بازگشت

في شراف و ذي حسم


إرشاد المفيد 223 - 224.

ثم سار الحسين (عليه السلام) من بطن العقبة حتي نزل شراف، فلما كان السحر أمر فتيانه فاستقوا من الماء فأكثروا ثم سار منها حتي انتصف النهار فبينا هو يسير إذ كبّر رجل من أصحابه، فقال له الحسين (عليه السلام):

الله أكبر، لِمَ كبّرت؟

قال: رأيت النخل.

فقال له جماعة من أصحابه: والله إنّ هذا المكان ما رأينا فيه نخلة قطّ.

فقال له الحسين (عليه السلام): فما ترونه؟

قالوا: نراه والله آذان الخيل.

قال: أنا والله أري ذلك.

ثم قال (عليه السلام): ما لنا ملجأ نلجأ إليه فنجعله في ظهرنا ونستقبل القوم بوجه واحد؟

فقلنا له: بلي هذا ذو حسم إلي جنبك، تميل إليه عن يسارك فإن سبقت إليه فهو كما تريد، فأخذ إليه ذات اليسار وملنا معه، فما كان بأسرع من أن طلعت علينا هوادي الخيل فتبيّناها وعدلنا فلمّا رأونا عدلنا عن الطريق عدلوا إلينا كأنّ أسنّتهم اليعاسيب وكأنّ راياتهم أجنحة الطير، فاستبقنا إلي ذي حسم فسبقناهم إليه، وأمر الحسين (عليه السلام) بأبنيته فضربت خيمة، وجاء القوم زهاء ألف فارس، مع الحرّ بن يزيد التميمي حتي وقف هو وخيله مقابل الحسين (عليه السلام) في حرّ الظهيرة، والحسين (عليه السلام) وأصحابه معتمّون مقلّدون أسيافهم.

فقال الحسين (عليه السلام) لفتيانه: اسقوا القوم وارووهم من الماء ورشّفوا الخيل ترشيفاً، ففعلوا وأقبلوا يملأون القصاع والطساس من الماء ثم يدنونها من الفرس فإذا عبّ فيها ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً عزلت عنه، وسقوا آخر، حتي سقوها كلها.

فقال علي بن الطعان المحاربي: كنت مع الحر يومئذ، فجئت في آخر من جاء من أصحابه، فلمّا رأي الحسين (عليه السلام) ما بي وفرسي من العطش قال: أنخ الراوية، والراوية عندي السقاء.

ثم قال: يابن الأخ أنخ الجمل، فأنخته.

فقال: اشرب، فجعلت كلّها شربت سال الماء من السقاء.

فقال الحسين (عليه السلام): اخنث السقاء أي اعطفه فلم أدر كيف أفعل فقام خنثه فشربت وسقيت فرسي.