بازگشت

هذا السعيد حقا


معاني الأخبار 197 - 200، ح 4. أمالي الصدوق 321 - 323، المجلس 63، ح 4. أمالي الشيخ الطوسي 2/49، ب 15، ح 31: حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق، عن أحمد بن محمّد الهمداني، عن الحسن بن القاسم قراءة، عن علي بن إبراهيم بن المعلّي، عن أبي عبد الله محمّد بن خالد، عن عبد الله بن بكر المرادي، عن موسي بن جعفر، عن أبيه، عن جدّه، عن علي بن الحسين، عن أبيه (عليه السلام) قال.

بينا أمير المؤمنين (عليه السلام) ذات يوم جالس مع أصحابه يعبّئهم للحرب إذ اتاه شيخ عليه شجبة السفر، فقال أين أمير المؤمنين؟

فقال هو ذا فسلّم عليه ثمّ قال: يا أمير المؤمنين اني اتيتك من ناحية الشام وانا شيخ كبير قد سمعت فيك من الفضل ما لا أُحصي، واني اظنّك ستغتال [1] فعلمني مما علمك الله.

قال: نعم، يا شيخ! من اعتدل يوماه فهو مغبون، ومن كانت الدنيا همّته اشتدت حسرته عند فراغها، ومن كان غده شرّ يوميه فمحروم ومن لم يبال ما رزء [2] من آخرته إذا سلمت له دنياه فهو هالك، ومن لم يتعاهد النقص من نفسه غلب عليه الهوي، ومن كان في نقص فالموت خير له.

يا شيخ: ارض للناس ما ترضي لنفسك، وات الي الناس ما تحب ان يؤتي اليك.

ثمّ أقبل علي أصحابه فقال: ايها الناس اما ترون إلي أهل الدنيا يمسون ويصبحون علي أحوال شتّي، فبين صريع يتلوّي وبين عائد ومعود وآخر بنفسه يجود، وآخر لا يرجي وآخر مسجّي [3] وطالب الدنيا والموت يطلبه، وغافل ليس بمغفول عنه، وعلي اثر الماضي يصير الباقي.

فقال له زيد بن صوحان العبديّ: يا أمير المؤمنين ايّ سلطان اغلب واقوي؟

قال: الهوي.

قال: فأيّ ذلّ اذل؟

قال: الحرص علي الدنيا.

قال: فأيّ فقر اشدّ؟

قال: الكفر بعد الإيمان.

قال: فأيّ دعوة اضلّ؟

قال: الداعي بما لا يكون.

قال: فأيّ عمل أفضل؟

قال: التقوي.

قال: فأيّ عمل انجح؟

قال: طلب ما عند الله.

قال: فأيّ صاحب شرّ؟

قال: المزيّن لك معصية الله.

قال: فأيّ الخلق اشقي؟

قال: من باع دينه بدنيا غيره.

قال: فأيّ الخلق اقوي؟

قال: الحليم.

قال: فأيّ الخلق اشحّ؟

قال: من اخذ المال من غير حلّه فجعله في غير حقّه.

قال: فأيّ الناس اكيس؟

قال: من ابصر رشده من غيّه فمال إلي رشده.

قال: فمن احلم الناس؟

قال: الذي لا يغضب.

قال: فأيّ الناس اثبت رأياً؟

قال: من لم يغرّه الناس في نفسه ولم تغرّه الدنيا بتشوفّها [4] .

قال: فأيّ الناس احمق؟

قال: المغترّ بالدنيا وهو يري ما فيها من تقلّب احوالها.

قال: فأيّ الناس اشدّ حسرة؟

قال: الذي حرم الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين.

قال: فأيّ الخلق اعمي؟

قال: الذي عمل لغير الله، يطلب بعمله الثواب من عند الله عزّ وجلّ.

قال: فأيّ القنوع أفضل؟

قال: القانع بما اعطاه الله.

قال: فأيّ المصائب اشدّ؟

قال: المصيبة بالدين.

قال: فأيّ الأعمال احبّ إلي الله عزّ وجلّ؟

قال: انتظار الفرج.

قال: فأيّ الناس خير عند الله عزّ وجلّ؟

قال: اخوفهم لله واعملهم بالتقوي وازهدهم في الدنيا.

قال: فأيّ الكلام أفضل عند الله عزّ وجلّ؟

قال: كثرة ذكره والتضرع إليه والدعاء.

قال: فأيّ القول اصدق؟

قال: شهادة أن لا اله الاّ الله.

قال: فأيّ الأعمال اعظم عند الله عزّ وجل؟

قال: التسليم والورع.

قال: فأيّ الناس اصدق؟

قال: من صدّق في المواطن.

ثمّ أقبل (عليه السلام) علي الشيخ فقال: يا شيخ ان الله عزّ وجلّ خلق خلقاً ضيّق الدنيا عليهم نظرا لهم، فزهّدهم فيها وفي حُطامها فرغبوا في دار السلام التي دعاهم اليها وصبروا علي ضيق المعيشة وصبروا علي المكروه، واشتاقوا إلي ما عند الله من الكرامة، وبذلوا نفسهم ابتغاء رضوان الله، وكانت خاتمة اعمالهم الشهادة فلقوا الله وهو عنهم راض، وعلموا انّ الموت سبيل من مضي ومن بقي، فتزوّدوا لآخرتهم غير الذهب والفضة، والبسوا الخشن، وصبروا علي الذل وقدّموا الفضل واحبّوا في الله وابغضوا في الله عزّ وجلّ اولئك المصابيح في الدنيا وأهل النعيم في الآخرة والسلام.

فقال الشيخ: فأين اذهب وادع الجنة - وانا اراها واري اهلها معك يا أمير المؤمنين -؟ جهزني بقوّة أتقوّي بها علي عدوّك، فأعطاه أمير المؤمنين (عليه السلام) سلاحاً وحمله وكان في الحرب بين يدي أمير المؤمنين (عليه السلام) يضرب قدماً قدماً و أمير المؤمنين (عليه السلام) يعجب مما يصنع، فلما اشتدّت الحرب اقدم فرسه حتّي قتل - رحمة الله عليه - واتبعه رجل من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) فوجده صريعاً ووجد دابتّه ووجد سيفه في ذراعه، فلما انقضت الحرب اتي أمير المؤمنين (عليه السلام) بدابّته وسلاحه وصلّي عليه أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال:

هذا والله السعيد حقّاً فترحمّوا علي اخيكم.


پاورقي

[1] غاله واغتاله: اخذه من حيث لا يدري وقتله.

[2] رزأه: اصابه و نقصه.

[3] سجي الميّت تسجية: مد عليه ثوباً يستره.

[4] التشوف: التزين.