بازگشت

لا عذب الله أمي


لا عذب الله امي انها شربت

حب الوصي و غذتنيه باللبن



و كان لي والد يدعي اباحسن

فصرت من ذا و ذي اهوي اباحسن



طلب هذا الشاعر من الله سبحانه الرحمة و الرضوان لامه و ان يبعد عنها العذاب و الهوان، لانها غذته حب الوصي منذ طفولته و نعومة اظفاره، و كانت السبب الاول لايمانه، و حبه لمن احب الله و رسوله، فكان أني اتجه و تحرك يرن في اذنيه هذا الاسم الحبيب الذي يجد له اطيب الوقع علي قلبه و سمعه، فهو يحمد الله علي هذه السعادة، و يشكر لوالدته فضلها و حسن تربيتها. و رضوان الله و رحمته عليها و عليه.

خلق الله محمدا و اهل بيته معالم للدين، و سبلا الي الحق، فمن ضل عنهم فلن يهتدي الي الله في طاعة، و لا يقبل منه عملا، فلقد قرن الله سبحانه طاعته بطاعة الرسول، فقال في الآية 71 من سورة الاحزاب: «و من يطع الله و الرسول فقد فاز فوزا عظيما» و قال في الآية 33 من سورة محمد: «يا ايها الذين آمنوا اطيعوا الله و الرسول» و قال في الآية 17 من سورة الفتح «و من يطع الله و رسوله يدخله جنت تجري من تحتها الانهار» و قال في الآية 80 من سورة النساء «من يطع الرسول فقد اطاع الله» الي غير ذلك من الآيات التي لم تفرق بين الله و محمد في الطاعة و المعصية.


و كذلك الرسول الاعظم لم يفرق بين التمسك به و التمسك باهل بيته، فقد جاء في كتاب ذخائر العقبي للحافظ الطبري ص 16 طبعة 1356 ه ان النبي قال: «انا و اهل بيتي شجرة في الجنة، و اغصانها في الدنيا، فمن تمسك بنا اتخذ الي ربه سبيلا» و جاء في الصفحة نفسها حديث الثقلين، و اذا عطفنا هذا الحديث علي قوله تعالي: و من يطع الرسول فقد اطاع الله، كانت النتيجة ان أهل البيت هم الطاعات و الحسنات، و ان اعداءهم هم المعاصي و السيئات، و من أجل هذا قال الفرزدق:



من معشر حبهم دين و بغضهم

كفر و قربهم منجي و معتصم



يدلنا هذا البيت دلالة صريحة واضحة علي ان الموالين للعترة الطاهرة انما يوالونهم ولاء عقيدة و ايمان، لا ولاء سياسيا، و يبغضون اعداءهم بغضا دينيا لا حزبيا؛ و قد صرحت الآيات القرآنية و الاحاديث النبوية بان اعظم الفروض، بعد التوحيد و نبوة محمد، المودة في القربي. و لهذا وحده نجد تاريخ الامامية في عقيدتهم وفقههم و احاديثم و شعرهم و نثرهم تاريخ ولاء و اتباع لاهل البيت، و نجد مؤلفاتهم و كتبهم في شتي انواعها تزخر باقوال الرسول، و آثار ابنائه، بل نجد العلماء و الشعراء و غيرهم من الامامية يتسعذبون الموت و الاضطهاد في حب آل محمد، و الذب عنهم و عن تعاليمهم و مبادئهم؛ فلقد حبس الفرزدق لانه ثار من اجل الامام زين العابدين، و خاطب هشاما بقصيدته الذائعة التي قال له فيها:



هذا الذي تعرف البطحاء و طأته

و البيت يعرفه و الحل و الحرم



هذا ابن خير عباد الله كلهم

هذا التقي النقي الطاهر العلم



هذا ابن فاطمة ان كنت جاهله

بجده انبياء الله قد ختموا



هذا علي رسول الله والده

امست بنور هداه تهتدي الامم






من معشر حبهم دين و بغضهم

كفر و قربهم منجي و معتصم



مقدم بعد ذكر الله ذكرهم

في كل بدء و مختوم به الكلم



ان عد اهل التقي كانوا أئمتهم

او قيل من خير اهل الارض قيل هم



و ليس قولك من هذا بضائره

العرب تعرف من انكرت و العجم



و الكميت القائل:



بني هاشم رهط رهط النبي و انني

بهم و لم أرضي مرارا و اغضب



هدمت داره، و طرد و شرد، لانه اوقف لسانه و بيانه علي نصرة الائمة الاطهار.

و دعبل صاحب التائية الذائعة النائحة التي يقول فيها:



افاطم لو خلت الحسين مجدلا

و قد مات عطشانا بشط فرات



اذن للطمت الخد فاطم عنده

و اجريت دمع العين بالوجنات



هذا الشاعر الثائر لاقي في حب محمد و عترته ابشع انواع التنكيل و التعذيب.

و قال المتوكل للعالم الكبير ابن السكيت: ايهما احب اليك: ابناي هذان المعتز و المؤيد، او الحسن و الحسين؟ فقال العالم: و الله ان قنبرا خادم علي بن ابي طالب خير منك و من ابنيك. فأمر المتوكل جلاوزته بسل لسانه من قفاه، ففعلوا و مات من ساعته.

و الحبر الشهير بالشهيد الاول محمد بن مكي قتل و صلب و رجم،


ثم احرق لا لشي ء الا لانه يتشيع لآل محمد، و هكذا كان مصير العالم العظيم زين الدين المعروف بالشهيد الثاني، و غير هؤلاء كثر لا يبلغهم الاحصاء تقبلوا القتل و العذاب مغتبطين بمرضاة الله و نصرة اوليائه.

لاقي محمد (ص) من المعاندين كل عنت في سبيل الاسلام فاستهزأوا به، و قال له قائلهم: ام رأي الله غيرك يبعثه رسولا، و اغروا به الاطفال يرشقونه بالحجارة، و القوا عليه الاوساخ، و هو يصلي الله، و تآمروا علي قتله، و عذبوا اتباعه، كصهيب و بلال و خباب و عمار و ابيه ياسر و امه سمية التي طعنها ابوجهل في قلبها، فماتت و هي اول شهيدة في الاسلام.

و هكذا لاقي ابناء الرسول و شيعتهم في سبيل الدين و الاسلام بل لاقوا اكثر و اكثر حتي قال قائلهم:



نحن بني المصطفي ذو و محن

تجرعها في الحياة كاظمنا



عجيبة في الانام محنتنا

اولنا مبتل و آخرنا



يفرح هذا الوري بعيدهم

و نحن اعيادنا مآتمنا



و اذا كانت حياة الائمة الاطهار كلها احزان و مآتم حتي ايام الاعياد، فحقيق بنا، نحن الموالين لهم، ان نجعل هذه المآتم من شعائر الدين، فاذا اجتمعنا للعزاء فانما نجتمع، كما نكون في الجامع للصلاة، و كما نكون في مكة المكرمة للحج لا نبغي الا مرضاة الله و ثوابه، نجتمع للعزاء أملا ان تنالنا دعوة الامام الصادق (ع) حين سأل ربه سبحانه بقوله:

«اللهم ارحم تلك الاعين التي جرت دموعها رحمة لنا» «و ارحم تلك القلوب التي حزنت و احترقت لنا...» «و ارحم تلك الصرخة التي كانت لنا...»