بازگشت

ابلاغ و انذار


إرشاد المفيد 234 - 235.

دعا الحسين (عليه السلام) في يوم عاشوراء براحلته فركبها ونادي بأعلا صوته:

يا أهل العراق - وجلّهم يسمعون - فقال: أيها الناس اسمعوا قولي ولا تعجلوا حتّي أعظكم بما يحقّ لكم عليّ، وحتّي أعذر إليكم، فإن أعطيتموني النصف، كنتم بذلك أسعد وإن لم تعطوني النصف من أنفسكم فاجمعوا رأيكم ثمّ لا يكن أمركم عليكم غمّة ثمّ اقضوا إليّ ولا تنظرون إنّ وليّي الله الّذي نزّل الكتاب وهو يتولّي الصالحين.

ثمّ حمد الله وأثني عليه وذكر الله تعالي بما هو أهله، وصلّي علي النبيّ (صلي الله عليه وآله) وعلي ملائكته و [علي] أنبيائه، فلم يسمع متكلّم قطّ قبله ولا بعده أبلغ في منطق منه.

ثمّ قال: أمّا بعد فانسبوني فانظروا من أنا، ثمّ راجعوا إلي أنفسكم وعاتبوها فانظروا هل يصلح لكم قتلي وانتهاك حرمتي؟ ألست ابن بنت نبيّكم، وابن وصيّه وابن عمّه؟ وأوّل المؤمنين المصدّق لرسول الله (صلي الله عليه وآله) بما جاء به من عند ربّه؟ أو ليس حمزة سيّد الشهداء عمّي؟ أو ليس جعفر الطيّار في الجنّة بجناحين عمّي؟ أولم يبلغكم ما قال رسول الله (صلي الله عليه وآله) لي ولأخي: هذان سيّدا شباب أهل الجنّة؟ فإن صدّقتموني بما أقول وهو الحقّ، والله ما تعمّدت كذباً منذ علمت أنّ الله يمقت عليه أهله، وإن كذّبتموني فإنّ فيكم من إن سألتموه عن ذلك أخبركم، سلوا جابر بن عبد الله الأنصاري وأبا سعيد الخدري وسهل بن سعد الساعديّ وزيد بن أرقم وأنس بن مالك، يخبروكم أنّهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله (صلي الله عليه وآله) لي ولأخي أما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي؟

فقال له شمر بن ذي الجوشن: هو يعبد الله علي حرف إن كان يدري ما يقول.

فقال له حبيب بن مظاهر: والله إنّي لا أراك تعبد الله علي سبعين حرفاً وأنا أشهد أنّك صادق ما تدري ما يقول قط طبع الله علي قلبك.

ثمّ قال لهم الحسين (عليه السلام): فإن كنتم في شكّ من هذا أفتشكّون أنّي ابن بنت نبيّكم؟ فوالله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبيّ غيري فيكم، ولا في غيركم ويحكم أتطلبوني بقتيل منكم قتلته؟ أو مال لكم استهلكته؟ أو بقصاص جراحة؟ فأخذوا لا يكلّمونه فنادي: يا شبث بن ربعي يا حجّار بن أبجر ويا قيس بن الأشعث ويا يزيد بن الحارث ألم تكتبوا إليّ أن قد أينعت الثمار، واخضرّ الجناب، وإنّما تقدم علي جند لك مجنّدة؟

فقال له قيس بن الأشعث: ما ندري ما تقول، ولكن أنزل علي حكم بني عمّك، فإنّهم لن يُروك إلاّ ما تحبّ.

فقال له الحسين (عليه السلام): لا والله لا أُعطيكم بيدي إعطاء الذليل، ولا أقرّ لكم إقرار العبيد.

ثم نادي: يا عباد الله إنّي عذت بربّي وربّكم أن ترجمون، أعوذ بربّي وربّكم من كلّ متكبّر لا يؤمن بيوم الحساب.

ثم إنّه أناخ راحلته وأمر عُقبه بن سمعان فعقلها، فأقبلوا يزحفون نحوه.