بازگشت

الجواب 6


وهو لاحد اعاظم اساتذتنا حفظه الله تعالي ؛ حيث قال : بان ّ هذا الإقدام من قبل الإمام لامعصوم لا يعد إلقاء في التهلكة ، وذلك ان التكليف قائم علي العلم الذي يحصل عن الطريق المتعارف كالعلم الحصولي الذي يحصل بالتفكّر و التعلّم و نحو ذلك ، فهذا النحو من العلم هو الذي يقع عليه مدار التكليف ويكون حجة علينا، و اما العلم الملكوتي اللدنّي ليس كذلك ؛اي ما يكشفه هذا العلم من حقائق خارجية ليس مادراً للتكليف . بناءً علي هذا فإن ّ علم الائمة : لاذي يكون عن هذا الطريق الذي يكشف لهم بعض الحقائق من المنافع و المضار و كيفية موتهم ليس محطاً للتكليف ،والدليل علي هذا قول النبي الاكرم (ص): «إنّما اقضي بينكم بالبيّنات والإيمان ». اي بحسب العلم الظاهري دون العلم الباطني الملكوتي ، مع ان ّ علله عزّ وجل ّ قال في محكم كتابه : (فَسَيَرَي اللَّه ُ عَمَلَكُم ْ وَ رَسُولُه ُ).فالرسول الاكرم (ص) يري حقيقة الاعمال كما يؤيد ذلك ايضاً بعض الروايات من ان اعمال الخلق تعرض علي كل ّ نبي عصر وإمام عصر،و يعلم ما يفعله العباد بإذن الله تعالي . مع هذا كان ماموراً بالعمل الظاهر،وكان يحكم علي طبق البيّنة والإيمان ، ولذا قال (ص) في ذيل هذا الحديث المتقدم : «بعضكم الحن بحجّته من بعض ؛ فايّما رجل قطعت له من مال اخيه شي ءفإنّما قطعت له به قطعة من النار».

إذن يمكن ان يكون هناك علم ٌ ما، لكن ّ ليس مداراً للتكليف والعمل به . وعليه فالائمة : مع انّهم يعلمون الغيب كما جاء في روايات عرض الاعمال عليهم ، فإنّهم كانوا يحكمون بحسب العلم الحصولي والحسّي اي بحسب الظاهر دون الباطن .

فعلم الإمام بكيفية قتله ليس رمياً في التهلكة ؛ لان منشاه عالم الملكوت دون عالم الملك .

نقول : في كلامه دام عزّه موارد للنظر:

اوّلاً: كون التكليف قائماً علي العلم الحصولي دون الملكوتي غير تام ،لان الخِضر (ع) كانتب عض تكاليفه قائمة علي العلم الملكوتي كما في قتل الغلام وغيره ، بل تكاليف نفس المعصوم وخاصة الانبياء والرسل : منشؤها العلم الملكوتي دونغيره . وكيفما كان فإن ّ مَن يراجع سيرة الائمة : يري بان بعض افعالهم كانت نتيجة علمهم الملكوتي ، من قبيل علم الإمام امير المؤمنين (ع) بوفاة سلمان الفارسي في المدائن وحضوره عنده وتغسيله و تكفينه و الصلاة عليه ودفنه مع انه كان في المدينة المنوّرة في الحجاز، و المدائن مدينة او مُدن قرب بغداد في العراق .

وكذلك حجب الإمام الكاظم (ع) لعلي بن يقطين في المدينة المنوّرة لحجبه إبراهيم الجمّال في الكوفة علي ما روي . و ما اكثر امثال هذا!

وفصل الخطاب انه قرر في علم اُصول الفقه : ان العلم و لاقطع بشي ء حجّة من اي طريق حصل ، وعليه فلو علم المعصوم علماً لدنيّاً بان هذاالطعام حرام فهل يجوز له اكله ؟

ثانياً: قوله دام عزّه : والدليل علي هذا قول النبي الاكرم (ص): «إنّما اقضي بينكم بالبيّنات والإيمان ... الخ »، فإنه دليل اخص ّ من المدّعي ؛ لانه قال (ص) «بينكم »، وهذا جزء من تكاليف المعصوم ، واما تكاليفه التي بينه وبين الله والمختصّة به فغير مشمولة لهذا البتّة .

علي انه اصل هذه المسالة غير مسلّمة عند الإمامية بل الاقوال فيهامتعددة ؛ فمن الإمامية من يزعم ان ّ احكام الائمة : علي الظواهر دون ما يعلمونه علي كل ّ حال ، ومنهم من يزعم ان احكامهم إنّما هي علي البواطن دون الظواهر التي يجوز فيها الخلاف ، و ذهب الشيخ المفيد وجماعة آخرون الي انه للإمام ان يحكم بعلمه كما يحكم بظاهر الشهادات ، و متي عرف من المشهود عليه ضد ما تضمنته الشهادة ابطل بذلك شهادة من شهد عليه ، و حكم فيهت بما اعلمه الله تعالي . و لا يخفي ان منشا هذه الاقوال هو اختلاف الاخبار و الآثار. وعلي هذا فلا يمكن الاعتماد علي ماذكره دام عزّه .

ثالثاً: قوله دام عزّه : «فعلم الإمام بكيفيّة قتله ليس رمياً في التهلكة ...الخ »؛ فإنه بناء علي ما تقدّم وذكرناه يبقي السؤال مطروحاً و يحتاج الي إجابة اُخري .