بازگشت

دعاء المشلول


مهج الدعوات 151 - 157 ومصباح الكفعمي 260 - 264: روي جماعة يسندون الحديث الي الحسين بن علي (عليه السلام) قال.

كنت مع علي بن ابيطالب (عليه السلام) في الطواف في ليلة ديجوجيّة [1] قليلة النور وقد خلا الطواف، ونام الزّوار، وهدأت العيون، إذ سمع مستغيثاً مستجيراً مسترحماً بصوت حزين من قلبٍ موجع وهو يقول:



يــا من يجيب دعاء المضطر في الظلم

يا كاشــــــف الضرّ والبلوي مع السقم



قــــد نــام وفـــدك حول البيت وانتبهوا

يدعـــــو وعيــــــنك يـــا قـــيّوم لم تنم



هب لي بجودك فضل العفو عن جرمي

يـــــا مــن اشار اليه الخلق في الحرم



ان كان عفــــوك لا يلـــــقاه ذو سرفٍ

فـــــمن يجــــود عــلي العاصين بالنعم



قال الحسين بن علي (عليه السلام):

فقال لي: يا أبا عبد الله اسمعت المنادي ذنبه، المستغيث ربّه؟

فقلت: نعم، قد سمعته.

فقال: اعتبره عسي تراه، فما زلت اخبط في طخياء الظلام [2] وأتخلل بين النيام، فلما صرت بين الركن والمقام، بدا لي شخص منتصب، فتأملته فإذا هو قائم.

فقلت: السلام عليك أيها العبد المقرّ المستقيل المستغفر المستجير أجب بالله ابن عم رسول الله (صلي الله عليه وآله).

فأسرع في سجوده وقعوده وسلّم، فلم يتكلم حتي أشار بيده بأن تقدمني فتقدمته فأتيت به أمير المؤمنين (عليه السلام).

فقلت: دونك ها هو! فنظر اليه فإذا هو شابّ حسن الوجه، نقيّ الثياب.

فقال له: ممن الرجل؟

فقال له: من بعض العرب.

فقال (عليه السلام): ما اسمك؟

قال: منازل بن لا حق الشيباني.

فقال له: ما حالك وممّ بكاؤك واستغاثتك؟

فقال: ما حال من اوخذ بالعقوق فهو في ضيق ارتهنه المصاب، وغمره الاكتئاب، فإن تاب فدعاؤه لا يستجاب.

فقال له عليّ (عليه السلام): ولم ذلك؟

فقال: لإني كنت ملتهياً في العرب باللعب والطرب، اديم العصيان في رجب وشعبان، وما اراقب الرحمان، وكان لي والد شفيق رفيق، يحذرني مصارع الحدثان، ويخوفني العقاب بالنيران، ويقول: كم ضجّ منك النهار والظلام، والليالي والأيام، والشهور والأعوام، والملائكة الكرام، وكان إذا الحّ عليّ بالوعظ زجرته وانتهرته، ووثبت عليه وضربته، فعمدت يوماً الي شيءٍ من الورق وكانت في الخباء [3] فذهبت لآخذها واصرفها فيما كنت عليه، فما نعني عن اخذها فأوجعته ضربا ولويت يده. واخذتها ومضيت فأومأ بيده الي ركبتيه يروم النهوض من مكانه ذلك، فلم يطق يحركها من شدة الوجع، والألم فأنشأ يقول:



جـــــرت رحـــم بـــــيني وبـــين منازل

سواء كــــــما يســــتنزل القـطر طالبه



وربّـــــيــــت حتـي صار جـلداً شمردلاً

إذا قـــــام ســاوي غارب الفحل غاربه



وقــــد كنت اوتيه من الزاد في الصبي

إذا جـــــاع مـــــــنه صـــــفوه واطايبه



فــــــلما اســـــتوي فـي عنفوان شبابه

واصبــــــح كـــــالرمح الرديني خاطبه



تـــهضّمني مــــــالي كــذا ولــوي يدي

لـــــوي يـــــده الله الـــــذي هو غالبـــه



ثم حلف بالله ليقد من الي بيت الله الحرام، فيستعدي الله عليّ فصام أسابيع، وصلي ركعات، ودعا وخرج متوجهاً الي عيرانة [4] يقطع بالسير عرض الفلاة، ويطوي الأودية ويعلو الجبال حتي قدم مكة يوم الحجّ الأكبر فنزل عن راحلته، واقبل الي بيت الله الحرام، فسعي وطاف به وتعلّق بأستاره، وابتهل بدعائه، وأنشأ يقول:



يــــــا مـــن الــــيه اتي الحجاج بالجهد

فـوق المهاد بي من اقصي غاية البعد



إنـــــي اتـــــيتك يـــــا من لا يخيّب من

يدعـــــوه مبـــــتهلاً بـــــالواحد الصمد



هـــــذا مـــنازل لا يـــرتاع مــن عققي

فخـــــذ بحــــــقّي يـــا جـبّار من ولدي



حــــــتّي تـــــشلّ بـــعون منــــك جانب

يـــــا مــــــن تــــقدّس لم يولد ولم يلد



قال: فوالذي سمك السماء، وانبع الماء، ما استتم دعاءه حتي نزل بي ماتري - ثمّ كشف عن يمينه، فإذا بجانبه قد شلّ - فأنا منذ ثلاث سنين اطلب اليه ان يدعو لي في الموضع الذي دعا به عليّ، فلم يجبني حتي إذا كان العام أنعم عليّ فخرجت به علي ناقة عشراء [5] اجدّ السير حثيثاً رجاء العافية، حتي إذا كنّا علي الاراك وحطمة وادي السياك نفر طائر في الليل فنفرت منه الناقة التي كان عليها، فألقته الي قرار الوادي فارفضّ بين الحجرين فقبرته هناك، واعظم من ذلك إني لا اعرف إلاّ المأخوذ بدعوة ابيه.

فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): أتاك الغوث، الا اُعلمك دعاء علمنيه رسول الله (صلي الله عليه وآله)، وفيه اسم الله الأكبر الأعظم، العزيز الأكرم، الذي يجيب به من دعاه، ويعطي به من سأله، ويفرّج به الهم ويكشف به الكرب ويذهب به الغم، ويبرئ به السقم، ويجبر به الكسير ويغني به الفقير ويقضي به الدين ويرد به العين ويغفر به الذنوب ويستر به العيوب، ويؤمن به كل خائف من شيطان مريد، وجبّار عنيد، ولو دعا به طائع لله علي جبل لزال من مكانه، أو علي ميّت لاحياه الله بعد موته، ولو دعا به علي الماء لمشي عليه بعد ان لا يدخله العجب فاتق الله ايها الرجل فقد ادركتني الرحمة لك وليعلم الله منك صدق النيّة انك لا تدعو به في معصية ولا تفيده الاّ الثقة في دينك! فإن اخلصت فيه النية استجاب الله لك، ورأيت نبيّك محمداً (صلي الله عليه وآله) في منامك، يبشّرك بالجنة والإجابة.

ثم قال: آتني بدواة وبياض، واكتب ما امليه عليك ففعلت وهو:

اللّهم إني اسئلك باسمك بسم الله الرحمن الرحيم، ياذا الجلال والإكرام يا حيّ يا قيوم يا حيّ لا إله إلاّ أنت يا من لا يعلم ما هو ولا اين هو ولا حيث هو ولا كيف هو إلاّ هو؟ يا ذا الملك والملكوت، ياذا العزة والجبروت يا ملك يا قدوس يا سلام يا مؤمن يا مهيمن يا عزيز يا جبّار يا متكبّر يا خالق يا بارئ يا مصوّر يا مفيد يا ودود يا محمود يا معبود يا بعيد يا قريب يا مجيب يا رقيب يا حسيب يا بديع يا رفيع يا منيع يا سميع يا عليم يا حكيم يا كريم يا حليم يا قديم.

يا عليّ يا عظيم يا حنان يا منّان يا ديّان يا مستعان يا جليل يا جميل يا وكيل يا كفيل يا مقيل يا منيل يا نبيل يا دليل يا هادي يا بادي يا أول يا آخر يا ظاهر يا باطن يا حاكم يا قاضي يا عادل يا فاضل يا واصل يا طاهر يا مطهر يا قادر يا مقتدر يا كبير يا متكبّر.

يا واحد يا احد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ولم يكن له صاحبة، ولا كان معه وزير، ولا اتخذ معه مشيراً، ولا احتاج الي ظهير ولا كان معه اله لا إله إلاّ أنت فتعاليت عمّا يقول الجاحدون [الظالمون خ ل] علوّاً كبيراً.

يا عالم يا شامخ يا باذخ يا فتّاح يا مفرّج يا ناصر يا منتصر يا مهلك يا منتقم يا باعث يا وارث يا اول يا آخر يا طالب يا غالب.

يا من لا يفوته هارب، يا تواب يا أوّاب يا وهّاب يا مسبّب الأسباب يا مفتّح الأبواب، يا من حيث ما دعي اجاب، يا طهور يا شكور يا عفوّ يا غفور يا نور النور يا مدبّر الامور يا لطيف يا خبير يا متجبّر يا منير يا بصير يا ظهير يا كبير يا وتر يا فرد يا صمد يا سند يا كافي يا محسن يا مجمل يا معافي يا منعم يا متفضل يا متكرّم يا متفرد.

يا من علا فقهر، يا من ملك فقدر، يا من بطن فخبر، يا من عبد فشكر، يا من عصي فغفر وستر، يا من لا تحويه الفكر، ولا يدركه بصر ولا يخفي عليه اثر، يا رازق البشر، يا مقدر كل قدر، يا عالي المكان يا شديد الاركان، يا مبدل الزمان، يا قابل القربان، يا ذا المنّ والإحسان يا ذا العزّ والسلطان، يا رحيم يا رحمان، يا عظيم الشأن، يا من هو كل يومٍ في شأن، يا من لا يشغله شأن عن شأن.

يا سامع الأصوات، يا مجيب الدعوات، يا منجح الطلبات، يا قاضي الحاجات، يا منزل البركات، يا راحم العبرات، يا مقيل العثرات، يا كاشف الكربات، يا وليّ الحسنات، يا رفيع الدرجات، يا معطي السؤالات، يا محيي الأموات، [يا جامع الشتات خ ل] يا مطلع علي النيّات يا رادّ ما قد فات، يا من لا تشتبه عليه الاصوات، يا من لا تضجره المسئلات، ولا تغشاه الظلمات، يا نور الارض والسماوات.

يا سابغ النعم، يا دافع النقم، يا بارئ النسم، يا جامع الامم يا شافي السقم يا خالق النور والظلم، ياذا الجود والكرم، يا من لايطأ عرشه قدم.

يا اجود الاجودين، يا اكرم الاكرمين يا اسمع السامعين، يا ابصر الناظرين، يا جار المستجيرين، يا امان الخائفين، يا ظهر اللاجين يا ولي المؤمنين يا غياث المستغيثين، يا غاية الطالبين.

يا صاحب كل غريب، يا مونس كل وحيد، يا ملجأ كل طريد، يا مأوي كل شريد، يا حافظ كل ضالّة، يا راحم الشيخ الكبير، يا رازق الطفل الصغير يا جابر العظم الكسير، يا فاكّ كل اسير، يا مغني البائس الفقير يا عصمة الخائف المستجير، يا من له التدبير والتقدير، يا من العسير عليه سهل يسير، يا من لا يحتاج الي تفسير، يا من هو علي كل شيء قدير يا من هو بكل شيء خبير، يا من هو بكل شيء بصير، يا مرسل الرياح، يا فالق الإصباح، يا باعث الارواح، ياذا الجود والسماح يا من بيده كل مفتاح، يا سامع كل صوت، يا سابق كل فوت يا محيي كل نفسٍ بعد الموت.

يا عدتي في شدّتي، يا حافظي في غربتي، يا مونسي في وحدتي يا وليّي في نعمتي، يا كنفي حين تعييني المذاهب، وتسلّمني الاقارب ويخذلني كل صاحب يا عماد من لا عماد له، يا سند من لا سند له، يا ذخر من لا ذخر له، يا كهف من لا كهف له، يا ركن من لا ركن له، يا غياث من لا غياث له، يا جار من لا جار له.

يا جاري اللصيق، يا ركني الوثيق، يا الهي بالتحقيق، يا رب البيت العتيق، يا شفيق يا رفيق، فكنّي من حلق المضيق، واصرف عنّي كل همّ وغمّ وضيق، واكفني شرّ ما لا اطيق واعنّي علي ما اطيق.

يا رادّ يوسف علي يعقوب، يا كاشف ضرّ ايوب، يا غافر ذنب داود يا رافع عيسي بن مريم من ايدي اليهود، يا مجيب نداء يونس في الظلمات يا مصطفي موسي بالكلمات، يامن غفر لآدم خطيئته، ورفع ادريس برحمته يا من نجي نوحاً من الغرق يا من اهلك عاداً الاولي وثمود فما ابقي وقوم نوح من قبل انهم كانوا هم اظلم واطغي، والمؤتفكة أهوي، يا من دمّر علي قوم لوط، ودمدم علي قوم شعيب.

يا من اتخذ ابراهيم خليلاً، يا من اتخذ موسي كليماً، واتخذ محمداً صلّي الله عليه وعليهم اجمعين حبيباً.

يا مؤتي لقمان الحكمة، والواهب لسليمان ملكاً لا ينبغي لاحد من بعده، يا من نصر ذا القرنين علي الملوك الجبابرة، يا من اعطي الخضر الحياة، وردّ ليوشع بن نون الشمس بعد غروبها، يا من ربط علي قلب امّ موسي، واحصن فرج مريم بنت عمران، يا من حصّن يحيي بن زكريا من الذنب وسكّن عن موسي الغضب، يا من بشّر زكريا بيحيي، يا من فدي اسماعيل من الذبح، يا من قبل قربان هابيل وجعل اللعنة علي قابيل يا هازم الاحزاب صلّ علي محمد وآل محمد وعلي جميع المرسلين، وملائكتك المقربين واهل طاعتك اجمعين.

وأسألك بكل مسئلة سألك بها احد ممن رضيت عنه فحتمت له علي الاجابة يا الله يا الله يا الله، يا رحمان يا رحيم، يا رحمان يا رحيم، يا رحمان يا رحيم، يا ذا الجلال والإكرام يا ذا الجلال والإكرام يا ذا الجلال والإكرام، به به به به به به به اسئلك بكل اسم سمّيت به نفسك، أو أنزلته في شيءٍ من كتبك أو استأثرت به في علم الغيب عندك، وبمعاقد العز من عرشك ومنتهي الرحمة من كتابك وبما لو ان ما في الأرض من شجرة اقلام والبحر يمدّه من بعده سبعة ابحرٍ ما نفدت كلمات الله، ان الله عزيز حكيم.

وأسألك بأسمائك الحسني التي بينتها في كتابك، فقلت: (ولله الأسماء الحسني فادعوه بها) [6] وقلت: (ادعوني استجب لكم) [7] وقلت: (واذا سألك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداع اذا دعان) [8] وقلت: (يا عبادي الذين اسرفوا علي أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله) [9] وأنا أسألك يا الهي واطمع في اجابتي يا مولاي كما وعدتني وقد دعوتك كما امرتني فافعل بي كذا وكذا... وتسأل الله تعالي ما أحببت وتسمّي حاجتك ولا تدع به إلاّ وأنت طاهر.

ثم قال للفتي: إذا كانت الليلة فادع به واتني من غد بالخبر.

قال الحسين بن علي (عليهما السلام): واخذ الفتي الكتاب ومضي فلما كان من غد ما اصبحنا حيناً حتي أتي الفتي الينا سليماً معافاً، والكتاب بيده، وهو يقول: هذا والله الإسم الاعظم استجيب لي وربّ الكعبة.

قال له علي صلوات الله عليه: حدثني.

قال: [لما] هدأت العيون بالرقاد، واستحلك جلباب الليل رفعت يدي بالكتاب، ودعوت الله بحقه مراراً، فاجبت في الثانية: حسبك، فقد دعوت الله بإسمه الأعظم ثم اضطجعت فرأيت رسول الله (صلي الله عليه وآله) في منامي، وقد مسح يده الشريفة عليّ وهو يقول: احتفظ بإسم الله الأعظم العظيم، فإنّك علي خير، فانتبهت معافاً كما تري فجزاك الله خيراً.


پاورقي

[1] أي: مظلمة مع غيم لا تري نجماً ولا قمراً.

[2] يعني: سواد الليل الشديد الظلمة.

[3] الورق: الدراهم المضروبة، والخباء: الخيمة.

[4] العيرانة من الأبل: التي تشبه العير في سرعتها ونشاطها.

[5] العشراء - کالنفساء - من النوق: التي مضت لحملها عشرة اشهر.

[6] الأعراف: 180.

[7] غافر: 60.

[8] البقرة: 186.

[9] الزمر: 53.