بازگشت

السفارة الامينة


إرشاد المفيد 204- 205.

لمّا بلغ أهل الكوفة موت معاوية ارجفوا بيزيد وعرفوا امتناع الحسين (عليه السلام) من بيعته فاجتمعوا في دار سليمان بن صرد الخزاعي وأجمعوا علي الوفاء للحسين (عليه السلام) وراسلوه بذلك وتلاقت الرسل كلها عنده، فقرأ الكتب وسأل الرسل عن الناس ثم كتب مع هانئ بن هانئ، وسعيد بن عبد الله، وكانا آخر الرسل إليه من قبل أهل الكوفة:

بسم الله الرحمن الرحيم، من الحسين بن علي إلي الملأ من المؤمنين والمسلمين.

أمّا بعد: فإنّ هانياً وسعيداً قدما عليّ بكتبكم، وكانا آخر من قدم عليّ من رسلكم، وقد فهمت كل الذي اقتصصتم وذكرتم، ومقالة جلّكم انه ليس علينا إمام، فأقبل لعلّ الله أن يجمعنا بك علي الحق والهدي، واني باعث إليكم أخي وابن عمّي وثقتي من أهل بيتي مسلم بن عقيل، فإن كتب إليّ أنّه قد اجتمع رأي ملأكم، وذوي الحجي والفضل منكم علي مثل ما قدمت به رسلكم وقرأت في كتبكم، فإنّي اقدم إليكم وشيكاً إن شاء الله فلعمري ما الإمام إلاّ الحاكم بالكتاب القائم بالقسط، الدائن بدين الحق، الحابس نفسه علي ذات الله، والسلام.

ودعا الحسين (عليه السلام) مسلم بن عقيل فسرّحه مع قيس بن مسهر الصيداوي وعمارة بن عبد الله السلوليّ وعبد الرحمان ابنا شداد الأرحبي وأمره بالتقوي وكتمان أمره واللّطف، فإن رأي الناس مجتمعين مستوسقين [1] عجّل إليه بذلك.

فأقبل مسلم رحمه الله حتّي أتي المدينة فصلّي في مسجد رسول الله (صلي الله عليه وآله) وودّع من أحبّ من أهله، واستأجر دليلين من قيس فأقبلا به يتنكّبان الطريق، فضلاّ [عن الطريق] وأصابهما عطش شديد فعجزا عن السير فأو مآله إلي سنين الطريق بعد أن لاح لهما ذلك، فسلك مسلم ذلك السنن، ومات الدليلان عطشاً، فكتب مسلم بن عقيل رحمه الله من الموضع المعروف بالمضيق مع قيس بن مسهّر (أمّا بعد فإنّي أقبلت من المدينة مع دليلين فجازا عن الطريق فضلا، واشتدّ عليهما العطش فلم يلبثا أن ماتا، وأقبلنا حتّي انتهينا إلي الماء فلم ننج إلاّ بحشاشة أنفسنا، وذلك الماء بمكان يدعي المضيق من بطن الخبت، وقد تطيّرت من توجّهي هذا، فإن رأيت أعفيتني منه وبعثت غيري، والسلام).

فكتب إليه الحسين (عليه السلام) (أما بعد فقد خشيت أن لا يكون حملك علي الكتاب إليّ في الإستعفاء من الوجه الّذي وجّهتك له إلاّ الجبن، فامض لوجهك الّذي وجّهتك فيه والسلام).

فلمّا قرأ مسلم الكتاب قال: أمّا هذا فلست أتخوّفه علي نفسي، فأقبل، حتّي مرّ بماء لطيّئ فنزل ثمّ ارتحل عنه، فإذا رجل يرمي الصيد فنظر إليه قد رمي ظبياً حين أشرف له فصرعه، فقال مسلم بن عقيل: نقتل عدوّنا إن شاء الله تعالي.

ثمّ أقبل حتي دخل الكوفة فنزل في دار المختار بن ابي عبيدة وهي التي تدعي اليوم دار مسلم بن المسيّب، وأقبلت الشيعة تختلف إليه، فلمّا اجتمع إليه منهم جماعة، قرأ عليهم كتاب الحسين (عليه السلام) وهم يبكون، وبايعه الناس حتّي بايعه منهم ثمانية عشر ألفاً، فكتب مسلم إلي الحسين (عليه السلام) يخبره ببيعة ثمانية عشر ألفاً ويأمره بالقدوم، وجعلت الشيعة تختلف إلي مسلم بن عقيل - رحمه الله - حتي علم بمكانه.


پاورقي

[1] يقال: استوسق له الأمر: أي أمکنه.