بازگشت

طاعة المخلوق عصيانا للخالق


631. المناقب عن إسماعيل بن رجاء وعمرو بن شعيب: أنَّهُ مَرَّ الحُسَينُ عليه السلام عَلي عَبدِ اللَّهِ بنِ عَمرِو بنِ العاصِ، فَقالَ عَبدُ اللَّهِ: مَن أحَبَّ أن يَنظُرَ إلي أحَبِّ أهلِ الأَرضِ إلي أهلِ السَّماءِ، فَليَنظُر إلي هذَا المُجتازِ، وما كَلَّمتُهُ مُنذُ لَيالي صِفّينَ.

فَأَتي بِهِ أبو سَعيدٍ الخُدرِيُّ إلَي الحُسَينِ عليه السلام، فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام: أتَعلَمُ أنّي أحَبُّ أهلِ الأَرضِ إلي أهلِ السَّماءِ، وتُقاتِلُني وأبي يَومَ صِفّينَ؟! وَاللَّهِ إنَّ أبي لَخَيرٌ مِنّي!

فَاستَعذَرَ وقالَ: إنَّ النَّبِيّ صلي الله عليه وآله قالَ لي: «أطِع أباكَ».

فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام: أما سَمِعتَ قَولَ اللَّهِ تَعالي: «وَ إِن جَهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ

لَكَ بِهِ ي عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَآ» [1] ، وقَولَ رَسولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله: «إنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعروفِ»، وقَولَهُ: «لا طاعَةَ لِمَخلوقٍ في مَعصِيَةِ الخالِقِ»؟! [2] .

632. شرح الأخبار عن رجاء: كُنتُ جالِساً مَعَ عَبدِ اللَّهِ بنِ عَمرِو بنِ العاصِ وأبي سَعيدٍ الخُدرِيِّ بِالمَدينَةِ في حَلقَةٍ بِمَسجِدِ الرَّسولِ صلي الله عليه وآله، فَمَرَّ بِنَا الحُسَينُ بنُ عَلِيّ عليه السلام، فَسَلَّمَ ورَدَّ عَلَيهِ القَومُ، وسَكَتَ عَبدُ اللَّهِ بنُ عَمرِو بنِ العاصِ، ثُمَّ أتبَعَهُ: وعَلَيكَ السَّلامُ ورَحمَةُ اللَّهِ، بَعدَ ما فَرَغَ القَومُ.

ثُمَّ قالَ: ألا اُخبِرُكُم بِأَحَبِّ أهلِ الأَرضِ إلي أهلِ السَّماءِ؟

قُلنا: بَلي.

قالَ: هُوَ هذَا المُقَفّي [3] ، وما كَلَّمَني كَلاماً مُنذُ لَيالي صِفّينَ، ولَأَن رَضِيَ عَنّي أحَبُّ إلَيَّ مِن أن يَكونَ لي حُمرُ النَّعَمِ.

فَقالَ أبو سَعيدٍ: فَإِن شِئتَ انطَلَقنا إلَيهِ، فَاعتَذَرتَ إلَيهِ. قالَ: نَعَم.

فَتَواعَدا أن يَغدُوا إلَيهِ، فَغَدَوتُ مَعَهُما، فَدَخَلَ أبو سَعيدٍ ودَخَلتُ مَعَهُ، فَجَلَسَ أبو سَعيدٍ إلي جانِبِ الحُسَينِ عليه السلام وَاستَأذَنَهُ لِعَبدِ اللَّهِ بنِ عَمرٍو، فَقالَ لَهُ: يَابنَ رَسولِ اللَّهِ، مَرَرتَ بِنا أمسِ، فَقالَ لَنا عَبدُ اللَّهِ كَيتَ وكَيتَ، فَقُلتُ لَهُ: ألا تَمضي تَعتَذِرُ إلَيهِ؟ فَقالَ: نَعَم، وقَد جاءَ يَعتَذِرُ إلَيكَ، فَائذَن لَهُ يَابنَ رَسولِ اللَّهِ. فَأَذِنَ لَهُ.

فَدَخَلَ عَبدُ اللَّهِ بنُ عَمرِو بنِ العاصِ، وأبو سَعيدٍ جالِسٌ إلي جانِب الحُسَينِ عليه السلام،

فَسَلَّمَ، ثُمَّ وَقَفَ، فَانزَجَلَ [4] لَهُ أبو سَعيدٍ، فَجَذَبَ الحُسَينُ عليه السلام أبا سَعيدٍ إلَيهِ ثُمَّ تَرَكَهُ، فَانزَجَلَ لَهُ، فَجَلَسَ بَينَهُما.

فَقالَ لَهُ أبو سَعيدٍ: حَديثُكَ يا عَبدَ اللَّهِ.

قالَ عَبدُ اللَّهِ: نَعَم، قُلتُ ذلِكَ، وأشهَدُ أنَّهُ أحَبُّ أهلِ الأَرضِ إلي أهلِ السَّماءِ.

قالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام: أفَتَعلَمُ أنّي أحَبُّ أهلِ الأَرضِ إلي أهلِ السَّماءِ، وتُقاتِلُني أنَا وأبي يَومَ صِفّينَ؟! وَاللَّهِ إنَّ أبي لَخَيرٌ مِنّي!

قالَ عَبدُ اللَّهِ: أجَل، وَاللَّهِ ما أكثَرتُ لَهُم سَواداً، ولَا اختَرَطتُ سَيفاً [5] مَعَهُم، ولا رَمَيتُ مَعَهُم بِسَهمٍ، ولا طَعَنتُ مَعَهُم بِرُمحٍ، ولكِن كانَ أبي قَد شَكاني إلي رَسولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله، وقالَ: هُوَ يَصومُ النَّهارَ ويَقومُ اللَّيلَ، وقَد أمَرتُهُ أن يَرفُقَ بِنَفسِهِ، فَقَد عَصاني. فَقالَ لي رَسولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله: «أطِع أباكَ»، فَلَمّا دَعاني إلَي الخُروجِ مَعَهُ، فَذَكَرتُ قَولَ رَسولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله: «أطِع أباكَ»، فَخَرَجتُ مَعَهُ.

فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام: أما سَمِعتَ قَولَ اللَّهِ: «وَ إِن جَهَدَاكَ عَلَي أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ ي عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا» [6] ، وقَولَ رَسولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله: «إنَّمَا الطّاعَةُ فِي المَعروفِ»، وقَولَهُ: «لا طاعَةَ لِمَخلوقٍ في مَعصِيَةِ الخالِقِ»؟!

قالَ: بَلي، قَد سَمِعتُ ذلِكَ يَابنَ رَسولِ اللَّهِ، وكَأَنّي لَم أسمَعهُ إلَّا اليَومَ. [7] .

راجع: ص132 (ربّ ذنب أحسن من الاعتذار منه).


پاورقي

[1] العنکبوت: 8.

[2] المناقب لابن شهرآشوب: ج 4 ص 73، بحار الأنوار: ج 43 ص 297 ح 59.

[3] المُقَفّي: المُوَلّي الذاهب (النهاية: ج 4 ص 94 «قفا»).

[4] هکذا في المصدر، وفي المعجم الأوسط: «فزَحَلَ له»، والظاهر أنّه الصواب، قال ابن الأثير: يقال: زَحَلَ الرجلُ عن مقامه وتزحَّلَ: إذا زالَ عنه (النهاية: ج 2 ص 298 «زحل»).

[5] اختَرَطَ سَيفَهُ: أي سَلَّهُ من غِمدِه (النهاية: ج 2 ص 23 «خرط»).

[6] لقمان: 15.

[7] شرح الأخبار: ج 1 ص 145 ح 84؛ المعجم الأوسط: ج 4 ص 181 ح 3917، اُسد الغابة: ج 3 ص 347 الرقم 3092، تاريخ دمشق: ج 31 ص 275 کلّها نحوه، کنز العمّال: ج 11 ص 343 ح 31695.