بازگشت

علي مشارف نينوي


بحار الأنوار 44/380 - 381، عن إرشاد المفيد واللّهوف.

لمّا أصبح الحسين (عليه السلام) وهو مع أصحابه في طريقه بعد قصر بني مقاتل نزل وصلّي بهم الغداة ثمّ عجّل الركوب وأخذ يساير بأصحابه يريد أن يفرّقهم فيأتيه الحر بن يزيد فيردّه وأصحابه، فجعل إذا ردّهم نحو الكوفة ردّاً شديداً امتنعوا عليه، فارتفعوا، فلم يزالوا يتسايرون كذلك حتّي انتهوا إلي نينوي... فأخذهم الحر بالنزول في ذلك المكان علي غير ماء ولا في قرية، فقال له الحسين (عليه السلام):

دعنا ويحك ننزل هذه القرية أو هذه، يعني نينوي والغاضرية أو هذه يعني شفيّة، فأبي عليه الحر ذلك.

فقال زهير بن القين للحسين (عليه السلام): إنّي والله لا أري أن يكون بعد الذي ترون إلاّ أشدّ ممّا ترون، يابن رسول الله إنّ قتال هؤلاء القوم الساعة أهون علينا من قتال من يأتينا من بعدهم، فلعمري ليأتينا من بعدهم ما لا قبل لنا به.

فقال الحسين (عليه السلام): ما كنت لأبدءهم بالقتال، ثم نزل.

قال الراوي: فقام الحسين (عليه السلام) خطيباً في أصحابه فحمد الله وأثني عليه وذكر جدّه فصلّي عليه، ثم قال:

إنّه قد نزل من الأمر ما قد ترون، وإنّ الدنيا قد تغيّرت وتنكّرت وأدبر معروفها واستمرّت حذاء ولم يبق منها إلاّ صبابة كصبابة الإناء وخسيس عيش كالمرعي الوبيل، ألا ترون إلي الحق لا يعمل به، وإلي الباطل لا يتناهي، عنه، ليرغب المؤمن في لقاء ربّه محقّاً فإنّي لا أري الموت إلاّ سعادة والحياة مع الظالمين إلاّ برماً.