بازگشت

بدر و الطف


كان اصحاب الرسول (ص) في بدر ثلاثمئة و بضعة عشر رجلا، و كان المشركون الف رجل.

و كان اصحاب الحسين (ع) في كربلاء ثلاثة و سبعين، و جيش العدو ثلاثين الفا او يزيدون.

و قال النبي لقريش يوم بدر: خلوني و العرب، فان أك صادقا كنتم اعلي بي عينا، و ان اك كاذبا كفتكم ذؤبان العرب أمري، فارجعوا. فأبوا عليه الا القتال.

و قال الحسين لجيش ابن زياد: كتبتم الي ان قد اينعت الثمار و اخضر الجناب، و انما تقدم علي جنود مجندة، فاقبل. فان كنتم كرهتموني، فدعوني انصرف عنكم الي مأمني من الارض. فأبوا عليه، كما ابي المشركون علي جده من قبل.

و قال النبي لاصحابه يوم بدر: قوموا الي جنة عرضها السموات و الارض.

و قال الحسين لاصحابه: قوموا رحمكم الله الي الموت الذي لابد منه، و قال الامام الصادق (ع): لقد كشف الله الغطاء، لاصحاب الحسين حتي رأوا منازلهم في الجنة.


و كان اصحاب الرسول يوم بدر يتسابقون الي الموت ليصلوا الي اماكنهم في الجنة، حتي ان عمر بن الحمام لما سمع النبي يقول: قوموا الي الجنة كان يأكل ثمرات في يده فرماها، و قال: لئن حييت حتي آكلهن، انها لحياة طويلة..

و هكذا كان الرجل من اصحاب الحسين يستقبل الرماح و السيوف بصدره و وجهه، ليصل الي مكانه في الجنة.

و قال المقداد بن الاسود للنبي يوم بدر: و الله لو امرتنا ان نخوض جمر الغضا و شوك الهراس لخضناه معك، و الله لا نقول لك ما قالت بنواسرائيل لموسي: اذهب انت و ربك فقاتلا انا ها هنا قاعدون ولكن تقول: امض لامر ربك فانا معك مقاتلون.

و قال الحسين لاصحابه: ان القوم انما يريدونني، و لو قتلوني لم يلتفتوا اليكم، و انتم في حل وسعة فقالوا: و الله لا يكون هذا أبدا.

فقال: انكم تقتلون غدا كلكم، و لا يفلت منكم رجل. قالوا: الحمدلله الذي شرفنا بالقتل معك.

و قال ابوجهل يوم بدر: اللهم ان محمد اقطعنا للرحم، و اتانا بما لا نعرف، فانصرنا عليه.

و قال يزيد لعلي بن الحسين: أبوك قطع رحمي، و جهل حقي، و نازعني سلطاني، ففعل الله به ما رأيت.

و قال يزيد فيما قاله للامام زين العابدين: الحمدلله الذي قتل أباك. فقال له الامام: لعنة الله علي من قتل ابي.

و انتشر الاسلام بعد غزوة بدر، و تحرر الضعفاء من سيطرة الاقوياء.


و ولد بكربلاء مبدأ جديد، هو الايمان بان الموت في سبيل الحق خير من الحياة مع المبطلين، و قضي هذا المبدأ علي الامويين و سلطانهم الجائر، و لقد اثبتت التجارت بان ايمان الانسان بحقه، و حرصه علي حريته، و حفاظه علي رزقه اقوي من كل سلاح و عتاد، فلقد تغلبت افريقيا الجائعة العزلاء، و غيرها من الشعوب المستضعفة علي المستبدين الاقوياء، تغلبت بقوة الايمان بان الانسان يجب ان يعيش حرا كريما، و هذا هو مبدأ الحسين الذي ضحي من أجله بنفسه و أهله.

و لا شي ء أدل علي قوة الصلة و الشبه بين بدر و كربلاء من انشاد يزيد، و هو ينكث ثنايا الحسين بقضيبه:



ليت اشياخي ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الاسل



لاهلوا و استهلوا فرحا

ثم قالوا يا يزيد لا تشل



قد قتلنا القرم من ساداتهم

و عدلناه ببدر فاعتدل



لعبت هاشم بالملك فلا

خبر جاء و لا وحي نزل



لست من خندف ان لم انتقم

من بني احمد ما كان فعل



كلا، لم ينتقم يزيد من بني احمد، و انما انتقم الله منه و من بني امية لبني احمد و للانسانية جمعاء، انه لم يقتل مبدأ الحسين، و انما قتل نفسه، و قضي علي سلطانه، كما قالت السيدة زينب فيما قالت ليزيد بعدما سمعته يهتف باشياخه:

تهتف باشياخك!.. زعمت انك تناديهم، فلتردن و شيكا موردهم، و لتريدن انك شللت و بكمت، و لم تكن قلت ما قلت، و فعلت ما فعلت. اللهم خذ لنا بحقنا، و انتقم ممن ظلمنا، و احلل غضبك بمن سفك دماءنا، و قتل حماتنا، فوالله ما فريت الا جلدك، و لا حززت الا لحمك.