في الاعتذار من السائل
خَرَجَ سائِلٌ يَتَخَطّي أزِقَّةَ المَدينَةِ، حَتّي أتي بابَ الحُسَينِ بنِ عَلِيّ عليهما السلام، فَقَرَعَ البابَ وأنشَأَ يَقولُ:
لَم يَخِبِ اليَومَ مَن رَجاكَ ومَن
حَرَّكَ مِن خَلفِ بابِكَ الحَلَقَه
فَأَنتَ ذُوالجودِ أنتَ مَعدِنُهُ
أبوكَ قد كانَ قاتِلَ الفَسَقَه. [1] .
وكانَ الحُسَينُ بنُ عَلِيّ عليه السلام واقِفاً يُصَلّي، فَخَفَّفَ مِن صَلاتِهِ وخَرَجَ إلَي الأَعرابِيِّ، فَرَأي عَلَيهِ أثَرَ ضُرٍّ وفاقَةٍ، فَرَجَعَ ونادي بِقَنبَرٍ، فَأَجابَهُ: لَبَّيكَ يَابنَ رَسولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله.
قالَ: ما تَبَقّي مَعَكَ مِن نَفَقَتِنا؟ قالَ: مِئَتا دِرهَمٍ، أمَرتَني بِتَفرِقَتِها في أهلِ بَيتِكَ.
قالَ: فَهاتِها فَقَد أتي مَن هُوَ أحَقُّ بِها مِنهُم، فَأَخَذَها وخَرَجَ يَدفَعُها إلَي الأَعرابِيِّ، وأنشَأَ يَقولُ:
خُذها وإنّي إلَيكَ مُعتَذِرٌ
وَاعلَم بِأَنّي عَلَيكَ ذو شَفَقَه
لَو كانَ في سَيرِنا عَصاً تُمَدُّ إذاً [2] .
كانَت سَمانا عَلَيكَ مُندَفِقَه
لكِنَّ رَيبَ المَنونِ [3] ذو نَكَدٍ [4] .
وَالكَفُّ مِنّا قَليلَةُ النَّفَقَه
قالَ: فَأَخَذَهَا الأَعرابِيُّ ووَلّي وهُوَ يَقولُ:
مُطَهَّرونَ نَقِيّاتٌ جُيوبُهُم
تَجرِي الصَّلاةُ عَلَيهِم أينَما ذُكِروا
وأنتُمُ أنتُمُ الأَعلَونَ عِندَكُم
عِلمُ الكِتابِ وما جاءَت بِهِ السُّوَرُ
مَن لَم يَكُن عَلَوِيّاً حينَ تَنسُبُهُ
فَما لَهُ في جَميعِ النّاسِ مُفتَخَرُ. [5] .
پاورقي
[1] توجد بعض الأخطاء في هذين البيتين في المصدر، وصحَّحناها من الترجمة المطبوعة بتحقيق محمّد باقر المحمودي.
[2] في المصدر: «تمداداً»، والتصويب من بغية الطلب في تاريخ حلب. وفي الترجمة المطبوعة الآنفة الذکر: «لو کانَ في سَيرنا الغَداةَ عصاً».
[3] في الترجمة المطبوعة الآنفة الذکر: «ريب الزمان».
[4] نَکِدَ عَيشُه: اشتَدَّ وعَسُر (القاموس المحيط: ج 1 ص 342 «نکد»).
[5] تاريخ دمشق: ج 14 ص 185، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج 6 ص 2593 وراجع: المناقب لابن شهرآشوب: ج 4 ص 65 وبحار الأنوار: ج 44 ص 190 ح 2.