ابوجعفر المنصور و الحسين
27- قال ابن قتيبة: لما افتتح المنصور الشام و قتل مروان قال لأبي عون و من معه من أهل خراسان: ان لي في ققية آل مروان تدبيرا فتأهبوا يوم كذا و كذا في أكمل عدة، ثم بعث الي آل مروان في ذلك اليوم فجمعوا و أعلمهم انه يفرض لهم في العطاء فحضر منهم ثمانون رجلا فصاروا الي بابه و معهم رجل من كلب قد ولدهم ثم أذن لهم فدخلوا، فقال الآذان للكلبي، ممن أنت؟ قال: من كلب و قد ولدتهم. قال: فانصرف ودع القوم - فأبي أن يفعل و قال: اني خالهم و منهم
فلما استقر بهم المجلس خرج رسول المنصور و قال بأعلي صوته: أين حمزة بن عبدالمطلب، ليدخل، فأيقن القوم بالهلكة، ثم خرج الثانية فنادي اين الحسين بن
علي؟ ليدخل، ثم خرج الثالثة فنادي: أين زيد بن علي بن الحسين؟ ثم خرج الرابعة فقال: أين يحيي بن زيد؟ ثم قيل: ائذنوا لهم. فدخلوا و فيهم الغمر بن يزيد و كان له صديقا فأومأ اليه: أن ارتقع فأجلسه معه علي طنفسة و قال للباقين: اجلسوا و أهل خراسان قيام بأيديهم العمد فقال: أين العبدي الشاعر؟ فقام أخذ في قصيدته الي يقول فيها:
أما الدعاة الي جنان فهاشم
و بنو أمية من دعاة النار
فلما أنشد أبياتا منها قال الغمر: يابن الزانية. فانقطع العبدي و أطرق عبدالله ساعة ثم قال: امض في نشيدك. فلا فرغ رمي اليه بصرة فيها ثلاثمائة دينار، ثم تمثل بقول القائل
و لقد ساءني و ساء سواي
قربهم من منابر و كراسي
أنزلوها بحيث انزلها الله
بدار الهوان و الاتعاس
لا تقيلن عبدشمس عثارا
و اقطعوا كل نخلة و غراس
واذكروا مصرع الحسين و زيد
و قتيلا بجانب المهراس
ثم قال لأهل خراسان: «دهيد» فشدخوا بالعمد حتي سالت أدمغتهم و قام الكلبي فقال: أيها الامير: أنا رجل من كلب لست منهم. فقال:
و مدخل رأسه لم يدنه أحد
بين القرينين حتي لزه القرن
ثم قال: دهيد. فشدخ الكلبي معهم ثم التفت الي الغمر فقال: لا خير لك في الحياة بعدهم. قال: أجل، فقتل ثم دعا ببراذع فألقاها عليهم و بسط عليها الأنطاع و دعا بغدائه فأكل فوقهم و ان أنين بعضهم لم يهدأ، حتي فرغ ثم قال: ما تهنأت بطعام منذ عقلت مقتل الحسين الا يومي هذا، و قام فأمر بهم فجروا بأرجلهم و أغنم أهل خراسان أموالهم ثم صلبوا في بستانه، و كان يأكل يوما فأمر بفتح باب من الرواق
الي البستان فاذا رائحة الجيف تملأ الأنوف، فقيل له: لو أمرت أيها الأمير برد هذاه الباب! فقال: والله لرائحتها أحب الي و أطيب من رائحة المسك، ثم قال:
حسبت أمية أن سترضي هاشم
عنها و يذهب زيدها و حسينها
كلا و رب محمد و الهه
حتي تباح سهولها و حزونها
و تذل ذل حليلة لحليلها
بالمشرقي و تسترد ديونها [1] .
پاورقي
[1] عيون الاخبار: 206: 1.