بازگشت

عتق جارية بقراتها القرآن


516. تاريخ دمشق عن الأصمعي: عُرِضَت عَلي مُعاوِيَةَ جارِيَةٌ فَأَعجَبَتهُ، فَسَأَلَ عَن ثَمَنِها، فَإِذا ثَمَنُها مِئَةُ ألفِ دِرهَمٍ، فَابتاعَها، ونَظَرَ إلي عَمرِو بنِ العاصِ، فَقالَ: لِمَن تَصلُحُ هذِهِ الجارِيَةُ؟ فَقالَ: لِأَميرِ المُؤمِنينَ. قالَ: ثُمَّ نَظَرَ إلي غَيرِهِ، فَقالَ لَهُ كَذلِكَ. فَقالَ: لا. فَقيلَ: لِمَن؟ قالَ: لِلحُسَينِ بنِ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ، فَإِنَّهُ أحَقُّ بِها لِما لَهُ مِنَ الشَّرَفِ، ولِما كانَ بَينَنا وبَينَ أبيهِ.

فَأَهداها لَهُ، فَأَمَرَ مَن يَقومُ عَلَيها.

فَلَمّا مَضَت أربَعونَ يَوماً، حَمَلَها، وحَمَلَ مَعَها أموالاً عَظيمَةً وكِسوَةً وغَيرَ ذلِكَ، وكَتَبَ: إنَّ أميرَ المُؤمِنينَ اشتَري جارِيَةً فَأَعجَبَتهُ، فَآثَرَكَ بِها.

فَلَمّا قَدِمَت عَلَي الحُسَينِ بنِ عَلِيّ عليه السلام اُدخِلَت عَلَيهِ، فاُعجِبَ بِجَمالِها، فَقالَ لَها: مَا اسمُكِ؟

فَقالَت: هَويً.

قالَ: أنتَ هَويً كَما سُمِّيتِ. هَل تُحسِنينَ شَيئاً؟

قالَت: نَعَم، أقرَأُ القُرآنَ، واُنشِدُ الأَشعارَ.

قالَ: اِقرَئي.

فَقَرَأَت: «وَعِندَهُ و مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَآ إِلَّا هُوَ» [1] .

قالَ: أنشِديني.

قالَت: ولِيَ الأَمانُ؟

قالَ: نَعَم. فَأَنشَأَت تَقولُ:



أنتَ نِعمَ المَتاعُ لَو كُنتَ تَبقي

غَيرَ أن لا بَقاءَ لِلإِنسانِ



فَبَكَي الحُسَينُ عليه السلام، ثُمَّ قالَ: أنتِ حُرَّةٌ، وما بَعَثَ بِهِ مُعاوِيَةُ مَعَكِ فَهُوَ لَكِ. ثُمَّ قالَ لَها: هَل قُلتِ في مُعاوِيَةَ شَيئاً؟ فَقالَت:



رَأَيتُ الفَتي يَمضي ويَجمَعُ جُهدَهُ

رَجاءَ الغِني وَالوارِثونَ قُعودُ



وما لِلفَتي إلّا نَصيبٌ مِنَ التُّقي

إذا فارَقَ الدُّنيا عَلَيهِ يَعودُ



فَأَمَرَ لَها بِأَلفِ دينارٍ وأخرَجَها. ثُمَّ قالَ: رَأَيتُ أبي كَثيراً ما يُنشِدُ:



ومَن يَطلُبُ الدُّنيا لِحالٍ تَسُرُّهُ

فَسَوفَ لَعَمري عَن قَليلٍ يَلومُها



إذا أدبَرَت كانَ عَلَي المَرءِ فِتنَةً

وإن أقبَلَت كانَت قَليلٌ دَوامُها



ثُمَّ بَكي وقامَ إلي صَلاتِهِ. [2] .


پاورقي

[1] الأنعام: 59.

[2] تاريخ دمشق: ج 70 ص 196.