بازگشت

مراجع الامة و فقهاوها ماذا قالوا؟ و ماذا فعلوا؟


أعرض بين يديك يا قارئي العزيز إضمامة عطرة من كلمات وفتاوي مراجع الأمة وفقهائها وعلمائها في التطبير حزناً وجزعاً علي سيد الشهداء صلوات الله وسلامه عليه مقتطفاً ذلك من هنا وهناك: تارةً من كتبهم، وأخري من أجوبتهم ونصوص فتاواهم، وثالثةً من بياناتهم وأحوالهم، كلّ ذلك لا علي نحو التتبع والتقصي، وإنما هي شذرات أزيّن بها كتابي هذا وأحاول من خلالها أن أضع صورةً واضحةً عن موقف علماء الأمّة ورجالاتها من التطبير الحسيني بين يديك الكريمتين أيها القارئ الفهيم:

1- ممّا كتبه مرجع الطائفة وفقيهها الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء (ره) في جوابه علي الاستفتاء الموجّه إليه من جماعة من ذوي الفضل من النجف الأشرف يسألونه عن المواكب الحسينية وشعائر العزاء الحسيني بكلّ أشكاله المعروفة بين شيعة أهل البيت (عليهم السلام):

(نحن إذا لم نقل باستحبابها ورجحانها لتوفر الأدلة من الأخبار والأحاديث المتظافرة المشعرة بمحبوبية تلك المظاهرات لأهل البيت (عليهم السلام) فلا أقلّ من القول بالجواز والإباحة) [1] .

إلي أن يقول (ره):

(وما أحسب التعرّض للسؤال عن تلك الأعمال التي استمرت السيرة عليها منذ مئات من السنين وذلك بمشاهدة أعاظم العلماء لها وصلحاء أهل الدين مع عدم النكير من واحد منهم لا حديثاً ولا قديماً مع أنها بمرئي منهم ومسمع ما احسب وضعها في مجال السؤال والتشكيك إلاّ دسيسة أموية أو نزعة وهابية يريدون أن يتوصلوا بذلك إلي إطفاء ذلك النور الذي أبي الله إلا أن يتمّه ولو كره الكافرون كما إني لا ارتاب في انه لو تمت لهم هذه الحيلة ونجحت لا مسح الله هذه الوسيلة وعطلت تلك المواكب والمراسم في سنتين أو ثلاثة سري الداء واستفحل الخطب وتطرّقوا إلي السؤال والتشكيك فيما يقام في بلاد الشيعة من المآتم وجعلوا ذلك باباً إلي إماتة تلك المحافل والمشاهد التي بإحيائها إحياء الدين وبإماتتها إماتة ذكر الأئمة الطاهرين سلام الله عليهم ومن له اقلّ إلمام ووقوف علي المجتمعات والجمعيات التي عقدت في هذه الاعصار في مصر ودمشق وغيرها وما أصبحت تنشره من المقالات والمؤلّفات في إحياء ذكر بني أمية وتنزيههم وتبرير أعمالهم وتبرئتهم من قتل الحسن والحسين (عليهما السلام) والتنويه بذكر يزيد وانه من الخلفاء الراشدين والأئمة المرضيين عرف من أين سري هذا السمّ الخبيث وجاءت تلك البلية التي تريد أن تقضي علي حياة الشيعة وتزهق روح الشريعة ولا يروّج هذا إلا علي السذّج والبسطاء والمغفلين الذين يقتلون الدين باسم الدين من حيث لا يشعرون فالرجاء والأمل من جميع إخواننا المؤمنين ثبتهم الله بالقول الثابت وأيدهم بروح منه ترك الخوض في مثل هذه الأمور المتسالم عليها خلفاً عن سلف والتي هي من أعظم الوسائل إلي نيل الشفاعة والدخول في سفينة النجاة وأبواب الرحمة وليصرفوا أوقاتهم الثمينة في الاتّفاق والتعاضد والتعاون علي البر والتقوي فيما يعود إلي إصلاح شؤون دينهم ودنياهم وجمع كلمتهم علي الحق والهدي إن شاء الله تعالي ولا يخوضوا في ما يوجب اختلاف الأمة وتفرقة الكلمة والله وليّ التوفيق وبه المستعان) [2] .

وفي البيان الذي وجّهه إلي أهل البصرة بعد أن تتابعت عليه البرقيات تستفتيه وتسأله عن حكم الشريعة في الشعائر الحسينية عموماً قال (ره):

(أما الحكم الشرعي في تلك المظاهرات والمواكب فلا إشكال في أنّ اللطم علي الصدور وضرب السلاسل علي الظهور، وخروج الجماعات في الشوارع والطرقات بالمشاعل والأعلام مباحة مشروعة بل راجحة مستحبّة وهي وسيلة من الوسائل الحسينية وباب من أبواب سفينة النجاة وأما الضرب بالبطول والأبواق وأمثالها ممّا لا يعدّ من آلات اللهو والطرب فلا ريب أيضاً في إباحتها ومشروعيتها للإعلام والإشعار وتعظيم الشعار. وأما الضرب بالسيوف أو الخناجر والإدماء فهو كسوابقه مباح بمقتضي أصل الإباحة بل راجح بقصد إعلان الشعار للأحزان الحسينية نعم إلا أن يعلم بعروض عنوان ثانوي يقتضي حرمة شيء من تلك الأعمال الجليلة مثل كونه موجباً للضرر بتلف النفس أو الوقوع في مرض مزمن أما الألم الذي يزول بسرعة فلا يوجب الحرمة) [3] .

وقد كتب (ره) بهذا الخصوص مصرّحاً في بيان ثالث وجهّه إلي شيعة أهل البيت (عليهم السلام):

(سألتم أعزكم الله في عدة برقيات وردت إلينا منكم ومراسلات تتابعت لدينا عنكم: عن المواكب الحسينية زاد الله شرفها وعما يجري فيها من ضرب الرؤس والصدور بالسلاسل والسيوف والإدماء وقرع الطوس والطبول والشبيه أو الخروج في الشوارع والأزقّة بالهيئات المتعارفة والكيفيات المتداولة في أكثر بلاد الشيعة نصرها الله سيّما في العتبات المقدّسة دام شرفها. ولعمري ما كنت أحسب أن هذا الموضوع يعرض علي مطرقة النقد والتشكيك، أو يطرح في منطقة السؤال والترديد كيف وقد مرّت عليه الدهور والأحقاب وخضعت له أساطين الملة وأعلام الشريعة في جميع الاعصار والأدوار، ما أنكره منكر ولا اعترضه معترض، وهو بمرأي منهم ومسمع ومنتدي ومجمع، وقد كان يجري في القرن الماضي أزمنة السيد بحر العلوم وكاشف الغطاء قدّس الله أسرارهم من التشبيهات التي كانت تسمّي الدائرة ما هو أوسع وأشيع، واكثر وافر مما يجري في هذه العصور وفضلا عن سكوت أولئك الأساطين كانوا يمدونهم بالمساعدة، ويعضدونهم بالحضور والمشاهدة. وفي كشف الغطاء وجامع الشتات للمحقق القمّي وغيرهما من أقرانهما ما يشهد بذلك اكبر شهادة.

دع عنك هذه الشواهد والمشاهد وانظر إلي المسألة من وجهها العلمي ومن حيث القواعد والأدلة: أما أوّلاً: فالأصول الأولية تقضي بإباحة جميع تلك الأعمال وعلي مدعي الحرمة إقامة الدليل عليها والأصل مع المنكر ومطالبته بالدليل تضليل. وأمّا ثانياً: فكلّ واحد من تلك الأعمال علي الإجمال ممّا يتخرّج لمشروعيته وجه وجيه عند المتظلع الفقيه من عمومات الأدلة ومحكمات القواعد المعقولة والمنقولة.

اللطم واللدم: من ذا يشك ويرتاب في رجحان مواساة أهل بيت الرحمة وسفن النجاة والتأسي بهم في الأفراح والأتراح والضرّاء والسرّاء، أو من ذا يشك أنّ أهل البيت سلام الله عليهم قد لطموا في فاجعة الطف وجوههم ولدموا صدورهم وقرّح البكاء خدودهم وعيونهم وجوههم ولدموا صدورهم وقرّح البكاء خدودهم وعيونهم وفي زيارة الناحية المقدّسة: (فبرزن من الخدور ناشرات الشعور لاطمات الخدود سافرات الوجوه) [4] ولا تقل إنّ هذا مخصوص بيوم الطف وما قاربه، فقد روي الصدوق رضوان الله عليه إنّ دعبل لما أنشد الرضا (عليه السلام) تائيّة المشهورة التي فيها: (إذاً للطمت الخدّ فاطم عنده.. الخ) لطمت النساء وعلا الصراخ من وراء الستر وبكي الرضا (عليه السلام) في إنشاد القصيدة حتي أغمي عليه مرتين.. فإذاً جاز للرضا (عليه السلام) أن يتعرّض لسبب الإغماء الذي هو أخ الموت فلماذا لا يجوز لشيعته ضرب الرؤس والظهور ولدم الصدور وأمثالها مما هو دون الإغماء بكثير) [5] .

إلي أن يقول (ره):

(ضرب الرؤس والظهور بالسيوف والسلاسل: لا ريب إن جرح الإنسان نفسه وإخراج دمه بيده في حدّ ذاته من المباحات الأصلية ولكنه قد يجب تارة وقد يحرم أخري وليس وجوبه أو حرمته إلا بالعناوين الثانوية الطارئة عليه وبالجهات والاعتبارات فيجب كما لو توقّفت الصحة علي إخراجه كما في الفصد والحجامة وقد يحرم كما لو كان موجباً للضرر والخطر من مرض أو موت وقد تعرض له جهة تحسّنه ولا توجبه، وناهيك بقصد مواساة سيد أهل الإبا وخامس أصحاب العبا وسبعين باسل من صحبه وذويه، حسبك بصد مواساتهم وإظهار التفجّع والتلهّف عليهم وتمثيل شبح من حالتهم مجسّمة أمام عيون محبيهم، ناهيك بهذه الغايات والمقاصد جهات محسّنة وغايات شريفة ترتقي بتلك الأعمال من أخسّ مراتب الحطّة إلي أعلي مراتب الكمال.



وإنّ الآلي بالطفّ من آل هاشمٍ

تـــــأسّوا فسنّوا للكرام التأسّيا



إما ترتّب الضرر أحياناً بنزف الدم المودي إلي الموت أو إلي المرض المقتضي لتحريمه، فذاك كلام لا ينبغي أن يصدر من ذي لب فضلا عن فقيه أو متفقّه: أمّا أولاً: فلقد بلغنا من العمر ما يناهز الستين وفي كل سنة تقام نصب أعيننا تلك المحاشد الدموية وما رأينا شخصاً مات بها أو تضرر ولا سمعنا به في الغابرين. وأمّا ثانياً: فتلك الأمور علي فرض حصولها إنما هي عوارض وقتية، ونوادر شخصية، لا يمكن ضبطها ولا جعلها مناطاً لحكم أو ملاكاً لقاعدة، وليس علي الفقيه إلا بيان الأحكام الكلية أما الجزئيات فليس من شأن الفقيه ولا من وظيفته والذي علينا أن نقول: إنّ كل من يخاف الضرر علي نفسه من عمل من الأعمال يحرم عليه ارتكاب ذلك العمل. ولا أحسب إنّ أحد الضاربين رؤسهم بالسيوف يخاف من ذلك الضرب علي نفسه ويقدم علي فعله، ولئن حرم ذلك العمل عليه فهو لا يستلزم حرمته علي غيره وأما ما ورد في الأخبار وذكره الفقهاء في كتاب الحدود والديات من أقسام الشجاج كالحارصة: وهي التي تقشر الجلد، وفيها بعير، والدامية، وهي التي تأخذ من اللحم يسيراً، وفيها بعيران، وهلمّ جرّا إلي الهاشمة وفيها عشرة. فمعلوم إن المراد ما لو جناه إنسان علي أخر عدواناً لا ما إذا فعله الإنسان بنفسه، ضرورة إن الإنسان لا يملك علي نفسه شيئاً وهذا ممّا لا أظنه يخفي علي جاهل فضلاً عن فاضل. هذا وانّ بالأصل الذي شيدناه من إنّ المباح قد تعرض له جهات محسّنة يتضح لك الوجه في جميع تلك الأعمال العزائية في المواكب الحسينية) [6] .

وقد ختم رحمه الله بيانه وفتواه بهذا الكلام المتين السديد فقال:

فذلكة [7] المقام وخلاصة الفتوي:

إنّ واقعة الطف وما جري فيها من زوابع الفجائع واقعة خرقت النواميس الطبيعية والغرائز البشرية فضلا عن الشرائع الإلهية، وما رأت عين الدهر ولا سمعت واعية إلا زمان بواقعة مثلها ولا تسمع بمثلها أبدا، وكما أنها أخذت بمجامع الغرابة والتفرد في بابها فكذلك أحكامها غريبة الشكل عديمة النظير بديعة الأسلوب متفردة في بابها:

الجزع والبكاء في المصائب مهما عظمت قبيح مكروه ولكن صادق أهل البيت سلام الله عليه وعليهم يقول في حديث معتبر: (البكاء والجزع كله مكروه إلا علي الحسين صلوات الله عليه).

شقّ الجيوب علي الفقيد وخمش الوجوه محرّم في الأشهر ولكن صادق أهل البيت سلام الله عليه يقول في حديث وثيق: (علي مثل الحسين فلتشق الجيوب، ولتخمش الوجوه، ولتلطم الخدود).

إيذاء النفس وإدماء الجسد مرغوب عنه مذموم سيما من الأعاظم وأرباب العزائم، والحجة عجل الله فرجه يقول في زيارة الناحية: (فلاندبنّك صباحاً ومساءاً، ولأبكينّ عليك [8] بدل الدموع دماً) وقد سبقه إلي ذلك جدّه زين العابدين (عليه السلام) ففي بعض روايات المجلسي علي ما يعلق ببالي من زمن متقادم: أنّ زين العابدين كان أحيانا إذا قدّم إليه قدح فيه ماء بكي حتي يملأه دما. وعلي هذه الوتيرة فاسحب وجرّ سائر الأعمال التي يؤتي بها بقصد الحزن والتوجع لفاجعة الطف وإنها لعمر الله باب الرحمة الواسعة وسفينة النجاة من كل هلكة ومن ذا يقدر علي سدّ باب رحمة الله، أو يقطع أعظم الذرائع والوسائل إلي الله) [9] .

2- ومما جاء في الفتوي المشهورة والمعروفة بين أهل العلم والفقه التي أصدرها المرجع الديني المعروف المحقق الشيخ محمّد حسين النائيني (ره) حيث كتب بخط يده:

(لا إشكال في جواز اللطم بالأيدي علي الخدود والصدور حدّ الاحمرار والاسوداد، بل يقوي جواز الضرب بالسلاسل أيضاً علي الأكتاف والظهور إلي الحد المذكور، بل وإن تأدّي كلّ من اللطم والضرب إلي خروج دم يسير علي الأقوي، وأما إخراج الدم من الناصية بالسيوف والقامات فالأقوي جواز ما كان ضرره مأموناً. وكان من مجرد إخراج الدم من الناصية بلا صدمة علي عظمها ولا يتعقّب عادة بخروج ما يضر خروجه من الدم ونحو ذلك، كما يعرفه المتدرّبون العارفون بكيفية الضرب، ولو كان عند الضرب مأموناً ضرره بحسب العادة، ولكن اتفق خروج الدم قدر ما يضر خروجه لم يكن ذلك موجباً لحرمته ويكون كمن توضأ أو اغتسل أو صام آمناً من ضرره ثم تبيّن تضرره منه، لكن الأولي، بل الأحوط، أن لا يقتحمه غير العارفين المتدرّبين ولا سيما الشبّاب الذين لا يبالون بما يوردون علي أنفسهم لعظم المصيبة وامتلاء قلوبهم من المحبة الحسينية ثبّتهم الله تعالي بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) [10] .

وقد أمضاها وأيّدها مراجع الطائفة وفقهاؤها الذين كانوا في عصره، والذين جاءوا من بعده أيضاً إلي يومنا هذا. ومن أبرز أولئك الذين أعلنوا موافقتهم وإمضاءهم لما جاء في فتوي الشيخ النائيني (ره):

1- السيد محسن الحكيم (ره).

2- السيد عبد الهادي الشيرازي (ره).

3- السيد حسين الحمّامي (ره).

4- الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء (ره).

5- الشيخ محمد كاظم الشيرازي (ره).

6- السيد علي مدد الموسوي القايني (ره).

7- السيد جمال الدين الكلبايكاني (ره).

8- السيد محمود الشاهرودي (ره).

9- السيد أبو القاسم الخوئي (ره).

10- الشيخ محمّد حسين المظفّر (ره).

11- السيد مهدي الشيرازي (ره).

12- الشيخ محمّد رضا الطبسي النجفي (ره).

وأكتفي بهذا العدد المبارك تيمناً وإلاّ فالأسماء كثيرة جداً. ويمكنك يا قارئي العزيز أن تراجع الكتب التالية نقلت فتوي الشيخ النائيني (ره) وفتاوي غيره من المراجع والفقهاء سواء الذين ذكرت أسماءهم علي سبيل المثال أو الذين لم أذكر أسماءهم وهم كثير جداً:

1- نصرة المظلوم الشيخ حسن المظفّر (ره) طبعة النجف الأشرف 1345 هـ، المطبعة العلوية.

2- أحسن الجزاء في إقامة العزاء علي سيد الشهداء (عليه السلام)، الجزء الثاني السيد محمّد رضا الحسيني الأعرجي طبعة قم المقدّسة 1401 هـ، المطبعة العلمية.

3- حول البكاء علي الإمام الحسين (عليه السلام) السبط الشهيد الشيخ محمّد الشيخ محمّد علي دانشيار طبعة قم المقدّسة 1405 هـ.

4- فتاوي العلماء الأعلام في تشجيع الشعائر الحسينية طبعة قم المقدّسة 1410 هـ.

5- عزاداري أو ديدكاه مرجعيت شيعه (فارسي) الشيخ علي رباني خلخالي طبعة طهران 1415 هـ، مطبعة بهرام.

6- الدعاة الحسينية للشيخ محمّد علي نخجواني بضميمه فتاوي مراجع عاليقدر تشيع بيرامون عزاداري سيد الشهداء (عليه السلام) (فارسي) طبعة قم المقدّسة 1406 هـ، مطبعة مهر.

إلي غير ذلك من الكتب الكثيرة الوفيرة في هذا المضمار.

3- وهذه نماذج أخري من فتاوي مراجع الأمة وفقهائها في الشعائر الحسينية عموماً والتطبير حزناً وجزعاً علي الحسين المظلوم (عليه السلام) خصوصاً:

أ- (الذي يستفاد من مجموع النصوص ومنها الأخبار الواردة في زيارة الحسين المظلوم ولو مع الخوف علي النفس، يجوز اللطم والجزع علي الحسين كيفما كان حتي لو علم بأنّه يموت في نفس الوقت) [11] .

الشيخ خضر شلاّل النجفي (ره)

ب ـ (لا تنبغي الشبهة في هذه الأمور بل لو أفتي فقيه متبحّر بوجوبها كفاية في مثل هذه الأزمنة التي صمّم فيها جمع علي إطفاء نور أهل البيت لا يمكن تخطئته) [12] .

الشيخ عبد الله المامقاني (ره)

ج- (كل ما يصنع من عزاء الحسين (عليه السلام) وما فيه تهييج العبرة والبكاء بجميع صوره وأنحائه ما لم يكن موجباً لهلاك النفس راجح شرعاً) [13] .

الشيخ عبد الرسول الجواهري (ره)

د- (يظهر من تكرار هذه الأسئلة بين آونةٍ وأخري أنّ زمرة من أعداء الإسلام يرون عظم تأثير هذه المواكب والمآتم المشتملة علي إظهار الأسي بشتّي الأساليب ومختلف الأشكال في حفظ كيان الإسلام فيقعدون في المرصد ويكفرون في القضاء علي هذه الدعاية الدينية وإخماد هذه الشعائر الحسينية بخلق إشكالات تافهة ومناقشات واهية لا نصيب لها من الحقيقة، ولا حظّ لها من الواقع. وقد سألوا قبلنا من مشايخنا العظام ومراجع المسلمين فأجابوهم بفتاواهم الصريحة بجواز هذه الأمور وقد طبعت ونشرت مرات عديدة، وأنها من الشعائر التي ينبغي أن تعظّم وأنا أؤيدهم وأوافقهم) [14] .

السيد محمّد جواد التبريزي (ره)

هـ ـ (إنّ من أهم وسائل النجاة وأوثق أسباب التوسل إقامة الشعائر الحسينية وتعظيمها وإدامتها فإنّها من شعائر الله جلّت عظمته) [15] .

السيد عبد الأعلي السبزواري (ره)

و- (إنّ اللطم علي الصدور ونحوه هو ممّا استقرّت عليه سيرة الشيعة في العصور السابقة والأزمنة الماضية، وفيها الأعاظم والأكابر من فقهاء الشيعة المتقدمين والمتأخرين، ولم يسمع، ولن يسمع أنّ أحداً منهم قد أنكر ذلك ومنع، ولو فرض أنّ هناك من منع لشبهة حصلت له، أو لاعوجاج في السليقة، فهو نادر، والنادر كالمعدوم. وبالجملة، إنّ من ناقش في عصرنا هذا في جواز اللطم علي الحسين (عليه السلام) ورجحانه واستحبابه فهو لا يخلو عن خلل لا محالة إما في عقله أو في دينه أو في نسبه، والله أعلم بحقيقة حاله. ومن جميع ما ذكر إلي هنا يعرف حكم الضرب بالسلاسل علي الظهور، فإنه من الجزع المستثني لقتل الحسين (عليه السلام) فلا ريب في جوازه، بل رجحانه. وأما التطبير فإذا لم يكن بحد الضرر أو خوف الضرر فلا بأس به، وفعلُ زينب بنت عليّ (عليها السلام) من نطح جبينها بمقدّم المحمل حتي جري الدم، معروف مشهور لا ينكر، مضافاً إلي التطبير علي الشرط المذكور لا دليل علي حرمته، ولو شكّ، فالأصل حلّيته، وتوهّم أنّ ذلك من الإلقاء في التهلكة المحرّم فعله فاسد جداً بعد أن فرض كونه دون حد الضرر أو خوف الضرر بل لو اقتصر علي مجرد الإدماء بمقدار يخضّب به الرأس والوجه كالتدهين لا أكثر فلا يبعد رجحانه لما فيه من نحو مواساة وعزاء، ومن ناقش في جوازه حتي بهذا المقدار فهو من أهل الغرض والمرض، فزادهم الله مرضاً) [16] .

السيد مرتضي الفيروز آبادي (ره)

ز- (نري من أعظم القربات إلي المولي جلّ سلطانه، وأقرب الوسائل إلي النبي الأعظم وآله صلوات الله عليه وعليهم، تلك المآتم والشعائر الحسينية، إذ بها يحيي أمر الأئمة (عليهم السلام)، بل بها تقوم قائمة التبشير الديني والتبليغ المذهبي، وإليك فوائد إقامة العزاء علي مظلوم الخافقين بجميع مالها من الأنواع والأنحاء من ذكر مناقبه علي المنابر ومصائبه في المجالس وإنشاء المراثي في اضطهاده والبكاء عليه وعلي أولاده وأصحابه وعياله واللطم علي الخدود والصدور والضرب بالسلاسل علي الظهور وسير المواكب في الطرقات والشوارع بل التطبير والشبيه والضرب بالدمام واقتحام النار، وهي أمور:...) [17] .

إلي أن يقول (ره):

(وهنا شبهات حول الشعائر وحدها ولو لم تسدّ أفواه المشككين بالبراهين ورأوا مجالاً لإلقاء الشبهات لزادوا فيها وتجاوزوا الشعائر إلي إقامة العزاء، بل إلي زيارة المشاهد المشرّفة والبكاء عليهم، إذ المعاند لا يقنع بالقليل، وقد ابتلينا نحن الشيعة بخصماء من الخارج والداخل وشاهدنا منهم ما شاهدنا وسمعنا منهم ما سمعنا والي الله المشتكي، وهي أمور:

الأول: إنه لم تعهد هذه الأمور في زمن المعصومين (عليهم السلام) وهم أهل المصيبة وأولي بالتعزية علي الحسين (عليه السلام) ولم يرد في حديث أمر بها منهم، فهذه أمور ابتدعها الشيعة وسمّوها الشعائر المذهبية والمأثور أنّ كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.

والجواب واضح جداً إذ ليس كل جديد بدعة إذ البدعة المبغوضة عبارة عن تشريع حكم اقتراحي لم يكن في الدين ولا من الدين والروايات الواردة في ذم البدعة والمبتدع ناظرة إلي التشريع في الدين، بل هي واردة مورد حكم العقل بقبح التشريع من غير المشرّع بعنوان أنه شرع إلهي ومستمد من الوحي السماوي، وإلا فأين محل الشبهات الحكمية التي وردت الروايات بالبراءة فيها وحكم العقل بقبح العقاب عليها. وبديهي أنّ الشعائر الحسينية ليست كذلك كيف والإبكاء مأمور به وهو فعل توليدي يحتاج إلي سبب وهو إما قولي كذكر المصائب وإنشاء المراثي، أو عملي كما في عمل الشبيه فللفقه أن يحكم بجواز تلك الشعائر لما يترتب عليها من الإبكاء الراجح البتة، كما أنّ التعزية عنوان قصدي، ولا بدّ له من مبرز ونري أنّ مبرزات العزاء في الملل مختلفة، وما تعارف عند الشيعة ليس مما نهي عنه الشرع أو حكم بقبحه العقل، وعلي المشكك أن يفهم المراد من البدعة ثم يطبقها علي ما يشاء إن أمكن.

الثاني: إنّ سير المواكب في الشوارع في الوقت الحاضر يوجب استهزاء الأجانب علينا.

والجواب: إنّ كل ملة لها مراسيم مذهبية واجتماعية، وليس ما عند الأجانب بألطف مما عندنا مضافاً إلي أنّ الدين لا يهجر ولا يتغيّر بمسخرة المعاند، بل أليس لنا أن نسخر ممن يري الدعارة فخراً والغدر هدي والجناية تقدّماً ثمّ يتهمنا بالرجعية؟ نعم بعثهم علي الاستهزاء بنا تخدير أعصابنا واستغلال وحدتنا المذهبية الكبري.

الثالث: إنّ تلك النفقات لو صرفت في تعديل النظام الاقتصادي لكان أحسن لو لم نقل بأنّ صرف المال فيما لا يفيد إسراف بغيض والجواب: إنّ خير المال ما يوصل به الإمام (عليه السلام)، وقد ورد في الأخبار مثوبات كثيرة لمن يراعي مصلحة الإمام (عليه السلام) ويصرف المال في شؤونه، وياليت المشكّك يري بأنّ النظام الاقتصادي إنما يحصل بالاجتناب عن الكسل والبطالة وعن صرف المال في الملذّات المخزية.

الرابع: إنّ ضرب السلاسل علي الظهور والتطبير والاقتحام في النار إضرار بالنفس وهو حرام، ولا يؤتي المستحب من طريق الحرام.

والجواب: انه لم يدل دليل علي أنّ أمثال تلك الأمور مع عدم الانجرار إلي قتل النفس أو نقص الطرف حرام، فالتطبير مثلاً علي النحو المتداول مع الأمن من تلف النفس لاسيما من المحنّك المدرّب ليس بإضرار دل الدليل علي حرمته، وكذا الاقتحام في النار علي النحو الذي سمعناه ليس بنفسه سبباً لهلاك النفس فلا يشمله قوله تعالي: (ولا تقتلوا أنفسكم) [18] وقول المعصوم (عليه السلام): المؤمن لا يقتل نفسه، وبالجملة إيراد الجرح علي الطرف إطلاقه ليس بحرام، فكيف بضرب السلاسل علي الظهور؟ ولقد شققن الجيوب ولطمن الخدود الفاطميات علي الحسين بن عليّ (عليهما السلام) وعلي مثله تلطم الخدود وتشقّ الجيوب) [19] .

السيد علي الفاني (ره)

4- وهذه مقتطفات من كتب علماء الأمة وفقهائها ورجالاتها:

أولاً: نصرة المظلوم

للشيخ حسن المظفّر (ره)

في ص 10:

(.... وأنت إذا تيقنت قيام تلك الفائدة الجلية بالمآتم الحسينية قياماً طبيعياً أرشدت إليه الأئمة (عليهم السلام) الأطهار بهاتيك الأخبار لزمك الالتزام بوجوبها كفاية ووجوب كلما يفيد مفادها كذلك من تمثيل الفاجعة لحاسة البصر أو سير مواكب الرجال في الأزقّة والشوارع مذكرةً بها. ولم تحتج بعد تلك الفائدة الملموسة باليد إلي نضد الأدلّة علي مشروعيتها إذ أنها بهذا البيان الذي يشهد به الوجدان أجلّ من أن يرتاب مريب في رجحانها بل وجوبها كفايةً).

وفي ص 32:

(فأني مذ أدركت لليوم ما رأيت ولا سمعت أن واحداً مات بذلك في أيّ بلد فضلاً عن جماعة في كلّ سنة ولقد سئلت كثيراً ممن جاوز السبعين والثمانين من سني عمره من ثقات أهل النجف وكربلاء والكاظمية وغيرهم من علماء البلدان وصلحائهم وكل أنكر أن يكون رأي أو سمع أنّ واحداً من أولئك تألّم ألماً يوجب مراجعة الجرّاح أو المضّمد فضلاً عن موته).

وفي ص 33 و ص34:

(قوله [20] ولو قطعنا النظر عن هذه الجهة: وهي نزف الدم، فهو فعل همجي وحشي مثل الضرب بسلاسل من الحديد - أقول: إذا قطع النظر عن تلك الجهة التي هي علة التحريم فكونه فعلاً همجياً لا يفي بالحكم المقصود - لو يعلم إلا إن يدل البرهان علي إن كل عبث وفعل لا ترتكبه العقلاء لهمجيته هو محرّم، وأنّي لأحدٍ بإثباته. علي أن عدّه فعلاً همجياً وحشياً إنما هو بنظر من لم يعرف حكمته ولم يطّلع علي المقصود منه.....

إلي أن يقول (ره):

وأنا استسلف العذر عن حزازة القدح اللساني الظاهري فقط بأعظم شعائر الله وحرماته: (الحج) ليس الحج إلا طواف حول بنيّة، وسعي وهرولة بين رابيتين، ووقوف علي جبل، وهبوط في وادي ورمي أحجار علي أحجار، في هيئة مقرحة من كشف الرؤوس لحر الشمس وتوفير الشعر وعري البدن إلا عن نحو إزار ورداء لاشكّ إن غير العارف برموزها وحكمها وأسرارها يستهزأ بها ويعدّها ضربا من الجنون والتوحش، وفعلاً من أظهر أفعال الهمجية أفهل يصلح للعارف برموزه وحكمه إن يمنع منه لمجرد عدّه عند الجاهل همجياً ولقد وقع الاستهزاء جهاراً بتلك المناسك العلية الأسرار الدقيقة الحكم والسخرية بها من قبل الماديين الأقدمين كعبد الكريم بن أبي العوجاء، وعبد الله الديصاني واضرابهما وخلّدت كتب الحديث إنكارهما عن مولانا الصادق (عليه السلام) وإنكار المتأخرين اظهر من ذلك....).

وفي ص 36:

(..... وهذه وما بعدها بنظري عمدة الأدلة علي جواز إدماء الرؤوس بالسيوف بل واستحبابه وذلك إنّ كل ما يفعله الشيعة من الضرب بسلاسل الحديد وبالقامات وغيرها هو دون الجزع المرغّب فيه. الضرب بالسيوف والقامات علي الرؤوس هو مظهر من مظاهر الجزع وليس بجزع حقيقة فان الجزع أمر معروف في اللغة والعرف وهو ضد الصبر نحو أن ينتحر الرجل العاقل أو يلقي نفسه من شاهق لحادثة تحدث تغلب صبره وتورده الهلاك وأين هذا من جرح الرأس بسكين أو سيف جرحاً خفيفاً يوجب خروج الدم ولا يؤلم إلا بمقدار ما تولم الحجامة وغيرها مما يرتكب لأغراض عقلائية سياسية أو طبية).

وفي ص 37 و ص 38 و ص 39:

(ولقد كان شيخنا العلاّمة شيخ الشريعة [21] قدس سره بهذا الاعتبار وبتلك الأخبار يصحح الخبر المرسل الذي استبعده بعض العظماء من إن عقيلة عليّ الكبري لمّا لاح لها رأس الحسين (عليه السلام) وهو علي رمح والريح تلعب بكريمته نطحت جبينها بمقدم المحمل حتي سال الدم من تحت قناعها، ويقول أنه لا استبعاد فيه إلا من جهة ظهور الجزع منها وإيلام نفسها والإيلام الغير المؤدي إلي الهلاك لا دليل علي عدم جوازه والجزع مندوب إليه ومرغوب فيه في كثير من الأخبار.

قلت الظاهر من الأخبار جواز الهلع أيضاً، وهو علي ما ذكروا أفحش الجزع، ويظهر من الخبر الصحيح الذي تدل مضامينه علي صحته المروي في (الكامل) عن قدامة بن زائدة عن السجّاد (عليه السلام) انه قد صدر منه الهلع لو استطاعه، وروي المجلسي أعلي الله مقامه، والسيد عبد الله شبر رفع الله درجته، في كتاب (جلاء العيون): إنّ زين العابدين (عليه السلام) كان إذا اخذ إناءاً ليشرب يبكي حتي يملأه دماً.....).

إلي أن يقول (ره):

(وإذا ساغ للسجّاد أن يسيل الدم باختياره من عضو من أعضائه ببكاء الدم أو بتقريح الجفن جزعاً وهلعاً علي رزية الحسين فما هو إذا شأن ما يصدر من الشيعة من ضرب السلاسل والقامات؟! وهل سيلان دم السجّاد في الإناء أهون من انتثار قطرات من دم رأس الجريح علي ثيابه حزناً علي تلك الفادحة العظيمة؟!

ثم أقول بهذا الاعتبار أيضاً مضافاً إلي ما سلف من قوله (عليه السلام): (علي مثله تلطم الخدود وتشق الجيوب) يرفع الاستبعاد عما روي في الكتب من أنّ عقيلة آل محمّد صلوات الله عليهم في موارد عديدة لطمت وجهها وشقّت جيبها وصاحت ودعت بالويل والثبور، فإنه لا حامل لها علي شق الجيب إلا الجزع في مصاب حق أن تشق له القلوب لا الجيوب كما صرّح بذلك سيدنا العلاّمة السيد إسماعيل الصدر قدس سره في بعض حواشيه.

وكيف لا تفعل ذلك في مصاب جزع له وبكي إبراهيم خليل الرحمن وموسي كليمه كما في الخبر، وفي آخر أنّ فاطمة (عليها السلام) لما أخبرها النبي (صلي الله عليه وآله) بقتل الحسين جزعت وشقّ عليها وفي خبر آخر إنها تنظر كل يوم إلي مصرع الحسين (عليه السلام) فتشهق شهقةً تضطرب لها الموجودات وفي غيره أنّ أبا ذر لما أخبر الناس بمصيبة الحسين قال ما معناه: (لو علمتم بعظم تلك المصيبة لبكيتم حتي تزهق نفوسكم). ومن الأدلة علي ذلك مضافاً إلي ما سلف وان كان فيه غني وكفاية ما دل علي إدماء الله كثيراً من أنبيائه لأجل أن يحصل لهم الفوز بدرجة المواساة للحسين (عليه السلام) فمن ذلك المروي في البحار والأنوار أنّ آدم (عليه السلام) لما انتهي في طوافه في الأرض إلي كربلاء عثر في الموضع الذي قتل فيه الحسين (عليه السلام) حتي سال الدم من رجله. وكذلك إبراهيم (عليه السلام) لما مرّ بها عثر فرسه فسقط وشج رأسه وسال دمه.

وكذلك موسي (عليه السلام) حين جاء كربلاء انخرق نعله وانقطع شراكه ودخل الحسك في رجليه وسال دمه. وكل هؤلاء لمّا ذعروا من ذلك وخشوا أن يكون ذلك لذنب حدث منهم أوحي الله إلي كل واحد منهم أن لا ذنب لك ولكن يقتل في هذه الأرض الحسين بن عليّ (عليهما السلام) وقد سال دمك موافقة لدمه. فان في هذا الإعثار والإدماء من الله لا عن ذنب والتعليل بكونه موافقة لدم الحسين دلالة جلية علي جواز إدماء الإنسان نفسه مواساة له لان سيلان دمائهم مع كونه غير مقصود لهم إذا كان محبوباً لمجرد الموافقة في السيلان فالمقصود إسالته مواساة لهم أولي بالمحبوبية.

إن التأسي بالحسين مندوب إليه وقد رغب فيه الغلام الزكي يحيي بن زكريا والصادق الوعد إسماعيل وهذا لما سلخ قومه جلدة وجهه ورأسه قال لي أسوة بالحسين (عليه السلام) بل روي أن غنمه التي كانت ترعي في شاطئ الفرات لما امتنعت من ورود الماء وسألها عن سبب الامتناع قالت هذه المشرعة يقتل عليها الحسين (عليه السلام) فنحن لا نشرب مواساة له.....).

وفي ص 46 و ص 47 و ص 48 و ص 49:

(السيد الميرزا محمّد حسن الشيرازي [22] نزيل سامراء وهو الذي انتهت إليه رئاسة الإمامية في عصره في جميع العالم وعدّ مجدداً للمذهب الجعفري علي رأس القرن الثالث عشر كما إن الوحيد البهبهاني محمّد باقر بن محمّد اكمل مجدده في القرن الثاني عشر... قد كان أنفذ كلمة علي عموم الشيعة ملوكها وسوقتها من كل سابق ولا حق. وقد يوجد اليوم في كل بلدة كثير ممن يعرف اشتهاره ونفوذه وكان مع علمه بوقوع الشبيه وخروج المواكب وما يحدث فيها من حوادث وبضرب القامات والسيوف في بلدان الشيعة في العراق وإيران وعدم وقوع الإنكار منه أصلاً تقام جميع الأعمال المشار إليها في سامراء محل إقامته نصب عينيه بلا إنكار. قد يظنّ الظانّ لأول وهلة أنه (قدس الله سره) لا يري رجحان ذلك بالنظر إلي حال محيطه لأن جميع من في البلدة عدا النزلاء من غير الفرقة الجعفرية وفيها أخلاط من غير المسلمين وفي ذلك مجال الاستهزاء والسخرية وقد سألت كثيراً ممّن كان يقطن سامراء في أيامه فكان اقلهم مبالغة في تعظيمه لشأن المواكب والشبيه شيخنا المتقن المتفنن الشيخ محمّد جواد البلاغي النجفي وعنه أنقل ما يلي:

كان الشبيه يترتّب يوم العاشر في دار الميرزا (قدس سره) ثم يخرج للملأ مرتّباً، وكذلك موكب السيوف، كان أهله يضربون رؤسهم في داره ثم يخرجون وكانت أثمان أكفانهم تؤخذ منه، وما كان أفراد الشبيه سوي الفضلاء من أهل العلم لعدم معرفة غيرهم بنظمه في قول وفعل، وأما المواكب اللاطمة في الطرقات تتألف من أهل العلم وغيرهم.....

إلي أن يقول (ره):

ودام هذا كله بجميع ما فيه إلي آخر أيام خلفه الصالح الورع الميرزا محمّد تقي الشيرازي [23] (قدس سره) وكان الشبيه يترتب أيضاً في داره ومنه تخرج المواكب وإليه تعود..).

ويستمر (ره) قائلاً:

(إن بعد عليك عهد الشيخ الأنصاري والسيد الشيرازي فهذا بالأمس الأفقه الأورع الشيخ محمّد طه نجف (قدس سره) يري في النجف بل العراق جميع الأعمال المشار إليها وهو أقدر علي المنع فلا يمنع. إنّ المواكب جميعاً حتي موكب القامات تدخل إلي داره وهي بتلك الهيئات المنكرة علي ما يقول [24] وهو لا يحرك شفته بحرف من المنع بيد انه يلطم معهم ويبكي وهو واقف مكانه.

الشيخ المذكور يقيم مأتم الحسين (عليه السلام) في داره عصراً فتغصّ بالعلماء والصلحاء وأهل الدين وفي يوم معين من كل سنة يقع في المأتم نفسه تمثيل بعض وقائع الطف ولا منكر منه ولا منهم وهب انه لا يستطيع تعميم المنع لكنه يستطيع منع أن يصنع ذلك في داره أو أن تدخل المواكب داره.....

وكذا العلاّمة المتقن المتبحّر السيد محمّد آل بحر العلوم الطباطبائي يقام في داره أعظم وأفخم مآتم النجف يحضره جميع أهل العلم ويقع فيه التمثيل الذي يقع في دار الشيخ زيادةً هذا غير كون الدار المذكور موئلاً لجميع المواكب، وبها تضرب أرباب السيوف رؤوسها من لدن أيام السيد علي بحر العلوم أو قبله حتي اليوم ومنها تخرج إلي الشوارع والبيوت والجواد العمومية واليها تعود بلا إنكار ولا استيحاش.

إن بعد عليك هذا العهد القريب أيضاً فهذا المرحوم خاتمة الفقهاء السيد محمّد كاظم اليزدي الذي كانت له السلطة الروحانية الفذة علي عموم الشيعة، كانت التمثيلات تقام نصب عينيه والمواكب تخترق الشوارع بين يديه ولم يؤثر عنه منع شيء من ذلك وهو بمكان من ثبات الرأي ونفوذ الكلمة.

إن رمت عهداً أقرب من هذا فليس هو إلا يومك الذي أنت فيه. انظر إلي علماء الجعفرية في كل مكان تجدهم وهاتيك الأعمال الحسينية كلاً أو بعضاً بمنظر منهم ومشهد لا ينبسون ببنت شفة من الإنكار مع إمكانه... وبما أن العراقيين منهم ابتلوا بالسؤال عن تلك الأعمال في هذه الأيام، ظهرت فتاواهم مطبوعة وغير مطبوعة وهي مفصلة ولم يكن من قبلها للإفتاء عين ولا أثر لعدم الحاجة إليه في موضوع ما كان يدور في الخلد أن يقع موقع سؤال وتشكيك. ولا شكّ أنّ الصحف السائرة والمنشورات الدائرة أقرأتك فتوي سيدنا وملاذنا حجة الإسلام ومرجع الخاص والعام العالم العامل الرباني السيد أبو الحسن الأصفهاني دام علاه المتضمنة لامضاء جميع التذكارات الحسينية علي الإجمال... واليوم قد تمثلت أمام عينيك رسالتي هذه تطالع فيها الفتوي المفصلة التي جاد وأجاد بها بقية السلف من العلماء الأعلام شيخنا العلاّم آية الله في الأنام الميرزا محمّد حسين الغروي النائيني أدام الله فضله... وبما أنّ إفتائه سلّمه الله موجّه إلي المؤمنين عامة وأهل البصرة خاصة لأنّهم المستفتون فأنا أنشره بنصه فيما يلي: قال دام ظله:.....).

إلي أن يقول (ره) في ص 51:

أما ما يقع في كربلاء أيام شريف العلماء أستاذ العلاّمة الأنصاري ثم في أيام الفاضل الأردكاني والشيخ زين العابدين المازندراني وفي الكاظمية أيام العلاّمة الأورع أبي ذر زمانه الشيخ محمّد حسن ياسين بل حتي أيام السيد محسن الأعرجي الكاظمي وفي الحلة منذ عهد العلاّمة الذي قلّ أن يأتي له الدهر بنظير السيد مهدي القزويني إلي الآن فإني لا أطيل بذكره لأنه يوجب الخروج عن وضع الرسالة.....).

ثانياً: الشعائر الحسينية [25] للسيد الشهيد حسن الشيرازي (ره) في ص 107 و ص 108 و ص 109:

(التطبير)

حشود من الفدائيين يتجمعون ليلة عاشوراء هنا وهناك في مراكز مهيبة قد جلّل جدرانها السوداء، واشتعلت في جوانبها الأنوار الخافتة الحمراء، فيحلقون رؤوسهم بالمواسي، ويلبسون الأكفان البيض قطعتين: إزار ورداء، ويشدون في أوساطهم السيوف ثم يخرجون في مواكب منظّمة، تتقدمها مشاعل حمراء، وتتقدم كل موكب جوقة من أصحاب الطبول والصنوج والأبواق فيقرعون الطبول والصنوج، وينفخون في الأبواق، بقوة وعنف، ويهتفون من الصميم: (حسين.. حيدر) بطور حربي، تزلزل الأرض، فتقشعر لها الجلود، وتنتصب لها كل شعرة في جلد كل من يسمعها من قريب أو بعيد. وتتجوّل المواكب أخريات الليل العاشر من المحرّم، بين مراكزها، والعتبات أو الأماكن المقدسة، الموجودة في بلادها، حتي إذا لاح الفجر، وأرتفع صوت لأذان خشعت الأصوات، فلا تسمع إلا همس المصلين. وإذا قرب طلوع الشمس تتجمّع المواكب من جديد، فتصك الطبول والصنوج، وتزعق الأبواق، ويهتفون: (حسين.. حيدر) وتزلزل الأرض وتقشعرّ الجلود، وينتصب كل شعرة في جلد من يسمعها من قريب أو بعيد. وتهبّ المدينة عن بكرة أبيها، علي الطامة الكبري، وتزدلف الحشود علي جوانب الطرق التي تجوبها المواكب وتخرج المواكب من مراكزها وفي كربلاء المقدسة تخرج عادةً من مبني المخيّم منسابةً إلي الأماكن المقدّسة التي تنفضّ فيها، ثم لا تري إلاّ السيوف، التي تقطر الدم، والرؤوس المخضّبة، والأكفان الحمراء، والدموع التي تتحادر بلا استئذان، ولا تسمع سوي دوي الطبول والصنوج، وعربدة الأبواق، وأصوات الهاتفين: (حسين.. حيدر) وعويل النساء، ونشيج الرجال، وتنقلب المدينة كلها ملحمة هادئة حزينة، يختلط فيها الدمع بالدم، وتتمزّق القلوب أسفاً، علي أنّها لم تدرك الحسين فتنصره ثم تسلّي نفسها بأنّها إن لم تدرك شخصه لتنصره، فقد أدركت تاريخه لتنصره فيه، وتواسيه في المصاب، وتقاسمه المأساة. ثم يتفرّق الناس وكل فرد بركان صغير، في صميمه النار، وفي قلبه ثورة وفي عقله عبر وعظات لا تمسح، لو عصف بها الدهر كله، وتصبّبت عليها البحار, وإنني أتصوّر أن الإمام الحسين (عليه السلام) لو بعث لوجد في هذه المواكب أنصاراً، إن لم يكونوا كثيرين فإنهم لا يكونوا أقل من الأنصار الذين يجدهم في غير هذه المواكب. وموكب التطبير، اقدر موكب علي إعادة ثورة الحسين إلي الحياة، لأنّ فيها كل ما في الحرب: الطبول والصنوج، والأبواق والسيوف التي تقطر الدم، والرؤوس المخضبة، والأكفان الحمراء. والهيجة التي يحدثها موكب التطبير لا يحدثها أي خطيب ولا موكب، حتي موكب التمثيل، لأنّ موكب التمثيل، وان كان أدقّ في استعراض المأساة، إلا انّه تعوزه الواقعية، فكل من ينظر إليها يعلم أنها تمثيلية لا واقع فيها، بينما يكون موكب التطبير غنياً بالواقعية، فها هي تلك السيوف التي تقطر الدم، والرؤوس المخضّبة والأكفان الحمراء. وهذه الواقعية الملموسة، هي التي توفّق موكب التطبير لان يجلب الدموع الغزار، أكثر من غيره، ويركّز ثورة الحسين في الأعماق، أقوي من غيره. وأمّا جواز التطبير علي الإمام الحسين (عليه السلام)، فهو جائز ذاتاً، ومستحب عرضاً، ولا يناقش فيه فقيه تأمّل وتدبّر، ولكن حيث وقعت حوله مناقشات بدوية نعمد فيه إلي شيء من التفصيل).

وبعد أن يورد الأدلة الكثيرة يقول (ره) في ص 129:

(إذن، فالتطبير مباح ذاتاً، ومستحبّ تأسياً بالحسين ومواساة له (عليه السلام)).

ويواصل كلامه (ره) في الصفحتين 129 و 130:

(وكل ما سبق، كان استدلالاً فقهياً علي جواز التطبير، وهنالك دليل غير فقهي، لا يدل علي جواز التطبير فحسب، ولا يدلّ علي تقدير الإمام الحسين (عليه السلام) لكل من يتطبّر بغض النظر عن جميع خصوصياته فقط، وإنما يدل علي وجود نوع من المعجزة فيه، فإنّ الضرب القاسي بالسيف المسلول علي الرأس المحلوق، ونزول السيف حتي العظم لابد أن يقضي علي الإنسان، كما يؤكّده الطب القديم والحديث، ونحن نري ألوف المتطبرين يطبرون صباحاً، ثم يُنظّمون أنفسهم في مواكب، تطوف في كربلاء من المخيم إلي حرم الإمام الحسين، ومنه إلي حرم العباس، ثم تعود إلي حمام المخيم، وتطوف في بقية البلاد أكثر من مسافة ميل في لفح الصيف وعواصف الشتاء، وعندما يدخلون الحمام يغسلون رؤوسهم بلا مبالاة طبية، ثم يخرجون، ويشتركون في مواكب اللطم والسلاسل حتي الليل، ولا يصاب أحدهم بمكروه. ولئن سقط أحدهم حين الضرب، لكثرة نزف الدماء وتغلب الضعف عليه، فسرعان ما ينهض، ويواصل دوره في موكب التطبير، وبقية المواكب).

إلي أن يقول (ره) في ص 132:

(والواقع: إنّ وجود هذه المعجزة البيّنة، وفي موكب التطبير يكشف عن أنّ الإمام الحسين (عليه السلام)، يوليه عناية خاصة وكفاه دليلاً علي الرجحان).

ثالثاً: نجاة الأمة في إقامة العزاء علي الحسين والأئمة عليهم السلام

للسيد محمّد رضا الحسيني الحائري [26] في ص 61 و ص 62 و ص 63:

(الفائدة الرابعة)

إنّ في هذه الأخبار [27] ما تدل علي استحباب الجزع والفزع علي الحسين(عليه السلام) واستحباب كل فعل يصدر من الجازع بعنوان العزاء كاللطم علي الخدود والصدور وخمش الوجوه وان استلزم الإدماء فضلاً عن السواد والاحمرار بل وبلغ ما بلغ مما هو منهي عنه في مصيبة غير الحسين (عليه السلام) وفي الحديث عن مولانا الإمام الصادق (عليه السلام).

(رحم الله شيعتنا لقد شاركونا في المصيبة بطول الحزن والحسرة علي مصاب الحسين (عليه السلام) وفيه دلالة واضحة علي لزوم إقامة المجالس الحسينية والمواكب العزائية وإدامة الحزن علي سيد الشهداء (عليه السلام) إلي يوم القيامة إن شاء الله تعالي).

ويستمرّ في كلامه حتي يقول في الفائدة السابعة:

(إنّ مقتضي هذه النصوص الشريفة استحباب البكاء علي الأئمة وسيد الشهداء صلوات الله عليهم مطلقاً، أعني حتي لو استلزم البكاء قرح العين وجرحها وذهاب نورها بل وعماها....).

وفي ص 100:

(وممّا ذكرناه لك في المقام يظهر لك بوضوح استحباب جرح الرؤوس بالمدي والسيوف حتي تسيل منها الدماء لأنه من أبرز مصاديق الجزع والفزع علي المولي الغريب الشهيد أبي عبد الله الحسين روحي له الفداء، إذ لا فرق في اللطم والضرب باليد أو غيرها كالسيوف والسلاسل والحجارة ونحوها بل ويدلّ علي ذلك ما عرفت من استحباب البكاء علي سيد الشهداء حتي ما لو استلزم جرح العين وقرحها وعماها).

وفي ص 105 و ص 106:

(هذا وقد صرّح فقهاؤنا الأعلام أعلي الله مقامهم في دار السلام بجواز جرح الرؤوس قديماً وحديثاً، منهم سيّد فقهاء عصره السيّد حسين الكوهكمري (قده) حيث أجاب عن ذلك في السؤال الموجّه إليه في هذا الخصوص، ومنهم مؤسّس الحوزة العلمية [28] شيخ الفقهاء المحقّق سلمان زمانه الشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي أعلي الله تعالي مقامه، كما حدّثني بذلك ولده العلامة الفقيه شيخنا المرتضي قدّس الله تعالي سرّه، وهو أيضاً ممن ارتضي كلام والده العلاّمة، كما صرّح لي بنفسه نفعنا قدسه. وصرّح باستحباب جرح الرؤوس، الفقيه الشيخ محمّد علي النخجواني (قده) في الدعاة الحسينية، بل قال بوجوبه الكفائي، كما صرّح بالاستحباب شيخنا العلاّمة الفقيه المجاهد الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء النجفي (قده) في كتابه (الآيات البينات)، والعلاّمة الدربندي في (أسرار الشهادة)، والعلاّمة الشيخ حسين الحلّي في رسالته (النقد النزيه)، وفتوي المحقّق النائيني (قده) في الجواز مشهورة وقد تابعه جلّ معاصريه وكلّ من أتي بعده، كالفقيه الأوحد السيد ميرزا عبد الهادي الشيرازي، والسيد ميرزا مهدي الشيرازي، والسيد حسين الحمامي، والسيد محسن الطباطبائي الحكيم، والسيد محمود الشاهرودي، والشيخ محمّد رضا آل ياسين، وغيرهم أعلي الله مقامهم، وهو بعنوان العزاء مستحب. ونقل العلاّمة المرحوم السيد مرتضي الداماد (قده) في كتابه (الأعلام الحسينية): تأييد مواكب التطبير عن العلاّمة المجدد السيد ميرزا محمّد حسن الشيرازي في سامراء، وقال: إنّ مواكب التطبير كانت تخرج من بيته الشريف في يوم عاشوراء، وإنّ أمثال الفقيه المحقق الشيخ محمّد تقي الشيرازي، والفاضل الشربياني، والفقيه السيد محمّد بحر العلوم صاحب (بلغة الفقيه)، والسيد حسين القزويني، والفقيه الزاهد الشيخ محمّد طه نجف، والفقيه الأصولي المتبحر الشيخ ميرزا حبيب الله الرشتي (قدس الله أسرارهم) كانوا يخرجون أمام مواكب أهل التطبير لاطمين علي صدورهم ونقل العلاّمة الحائري الأصفهاني (قده) في رسالته الموضوعة حول هذا الموضوع: إنّ مواكب أهل التطبير كانت تخرج في النجف الأشرف من بيت المرحوم الفقيه السيد محمّد بحر العلوم وكانت هذه عادتهم من زمن جدّه العلاّمة السيد علي بحر العلوم صاحب (البرهان القاطع في الفقه).

وفي كربلاء المقدسة كانت تخرج من بيت المرحوم الشيخ زين العابدين المازندراني صاحب ذخيرة المعاد، ومن بيت المرحوم السيد محمّد باقر الحجّة الحائري آل صاحب الرياض، وأنه قد شاهد ما حكاه. وفي سامراء كان المتكفّل لمصارف الهيئات العزائية والباذل لنفقة المواكب الحسينية من شراء الأكفان وتهيئة السيوف والخناجر هو العلاّمة المجدد السيد ميرزا محمّد حسن الشيرازي (قده)، وكان ولده العلاّمة الحاج ميرزا علي أقا الشيرازي هو المباشر لذلك بأمر والده العلاّمة أعلي الله مقامه ومقامه).

رابعاً: عزاداري از ديدكاه مرجعيت شيعه [29] .

للشيخ علي رباني [30] .

هذا الكتاب باللغة الفارسية وهو يتضمّن فتاوي ما يقرب من مائتين وخمسين مرجعاً وفقيهاً من مراجع الأمة وفقهائها سواء من الماضين أو من المعاصرين، وكثير منها مثّبت في الكتاب بخطوط أيديهم. وكلّ هذا الزخم الوفير من الفتاوي يجمع علي جواز بل استحباب الشعائر الحسينية بنحوٍ عام بما فيها التطبير الحسيني تصريحاً وتلميحاً.

فهل من معتبر؟!


پاورقي

[1] الآيات البينات في قمع البدع والضلالات ص 5.

[2] الآيات البيّنات في قمع البدع والضلالات ص 6 و ص 7.

[3] الآيات البيّنات في قمع البدع والضلالات ص 9 و ص 10.

[4] يبدو أنّ الشيخ کاشف الغطاء (ره) ذکر مضمون النص بنحوٍ إجمالي وإلاّ فالنصّ هکذا: (فلمّا رأين النساء جوادک مخزيّاً، ونظرن سرجک عليه ملويّاً؛ برزن من الخدور، ناشرات الشعور علي الخدود، لاطمات الوجوه، سافرات وبالعويل داعيات، وبعد العزّ مذلّلات..). ولا يخفي علي العارفين بلغة العرب أنّ المرأة التي يقلّ خروجها من دارها لشدّة حشمتها إذا خرجت من بيتها أو خبائها أو خيمتها يقال لها: سفرت المرأة من بيتها: أي خرجت منه، کما يقال للشمس حين شروقها: سفرت الشمس: أي خرجت من الظلام، ويقال: أسفر الصبح، فکأنّه محتجباً في الظلام وخرج منه.

[5] الآيات البيّنات في قمع البدع والضلالات ص 12 و 13 و 14 و 15.

[6] الآيات البيّنات في قمع البدع والضلالات ص 17 و 18 و 19.

[7] فذلکه: محمل أو خلاصة.

[8] في النص الأصل لهذه الزيارة الشريفة: (ولا بکينّ لک بدل الدموع دماً)، وهو ابلغ وأدقّ وألطف من القول: (ولأبکينّ عليک)، إذ في التعبير الأول لطائف دقيقة لا تخفي علي أهل البلاغة والبيان.

[9] الآيات البيّنات في قمع البدع والضلالات ص 23 و ص 24.

[10] نصرة المظلوم للشيخ المظفّر (ره) ص 50.

[11] فتاوي العلماء الأعلام في تشجيع الشعائر الحسينية ص 19، وغيره من الکتب التي تقدّم ذکرها في ذيل فتوي الشيخ النائيني (ره).

[12] المصدر المتقدّم ص 20.

[13] المصدر المتقدّم ص 36.

[14] المصدر المتقدّم ص 34 و 35.

[15] المصدر المتقدّم ص 34.

[16] المصدر المتقدّم ص 42 و ص 43.

[17] المصدر المتقدّم ص 45 و ص 46.

[18] سورة النساء: الآية 29.

[19] فتاوي العلماء الأعلام في تشجيع الشعائر الحسينية من ص 49 إلي ص 53.

[20] الضمير يعود علي المعترض والمشکّک.

[21] هو المرجع الديني المعروف شيخ الشريعة الأصفهاني (ره) وأحد أبرز قادة ثورة العشرين في العراق.

[22] صاحب الفتوي المعروفة في تحريم التنباکو والتي التزم بها عموم الشيعة بل حتي بعض أفراد عائلة ناصر الدين شاه والتي کانت الفتوي موجّهة ضده وضد مصالحه وحکومته وسلطانه وعرشه.

[23] هو قائد ثورة العشرين في العراق ومرجع الشيعة في زمانه.

[24] الفاعل ضمير مستتر تقديره هو يعود علي المنکر والمشکّک والمعترض.

[25] لابدّ من التنويه إلي أنّ هذا الکتاب هو من أحسن ما کتب في بابه.

[26] من فضلاء العلماء المعاصرين.

[27] مراده ما تقدّم من أخبار ذکرها في کتابه مرويةً عن أهل بيت العصمة صلوات الله عليهم جميعاً.

[28] مراده الحوزة العلمية في مدينة قم المقدّسة.

[29] ترجمة عنوان الکتاب إلي العربية هي: مراسم العزاء من منظار المرجعية الشيعية.

[30] من فضلاء المشايخ المعاصرين.