بازگشت

ثورة عاشوراء و اهدافها


تحف العقول 237 - 239: من كلام الحسين (عليه السلام) في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

اعتبروا أيها الناس بما وعظ الله به أولياءه من سوء ثنائـــــه علي الاحـــبار اذ يقــــول: (لولا ينهاهم الربانيون والاحبار عن قولهم الإثم) [1] وقال: (لُعن الذين كفروا من بني اسرائيل) الي قوله: (لبئس ماكانوا يفعلون) [2] .

وانما عاب الله ذلك عليهم لأنهم كانوا يرون من الظلمة الذين بين اظهرهم المنكر والفساد فلا ينهونهم عن ذلك، رغبةً فيما كانوا ينالون منهم، ورهبةً مما يحذرون، والله يقول: (فلا تخشوا الناس واخشون) [3] وقال: (المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) [4] .

فبدء الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضةً منه لعلمه بأنها إذا اديّت واقيمت استقامت الفرائض كلها هيّنها وصعبها، وذلك ان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دعاء الي الإسلام مع رد المظالم ومخالفة الظالم، وقسمة الفيئ والغنائم واخذ الصدقات من مواضعها ووضعها في حقها.

ثم انتم ايتها العصابة عصابة بالعلم مشهورة، وبالخير مذكورة، وبالنصيحة معروفة، وبالله في انفس الناس مهابة يهابكم الشريف، ويكرمكم الضعيف، ويؤثركم من لافضل لكم عليه ولا يدلكم عنده، تشفعون في الحوائج اذا امتنعت من طلابها، وتمشون في الطريق بهيبة الملوك وكرامة الاكابر، اليس كل ذلك انما نلتموه بما يرجي عندكم من القيام بحق الله وان كنتم عن اكثر حقه تقصرون، فاستخففتم بحق الأئمة، فاما حق الضعفاء فضيعتم، واما حقكم بزعمكم فطلبتم، فلا مالاً بذلتموه، ولا نفساً خاطرتم بها للذي خلقها، ولا عشيرة عاد يتموها في ذات الله، انتم تتمنون علي الله جنته ومجاورة رسله واماناً من عذابه.

لقد خشيت عليكم ايها المتمنون علي الله ان تحل بكم نقمة من نقماته لأنكم بلغتم من كرامة الله منزلة فضلتم بها، ومن يعرف بالله لا تكرمون وأنتم بالله في عباده تكرمون، وقد ترون عهود الله منقوضة فلا تفزعون وانتم لبعض ذمم آبائكم تفزعون وذمة رسول الله (صلي الله عليه وآله) محقورة والعمي والبكم والزمني في المداين مهملة لا ترحمون، ولا في منزلتكم تعملون، ولا من عمل فيها تعينون، وبالادهان والمصانعة عند الظلمة تأمنون، كل ذلك مما أمركم الله به من النهيّ والتناهي وأنتم عنه غافلون وأنتم اعظم الناس مصيبة لما غلبتم عليه من منازل العلماء لو كنتم تشعرون.

ذلك بأن مجاري الامور والاحكام علي أيدي العلماء بالله، الامناء علي حلاله وحرامه، فأنتم المسلوبون تلك المنزلة، وما سلبتم ذلك إلاّ بتفرقكم عن الحق واختلافكم في السنة بعد البيّنة الواضحة، ولو صبرتم علي الاذي وتحملّتم المؤونة في ذات الله كانت امور الله عليكم ترد، وعنكم تصدر، واليكم ترجع، ولكنكم مكنتم الظلمة من منزلتكم، واسلمتم امور الله في ايديهم يعملون بالشبهات، ويسيرون في الشهوات، سلطهم علي ذلك فراركم من الموت واعجابكم بالحياة التي هي مفارقتكم، فاسلمتم الضعفاء في ايديهم، فمن بين مستعبد مقهور وبين مستضعف علي معيشته مغلوب، يتقلبون في الملك بآرائهم ويستشعرون الخزي بأهوائهم، اقتداءاً بالأشرار وجرأةً علي الجبار، في كل بلد منهم علي منبره خطيب يصقع، فالارض لهم شاغرة وايديهم فيها مبسوطة، والناس لهم خول لا يدفعون يد لامس، فمن بين جبّار عنيد، وذي سطوةٍ علي الضعفة شديد، مطاعٍ لا يعرف المبدئ المعيد، فياعجبا ومالي [لا] وأعجب والأرض من غاشٍ غشوم ومتصدق ظلوم، وعاملٍ علي المؤمنين بهم غير رحيم، فالله الحاكم فيما فيه تنازعنا، والقاضي بحكمه فيما شجر بيننا.

اللّهم انك تعلم انه لم يكن ما كان منّا تنافساً في سلطان، ولا التماساً من فضول الحطام، ولكن لنري المعالم من دينك، ونظهر الإصلاح في بلادك، ويأمن المظلومون من عبادك، ويعمل بفرائضك وسنتك واحكامك فإن لم تنصرونا وتنصفونا قوي الظلمة عليكم، وعملوا في اطفاء نور نبيّكم وحسبنا الله وعليه توكلنا واليه انبنا واليه المصير.


پاورقي

[1] المائدة: 63.

[2] المائدة 78 و 79.

[3] المائدة: 44.

[4] التوبة: 71.