بازگشت

صفاته النفسية


اما صفاته النفسية و العقلية فقد علا بها علي اهل الارض، و اني


لاهل الارض ان يسامتوا اهل السماء؟! سمو في الغاية، و تجرد في الحق، و رياضة للنفس، و انصراف الي العلم و العبادة، و ابتعاد عن الدنيا و مآربها، و بصيرة تبدد الظلمات، و اخلاص لا يفوقه اخلاص، لانه من معدنه، من شجرة النبوة، و اذا لم يكن الاخلاص في عترة النبي، و احفاد علي ففيمن يكون؟! فلقد توارث احفاد علي الاخلاص خلفا عن سلف، و فرعا من اصل، فكانوا يحبون لله، و يبغضون لله و يعتبرون ذلك من اصول الايمان و ظواهر اليقين.

و الصادق مصداق لقوله تعالي: «ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا» و هو من اولياء الله الذين قال فيهم: «الا ان اولياء الله لا خوف عليهم و لا هم يحزنون» و هو من الذين عناهم جده الرسول بقوله: «ان الله يحب ذا البصر النافذ عند ورود الشبهات، و يحب ذا العقل الكامل عند حلول المشكلات» و من غير الصادق يبدد الشبهات بعقله النير، و بصيرته الهادية المرشدة؟!

و كان علي بن ابي طالب من اسخي الصحابة، بل من اسخي العرب، و قد كان احفاده كذلك من بعده، فزين العابدين كان يحمل الطعام ليلا ليوزعه علي بيوت ما عرفت خصاصتها الا من بعده، فلم يكن غريبا ان يكون الامام الصادق النابت في ذلك البيت الكريم سخيا جوادا، فقد يعطي حتي لا يبقي لعياله شيئا.

و كان حليما لا يقابل الاساءة بمثلها، بل يقابلها بالتي هي احسن عملا بقوله تعالي: «ادفع بالتي هي احسن».

اما الشجاعة فقد كانت ملازمة لذرية علي، و هي فيهم كالجبلة، لا يهابون الموت، و بخاصة من يكونون في مثل حال ابي عبدالله الصادق الذي عمر الايمان قلبه، و انصرف عن الاهواء و الشهوات، و استولي عليه


خوف الله تعالي وحده، و من عمر قلبه بالايمان لا يخاف احدا الا الله.

و كان ذا فراسة قوية جعلته ذا احساس قوي يدرك به مغبة الامور، و الفراسة من اخلاق المؤمنين، كما ان الله سبحانه قد اضفي عليه جلالا و نورا من نوره، و ذلك لكثرة عبادته و صمته عن اللغو، و قد راع اباحنيفة منظر الامام الصادق، و اعتراه من الهيبة له من لم يعتره من الهيبة للمنصور صاحب الطول و الحول و القوة، و التقي به ابن ابي العوجاء، و هو من دعاة الزنادقة فارتاع، و لم يحر جوابا، فتعجب الصادق من امره، و قال له: مالك؟!... فقال: ما ينطق لساني بين يديك، فاني شاهدت العلماء، و ناظرت المتكلمين، فما داخلني قط مثل ما داخلني من هيبتك!..

هذه بعض صفاته النفسية، و ببعضها يعلو علي الرجال، و يرتفع الي اعلي المراتب، فكيف و قد تحلي بهذه الصفات و غيرها؟!..