بازگشت

بعد القوم قتلوك


بحار الأنوار 45/ 34 - 36.

ثمّ خرج القاسم بن الحسن (عليه السلام) وهو غلام صغير لم يبلغ الحلم، فلمّا نظر الحسين إليه قد برز اعتنقه وجعلا يبكيان حتّي غشي عليهما، ثمّ استأذن الحسين (عليه السلام) في المبارزة فابي الحسين ان ياذن له، فلم يزل الغلام يقبّل يديه ورجليه حتّي أذن له، فخرج ودموعه تسيل علي خدّيه وهو يقول:



إن تــــنكروني فـــأنا ابن الحسن

سبــط النبيّ المصطفي والمؤتمن



هذا حسيــــــن كالأسيـر المرتهن

بـين اناس لا سقوا صوب المزن



وكان وجهه كفلقة القمر، فقاتل قتالاً شديداً حتي قتل علي صغره خمسة وثلاثين رجلاً، فشدّ عليه الأزدي فما ولّي حتّي ضرب رأسه بالسيف ووقع الغلام لوجهه، ونادي: يا عمّاه، فجاء الحسين (عليه السلام) كالصقر المنقضّ ودارت بينه وبين القوم مناوشات أثارت غبرة شديدة، فانجلت الغبرة فإذا بالحسين (عليه السلام) قائم علي رأس الغلام، وهو يفحص برجله، فقال الحسين (عليه السلام):

يعزّ والله علي عمّك أن تدعوه فلا يجيبك، أو يجيبك فلا يعينك، أو يعينك فلا يغني عنك، بعداً لقوم قتلوك.

ثم احتمله فكأنّي أنظر إلي رجلي الغلام يخطّان في الأرض، وقد وضع صدره علي صدره، فقلت في نفسي: ما يصنع؟ فجاء حتّي ألقاه بين القتلي من أهل بيته.

ثم قال: اللّهمّ احصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً، ولا تغفر لهم أبداً، صبراً يا بني عمومتي، صبراً يا أهل بيتي لا رأيتم هواناً بعد هذا اليوم أبداً.