بازگشت

دعاء يوم عرفة


كتاب الإقبال 339 - 350. وبحار الأنوار: ج98 ص 216 - 227: من الدعوات المشرفة في يوم عرفة دعاء مولانا الحسين بن علي (صلوات الله عليه).

الحمد لله الذي ليس لقضائه دافع، ولا لعطائه مانع، ولا كصنعه صنع صانع، وهو الجواد الواسع، فطر اجناس البدائع، واتقن بحكمته الصنائع، لا يخفي عليه الطلائع، ولا تضيع عنده الودائع، اتي بالكتاب الجامع، وبشرع الإسلام النور الساطع، وهو للخليقة صانع، وهو المستعان علي الفجائع، جازي كل صانع ورائش كل قانع، وراحم كل ضارع، ومنزل المنافع والكتاب الجامع، بالنور الساطع، وهو للدعوات سامع، وللدرجات رافع، وللكربات دافع، وللجبابرة قامع، وراحم عبرة كل ضارع، ودافع ضرعة كل ضارع، فلا اله غيره، ولا شيء يعدله وليس كمثله شيء، وهو السميع البصير، اللطيف الخبير، وهو علي كل شيء قدير.

اللّهم إني ارغب اليك، واشهد بالربوبية لك مقراً بإنّك ربّي، وان اليك مردي، ابتدأتني بنعمتك قبل ان اكون شيئاً مذكوراً، وخلقتني من التراب ثم اسكنتني الاصلاب أمناً لريب المنون واختلاف الدهور فلم ازل ظاعناً من صلب الي رحم في تقادم الأيام الماضية، والقرون الخالية، لم تخرجني لرأفتك بي، ولطفك لي، واحسانك اليّ في دولة أيّام الكفرة، الذين نقضوا عهدك وكذّبوا رسلك، لكنّك أخرجتني رأفةً منك وتحنّناً للذي سبق لي من الهدي الذي يسرّتني، وفيه أنشأتني ومن قبل ذلك رؤفت بي بجميل صنعك وسوابغ نعمتك، فابتدعت خلقي من منّي يمني، ثم اسكنتني في ظلمات ثلاث بين لحم وجلد ودم لم تشهرني بخلقي ولم تجعل اليّ شيئاً من آمري، ثم أخرجتني الي الدنيا تاماً سوياً، وحفظتني في المهد طفلاً صبيّاً، ورزقتني من الغذاء لبناً مريّاً عطفت عليّ قلوب الحواضن، وكفّلتني الامهات الرحائم، وكلأتني من طوارق الجانّ وسلّمتني من الزيادة والنقصان، فتعاليت يا رحيم يا رحمن، حتّي اذا استهللت ناطقاً بالكلام، أتممت عليّ سوابغ الأنعام، فربيّتني زائداً في كل عام، حتّي إذا كملت فطرتي، واعتدلت سريرتي، أوجبت عليّ حجتك بأن الهمتني معرفتك وروّعتني بعجائب فطرتك، وأنطقتني لما ذرأت في سمائك وأرضك من بدائع خلقك ونبّهتني لذكرك وشكرك وواجب طاعتك وعبادتك، وفهمتني ما جائت به رسلك ويسّرت لي تقبّل مرضاتك، ومننت عليّ في جميع ذلك بعونك ولطفك، ثم إذ خلقتني من حرّ الثري لم ترض لي يا الهي بنعمة دون اخري، ورزقتني من أنواع المعاش وصنوف الرياش بمنّك العظيم عليّ، واحسانك القديم اليّ حتّي إذا أتممت عليّ جميع النعم، وصرفت عنّي كل النقم، لم يمنعك جهلي وجرأتي عليك أن دللتني علي ما يقربني اليك، ووفّقتني لما يزلفني لديك، فإن دعوتك أجبتني، وان سألتك أعطيتني، وان اطعتك شكرتني، وان شكرتك زدتني، كلّ ذلك إكمالاً لأنعمك عليّ وإحساناً اليّ، فسبحانك سبحانك من مبدئ معيد حميد مجيد وتقدست أسماؤك، وعظمت آلاؤك، فأيّ أنعمك يا الهي احصي عدداً أو ذكراً، أم أيّ عطائك أقوم بها شكراً، وهي يا ربّ أكثر من أن يحصيها العادّون، أو يبلغ علماً بها الحافظون، ثم ما صرفت ودرأت عنّي اللّهم من الضرّ والضرّاء أكثر مما ظهر لي من العافية والسّراء وأنا اشهدك يا الهي بحقيقة ايماني وعقد عزمات يقيني وخالص صريح توحيدي، وباطن مكنون ضميري، وعلائق مجاري نور بصري، وأسارير صفحة جبيني، وخرق مسارب نفسي، وخذاريف مارن عرنيني ومسارب صماخ سمعي، وما ضمّت وأطبقت عليه شفتاي، وحركات لفظ لساني ومغرز حنك فمي وفكّي، ومنابت أضراسي، وبلوغ حبائل بارع عنقي، ومساغ مطعمي ومشربي وحمالة امّ رأسي، وجمل حمائل حبل وتيني، وما اشتمل عليه تامور صدري، ونياط حجاب قلبي، وأفلاذ حواشي كبدي، وما حوته شراسيف أضلاعي، وحقاق مفاصلي، وأطراف أناملي، وقبض عواملي، ودمي وشعري وبشري وعصبي وقصبي وعظامي ومخّي وعروقي وجميع جوارحي، وما انتسج علي ذلك أيّام رضاعي، وما أقلّت الأرض منّي ونومي ويقظتي وسكوني وحركتي وحركات ركوعي وسجودي أن لو حاولت واجتهدت مدي الأعصار والأحقاب - لو عمّرتها - أن أؤدّي شكر واحدة من أنعمك ما استطعت ذلك إلاّ بمنك الموجب عليّ شكراً آنفاً جديداً، وثناءً طارفاً عتيداً.

أجل ولو حرصت والعادّون من أنامك أن نحصي مدي إنعامك سالفة وآنفة لما حصرناه عدداً، ولا أحصيناه أبداً، هيهات أنّي ذلك وأنت المخبر عن نفسك في كتابك الناطق، والنبأ الصادق (وان تعدّوا نعمة الله لا تحصوها) صدق كتابك اللّهمّ ونباؤك، وبلغت أنبياؤك ورسلك ما أنزلت عليهم من وحيك، وشرعت لهم من دينك، غير إنّي أشهد بجدّي وجهدي، ومبالغ طاقتي ووسعي، وأقول مؤمناً موقناًُ:

الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً فيكون موروثاً، ولم يكن له شريك في الملك فيضادّه فيما ابتدع، ولا ولي من الذلّ فيرفده فيما صنع، سبحانه سبحانه سبحانه لوكان فيهما آلهة إلاّ الله لفسدتا وتفطرتا. فسبحان الله الواحد الحقّ الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، الحمد لله حمداً يعدل حمد ملائكته المقرّبين، وأنبيائه المرسلين، وصلّي الله علي خيرته من خلقه محمد خاتم النبيين وآله الطاهرين المخلصين، اللّهم اجعلني أخشاك كأني أراك، وأسعدني بتقواك، ولا تشقني بمعصيتك، وخرلي في قضائك، وبارك لي في قدرك حتي لا احبّ تعجيل ما أخرّت، ولا تأخير ما عجّلت.

اللّهم اجعل غناي في نفسي، واليقين في قلبي، والإخلاص في عملي، والنّور في بصري، والبصيرة في ديني، ومتّعني بجوارحي، واجعل سمعي وبصري الوارثين منّي وانصرني علي من ظلمني، وارزقني مآربي وثاري وأقرّ بذلك عيني، اللّهمّ اكشف كربتي واستر عورتي، واغفرلي خطيئتي، وأخسأ شيطاني، وفكّ رهاني واجعل لي يا الهي الدرجة العليا في الآخرة والاولي.

اللّهمّ لك الحمد كما خلقتني فجعلتني سميعاً بصيراً، ولك الحمد كما خلقتني فجعلتني حيّاً سويّاً، رحمة بي وكنت عن خلقي غنيّاً.

ربّ بما برأتني فعدّلت فطرتي، ربّ بما أنشأتني فأحسنت صورتي، يا ربّ بما أحسنت بي وفي نفسي عافيتني، ربّ بما كلأتني ووفقتني، ربّ بما أنعمت عليّ فهديتني، ربّ بما آويتني ومن كلّ خير آتيتني وأعطيتني، ربّ بما أطعمتني وسقيتني، ربّ بما أغنيتني وأقنيتني، ربّ بما أعنتني وأعززتني، ربّ بما ألبستني من ذكرك الصافي، ويسّرت لي من صنعك الكافي، صلّ علي محمد وآل محمد، وأعنّي علي بوائق الدهر، وصروف الأيام واللّيالي، ونجّني من أهوال الدنيا وكربات الآخرة وأكفني شرّ ما يعمل الظالمون في الأرض، اللّهمّ ما أخاف فاكفني، وما أحذر فقني، وفي نفسي وديني فاحرسني، وفي سفري فاحفظني، وفي أهلي ومالي وولدي فاخلفني، وفيما رزقتني فبارك لي، وفي نفسي فذلّلني، وفي أعين الناس فعظّمني، ومن شرّ الجنّ والإنس فسلّمني، وبذنوبي فلا تفضحني، وبسريرتي فلا تخزني، وبعملي فلا تبتلني، ونعمك فلا تسلبني والي غيرك فلا تكلني.

الي من تكلني الي القريب يقطعني، أم الي البعيد يتجهمني، أم الي المستضعفين لي، وأنت ربّي ومليك أمري، أشكو اليك غربتي وبعد داري وهواني علي من ملّكته أمري، اللّهم فلا تحلل بي غضبك، فإن لم تكن غضبت عليّ فلا ابالي سواك غير أنّ عافيتك أوسع لي، فأسئلك بنور وجهك الذي أشرقت له الأرض والسماوات وانكشفت به الظلمات، وصلح عليه أمر الأولين والآخرين، أن لا تميتني علي غضبك ولا تنزل بي سخطك، لك العتبي حتي ترضي قبل ذلك لا اله إلاّ أنت، ربّ البلد الحرام، والمشعر الحرام، والبيت العتيق، الذي أحللته البركة، وجعلته للناس أمنة، يا من عفي عن العظيم من الذنوب بحلمه، يا من أسبغ النعمة بفضله، يا من أعطي الجزيل بكرمه، يا عدّتي في كربتي، يا مونسي في حفرتي، يا وليّ نعمتي، يا الهي واله آبائي ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب وربّ جبرئيل وميكائيل وإسرافيل، وربّ محمد خاتم النبيين وآله المنتجبين، ومنزل التوراة والانجيل والزبور والقرآن العظيم ومنزل كهيعص وطه ويس والقرآن الحكيم، أنت كهفي حين تعييني المذاهب في سعتها، وتضيق عليّ الأرض برحبها، ولولا رحمتك لكنت من المفضوحين، وأنت مؤيدي بالنصر علي الأعداء، ولولا نصرك لي لكنت من المغلوبين.

يا من خصّ نفسه بالسموّ والرفعة، وأولياؤه بعزّه يعتزون، يا من جعلت له الملوك نير المذلّة علي أعناقهم فهم من سطوته خائفون، تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وغيب ما تأتي به الأزمان والدهور، يا من لا يعلم كيف هو إلاّ هو، يا من لا يعلم ما يعلمه إلاّ هو، يا من كبس الأرض علي الماء وسدّ الهواء بالسماء، يا من له أكرم الأسماء ياذا المعروف الذي لا ينقطع أبداً، يا مقيّض الركب ليوسف في البلد القفر، ومخرجه من الجبّ، وجاعله بعد العبوديّة ملكاً يا رادّ يوسف علي يعقوب بعد أن ابيضّت عيناه من الحزن فهو كظيم، يا كاشف الضرّ والبلاء عن أيّوب، يا ممسك يد إبراهيم عن ذبح ابنه بعد كبر سنّه وفناء عمره، يا من استجاب لزكريّا فوهب له يحيي ولم يدعه فرداً وحيداً، يا من أخرج يونس من بطن الحوت، يا من فلق البحر لبني اسرائيل فأنجاهم وجعل فرعون وجنوده من المغرقين، يا من أرسل الرياح مبشّرات بين يدي رحمته، يا من لم يعجّل علي من عصاه من خلقه، يا من استنقذ السحرة من بعد طول الجحود، وقد غدوا في نعمته يأكلون رزقه، ويعبدون غيره، وقد حادّوه ونادّوه، وكذّبوا رسله، يا الله يا بدئ لا بدء لك دائماً، يا دائماً لانفاد لك، يا حيّ يا قيّوم.

يا محي الموتي يا من هو قائم علي كلّ نفس بما كسبت، يا من قلّ له شكري فلم يحرمني، وعظمت خطيئتي فلم يفضحني، ورآني علي المعاصي فلم يخذلني، يا من حفظني في صغري يا من رزقني في كبري، يا من أياديه عندي لا تحصي، يا من نعمه عندي لا تجازي يا من عارضني بالخير والإحسان، وعارضته بالإساءة والعصيان، يا من هداني بالإيمان قبل أن أعرف شكر الإمتنان، يا من دعوته مريضاً فشفاني، وعرياناً فكساني، وجائعاً فأطعمني وعطشاناً فأرواني، وذليلاً فأعزّني، وجاهلاً فعرّفني ووحيداً فكثّرني، وغائباً فردّني، ومقلاً فأغناني، ومنتصراً فنصرني، وغنيّاً فلم يسلبني، وأمسكت عن جميع ذلك فأبتدأني.

فلك الحمد يا من أقال عثرتي، ونفّس كربتي، وأجاب دعوتي، وستر عورتي وذنوبي، وبلّغني طلبتي، ونصرني علي عدوّي، وإن اعدّ نعمك ومننك وكرائم منحك لا احصيها يا مولاي.

أنت الذي أنعمت، أنت الذي أحسنت، أنت الذي أجملت، أنت الذي أفضلت أنت الذي مننت، أنت الذي أكملت، أنت الذي رزقت، أنت الذي أعطيت، أنت الذي أغنيت، أنت الذي أقنيت، أنت الذي أويت، أنت الذي كفيت، أنت الذي هديت، أنت الذي عصمت، أنت الذي سترت، أنت الذي غفرت، أنت الذي أقلت، أنت الذي أعززت، أنت الذي أعنت، أنت الذي عضدت، أنت الذي أيّدت، أنت الذي نصرت، أنت الذي شفيت، أنت الذي عافيت، أنت الذي أكرمت، تباركت ربي وتعاليت، فلك الحمد دائماً، ولك الشكر واصباً.

ثم أنا يا الهي المعترف بذنوبي فاغفرها لي، أنا الذي أخطأت، أنا الذي أغفلت، أنا الذي جهلت، أنا الذي هممت، أنا الذي سهوت، أنا الذي اعتمدت، أنا الذي تعمّدت، أنا الذي وعدت، أنا الذي أخلفت، أنا الذي نكثت، أنا الذي أقررت، الهي اعترف بنعمتك عندي، وأبوء بذنوبي فاغفرلي يا من لا تضرّه ذنوب عباده، وهو الغنيّ عن طاعتهم، والموافّق من عمل منهم صالحاً بمعونته ورحمته، فلك الحمد الهي أمرتني فعصيتك، ونهيتني فارتكبت نهيك، فأصبحت لاذا براءة فأعتذر، ولا ذا قوّة فأنتصر، فبأيّ شيء أستقبلك يا مولاي، أبسمعي أم ببصري أم بلساني أم برجلي؟ أليس كلّها نعمك عندي، وبكلّها عصيتك يا مولاي، فلك الحجة والسبيل عليّ، يا من سترني من الآباء والامّهات ان يزجروني، ومن العشائر والإخوان أن يعيّروني، ومن السلاطين أن يعاقبوني ولو اطّلعوا يا مولاي علي ما أطّلعت عليه منّي، إذاً ما أنظروني ولرفضوني وقطعوني، فها أنا ذا بين يديك يا سيّدي، خاضعاً ذليلاً حقيراً لاذو براءة فأعتذر ولا قوّة فأنتصر ولا حجة لي فأحتجّ بها، ولا قائل لم أجترح ولم أعمل سوءاً، وما عسي الجحود لو جحدت يا مولاي فينفعني، وكيف وأنّي ذلك وجوارحي كلّها شاهدة عليّ بما قد علمت يقيناً غير ذي شكّ أنّك سائلي عن عظائم الامور. وأنّك الحكيم العدل الذي لا يجور وعدلك مهلكي، ومن كلّ عدلك مهربي، فإن تعذّبني فبذنوبي يا مولاي بعد حجّتك عليّ، وان تعف عنّي فبحلمك وجودك وكرمك.

لا إله إلاّ أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، لا إله إلاّ أنت سبحانك إني كنت من المستغفرين، لا إله إلاّ أنت سبحانك إنّي كنت من الموحدين، لا إله إلاّ أنت سبحانك إنّي كنت من الوجلين، لا إله إلاّ أنت سبحانك إنّي كنت من الراجين الراغبين، لا إله إلاّ أنت سبحانك إني كنت من السائلين، لا إله إلاّ أنت سبحانك إنّي كنت من المهلّلين المسبّحين، لا إله إلاّ أنت ربّي وربّ آبائي الأولين.

اللّهمّ هذا ثنائي عليك ممجّداً، وإخلاصي موحّداً، وإقراري بآلائك معدّاً وإن كنت مقرّاً أنّي لا احصيها لكثرتها وسبوغها وتظاهرها وتقادمها الي حادث ما لم تزل تتغمّدني به معها مذ خلقتني وبرأتني، من أوّل العمر، من الإغناء بعد الفقر وكشف الضرّ، وتسبيب اليسر، ودفع العسر، وتفريج الكرب، والعافية في البدن والسلامة في الدين، ولو رفدني علي قدر ذكر نعمك عليّ جميع العالمين من الأولين والآخرين، لما قدرت ولاهم علي ذلك، تقدّست وتعاليت من ربّ عظيمٍ كريمٍ رحيمٍ لا تحصي آلاؤك، ولا يبلغ ثناؤك، ولا تكافي نعماؤك، صلّ علي محمد وآل محمد، وأتمم علينا نعمتك، وأسعدنا بطاعتك سبحانك لا إله إلاّ أنت، اللّهم إنّك تجيب دعوة المضطّر إذا دعاك، وتكشف السوء، وتغيث المكروب، وتشفي السقيم، وتغني الفقير، وتجبر الكسير، وترحم الصغير، وتعين الكبير، وليس دونك ظهير، ولا فوقك قدير، وأنت العليّ الكبير، يا مطلق المكبّل الأسير، يا رازق الطفل الصغير يا عصمة الخائف المستجير، يا من لا شريك له ولا وزير، صلّ علي محمد وآل محمد، وأعطني في هذه العشيّة أفضل ما أعطيت، وأنلت أحداً من عبادك من نعمة تولّيها وآلاء تجدّدها وبليّة تصرفها وكربة تكشفها ودعوة تسمعها، وحسنة تتقبّلها وسيئةٍ تغفرها إنّك لطيف خبير وعلي كلّ شيءٍ قدير.

اللّهمّ إنّك اقرب من دعي، وأسرع من أجاب، وأكرم من عفي، وأوسع من أعطي، وأسمع من سئل، يا رحمان الدنيا والآخرة ورحيمهما ليس كمثلك مسئول، ولا سواك مأمول، دعوتك فأجبتني، وسألتك فأعطيتني، ورغبت اليك فرحمتني، ووثقت بك فنجيّتني، وفزعت اليك فكفيتني، اللّهمّ فصلّ علي محمد عبدك ونبيّك وعلي آله الطيبين الطاهرين أجمعين، وتمّم لنا نعمائك وهنّئنا عطاءك واجعلنا لك شاكرين، ولا لائك ذاكرين آمين ربّ العالمين.

اللّهمّ يا من ملك فقدر، وقدر فقهر، وعصي فستر، واستغفر فغفر، يا غاية الراغبين، ومنتهي أمل الراجين، يا من أحاط بكلّ شيء علماً، ووسع المستقيلين رأفةً وحلماً.

اللّهمّ إنّا نتوجّه اليك في هذه العشيّة التي شرّفتها وعظّمتها بمحمد نبيّك ورسولك وخيرتك، وأمينك علي وحيك، اللّهمّ صلّ علي البشير النذير، السراج المنير، الذي أنعمت به علي المسلمين، وجعلته رحمةً للعالمين، اللّهمّ فصل علي محمد وآله كما محمد أهل ذلك يا عظيم، فصلّ عليه وعلي آل محمد المنتجبين الطيبين الطاهرين أجمعين، وتغمّدنا بعفوك عنّا، فاليك عجّت الأصوات بصنوف اللغات واجعل لنا في هذه العشية نصيباً في كلّ خير تقسمه ونور تهدي به ورحمة تنشرها، وعافية تجلّلها، وبركة تنزلها، ورزق تبسطه، يا أرحم الراحمين.

اللّهمّ اقبلنا في هذا الوقت منجحين مفلحين مبرورين غانمين، ولا تجعلنا من القانطين، ولا تخلنا من رحمتك ولا تحرمنا ما نؤمّله من فضلك. ولا تردنا خائبين ولا من بابك مطرودين ولا تجعلنا من رحمتك محرومين ولا لفضل ما نؤمّله من عطاياك قانطين، يا أجود الأجودين ويا أكرم الأكرمين اليك أقبلنا موقنين، ولبيتك الحرام آمّين قاصدين فأعنّا علي منسكنا وأكمل لنا حجّنا، واعف اللّهم عنّا فقد مددنا اليك ايدينا وهي بذلة الاعتراف موسومة.

اللّهمّ فأعطنا في هذه العشية ما سألناك، وأكفنا ما استكفيناك، فلا كافي لنا سواك ولا ربّ لنا غيرك، نافذ فينا حكمك، محيط بنا علمك، عدل قضاؤك، اقض لنا الخير واجعلنا من أهل الخير، اللّهمّ أوجب لنا بجودك عظيم الأجر، وكريم الذخر ودوام اليسر فاغفر لنا ذنوبنا أجمعين، ولا تهلكنا مع الهالكين، ولا تصرف عنّا رأفتك برحمتك يا أرحم الراحمين، اللّهمّ اجعلنا في هذا الوقت ممّن سألك فأعطيته، وشكرك فزدته، وتاب اليك فقبلته، وتنصّل اليك من ذنوبه فغفرتها له، يا ذا الجلال والإكرام اللّهمّ وفّقنا وسدّدنا واعصمنا واقبل تضرّعنا، يا خير من سئل، ويا ارحم من استرحم، يا من لا يخفي عليه إغماض الجفون، ولا لحظ العيون، ولا ما استقرّ في المكنون، ولا ما انطوت عليه مضمرات القلوب، الا كل ذلك قد أحصاه علمك، ووسعه حلمك، سبحانك وتعاليت عمّا يقول الظالمون علوّاً كبيراً، تسبّح لك السماوات والأرض وما فيهنّ، وان من شيء إلاّ يسبح بحمدك، فلك الحمد والمجد، وعلوّ الجدّ، يا ذا الجلال والإكرام والفضل والإنعام والأيادي الجسام وأنت الجواد الكريم، الرؤف الرحيم أوسع عليّ من رزقك وعافني في بدني وديني، وآمن خوفي وأعتق رقبتي من النار.

اللّهمّ لا تمكر بي ولا تستدرجني ولا تخذلني، وادرء عنّي شرّ فسقة الجنّ والإنس يا أسمع السامعين، ويا أبصر الناظرين، ويا أسرع الحاسبين، ويا أرحم الراحمين، صلّ علي محمد وآل محمد، وأسئلك اللّهمّ حاجتي التي إن أعطيتها لم يضرّني ما منعتني، وان منعتنيها لم ينفعني ما أعطيتني، أسئلك فكاك رقبتي من النار لا إله إلاّ أنت وحدك لا شريك لك. لك الملك ولك الحمد، وأنت علي كلّ شيء قدير يا ربّ يا ربّ يا ربّ.

الهي أنا الفقير في غناي، فكيف لا أكون فقيراً في فقري، إلهي أنا الجاهل في علمي فكيف لا أكون جهولاً في جهلي، الهي إنّ اختلاف تدبيرك وسرعة طواء مقاديرك منعا عبادك العارفين بك عن السكون الي عطاء واليأس منك في بلاء.

الهي منّي ما يليق بلومي، ومنك ما يليق بكرمك، الهي وصفت نفسك باللطف والرأفة لي قبل وجود ضعفي أفتمنعني منهما بعد وجود ضعفي، الهي إن ظهرت المحاسن منّي فبفضلك، ولك المنّة عليّ، وان ظهرت المساوي منّي فبعدلك، ولك الحجّة عليّ، الهي كيف تكلني وقد توكلت لي، وكيف اضام وأنت الناصر لي، أم كيف أخيّب وأنت الحفيّ بي، ها أنا أتوسل اليك بفقري اليك، وكيف أتوسل اليك بما هو محال أن يصل اليك أم كيف أشكو اليك حالي وهو لا يخفي عليك. أم كيف اُترجم بمقالي وهو منك برز اليك أم كيف تخيّب آمالي وهي قد وفدت اليك، أم كيف لا تحسن أحوالي وبك قامت.

الهي ما الطفك بي مع عظيم جهلي، وما أرحمك بي مع قبيح فعلي، الهي ما أقربك منّي وأبعدني عنك، وما أرأفك بي فما الذي يحجبني عنك، الهي علمت باختلاف الآثار، وتنقّلات الأطوار، أنّ مرادك منّي أن تتعرّف اليّ في كلّ شيء حتي لا أجهلك في شيء الهي كلّما أخرسني لومي أنطقني كرمك، وكلّما آيستني أوصافي أطمعتني مننك، الهي من كانت محاسنه مساوي فكيف لا تكون مساويه مساوي ومن كانت حقايقه دعاوي فكيف لا تكون دعاويه دعاوي. الهي حكمك النافذ ومشيتك القاهرة لم يتركا لذي مقال مقالاً، ولا لذي حال حالاً، الهي كم من طاعة بنيتها، وحالة شيّدتها، هدم اعتمادي عليها عدلك، بل أقالني منها فضلك، الهي إنّك تعلم إني وان لم تدم الطاعة منّي فعلا جزماً فقد دامت محبّة وعزماً، الهي كيف أعزم وأنت القاهر وكيف لا أعزم وأنت الآمر، الهي تردّدي في الآثار يوجب بعد المزار فاجمعني عليك بخدمة توصلني اليك، كيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر اليك أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتي يكون هو المظهر لك، متي غبت حتي تحتاج الي دليل يدلّ عليك، ومتي بعدت حتي تكون الآثار هي التي توصل اليك، عميت عين لا تراك عليها رقيباً، وخسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبّك نصيباً الهي أمرت بالرجوع الي الآثار فارجعني اليك بكسوة الأنوار، وهداية الاستبصار حتي ارجع اليك منها كما دخلت اليك منها، مصون السرّ عن النظر اليها، ومرفوع الهمّة عن الاعتماد عليها، إنّك علي كل شيءٍ قدير.

الهي هذا ذلّي ظاهر بين يديك، وهذا حالي لا يخفي عليك، منك أطلب الوصول اليك وبك استدلّ عليك فاهدني بنورك اليك، وأقمني بصدق العبوديّة بين يديك، الهي علّمني من علمك المخزون، وصنّي بسرّك المصون، الهي حققني بحقايق أهل القرب، واسلك بي مسلك أهل الجذب، الهي أغنني بتدبيرك لي عن تدبيري، وباختيارك عن اختياري، وأوقفني علي مراكز اضطراري، الهي أخرجني من ذلّ نفسي، وطهّرني من شكّي وشركي، قبل حلول رمسي، بك أنتصر فانصرني وعليك أتوكل فلا تكلني، وإياك أسئل فلا تخيّبني، وفي فضلك أرغب فلا تحرمني وبجنابك أنتسب فلا تبعدني، وببابك أقف فلا تطردني، الهي تقدّس رضاك أن تكون له علّة منك فكيف يكون له علّة منّي، الهي أنت الغنيّ بذاتك أن يصل اليك النفع منك فكيف لا تكون غنيّاً عنّي، الهي إنّ القضاء والقدر بمنّيني، وانّ الهوي بوثائق الشهوة أسرني فكن أنت النصير لي حتي تنصرني وتبصرني، وأغنني بفضلك حتّي استغني بك عن طلبي، أنت الذي أشرقت الانوار في قلوب أوليائك حتي عرفوك ووحّدوك، وأنت الذي أزلت الأغيار عن قلوب احبائك حتي لم يحبّوا سواك، ولم يلجؤا الي غيرك أنت المونس لهم حيث أوحشتهم العوالم، وأنت الذي هديتهم حيث استبانت لهم المعالم ماذا وجد من فقدك، وما الذي فقد من وجدك، لقد خاب من رضي دونك بدلاً، ولقد خسر من بغي عنك متحوّلاً، كيف يرجي سواك وأنت ما قطعت الإحسان، وكيف يطلب من غيرك وأنت ما بدّلت عادة الإمتنان، يامن أذاق احبّاءه حلاوة المؤانسة فقاموا بين يديه متملّقين، ويا من ألبس أولياءه ملابس هيبته فقاموا بين يديه مستغفرين، أنت الذاكر قبل الذاكرين، وأنت البادي بالإحسان قبل توجّه العابدين وأنت الجواد بالعطاء قبل طلب الطالبين، وأنت الوهاب ثم لما وهبتنا من المستقرضين الهي اطلبني برحمتك حتي أصل اليك، واجذبني بمنّك حتي أقبل اليك، الهي إنّ رجائي لا ينقطع عنك، وان عصيتك، كما أنّ خوفي لا يزايلني وان أطعتك فقد دفعتني العوالم اليك وقد أوقعني علمي بكرمك عليك، الهي كيف أخيب وأنت أملي، أم كيف اهان وعليك متكلي، الهي كيف استعزّ وفي الذلة اركزتني أم كيف لا أستعزّ واليك نسبتني، الهي كيف لا أفتقر وأنت الذي في الفقراء أقمتني أم كيف أفتقر وأنت الذي بجودك أغنيتني، وأنت الذي لا إله غيرك تعرّفت لكلّ شيء فما جهلك شيء، وأنت الذي تعرّفت إليّ في كل شيء فرأيتك ظاهراً في كل شيء وأنت الظاهر لكل شيء، يا من استوي برحمانيته فصار العرش غيباً في ذاته محقت الآثار بالآثار، ومحوت الأغيار بمحيطات أفلاك الأنوار، يا من احتجب في سرادقات عرشه عن أن تدركه الأبصار، يا من تجلّي بكمال بهائه فتحققت عظمته من الاستواء كيف تخفي وأنت الظاهر، أم كيف تغيب وأنت الرقيب الحاضر إنّك علي كل شيءٍ قدير. والحمد لله وحده.