بازگشت

اشبه الناس بالرسول


بحار الأنوار 45/42 - 44.

لمّا استأذن علي الأكبر أباه الحسين (عليه السلام) في القتال، خرج والحسين (عليه السلام) يخطو وراءه خطوات وقد اغرورقت عيناه بالدموع قالوا: ورفع الحسين (عليه السلام) سبّابته [شيبته خ ل] نحو السماء وقال:

اللّهمّ اشهد علي هؤلاء القوم فقد برز إليهم غلاماً أشبه الناس خلقاً وخلقاً ومنطقاً برسولك، كنّا إذا اشتقنا إلي نبيّك نظرنا إلي وجهه، اللّهمّ امنعهم بركات الأرض، وفرّقهم تفريقاً، ومزّقهم تمزيقاً، واجعلهم طرائق قدداً، ولا ترض الولاة عنهم أبداً، فإنّهم دعونا لينصرونا ثمّ عدوا علينا يقاتلوننا.

ثمّ صاح الحسين بعمر بن سعد: مالك؟ قطع الله رحمكّ ولا بارك الله في أمرك، وسلّط عليك من يذبحك بعدي علي فراشك، كما قعطت رحمي ولم تحفظ قرابتي من رسول الله (صلي الله عليه وآله).

ثمّ رفع الحسين (عليه السلام) صوته وتلا: (إنّ الله اصطفي آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران علي العالمين - ذرّية بعضها من بعض والله سميع عليم) [1] .

ثمّ حمل عليّ بن الحسين علي القوم، وهو يقول:



أنــا عليّ بن الحســين بن عليّ

مـــــن عصــبة جدّ أبيهم النـــبيّ



والله لا يحـــكم فيــنا ابن الدعيّ

أطعنكم بالرمــــح حـــتّي يـــنثني



أضربكم بالسيف أحمي عن أبي

ضرب غــــلام هـــاشـميّ علويّ



فلم يزل يقاتل حتّي ضجّ الناس من كثرة من قتل منهم، وروي أنّه قتل علي عطشه مائة وعشرين رجلاً ثم رجع إلي أبيه وقد أصابته جراحات كثيرة فقال: يا أبه! العطش قد قتلني، وثقل الحديد أجهدني، فهل إلي شربة من ماء سبيل أتقوّي بها علي الأعداء؟

فبكي الحسين (عليه السلام) وقال: يا بنيّ يعزّ علي محمّد وعلي عليّ بن أبيطالب وعليّ أن تدعوهم فلا يجيبوك، وتستغيث بهم فلا يغيثوك.

با بنيّ هات لسانك، فأخذ بلسانه فمصّه ودفع إليه خاتمه وقال: أمسكه في فيك وارجع إلي قتال عدوّك فإنّي أرجو أنّك لا تمسي حتّي يسقيك جدّك بكأسه الأوفي شربة لا تظمأ بعدها أبداً، فرجع القتال وهو يقول:



الحــــرب قد بانت لها الحقائق

وظهرت مـــن بــعدها مصادق



والله ربّ العــــرش لا نـــفارق

جمــــوعكم أو تـــغمد البوارق



فلم يزل يقاتل حتّي قتل تمام المائتين ثمّ ضربه منقذ بن مرّة العبدي علي مفرق رأسه ضربة صرعته، وضربه الناس بأسيافهم، ثمّ اعتنق فرسه فاحتمله الفرس إلي عسكر الأعداء فقطّعوه بسيوفهم إرباً إرباً.

فلمّا بلغت الروح التراقي قال رافعاً صوته: يا أبتاه هذا جدّي رسول الله (صلي الله عليه وآله) قد سقاني بكأسه الأوفي شربة لا أظمأ بعدها أبداً وهو يقول: العجل العجل! فإنّ لك كأساً مذخورة حتّي تشربها الساعة.

فصاح الحسين (عليه السلام) وقال: قتل الله قوماً قتلوك ما أجرأهم علي الرحمان وعلي رسوله، وعلي انتهاك حرمة الرسول، علي الدنيا بعدك العفا.

قال حميد بن مسلم: فكأنّي أنظر إلي امرأة خرجت مسرعة كأنّها الشمس الطالعة تنادي بالويل والثبور، وتقول: يا حبيباه يا ثمرة فؤاداه، يا نور عيناه! فسألت عنها فقيل: هي زينب بنت عليّ (عليه السلام) وجاءت وانكبّت عليه فجاه الحسين فأخذ بيدها فردّها إلي الفسطاط وأقبل (عليه السلام) بفتيانه وقال: احملوا أخاكم، فحملوه من مصرعه فجاءوا به حتّي وضعوه عند الفسطاط الّذي كانوا يقاتلون أمامه.


پاورقي

[1] آل عمران: 33 - 34.