بازگشت

حلف الفضول


734. السيرة النبويّة عن محمّد بن إبراهيم بن الحارث التيميّ: إنَّهُ كانَ بَينَ الحُسَينِ بنِ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام، وبَينَ الوَليدِ بنِ عُتبَةَ بنِ أبي سُفيانَ - وَالوَليدُ يَومَئِذٍ أميرٌ عَلَي المَدينَةِ أمَّرَهُ عَلَيها عَمُّهُ مُعاوِيَةُ بنُ أبي سُفيانَ - مُنازَعَةٌ في مالٍ كانَ بَينَهُما بِذِي المَروَةِ [1] ، فَكانَ الوَليدُ تَحامَلَ عَلَي الحُسَينِ عليه السلام في حَقِّهِ لِسُلطانِهِ.

فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام: أحلِفُ بِاللَّهِ لَتُنصِفَنّي مِن حَقّي، أو لَآخُذَنَّ سَيفي ثُمَّ لَأَقومَنَّ في مَسجِدِ رَسولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله ثُمَّ لَأَدعُوَنَّ بِحِلفِ الفُضولِ [2] .

قالَ: فَقالَ عَبدُ اللَّهِ بنُ الزُّبَيرِ - وهُوَ عِندَ الوَليدِ حينَ قالَ الحُسَينُ عليه السلام ما قالَ -:

وأنَا أحلِفُ بِاللَّهِ لَئِن دَعا بِهِ لَآخُذَنَّ سَيفي، ثُمَّ لَأَقومَنَّ مَعَهُ حَتّي يُنصَفَ مِن حَقِّهِ أو نَموتَ جَميعاً.

قالَ: فَبَلَغَتِ المِسوَرَ بنَ مَخرَمَةَ بنِ نَوفِلٍ الزُّهرِيَّ، فَقالَ مِثلَ ذلِكَ.

وبَلَغَت عَبدَ الرَّحمنِ بنَ عُثمانَ بنِ عُبيدِ اللَّهِ التَّيمِيَّ، فَقالَ مِثلَ ذلِكَ.

فَلَمّا بَلَغَ ذلِكَ الوَليدَ بنَ عُتبَةَ، أنصَفَ الحُسَينَ عليه السلام مِن حَقِّهِ حَتّي رَضِيَ. [3] .

735. الأغاني عن مصعب عن أبيه: أنَّ الحُسَينَ بنَ عَلِيّ عليه السلام كانَ بَينَهُ وبَينَ مُعاوِيَةَ كَلامٌ في أرضٍ لَهُ، فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام: اِختَر خَصلَةً مِن ثَلاثِ خِصالٍ: إمّا أن تَشتَرِيَ مِنّي حَقّي، وإمّا أن تَرُدَّهُ عَلَيَّ، أو تَجعَلَ بَيني وبَينَكَ ابنَ الزُّبَيرِ وَابنَ عُمَرَ، وَالرّابِعَةُ الصَّيلَمُ [4] .

قالَ: ومَا الصَّيلَمُ؟

قالَ: أن أهتِفَ بِحِلفِ الفُضولِ.

قالَ: فَلا حاجَةَ لَنا بِالصَّيلَمِ. [5] .

736. تاريخ دمشق عن مصعب: خَرَجَ الحُسَينُ عليه السلام مِن عِندِ مُعاوِيَةَ فَلَقِيَ ابنَ الزُّبَيرِ، وَالحُسَينُ عليه السلام مُغضَبٌ، فَذَكَرَ الحُسَينُ عليه السلام أنَّ مُعاوِيَةَ ظَلَمَهُ في حَقٍّ لَهُ، فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام: اُخَيِّرُهُ في ثَلاثِ خِصالٍ وَالرّابِعَةُ الصَّيلَمُ: أن يَجعَلَكَ أوِ ابنَ عُمَرَ بَيني وبَينَهُ، أو يُقِرَّ بِحَقّي ثُمَّ يَسأَلَني فَأَهِبَهُ لَهُ، أو يَشتَرِيَهُ مِنّي، فَإِن لَم يَفعَل فَوَالَّذي نَفسي بِيَدِهِ لَأَهتِفَنَّ بِحِلفِ الفُضولِ.

فَقالَ ابنُ الزُّبَيرِ: وَالَّذي نَفسي بِيَدِهِ، لَئِن هَتَفتَ بِهِ وأنَا قاعِدٌ لَأَقومَنَّ، أو قائِمٌ

لَأَمشِيَنَّ، أو ماشٍ لَأَشتَدَّنَّ، حَتّي تَفني روحي مَعَ روحِكَ أو يُنصِفَكَ.

قالَ: ثُمَّ ذَهَبَ ابنُ الزُّبَيرِ إلي مُعاوِيَةَ، فَقالَ: لَقِيَنِي الحُسَينُ فَخَيَّرَني في ثَلاثِ خِصالٍ، وَالرّابِعَةُ الصَّيلَمُ.

قالَ مُعاوِيَةُ: لا حاجَةَ لَنا بِالصَّيلَمِ، إنَّكَ لَقيتَهُ مُغضَباً فَهاتِ الثَّلاثَ خِصالٍ.

قالَ: تَجعَلُني أوِ ابنَ عُمَرَ بَينَكَ وبَينَهُ.

فَقالَ: قَد جَعَلتُكَ بَيني وبَينَهُ أوِ ابنَ عُمَرَ أو جَعَلتُكُما جَميعاً.

قالَ: أو تُقِرُّ لَهُ بِحَقِّهِ؟

قالَ: فَأَنَا اُقِرُّ لَهُ بِحَقِّهِ وأسأَلُهُ إيّاهُ.

قالَ: أو تَشتَريهِ مِنهُ؟

قالَ: فَأَنَا أشتَريهِ مِنهُ.

قالَ: فَلَمَّا [6] انتَهي إلَي الرّابِعَةِ، قالَ لِمُعاوِيَةَ كَما قالَ لِلحُسَينِ عليه السلام: إن دَعاني إلي حِلفِ الفُضولِ أجَبتُهُ.

قالَ مُعاوِيَةُ: لا حاجَةَ لَنا بِهذِهِ....

وحَكَي الزُّبَيرُ أيضاً نَحوَ هذِهِ القِصَّةِ لِلحَسَنِ بنِ عَلِيّ عليه السلام مَعَ مُعاوِيَةَ، إلّا أنَّ هذِهِ أتَمُّ. [7] .


پاورقي

[1] ذُو المَرْوَة: قرية بوادي القري، وقيل بين خشب ووادي القري (معجم البلدان: ج 5 ص 116).

[2] حلف الفضول: کان نفر من جُرهم وقطوراء يقال لهم: الفُضيل بن الحارث الجرهمي، والفُضيل بن وداعة القَطوري، والمفضّل بن فضالة الجرهمي، اجتمعوا فتحالفوا ألّا يُقرّوا ببطن مکّة ظالماً، وقالوا: لا ينبغي إلّا ذلک لما عظّم اللَّه من حقّها، فقال عمرو بن عوف الجرهمي:



إنّ الفضولَ تَحالفوا وتعاقدوا

ألّا يَقرَّ ببطن مکّة ظالمُ



أمرٌ عليه تعاهدوا وتواثقوا

فالجارُ والمعترّ فيهم سالمُ



ثمّ درس ذلک فلم يبقَ إلّا ذکره في قريش.

ثمّ إنّ قبائل من قريش تداعت إلي ذلک الحلف، فتحالفوا في دار عبد اللَّه بن جدعان لشرفه وسنّه، وکانوا بني هاشم وبني المطّلب وبني أسد بن عبد العُزّي وزُهرة بن کلاب وتيم بن مرّة، فتحالفوا وتعاقدوا ألّا يجدوا بمکّة مظلوماً من أهلها أو من غيرهم من سائر الناس إلّا قاموا معه وکانوا علي ظلمه، حتّي تردّ عليه مظلمته، فسمّت قريش ذلک الحلف (حلف الفضول) وشهده رسول اللَّه‏ صلي الله عليه وآله، فقال حين أرسله اللَّه تعالي: «لقد شهدت مع عمومتي حلفاً في دار عبد اللَّه بن جُدعان ما اُحبّ أنّ لي به حُمرَ النَّعم، ولو دُعيت به في الإسلام لأجبت» (الکامل في التاريخ: ج 1 ص 473).

[3] السيرة النبويّة لابن هشام: ج 1 ص 142، تفسير القرطبي: ج 6 ص 33 عن ابن إسحاق، تاريخ دمشق: ج 63 ص 210 عن محمّد بن الحارث التميمي، الأغاني: ج 17 ص 295 کلّها نحوه.

[4] الصَّيلَمُ: القَطيعَةُ المنکرة (النهاية: ج 3 ص 49 «صلم»).

[5] الأغاني: ج 17 ص 296، شرح نهج البلاغة: ج 15 ص 227عن الزبير نحوه.

[6] في المصدر: «فما»، والصواب ما أثبتناه کما في الأغاني.

[7] تاريخ دمشق: ج 59 ص 180، الأغاني: ج 17 ص 297 وراجع: شرح نهج البلاغة: ج 15 ص 227.