صنما إلا أحرقته، حتي أفع إلي الهند فأفتحها، و إن دانيال و يوشع يخرجان إلي أمير المؤمنين عليه السلام يقولان: صدق الله و رسوله، و يبعث معهما إلي البصرة سبعين رجلا فيقتلون مقاتليهم، و يبعث بعثا إلي الروم، فيفتح الله لهم ثم لاقتلن كل دابة حرم الله لحمها، حتي لا يكون علي وجه الارض إلا الطيب، و أعرض علي اليهود و النصاري و سائر الملل، و لاخيرنهم بين الاسلام و السيف، فمن أسلم مننت عليه، و من كره الاسلام أهرق الله دمه، و لا يبقي رجل من شيعتنا إلا أنزل الله إليه ملكا يمسح عن وجهه التراب، و يعرفه أزواجه و منزلته في الجنة، و لا يبقي علي وجه الارض أعمي، و لا مقعد، و لا مبتلي إلا كشف الله عنه بلاءه بنا أهل البيت و لينزلن البركة من السماء إلي الارض حتي أن الشجرة التقصف بما يزيد الله فيها من الثمرة، و لتأكلن ثمرة الشتاء في الصيف، و ثمرة الصيف في الشتاء، و ذلك قوله عز و جل: و لو أن أهل الكتاب آمنوا و اتقوا لفتحنا عليهم


بركات من السماء و الارض و لكن كذبوا فأخذنا هم بما كانوا يكسبون [107] ثم إن الله ليهب لشيعتنا كرامة لا يخفي عليهم شيء في الارض و ما كان فيها حتي أن الرجل منهم يريد أن يعلم علم أهل بيته فيخبرهم بعلم ما يعملون بيان: لتقصف أي تنكسر أغصانها لكثرة ما حملت من الثمرة 7 - لي: أبي، عن سعد، عن ابن عيسي، عن محمد البرقي، عن داود بن أبي يزيد، عن أبي الجارود، و ابن بكير، و بريد بن معاوية العجلي، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: اصيب الحسين بن علي عليه السلام و وجد به ثلاثمائة و بضعة و عشرون طعنة برمح أو ضربة بسيف أو رمية بسهم، فروي أنها كانت كلها في مقدمه لانه عليه السلام كان لا يولي [108] 8 - ما: أحمد بن عبدون، عن علي بن محمد بن الزبير، عن علي بن فضال عن العباس بن عامر، عن أبي عمارة، عن معاذ بن مسلم قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: وجد بالحسين بن علي عليها السلام نيف و سبعون طعنة و نيف و سبعون ضربة بالسيف، صلوات الله عليه 9 - لي: ابن المتوكل، عن السعدآبادي، عن البرقي، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود: زياد بن المنذر، عن عبد الله بن الحسن [109] عن امه فاطمة بنت الحسين عليه السلام قال: دخلت العامة [110] علينا الفسطاط و أنا جارية صغيرة و في رجلي خلخالان من ذهب، فجعل رجل يفض الخلخالين من رجلي و هو يبكي فقلت: ما يبكيك يا عدو الله؟ فقال: كيف لا أبكي و أنا أسلب ابنة رسول الله فقلت: لا تسلبني قال: أخاف أن يجيئ غيري فيأخذه، قالت: و انتهبوا ما في الابنية حتي كانوا ينزعون الملاحف عن ظهورنا


10 - ج: عن مصعب بن عبد الله قال: لمااستكف الناس بالحسين عليه السلام ركب فرسه و استنصت الناس فحمد الله و أثني عليه ثم قال: تبالكم أيتها الجماعة و ترحا، و بؤسا لكم و تعسا حين استصرختمونا ولهين، فأصرخناكم موجفين، فشحذتم علينا سيفا كان في أيدينا، و حششتم علينا نارا أضرمناها علي عدوكم وعدونا فأصبحتم ألبا علي أوليائكم، و يدا لاعدائكم، من عدل أفشوه فيكم، و لا أمل أصبح لكم فيهم، و لا ذنب كان منا إليكم فهلا - لكم الويلات - إذكر هتمونا و السيف مشيم، و الجأش طامن، و الرأي لم يستحصف و لكنكم استسر عتم إلي بيعتنا كطيرة الدبي [111] ، و تهافتم إليها كتهافت الفراش، ثم نقضتموها سفها و ضلة، بعدا و سحقا لطواغيت هذه الامة، و بقية الاحزاب، و نبذة الكتاب، و مطفئ السنن، و مواخئ المستهزئين، الذين جعلوا القرآن عضين، و عصاة الامم، و ملحق العهرة بالنسب، لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم و في العذاب هم خالدون أ فهؤلاء تعضدون؟ و عنا تتخاذلون؟ أجل و الله الخذل فيكم معروف، نبتت عليه أصولكم و تأزرت عليه عروقكم، فكنتم أخبث شجر للناظر، و أكلة للغاصب ألا لعنة الله علي الظالمين الناكثين الذين ينقضون الايمان بعد توكيدها و قد جعلتم الله عليكم كفيلا ألا و إن الدعي ابن الدعي قد تركني بين السلة و الذلة، و هيهات له ذلك، هيهات مني الذلة؟ أبي الله ذلك و رسوله و المؤمنون، و جدود طهرت، و حجور طابت، أن نؤثر طاعة اللئام علي مصارع الكرام، ألا و إني زاحف بهذه الاسرة علي قلة العدد، و كثرة العدو، و خذلة الناصر، ثم تمثل فقال:



فان نهزم فهزامون قدما

و إن نهزم فغير مهزمينا



بيان: يقال: شمت السيف أغمدته، و شمته سللته و هو من الاضداد [112] .


11 - فس: أبي، عن النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لقي المنهال بن عمرو علي بن الحسين بن علي عليهم السلام فقال له: كيف أصبحت يا ابن رسول الله؟ قال: ويحك أما آن لك أن تعلم كيف أصبحت؟ أصبحنا في قومنا مثل بني إسرائيل في آل فرعون، يذبحون أبناءنا و يستحيون نساءنا، و أصبح خير البرية بعد محمد يلعن علي المنابر، و أصبح عدونا يعطي المال و الشرف، و أصبح من يحبنا محقورا منقوصا حقه، و كذلك لم يزل المؤمنون، و أصبحت العجم تعرف للعرب حقها بأن محمدا كان منها، و أصبحت العرب تعرف لقريش حقها بأن محمدا كان منها، و أصبحت قريش تفتخر علي العرب بأن محمدا كان منها، و أصبحت العرب تفتخر علي العجم بأن محمدا كان منها، و أصبحنا أهل بيت محمد لا يعرف لنا حق؟ فهكذا أصبحنا 12 - ثو: ابن إدريس، عن أبيه، عن الاشعري، عن محمد بن إسماعيل، عن علي ابن الحكم، عن أبيه، عن أبي الجارود، عن عمرو بن قيس المشرقي قال: دخلت علي الحسين صلوات الله عليه أنا و ابن عم لي و هو في قصر بني مقاتل فسلمنا عليه فقال له ابن عمي: يا أبا عبد الله هذا الذي أري خضاب أو شعرك؟ فقال: خضاب و الشيب إلينا بني هاشم يعجل ثم أقبل علينا فقال: جئتما لنصرتي؟ فقلت: إني رجل كبير السن كثير الدين كثير العيال، و في يدي بضائع الناس، و لا أدري ما يكون و أكره أن اضيع أمانتي، و قال له ابن عمي مثل ذلك، قال لنا: فانطلقا فلاتسمعالي واعية، و لاتريالي سوادا، فانه من سمع واعيتنا أو رأي سوادنا فلم يجبنا و لم يغثنا، كان حقا علي الله عز و جل أن يكبه علي منخريه في النار كش: وجدت بخط محمد بن عمر السمرقندي و حدثني بعض الثقات عن الاشعري مثله [113] 13 - ير: أيوب بن نوح، عن صفوان، عن مروان بن إسماعيل، عن حمزة ابن حمران، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ذكرنا خروج الحسين و تخلف ابن الحنفية


عنه قال: قال أبو عبد الله: يا حمزة إني ساحدثك في هذا الحديث و لا تسأل عنه بعد مجلسنا هذا إن الحسين لما فصل متوجها دعا بقرطاس و كتب: بسم الله الرحمن الرحيم من الحسين بن علي إلي بني هاشم أما بعد فانه من لحق بي منكم استشهد معي، و من تخلف لم يبلغ الفتح و السلام [114] 14 - كا: علي، عن أبيه، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل، عن حماد بن عيسي، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الحسين بن علي عليهما السلام خرج قبل التروية بيوم إلي العراق، و قد كان دخل معتمرا 15 - كا: علي بن إبراهيم، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس، عن معاوية ابن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن المتمتع مرتبط بالحج، و المعتمر إذا فرغ منها ذهب حيث شاء، و قد اعتمر الحسين في ذي الحجة ثم راح يوم التروية إلي العراق، و الناس يروحون إلي مني، و لا بأس بالعمرة في ذي الحجة لمن لا يريد الحج [115] 16 - مل: أبي، و ابن الوليد معا، عن سعد، عن محمد بن أبي الصهبان، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن فضيل الرسان، عن أبي سعيد عقيصا قال: سمعت الحسين بن علي عليهما السلام و خلا به عبد الله بن الزبير فناجاه طويلا قال: ثم أقبل الحسين عليه السلام بوجهه إليهم، و قال: إن هذا يقول لي كن حماما من حمام الحرم، و لان اقتل و بيني و بين الحرم باع أحب إلي من أن اقتل و بيني و بينه شبر، و لان اقتل بالطف أحب إلي من أن اقتل بالحرم [116] 17 - مل: أبي، و ابن الوليد معا، عن سعد، عن محمد بن الحسين، عن صفوان، عن داود بن فرقد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال عبد الله بن الزبير للحسين ابن علي عليهما السلام: لو جئت إلي مكة فكنت بالحرم؟ فقال الحسين بن علي عليهما السلام: لا


نستحلها، و لا تستحل بنا، و لان اقتل علي تل أعفر أحب إلي من أن اقتل بها بيان: قال الجوهري: الاعفر الرمل الاحمر، والاعفرالابيض، و ليس بالشديد البياض انتهي، و قال المسعودي: تل أعفر موضع من بلاد ديار ربيعة 18 - مل: أبي، و ابن الوليد، عن سعد، عن أحمد بن محمد، عن علي ابن الحكم، عن أبيه، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الحسين عليه السلام خرج من مكة قبل التروية بيوم، فشيعه عبد الله بن الزبير فقال: يا ابا عبد الله قد حضر الحج و تدعه و تأتي العراق؟ فقال: يا ابن الزبير لان ادفن بشاطئ الفرات أحب إلي من أن ادفن بفناء الكعبة 19 - مل: أبي، عن سعد، عن علي بن إسماعيل، عن صفوان، عن الحسين ابن أبي العلا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الحسين بن علي عليهما السلام قال لاصحابه يوم اصيبوا: أشهد أنه قد أذن في قتلكم فاتقوا الله و اصبروا مل: محمد بن جعفر، عن خاله ابن أبي الخطاب، عن علي بن النعمان، عن الحسين بن أبي العلامثله 20 - مل: الحسن بن عبد الله بن محمد، عن أبيه (عن محمد بن عيسي) عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن الحلبي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن الحسين عليه السلام صلي بأصحابه الغداة ثم التفت إليهم فقال: إن الله قد أذن في قتلكم فعليكم بالصبر بيان: أي قدر قتلكم في علمه تعالي [117] 21 - مل: الحسن، عن أبيه: عبد الله بن محمد، (عن محمد بن عيسي) [118] عن


صفوان، عن يعقوب بن شعيب، عن حسين بن أبي العلا قال: قال: و الذي رفع إليه العرش لقد حدثني أبوك بأصحاب الحسين لا ينقصون رجلا و لا يزيدون رجلا تعتدي بهم هذه الامة كما اعتدت بنو إسرائيل و قتل يوم السبت يوم عاشوراء أقول: هكذا وجدنا الخبر و لعله سقط منه شيء 22 - مل: أبي و جماعة مشايخي، عن ابن عيسي، عن الاهوازي، عن النضر، عن يحيي بن عمران الحلبي، عن الحسين بن أبي العلا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الحسين صلي بأصحابه يوم اصيبوا ثم قال: أشهد أنه قد أذن في قتلكم يا قوم فاتقوا الله و اصبروا 23 - مل: أبي و جماعة مشايخي، عن سعد، عن علي بن إسماعيل و ابن أبي الخطاب معا، عن محمد بن عمرو بن سعيد، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كتب الحسين بن علي عليه السلام من مكة إلي محمد بن علي: بسم الله الرحمن الرحيم من الحسين بن علي إلي محمد بن علي و من قبله من بني هاشم أما بعد فان من لحق بي استشهد، و من لم يلحق بي لم يدرك الفتح و السلام قال محمد بن عمرو: و حدثني كرام عبد الكريم بن عمرو، عن ميسر بن عبد العزيز، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كتب الحسين بن علي إلي محمد بن علي من كربلا بسم الله الرحمن الرحيم من الحسين بن علي إلي محمد بن علي و من قبله من بني هاشم أما بعد فكأن الدنيا لم تكن، وكأن الآخرة لم تزل و السلام [119] 24 - مل: جماعة مشايخي منهم علي بن الحسين و محمد بن الحسن، عن سعد عن أحمد بن محمد و محمد بن الحسين و إبراهيم بن هاشم جميعا، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن ابن عبد ربه، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: لما صعد الحسين بن علي عليه السلام عقبة البطن قال لاصحابه: ما أراني إلا مقتولا، قالوا: و ما ذاك يا أبا عبد الله؟ قال: رؤيا رأيتها في المنام، قالوا: و ما هي؟ قال: رأيت كلابا تنهشني


أشدها علي كلب أبقع 25 - مل: محمد بن جعفر الرزاز، عن ابن أبي الخطاب، عن محمد بن يحيي الخثعمي، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن جده، عن الحسين ابن علي عليهم السلام قال: قال: و الذي نفس حسين بيده لا يهنئ بني أمية ملكهم حتي يقتلوني، و هم قاتلي، فلوقدقتلوني لم يصلوا جميعا أبدا، و لم يأخذوا عطاء في سبيل الله جميعا أبدا، إن أول قتيل هذه الامة أنا و أهل بيتي، و الذي نفس حسين بيده لا تقوم الساعة و علي الارض هاشمي يطرف مل: أبي، عن سعد، عن ابن عيسي، عن محمد بن يحيي الخزاز، عن طلحة عن جعفر عليه السلام مثله بيان: لعل المعني: لم يوفق الناس للصلاة جماعة [120] مع إمام الحق و لا أخذ الزكاة و حقوق الله علي ما يحب الله إلي قيام القائم عليه السلام و آخر الخبر إشارة إلي ما يصيب بني هاشم من الفتن في آخر الزمان 26 - مل: أبي و جماعة مشايخي، عن سعد، عن محمد بن يحيي المعاذي، عن الحسن بن موسي الاصم، عن عمرو، عن جابر، عن محمد بن علي عليه السلام قال: لما هم الحسين بالشخوص إلي المدينة أقبلت نساء بني عبد المطلب، فاجتمعن للنياحة حتي مشي فيهن الحسين عليه السلام، فقال: أنشدكن الله، أن تبدين هذا الامر معصية لله و لرسوله، قالت له نساء بني عبد المطلب: فلمن نستبقي النياحة و البكاء، فهو عندنا كيوم مات رسول الله صلي الله عليه و آله و علي و فاطمة و رقية و زينب وام كلثوم، فننشدك الله جعلنا الله فداك من الموت فيا حبيب الابرار من أهل القبور و أقبلت بعض عماته تبكي و تقول: أشهد يا حسين لقد سمعت الجن ناحت بنوحك، و هم يقولون:



و إن قتيل الطف من آل هاشم

أذل رقابا من قريش فذلت



حبيب رسول الله لم يك فاحشا

أبانت مصيبتك الانوف وجلت




و قلن أيضا:



بكوا حسينا سيدا و لقتله شاب الشعر

و لقتله زلزلتم و لقتله انكسف القمر



و احمرت آفاق السماء من العشية و السحر

و تغيرت شمس البلاد بهم و أظلمت الكور



ذاك ابن فاطمة المصاب به الخلائق و البشر

أورثتنا ذلا به جدع الانوف مع الغرر [121] .



27 - يج/: من معجزاته صلوات الله عليه أنه لما أراد العراق قالت له ام سلمة: لا تخرج إلي العراق، فقد سمعت رسول الله يقول: يقتل ابني الحسين بأرض العراق، و عندي تربة دفعها إلي في قارورة، فقال: إني و الله مقتول كذلك و إن لم أخرج إلي العراق يقتلوني أيضا و إن أحببت أن أراك مضجعي و مصرع أصحابي، ثم مسح بيده علي وجهها ففسح الله عن بصرها حتي رأيا ذلك كله و أخذ تربة فأعطاها من تلك التربة أيضا في قارورة اخري و قال عليه السلام: إذا فاضت دما فاعلمي أني قتلت فقالت ام سلمة: فلما كان يوم عاشورا نظرت إلي القارورتين بعد الظهر فاذا هما قد فاضتادما، فصاحت [122] و لم يقلب في ذلك اليوم حجر و لا مدر إلا وجد تحته دم عبيط و منها، ما روي عن زين العابدين عليه السلام أنه قال: لما كانت الليلة التي قتل الحسين في صبيحتها قام في أصحابه فقال عليه السلام: إن هؤلاء يريدوني دونكم، و لو قتلوني لم يصلوا إليكم، فالنجاء النجاء، و أنتم في حل فانكم إن أصبحتم معي قتلتم كلكم، فقالوا: لا نخذلك، و لا نختار العيش بعدك، فقال عليه السلام: إنكم تقتلون كلكم حتي لا يفلت منكم أحد، فكان كما قال عليه السلام 28 - شا: روي سفيان بن عيينة، عن علي بن زيد، عن علي بن الحسين عليهما السلام


قال: خرجنا مع الحسين فما نزل منزلا و ما ارتحل منه إلا ذكر يحيي بن زكريا و قتله، و قال يوما: و من هوان الدنيا علي الله عز و جل أن رأس يحيي بن زكريا اهدي إلي بغي من بغايا بني إسرائيل و مضي الحسين عليه السلام في يوم السبت العاشر من المحرم سنة إحدي و ستين من الهجرة، بعد صلاة الظهر منه قتيلا مظلوما ظمآن صابرا محتسبا، و سنه يومئذ ثمان و خمسون سنة، أقام بها مع جده سبع سنين، و مع أبيه أمير المؤمنين ثلاثين سنة [123] و مع أخيه الحسن عشر سنين، و كانت مدة خلافته بعد أخيه أحد عشر سنة و كان عليه السلام يخضب بالحناء و الكتم، و قتل عليه السلام و قد نصل [124] الخضاب من عارضيه [125] 29 - م: قال الامام عليه السلام: و لما امتحن الحسين عليه السلام و من معه بالعسكر الذين قتلوه، و حملوا رأسه، قال لعسكره: أنتم في حل من بيعتي، فألحقوا بعشائركم و مواليكم، و قال لاهل بيته: قد جعلتكم في حل من مفارقتي فانكم لا تطيقونهم لتضاعف أعدادهم و قواهم، و خراسانيان غيري فدعوني و القوم، فان الله عز و جل يعينني و لا يخليني من حسن نظره، كعاداته في أسلافنا الطيبين، فأما عسكره ففارقوه، و أما أهله الادنون من أقربائه فأبوا و قالوا: لا نفارقك، و يحزننا ما يحزنك، و يصيبنا ما يصيبك، و إنا أقرب ما نكون إلي الله إذا كنا معك فقال لهم: فان كنتم قد وطنتم أنفسكم علي ما وطنت نفسي عليه، فاعلموا أن الله إنما يهب المنازل الشريفة لعباده باحتمال المكاره، و إن الله و إن كان خصني - مع من مضي من أهلي الذين إنا آخرهم بقاء في الدنيا - من الكرامات بما يسهل علي معها احتمال المكروهات، فان لكم شطر ذلك من كرامات الله تعالي


و اعلموا أن الدنيا حلوها و مرها حلم، و الانتباه في الآخرة، و الفائز من فاز فيها، و الشقي من شقي فيها أقول: تمامه في أبواب أحوال آدم عليه السلام 30 - كتاب النوادر لعلي بن اسباط: عن بعض أصحابه رواه قال: إن أبا جعفر عليه السلام قال: كان أبي مبطونا يوم قتل أبوه صلوات الله عليهما و كان في الخيمة و كنت أري موالينا كيف يختلفون معه، يتبعونه بالماء يشد علي الميمنة مرة و علي الميسرة مرة، و علي القلب مرة، و لقد قتلوه قتلة نهي رسول الله صلي الله عليه و آله أن يقتل بها الكلاب، لقد قتل بالسيف، و السنان، و بالحجارة، و بالخشب، و بالعصا و لقد أوطأوه الخيل بعد ذلك 31 - قب: الحسن البصري وام سلمة: إن الحسن و الحسين دخلا علي رسول الله صلي الله عليه و آله و بين يديه جبرئيل فجعلا يدوران حوله، يشبهانه بدحية الكلبي فجعل جبرئيل يؤمئ بيده كالمتناول شيئا فإذا في يده تفاحة و سفر جلة و رمانة فناولهما و تهللت وجوههما، و سعيا إلي جدهما فأخذ منهما فشمها، ثم قال: صيرا إلي أمكما بما معكما، و بدوكما بأبيكما أعجب، فصارا كما أمرهما فلم يأكلوا حتي صار النبي إليهم فأكلوا جميعا فلم يزل كلما أكل منه عاد إلي ما كان حتي قبض رسول الله صلي الله عليه و آله قال الحسين عليه السلام: فلم يلحقه التغيير و النقصان أيام فاطمة بنت رسول الله حتي توفيت فلما توفيت فقدنا الرمان، و بقي التفاح و السفر جل أيام أبي، فلما استشهد أمير المؤمنين فقد السفر جل، و بقي التفاح علي هيئته عند الحسن، حتي مات في سمه، و بقيت التفاحة إلي الوقت الذي حوصرت عن الماء فكنت أشمها إذا عطشت، فيسكن لهب عطشي، فلما اشتد علي العطش عضضتها و أيقنت بالفناء قال علي بن الحسين عليهما السلام: سمعته يقول ذلك قبل مقتله بساعة، فلما قضي نحبه وجد ريحها في مصرعه فالتمست فلم ير لها أثر، فبقي ريحها بعد الحسين عليه السلام و لقد زرت قبره فوجدت ريحها يفوح من قبره، فمن أراد ذلك من شيعتنا الزائرين للقبر


فليلتمس ذلك في أوقات السحر فانه يجده إذا كان مخلصا [126] 32 - قب: أنشأ صلوات الله عليه يوم الطف كفر القوم و قد ما رغبوا إلي آخر ما مر من الابيات و زاد فيما بينها:



فاطم الزهراء أمي و أبي

وارث الرسل و مولي الثقلين



طحن الابطال لما برزوا

يوم بدر و بأحد و حنين



و أخو خيبر إذ بارزهم

بحسام صارم ذي شفرتين



و الذي أردي جيوشا أقبلوا

يطلبون الوتر في يوم حنين



من له عم كعمي جعفر وهب الله له أجنحتين

جدي المرسل مصباح الهدي



و أبي الموفي له بالبيعتين



بطل قرم هزبر ضيغم

ماجد سمح قوي الساعدين



عروة الدين علي ذاكم

صاحب الحوض مصلي القبلتين



مع رسول الله سبعا كاملا

ما علي الارض مصل غيرذين



ترك الاوثان لم يسجد لها

مع قريش مذنشا طرفة عين



و أبي كان هزبرا ضيغما

يأخذ الرمح فيطعن طعنتين



كتمشي الاسد بغيا فسقوا

كأس حتف من نجيع الحنظلين [127] .



33 - كش: جبرئيل بن أحمد، عن محمد بن عبد الله بن مهران، عن أحمد بن النضر، عن عبد الله بن يزيد الاسدي، عن فضيل بن الزبير قال: مرميثم التمار علي فرس له فاستقبل حبيب بن مظاهر الاسدي عند مجلس بني أسد فتحدثا حتي اختلفت أعناق فرسيهما ثم قال حبيب: لكأني بشيخ أصلع ضخم البطن، يبيع البطيخ عند دار الرزق، قد صلب في حب أهل بيت نبيه عليه السلام يبقر بطنه علي الخشبة


فقال ميثم: و إني لاعرف رجلا أحمر له ضفيرتان يخرج لنصرة ابن بنت نبيه و يقتل و يجال برأسه بالكوفة ثم افترقا فقال أهل المجلس: ما رأينأ أحدا أكذب من هذين قال: فلم يفترق أهل المجلس حتي أقبل رشيد الهجري فطلبهما فسأل أهل المجلس عنهما فقالوا: افترقا و سمعنا هما يقولان كذا و كذا، فقال: رشيد رحم الله ميثما نسي و يزاد في عطاء الذي يجيئ بالرأس مائة درهم ثم أدبر فقال القوم: هذا و الله أكذبهم فقال القوم: و الله ما ذهبت الايام و الليالي حتي رأيناه مصلوبا علي باب دار عمرو بن حريث، و جيئ برأس حبيب بن مظاهر و قد قتل مع الحسين و رأينا كل ما قالوا و كان حبيب من السبعين الرجال الذين نصروا الحسين عليه السلام، ولقواجبال الحديد و استقبلوا الرماح بصدورهم، و السيوف بوجوههم، و هم يعرض عليهم الامان و الاموال، فيأبون فيقولون: لا عذر لنا عند رسول الله إن قتل الحسين و منا عين تطرف، حتي قتلوا حوله و لقد مزح حبيب بن مظاهر الاسدي فقال له يزيد بن حصين الهمداني و كان يقال له سيد القراء: يا أخي ليس هذه بساعة ضحك، قال: فأي موضع أحق من هذا بالسرور، و الله ما هو إلا أن تميل علينا هذه الطغام بسيوفهم، فنعانق الحور العين، قال الكشي: هذه الكلمة مستخرجة من كتاب مفاخرة الكوفة و البصرة [128] توضيح: قوله اختلفت أعناق فرسيهما أي كانت تجيئ و تذهب و تتقدم و تتأخر كما هو شأن الفرس الذي يريد صاحبه أن يقف و هو يمتنع، أو المعني حاذي عنقا هما علي الخلاف، و البقر الشق و الضفيرة العقيصة يقال ضفرت المرأة شعرها [129] 34 - كا: علي بن محمد بن عبد الله، عن إبراهيم بن إسحاق الاحمر، عن عبد الله بن حماد، عن صباح المزني، عن الحارث بن حصيرة، عن الحكم بن عتيبة قال: لقي رجل الحسين بن علي عليهما السلام بالثعلبية و هو يريد كربلا فدخل عليه


فسلم عليه، فقال له الحسين عليه السلام: من أي البلاد أنت؟ قال: من أهل الكوفة قال: أما و الله يا أخا أهل الكوفة لو لقيتك بالمدينة لاريتك أثر جبرئيل عليه السلام من دارنا و نزوله بالوحي علي جدي، يا أخا أهل الكوفة أفمستقي الناس العلم من عندنا فعلموا و جهلنا؟ هذا مالا يكون [130] 35 - كا: العدة، عن سهل، عن محمد بن عيسي، عن صفوان، عن يوسف بن إبراهيم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: اصيب الحسين و عليه جبة خز 36 - كا: أبو علي الاشعري، عن محمد بن سالم، عن أحمد بن النضر عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قتل الحسين بن علي عليه السلام و عليه جبة خز دكناء، فوجدوا فيها ثلاثة و ستين من بين ضربة بسيف، أو طعنة برمح، أو رمية بسهم [131] 37 - كا: العدة، عن البرقي، عن عدة من أصحابه، عن علي بن أسباط عن عمه يعقوب بن سالم قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: قتل الحسين عليه السلام و هو مختضب بالوسمة 38 - كا: العدة، عن البرقي، عن أبيه، عن يونس، عن أبي بكر الحضرمي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الخضاب بالوسمة، فقال: لا بأس، قد قتل الحسين عليه السلام و هو مختضب بالوسمة [132] 39 - كا: الحسن بن علي الهاشمي، عن محمد بن عيسي بن عبيد قال: حدثنا جعفر بن عيسي أخوة قال: سألت الرضا عليه السلام عن صوم عاشورا و ما يقول الناس فيه فقال: عن صوم ابن مرجانة تسألني؟ ذلك يوم صامه الادعياء من آل زياد لقتل الحسين عليه السلام، و هو يوم يتشاءم به آل محمد صلي الله عليه و آله و يتشاءم به أهل الاسلام، و اليوم الذي يتشاءم به أهل الاسلام لا يصام و لا يتبرك به، و يوم الاثنين يوم نحس قبض الله عز و جل


فيه نبيه، و ما اصيب آل محمد إلا في يوم الاثنين فتشاء منابه، و تتبرك به عدونا، و يوم عاشورا قتل الحسين عليه السلام و تبرك به ابن مرجانة، و تشاءم به آل محمد، فمن صامهما أوتبرك بهما لقي الله تبارك و تعالي ممسوخ القلب، و كان محشره مع الذين سنوا صومهما و التبرك بهما 40 - كا: عنه، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن أبان، عن عبد الملك قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن صوم تاسوعا و عاشورا من شهر المحرم، فقال: تاسوعا يوم حوصرفيه الحسين عليه السلام و أصحابه بكربلا، و اجتمع عليه خيل أهل الشام و أناخوا عليه، و فرح ابن مرجانة و عمر بن سعد بتوافر الخيل و كثرتها، و استضعفوا فيه الحسين عليه السلام و أصحابه و أيقنوا أنه لا يأتي الحسين ناصر، و لا يمده أهل العراق بأبي المستضعف الغريب ثم قال: و أما يوم عاشورا فيوم اصيب فيه الحسين عليه السلام صريعا بين أصحابه و أصحابه حوله صرعي عراة، أ فصوم يكون في ذلك اليوم؟ كلاورب البيت الحرام ما هو يوم صوم، و ما هو إلا يوم حزن و مصيبة دخلت علي أهل السماء و أهل الارض و جميع المؤمنين، و يوم فرح و سرور لا بن مرجانة و آل زياد و أهل الشام غضب الله عليهم و علي ذرياتهم و ذلك يوم بكت جميع بقاع الارض خلا بقعة الشام فمن صامه أوتبرك به حشره الله مع آل زياد ممسوخ القلب، مسخوطا عليه، و من اذخر إلي منزله ذخيرة أعقبه الله تعالي نفاقا في قلبه إلي يوم يلقاه، و انتزع البركة عنه و عن أهل بيته و ولده، و شاركه الشيطان في جميع ذلك [133] 41 - ما: الحسين بن إبراهيم القزويني، عن محمد بن وهبان، عن علي بن حبيش، عن العباس بن محمد بن الحسين، عن أبيه، عن صفوان، عن الحسين بن أبي غندر، عن أبيه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن صوم يوم عاشورا فقال: ذاك يوم قتل الحسين عليه السلام فان كنت شامتا فصم ثم قال: إن آل أمية لعنهم الله و من أعانهم علي قتل الحسين من أهل الشام


نذروا نذرا إن قتل الحسين عليه السلام و سلم من خرج إلي الحسين، و صارت الخلافة في آل أبي سفيان أن يتخذوا ذلك اليوم عيدا لهم يصومون فيه شكرا، فصارت في آل أبي سفيان سنة إلي اليوم في الناس، و اقتدي بهم الناس جميعا لذلك، فلذلك يصومونه و يدخلون علي عيالاتهم و أهاليهم الفرح في ذلك اليوم الخبر [134] 42 - كا: العدة، عن سهل، عن ابن يزيد، عن سليمان كاتب علي ابن يقطين، عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الاشعث بن قيس شرك في دم أمير المؤمنين عليه السلام و ابنته جعدة سمت الحسن عليه السلام و محمد ابنه شرك في دم الحسين عليه السلام [135] (تذنيب) قال السيد رحمه الله في كتاب تنزيه الانبياء: فان قيل: ما العذر في خروجه صلوات الله عليه من مكة بأهله و عياله إلي الكوفة، و المستولي عليها أعداؤه، و المتأمر فيها من قبل يزيد اللعين يتسلط الامر و النهي [136] و قد رأي صنع أهل الكوفة بأبيه و أخيه صلوات الله عليهما، و أنهم غادرون خوانون، و كيف خالف ظنه ظن جميع نصحائه في الخروج و ابن عباس رحمه الله يشير بالعدول عن الخروج، و يقطع علي العطب فيه، و ابن عمر لما ودعه عليه السلام يقول له أستودعك الله من قتيل إلي ذلك ممن تكلم في هذا الباب ثم لما علم بقتل مسلم بن عقيل، و قد أنفذه رائدا له، كيف لم يرجع؟ و يعلم الغرور من القو م، و يفطن بالحيلة و المكيدة، ثم كيف استجاز أن يحارب بنفر قليل لجموع عظيمة خلفها مواد لها كثيرة؟ ثم لما عرض عليه ابن زياد الامان و أن يبايع يزيد كيف لم يستجب حقنا لدمه و دماء من معه من أهله و شيعته و مواليه، و لم ألقي بيده إلي التهلكة، و بدون هذا الخوف سلم أخوه الحسن عليه السلام الامر إلي معاوية فكيف يجمع بين فعليهما في الصحة؟


الجواب قلنا: قد علمنا أن الامام متي غلب علي ظنه أنه يصل إلي حقه و القيام بما فوض إليه بضرب من الفعل، وجب عليه ذلك، و إن كان فيه ضرب من المشقة يتحمل مثلها، و سيدنا أبو عبد الله عليه السلام لم يسر طالبا الكوفة إلا بعد توثق من القوم، و عهود و عقود، و بعد أن كاتبوه عليه السلام طائعين مكرهين و مبتدئين مجيبين، و قد كانت المكاتبة من وجوه أهل الكوفة و أشرافها و قراءها تقدمت إليه في أيام معاوية، و بعد الصلح الواقع بينه و بين الحسن عليه السلام فدفعهم، و قال في الجواب ما وجب، ثم كاتبوه بعد وفاة الحسن عليه السلام و معاوية باق فوعدهم و مناهم و كانت أيام معاوية صعبة لا يطمع في مثلها فلما مضي معاوية و أعادوا المكاتبة، و بذلوا الطاعة و كرروا الطلب و الرغبة ورأي عليه السلام من قوتهم علي ما كان يليهم في الحال من قبل يزيد، و تسلطهم عليه و ضعفه عنهم ما قوي في ظنه أن المسير هو الواجب، تعين عليه ما فعله من الاجتهاد د و التسبب، و لم يكن في حسبانه عليه السلام أن القوم يغدر بعضهم، و يضعف أهل الحق عن نصرته، و يتفق ما اتفق من الامور الغربية، فان مسلم بن عقيل لما دخل الكوفة أخذ البيعة علي أكثر أهلها و لما وردها عبيد الله بن زياد - و قد سمع بخبر مسلم، و دخوله الكوفة و حصوله في دارهانئ بن عروة المرادي علي ما شرح في السيرة - و حصل شريك بن الاعور بها، جاء ابن زياد عائدا، و قد كان شريك وافق مسلم بن عقيل علي قتل ابن زياد عند حضوره لعيادة شريك، و أمكنه ذلك، و تيسر له، فما فعل و اعتذر بعد فوت الامر إلي شريك بأن ذلك فتك و أن النبي صلي الله عليه و آله قال: إن الايمان قيد الفتك [137] و لو كان فعل مسلم من قتل ابن زياد ما تمكن منه، و وافقه شريك عليه لبطل الامر، و دخل الحسين عليه السلام الكوفة مدافع عنها، و حسر كل أحد قناعه في نصرته، و اجتمع له من كان في قلبه نصرته، و ظاهره مع أعدائه و قد كان مسلم بن عقيل أيضا لما حبس ابن زياد هانئا سار إليه في جماعة من


أهل الكوفة حتي حضره في قصره، و أخذ بكظمه و أغلق ابن زياد الابواب دونه خوفا و جبنا، حتي بث الناس في كل وجه يرغبون الناس و يرهبونهم و يخذلونهم عن نصرة ابن عقيل، فتقاعدوا و تفرق أكثرهم حتي أمسي في شرذمة، و انصرف و كان من أمره ما كان و إنما أردنا بذكر هذه الجملة، أن أسباب الظفر بالاعداء كانت لائحة متوجهة، و أن الاتفاق السيئ عكس الامر إلي ما يروون من صبره واستسلامه و قلة ناصره علي الرجوع إلي الحق دينا أو حمية، فقد فعل ذلك نفر منهم حتي قتلوا بين يديه عليه السلام شهداء، و مثل هذا يطمع فيه و يتوقع في أحوال الشدة فأما الجمع بين فعله و فعل أخيه الحسن عليه السلام فواضح صحيح، لان أخاه سلم كفا للفتنة، و خوفا علي نفسه و أهله و شيعته، و إحساسا بالغدر من أصحابه، و هذا عليه السلام لما قوي في ظنه النصرة ممن كاتبه و وثق له، ورأي من أسباب قوة نصار الحق و ضعف نصار الباطل، ما وجب معه عليه الطلب و الخروج، فلما انعكس ذلك و ظهرت أمارات الغدر فيه و سوء الاتفاق، رام الرجوع و المكافة و التسليم كما فعل أخوه عليه السلام، فمنع من ذلك، و حيل بينه و بينه، فالحالان متفقان إلا أن التسليم و المكافة عند ظهور أسباب الخوف لم يقبلا منه عليه السلام و لم يجب إلي الموادعه و طلبت نفسه عليه السلام فمنع منها بجهده حتي مضي كريما إلي جنة الله تعالي و رضوانه و هذا واضح لمتأمله انتهي أقول: قد مضي في كتاب الامامة و كتاب الفتن أخبار كثيرة دالة علي أن كلا منهم عليهم السلام كان مأمورا بأمور خاصة مكتوبة في الصحف السماوية النازلة علي الرسول صلي الله عليه و آله فهم كانوا يعملون بها.

و لا ينبغي قياس الاحكام المتعلقة بهم علي أحكامنا، و بعد الاطلاع علي أحوال الانبياء عليهم السلام و أن كثيرا منهم كانوا يبعثون فرادي علي ألوف من الكفرة، و يسبون آلهتهم، و يدعونهم إلي دينهم، و لا يبالون بما ينالهم من المكاره و الضرب و الحبس و القتل و الالقاء في النار و غير ذلك، لا ينبغي الاعتراض علي أئمة الدين في أمثال ذلك، مع أنه بعد ثبوت عصمتهم بالبراهين


و النصوص المتواترة، لا مجال للاعتراض عليهم، بل يجب التسليم لهم في كل ما يصدر عنهم علي أنك لو تأملت حق التأمل، علمت أنه عليه السلام فدي نفسه المقدسة دين جده، و لم يتزلزل أركان دول بني أمية إلا بعد شهادته، و لم يظهر للناس كفرهم و ضلالتهم إلا عند فوزه بسعادته، و لو كان عليه السلام يسالمهم ويوادعهم كان يقوي سلطانهم، و يشتبه علي الناس أمرهم، فيعود بعد حين إعلام الدين طامسة، و أثار الهداية مندرسة، مع أنه قد ظهر لك من الاخبار السابقة أنه عليه السلام هرب من المدينة خوفا من القتل إلي مكة، و كذا خرج من مكة بعد ما غلب علي ظنه أنهم يريدون غيلته و قتله، حتي لم يتيسر له - فداه نفسي و أبي و أمي و ولدي - أن يتم حجة، فتحلل و خرج منها خائفا يترقب، و قد كانوا لعنهم الله ضيقوا عليه جميع الاقطار، و لم يتركوا له موضعا للفرار و لقد رأيت في بعض الكتب المعتبرة [138] أن يزيد أنفذ عمرو بن سعيد بن العاص في عسكر عظيم و ولاه أمر الموسم و أمره علي الحاج كلهم، و كان قد أوصاه بقبض الحسين عليه السلام سرا و إن لم يتمكن منه بقتله غيلة، ثم إنه دس مع الحاج في تلك السنة ثلاثين رجلا من شياطين بني أمية، و أمرهم بقتل الحسين عليه السلام علي أي حال اتفق، فلما علم الحسين عليه السلام بذلك، حل من إحرام الحج، جعلها عمرة مفردة و قد روي بأسانيد أنه لما منعه عليه السلام محمد بن الحنفية عن الخروج إلي الكوفة قال: و الله يا أخي لو كنت في جحر هامة من هوام الارض، لاستخرجوني منه حتي يقتلوني بل الظاهر أنه صلوات الله عليه لو كان يسالمهم و يبايعهم لا يتركونه لشدة عداوتهم، و كثرة وقاحتهم، بل كانوا يغتالونه بكل حيلة، و يدفعونه بكل وسيلة و إنما كانوا يعرضون البيعة عليه أولا لعلمهم بأنه لا يوافقهم في ذلك، ألا تري


إلي مروان لعنه الله كيف كان يشير علي والي المدينة بقتله قبل عرض البيعة عليه و كان عبيد الله بن زياد عليه لعائن الله إلي يوم التناد يقول: أعرضوا عليه فلينزل علي أمرنا ثم نري فيه رأينا، ألا تري كيف أمنوا مسلما ثم قتلوه فأما معاوية لعنه الله فانه مع شدة عداوته و بغضه لاهل البيت عليهم السلام كان ذادهاء و نكراء و حزم، و كان يعلم أن قتلهم علانية يوجب رجوع الناس عنه، و ذهاب ملكه و خروج الناس عليه، فكان يداريهم ظاهرا علي أي حال، و لذا صالحه الحسن عليه السلام و لم يتعرض له الحسين، و لذلك كان يوصي ولده اللعين بعدم التعرض للحسين عليه السلام لانه كان يعلم أن ذلك يصير سببا لذهاب دولته أللهم العن كل من ظلم أهل بيت نبيك، و قتلهم و أعان عليهم و رضي بما جري عليهم من الظلم و الجور لعنا وبيلا، و عذبهم عذابا أليما، و اجعلنا من خيار شيعة آل محمد و أنصارهم، و الطالبين بثأرهم مع قائمهم صلوات الله عليهم أجمعين


پاورقي

[1] کتاب الملهوف ص 84.

[2] يقال: مرضه من باب التفعيل إذا أحسن القيام عليه في مرضه و تکفل بمداواته، قال في اللسان: جاءت فعلت هنا للسلب و ان کانت في أکثر الامر انما تکون للاثبات.

[3] جون.خ ل.و في المصدر: جوين.

[4] القطا: جمع قطاة و هي طائر في حجم الحمام صوته قطاقطا و هذا المثل.

قال الميداني: نزل عمرو بن مامة علي قوم من مراد، فطرقوه ليلا فأثاروا القطا من أماکنها فرأتها إمرأته طائرة، فنبهت المرأة زوجها فقال: انما هي القطا، فقالت: لو ترک القطا ليلا نام.

يضرب لمن حمل علي مکروه من ارادته، و قيل ذلک.

راجع مجمع الامثال ج 2 ص 174 تحت الرقم 3231.

[5] لا أري لذکر الاغتصاب وجها و الظاهر أنه تصحيف و الصحيح: أفتحتسب نفسک احتسابا.

يقال: احتسب ولدا له: إذا مات ولده کبيرا، و مثله احتسب نفسه: إذا عدها شهيدا في ذات الله، و قد مر في ص 138 من ج 44 کلام الحسن بن علي عليهما السلام أللهم اني احتسب نفسي عندک فراجع.

[6] کتاب الارشاد ص 215 و 216.

[7] في الاصل: و قد أنف الامر، و أظنه تصحيفا.

[8] آل عمران: 178 و 179.

[9] إرشاد المفيد ص 217.

[10] مات جابر بن عبد الله سنة 74 و شهد جنازته الحجاج و الظاهر أنه بالکوفة و أبو سعيد الخدري سنة 64 - 74 و سهل بن سعد هو آخر من مات بالمدينة سنة احدي و تسعين و زيد بن أرقم سنة 66 بالکوفة، و أنس بن مالک آخر من مات بالبصرة سنة 71 و کان قاطنا بها.

[11] الارشاد ص 217 و 218.

[12] القلة: قلة العدد بالقتل، و في بعض النسخ: السلة منه رحمه الله.

[13] قائلها فروة بن مسيک المرادي قالها في يوم الردم لهمدان من مراد و زاد بعدهما في الملهوف:



إذا ما الموت رفع عن أناس

کلاکله أناخ بآخرينا



فأفني ذلکم سروات قومي

کما افني القرون الاولينا



فلوخلد الملوک إذا خلدنا

و لو بقي الکرام إذا بقينا



فقل للشامتين بنا أفيقوا

سيلقي الشامتون کما لقينا



و قد تروي علي هذا اللفظ کما نقله ابن هشام في السيرة ج 2 ص 582:



مررن علي لفات وهن خوص

ينازعن الاعنة ينتحينا



فان نغلب فغلابون قدما

و ان نغلب فغير مغلبنا



و ما ان طبناجبن و لکن

منايانا و طعمة آخرينا



کذاک الدهر دولته سجال

تکرصروفه حينا فحينا الخ.



.

[14] تحف العقول ص 240 الملهوف ص 85 - 88.

[15] کذب عدو الله، فانه قد رأي الحر بعد ذلک حين يقاتل ذبا عن آل رسول الله.

[16] الهبل: الثکل، و العبر: الموت يقال عبر القوم: ماتوا:.

[17] کتاب الارشاد ص 219.

[18] الملهوف ص 89 و 90.

[19] کتاب الارشاد ص 220.

[20] الارشاد ص 222.

[21] قوله مزني اي رمح مزني، و کعوب الرمح: النواشر في أطراف الانابيب و عدم خيانتها: کناية عن کثرة نفوذها و عدم کلالها، و الغراران: شفرتا السيف منه رحمه الله.

[22] جمع حاسر: الذي لا مغفر عليه و لا درع.

[23] يقال: يوم قماطر بالضم: شديد، وهنا يحتمل أن يکون وصفا للحساب، أو وصفا لليوم.

[24] في مناقب آل أبي طالب: في قصر در حسن البنيان.

[25] قوله: هنه الهاء للسکت، و کذا قوله فاجهدنه و فارغبنه منه رحمه الله.

[26] کذا في النسخ، و لکن لا يستقيم الرجز، و الظاهر أن القائل هلال بن حجاج فقال:



أنا هلال البجلي

أنا علي دين علي



و دينه دين النبي.

[27] في بعض النسخ و هکذا نسخة الارشاد زيادة و هي: و طاعنوه و حمل علي الحسين عليه السلام و أصحابه من کل جانب و قاتلهم الخ.

[28] في الاصل و هکذا سائر النسخ: فاقتتلوا و هو سهو.

[29] شب الفرس شبابا - بالکسر - رفع يديه و قمص و حرن.

[30] کتاب الملهوف ص 94 - 96.

[31] في الاصل الشامي و هو سهو و الصحيح ما في الصلب کما في الطبري ج 6 ص 254 و الشبام بطن من همدان.

[32] الملهوف ص 96 و 97.

[33] الملهوف ص 98.

[34] قد مر في ج 44 ص 320 نقلا عن أمالي الصدوق أنه مالک بن أنس الکاهلي و أنه کان يقول: قد علمت کاهلها و دودان و ما ذکره ابن نماهوالصحيح کما عنونه في الاصابة و قال: له و لابيه صحبة.

[35] کذا في النسخ و الصحيح ما نقله الطبري عن أبي مخنف بتقديم و تأخير هکذا: أنتم أعد عدة و أکثر و نحن أوفي منکم و أصبر و نحن اعلي حجة و أظهر حقا و اتقي منکم و أعذر.

[36] الکتد مثل الکتف: مجتمع الکتفين من الانسان والاد: القوة کالايد منه رحمه الله.

[37] کذا في النسخ و لا ريب انه مصحف الکوفة قال الطبري نقلا عن أبي مخنف ان بديل بن صريم أخذ رأس حبيب و أقبل به إلي ابي زياد في القصر، فبصر به ابنه القاسم بن حبيب و هو يومئذ مراهق فلزمه کلما دخل دخل معه و إذا خرج خرج معه ليجد منه غرة فيقتله فلم يجد إلي ذلک سبيلا حتي إذا کان زمان مصعب فدخل عسکره فإذا قاتل أبيه في فسطاطه فدخل عليه يوما و هو قائل نصف النهار فضربه بسيفه حتي برد انتهي باختصار.

[38] ضبطه ابن شهر آشوب في المناقب ج 4 ص 103 يزيد بن مهاصر و الصدوق فيما مر عن الامالي ج 44 ص 320 زياد بن مهاصر و قال الطبري: هو يزيد بن زياد کان مع ابن سعد، فلما ردوا الشروط علي الحسين صار معه ثم ذکر رميته و أنه قال بعد ما قام: لقد تبين لي اني قتلت منهم خمسة و الغيل: الاجمة موضع الاسد، و الخادر: الکامن.

[39] آل عمران: 169.

[40] مقاتل الطالبيين ص 66 و 67.

[41] راجع المناقب ج 4 ص 105، و فيه فقتل رجلين، و في قول خمسة عشر فارسا قتله بشر بن سوط الهمداني، و سيجيء أن الرجل بشر بن حوط القابضي، و قابض بن زيد: بطن من همدان.

[42] مقاتل الطالبيين ص 65 - 67.

[43] و هکذا في المناقب لا بن شهر آشوب ج 4 ص 106 عبد الله بن قطنة الطائي و قد يقال عبد الله بن قطبة البتهاني، و أظنه التيناني بطن من بجيلة من القحطانية أو هو النبهاني: أبو حي.

[44] في المناقب: ان تنکروني فأنا فرع الحسن و هو أوفق بالوزن.

[45] قد اقتحم ههنا لفظ (الغلام) و هو سهو ظاهر، يخالف نسخة المقاتل و الارشاد و مناقب ابن شهر آشوب، و يخالف لفظ الکتاب أيضا، حيث يقول بعده و هو يفحص برجله فانما يفحص برجله: اي يجود بنفسه، الذي لم يمت بعد، خصوصا مع مخاطبة الحسين عليه السلام له بقوله: يعز و الله علي عمک الخ فالمائت تحت حوافر الخيل و سنابکها عدو الله عمرو بن سعد بن نفيل الازدي لارحمه الله، و لکن عبارة المصنف رحمه الله يفيد أنه هو القاسم بن الحسن أما نسخة المقاتل ففيه: فضرب عمرا بالسيف فاتقاه بساعده فأطنها من لدن المرفق ثم تنحي عنه و حملت خيل عمربن سعد لتستنقذه من الحسين فلما حملت الخيل استقبلته بصدورها و جالت فتوطأته فلم يرم حتي مات لعنه الله و أخزاه، فلما تجلت الغبرة إذا بالحسين علي رأس الغلام و هو يفحص برجله و حسين يقول الخبر، و قد يظهر أن لفظ (الغلام) کان في نسخة المصنف مصحفا عن کلمة (لعنه الله) التي تکتب هکذا لعل راجع مقاتل الطالبيين ص 62، الارشاد ص 223 و 224، مناقب آل أبي طالب لا بن شهر آشوب ج 4 ص 106 و 107.

[46] المصدر ص 61.

[47] في المصدر: فأوهطه، و هو الاصح: يقال أوهطه: أضعفه و أوهنه و أثخنه ضربا و قيل: صرعه صرعة لا يقوم منها.

[48] مقاتل الطالبيين ص 58.

[49] قال الفيروز آبادي: و الضحاک المشرقي تابعي أو صوابه کسر الميم و فتح الراء نسبة إلي مشرق بطن من همدان، أقول: و مثله في المشتبه للذهبي ص 485.

[50] زاد في المصدر: و هو لانه لم يکن له ولد ليحوز ولد العباس بن علي ميراثه.

[51] المذار - کسحاب - بلد بين واسط و البصرة، و بها کانت يوم لمصعب بن الزبير علي أحمر بن شميط البجلي، راجع أيام العرب في الاسلام للميداني بذيل مجمع الامثال ج 2 ص 447.

[52] في المصدر: لانه کان له عقب، و لم يکن لهم، فقدمهم بين يديه فقتلوا جميعا فحاز مواريثهم.

[53] مقاتل الطالبيين ص 59.

[54] في بعض النسخ زقا اي صاح، کانت العرب تزعم ان روح القتيل الذي لا يدرک بثأره تصير هامة فتزقو عند قبره تقول: اسقوني اسقوني، فإذا أدرک بثأره طارت.

[55] هکذا في نسخة الارشاد ص 225 و مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 108، و قد مر عن المقاتل أنه زيد بن رقاد فتحرر.

[56] هذه رواية مرسلة عن کتاب مجهول، يخالف کل المقاتل، فان أصحاب الحسين عليه السلام کلهم قد تفانوا دون أهل بيته، و کان العباس عليه السلام آخر المستشهدين مع أخيه الحسين فلم يکن هناک عسکر! حتي يقول الحسين: إذا مضيت تفرق عسکري.

[57] و قال علي ما روي:



يا نفس من بعد الحسين هوني

و بعده لا کنت ان تکوني



هذا الحسين وارد المنون

و تشربين بارد المعين



تالله ما هذا فعال ديني.

[58] القاسم بن الحسن خ ل.

[59] قد مر في ما سبق أن هذا الرجز لعبدالله بن الحسن.

[60] و الظاهر أنه أراد القاسم بن الحسن عليه السلام و انما کرره لاختلاف الرواية في ترتيب الشهداء، و هکذا في رجزه، قال في ج 4 ص 106: ثم برزأخوه - يعني عبد الله بن الحسن - القاسم و عليه ثوب و إزار و نعلان فقط و کأنه فلقة قمر، و أنشأ يقول: اني أنا القاسم من نسل علي نحن و بيت الله أولي بالنبي من شمر ذي الجوشن أو ابن الدعي.

[61] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 109، مقاتل الطالبيين ص 55 و 56.

[62] شيبته خ ل.

[63] کذا في الاصل و نقل عن مقتل العوالم ص 95 أيضا و لکن المشهور کما في الطبري ج 6 ص 625 مرة بن منقذ بن النعمان العبدي ثم الليثي و هکذا ابن الاثير ج 4 ص 30، الاخبار الطوال ص 254، مقاتل الطالبين ص 84 و غير ذلک.

[64] الارشاد ص 223.

[65] مقاتل الطالبيين ص 85.

[66] المصدر ص 55 و 56.

[67] الزيادة من الطبري ج 6 ص 258 و البداية ج 8 ص 186 قالا: قال هانئ بن ثبيت الحضرمي: اني لواقف عاشر عشرة لما صرع الحسين اذ نظرت إلي غلام من آل الحسين عليه ازار و قميص و في اذنيه درتان و بيده عمود من تلک الابنية و هو مذعور يلتفت يمينا و شمالا فأقبل رجل يرکض حتي إذا دنا منه مال عن فرسه و علاه بالسيف و قطعه، فلما عيب عليه کني عن نفسه فعد و الله هو الذي قتله، لکنه لم يذکر نفسه لما عيب عليه بل نسبه إلي رجل لا يعرف و جعل نفسه راويا.

[68] في الارشاد المطبوع ص 224: ثم جلس الحسين أمام الفسطاط فأتي بابنه عبد الله و هو طفل الخ.

[69] الملهوف ص 103.

[70] مقاتل الطالبيين ص 63 و 64.

[71] في کشف الغمة للرضا بالملحدين.

[72] قال في کشف الغمة ج 2 ص 200: من کلامه المنثور قطعة نقلها صاحب کتاب الفتوح، و أنه عليه السلام لما أحاط به جموع ابن زياد، و قتلوا من قتلوا من أصحابه، و منعوهم الماء کان له ولد صغير فجاءه سهم منهم فقتله، فرمله الحسين (ع) و حفر له بسيفه وصلي عليه و دفنه و قال: ثم ذکر الاشعار، و ذکرها ابن شهرآشوب ج 4 ص 79 و فيه زيادة سينقلها المصنف.

[73] الاحتجاج ص 154 و 155.

[74] الملهوف ص 103 - الارشاد ص 224.

[75] المکثور: المغلوب و هو الذي تکاثر عليه الناس فقهروه، قال في التاج و في حديث مثل الحسين: ما رأينا مکثورا أجرأ مقدما منه.

[76] کتاب الملهوف ص 105 و مثله في الطبري ج 6 ص 259 عن عبد الله بن عمار ابن (عبد) يغوث.

[77] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 110.

[78] الملهوف ص 106.

[79] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 58.

[80] القائل حميد بن مسلم برواية أبي مخنف.

[81] مقاتل الطالبيين ص 86.

[82] و اسمه زياد بن عبد الرحمن قيل و الصحيح: أبا الجنوب کني بإسم ولده جنوب.

[83] نفحه خ ل.

[84] راجع مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 110 و 111، کتاب الملهوف ص 106 و 114.

[85] الارشاد ص 225 الملهوف ص 107 و 108.

[86] کتاب الملهوف ص 108 - 112.

[87] مناقب آل أبي طالب: ج 4 ص 58.

[88] کذا في المصدر ص 115، و هکذا تذکرة الخواص ص 144، و المصنف اختار کلمة الفلان و هي نسخة.

[89] کتاب الملهوف ص 112 - 121.

[90] کتاب الارشاد ص 226 و 227.

[91] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 112.

[92] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 112 و 113.

[93] مقاتل الطالبيين ص 67.

[94] راجع مصباح المتهجد ص 547.

[95] کذا في النسخ و قد عرفت في ص 23 أنه الشبامي و شبام بطن من همدان و قد نسب فيما سبق بأنه حنظلة بن سعد.

[96] مناقب ابن شهر آشوب ج 4 ص 113، و فيه: سوار ابن أبي عمير.

[97] يريد رجلا من بني أبان بن دارم.

[98] يريد رجلا من بني أبان بن دارم.

[99] في بعض النسخ: عمربن خالد بن أسد، و هو تصحيف.

[100] لقيط بن ياسر خ ل.

[101] هو في الطبري ج 6 ص 253 و کامل ابن الاثير ج 4 ص 29 و البداية ج 8 ص 184 الجملي نسبة إلي جمل بن کنانة.

[102] کردوس خ ل.

[103] في الاصل: عائش.

[104] قال في مجمع الامثال تحت الرقم 1885 أسمع من سمع و يقال: أسمع من السمع الازل لان هذه الصفة لازمة له و السمع سبع مرکب لانه ولد الذئب من الضبع و السمع کالحية لا يعرف الاسقام و العلل، و لا يموت حتف أنفه، بل يموت بعرض من الاعراض يعرض له، و ليس في الحيوان شيء عدوه کعدو السمع لانه أسرع من الطير، و يقال: و ثبات السمع تزيد علي عشرين أو ثلاثين ذراعا أقول: و هو شديد السمع يضرب به المثل في ذلک.

[105] غيبة النعماني ص 112 و 113.

[106] الانبياء ص 69.

[107] الاعراف: 96.

[108] امالي الصدوق المجلس 31 تحت الرقم: 1.

[109] هو عبد الله بن الحسن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام و في نسخة الاصل و نسخة الکمباني و هکذا المصدر عبد الله بن الحسين و هو تصحيف.

[110] في المصدر المجلس 31 تحت الرقم 2: الغانمة.

[111] الدبي: أصغر الجراد، يقال: جاء الخيل کالدبي فبلغ السيل الربي.

[112] الاحتجاج ص 154، و قد مر مثله في ص 8 فراجع.

[113] رجال الکشي ص 105.

[114] بصائر الدرجات ص 482 من الطبعة الحديثة.

[115] الکافي ج 4 ص 535 تحت الرقم 3 و 4.

[116] راجع کامل الزيارات الباب 23 و هکذا ما بعده.

[117] و يحتمل أن يکون آذن أي أخبر بأنکم مقتولون.

[118] في الاصل و هکذا في المصدر في هذا السند و الذي قبله تصحيفات و الصحيح ما في الصلب، و الحسن هو الحسن بن عبد الله بن محمد بن عيسي يروي عن أبيه عن جده محمد ابن عيسي.

[119] المصدر ص 75 و هکذا ما بعده.

[120] و الظاهر أنه بالتخفيف من وصل يصل، أي لا يجمع الله بينهم حتي يصل بعضهم بعضا.

[121] کامل الزيارات ص 97 و 98.

[122] فصحت ظ.

[123] في المصدر: سبعا و ثلاثين سنة و مع أخيه الحسن سبعا و أربعين سنة.

[124] نصل الخضاب أي خرج.

[125] کتاب الارشاد ص 236.

[126] مناقب آل أبي طالب ج 3 ص 391.

[127] المصدر ج 4 ص 79:.

[128] رجال الکشي ص 73 و 74.

[129] أي نسجها و فتلها.

[130] الکافي ج 1 ص 398 و 399.

[131] الکافي باب لبس الخز من کتاب الزي و التجمل الرقم 3.

[132] المصدر باب السواد و الوسمة الرقم 5 و 6.

[133] الکافي باب صوم عرفة و عاشورا تحت الرقم 5 و 7.

[134] أمالي الشيخ ص 61.

[135] الکافي ج 8 (کتاب الروضة) ص 167.

[136] منبسط الامر و النهي خ.

[137] مر ذکر الحديث في ج 44 ص 344 فراجع.

[138] کما في المنتخب ص 304.