بازگشت

ما ذنب أهل البيت


سؤال رددته الاجيال منذ القديم، و يردده الآن كل انسان، و سيبقي خالدا الي آخر يوم لا يقطعه مرور الزمن، و لا تحول دونه الحوادث و ان عظمت.

سؤال نظمه الشعراء في آلاف القصائد، و دونه الكتاب في مئات الكتب، و اعلنه الخطباء علي المنابر في كل جزء من اجزاء المعمورة.

سؤال ردده المؤمن و الجاحد، و الكبير و الصغير حيت الاطفال.

سؤال كبير في معناه، صغير في مبناه يعبر عنه بكلمتين فقط، و هذا هو:



ما ذنب أهل البيت

حتي منهم اخلوا ربوعه



تركوهم شتي مصا

ئبهم و اجمعها فظيعه



فمغيب كالبدر تر

تقب الوري شوقا طلوعه



و مكابد للسم قد

سقيت حشاشته نقيعه



و مضرج بالسيف آ

ثر عزه و ابي خضوعه



فقضي كما اشتهت الحمية

تشكر الهيجا صنيعه



و مصفد لله سلم

امر ما قاسي جميعه



و سليبة باتت بافعي

الهم مهجتها لسيعه




و مرة ثانية

ما ذنب أهل البيت حتي منهم اخلوا ربوعه؟!

و اي ذنب أعظم من ذنب الحرة الطاهرة عند الفاجرات العاهرات؟! و أي جرم اكبر من جرم الامين المجاهد في سبيل الله عند الخونة الذين باعوا دينهم و ضمائرهم للشيطان؟! و اي اساءة تعادل اساءة المحق عند المبطلين؟! و أي عداء اقوي من عداء الجهلة السفهاء للعالم الشريف؟!

ألا يكفي أهل البيت من الذنوب ان يشهد القرآن بقداستهم و تطهيرهم، و ان تعلن الاذاعات في شرق الارض و غربها في كل يوم، و في كل صباح و مساء «يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا»؟! الا يكفي أهل البيت جرما ان يقول عنهم الرسول الاعظم: «مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا، و من تخلف عنها غرق»؟! و ماذا ابقي اذن الي غيرهم؟ الا يكفي علي من الذنوب و العيوب ان يقول النبي: انا مدينة العلم، و علي بابها. و ان يقول له: أنت اخي في الدنيا و الآخرة.. من كنت مولاه فعلي مولاه. و لم يقل هذاه في حق احد سوي علي. الا يكفي علي عيبا ان يقول عنه سيد الرسل حين برز ود: نزل الايمان كله الي الشرك كله؟! اما ذنب علي الذي لا كفارة له أبدا فهو ان يسأل الله الناس غدا عن ولايته و متابعته، كما يسألون عن الايمان بالله و الرسول و اليوم الآخر، قال ابن حجر، و هو من علماء السنة في كتابه الصواعق المحرقة: ان قوله تعالي: «وقفوهم انهم مسئولون - الصافات 24 «نزلت في علي، و ان الناس مسئولون عن ولايته. هذي هي عيوب الامام، و هذي هي ذنوب ابنائه عليهم السلام!..

قال الامام احمد بن حنبل لما سئل عن معاوية: ان قوما ابغضوا عليا، فتطلبوا له عيبا فلم يجدوه، فعمدوا الي رجل قد ناصبه العداء، فأطروه كيدا لعلي..


أجل، انهم لم يجدوا. و لن يجدوا عيبا واحدا للامام، و لو حرضوا كل الحرص، ولكن هذا لا يمنعهم من الافتراءات و الاكاذيب، كما لم يمنعهم مقام الرسالة عما نسبوه الي النبي (ص) من انه هوي امرأة زيد ابن حارثة، و انه لم يزل بها حتي استخلصها لنفسه. و اقرأ معي هذه الفرية لتعرف جرأتهم علي الله و الرسول:

كان هاشم المرقال [1] بطلا شجاعا، و مؤمنا صادقا، و كان من افاضل اصحاب النبي (ص)، و صاحب لواء الامام يوم صفين قاتل قتالا شديدا حتي قتل في نصرة الامام في اليوم الذي استشهد فيه عمار بن ياسر، و في ذات يوم رأي شابا يخرج من عسكر الشام يضرب عسكر الامام بسيفه ضرب المستميت، و من غير وعي، فأتاه و كلمه بهدوء، و قال له: يا هذا انك تقف موقفا غريبا، انت مسئول عنه غدا. فقال له الشباب: لقد قيل لي: ان صاحبكم لا يصلي!... فقال له هاشم: انهم خدعوك فعلي ولد في الكعبة، و اول من صلي مع الرسول الي القبلة، و قاتل معاوية و أباه من أجل الصلاة، ولو رأيت عسكر علي في ظلام الليل لرأيت التهجد و التضرع، و الصلوات و تلاوة القرآن، فاقتنع الشاب و ترك القتال.

و قال الشمر او من هو علي شاكلته، قال للحسين، و هو يصلي في قلب المعركة قبل مصرعه،: صل يا حسين، ان صلاتك لا تقبل. الله اكبر!.. لا يقبل الله صلاة الحسين، و يقبل من الشمر قتل الحسين!.. و قال ابن زياد حين بلغه قتل الحسين: الحمدلله الذي قتل حسينا، و نصر اميرالمؤمنين يزيد!.. و عندما اوتي بمسلم بن عقيل لابن زياد، و كان قد آلمه العطش من اثر القتال، فرأي قلة ماء فطلب ان يسقوه منها، فقال


له باهلي: لا تذوق منها قطرة حتي تذوق الحميم في نار جهنم، و كان يزيد ينكث ثنايا الحسين بقضيب مكتوب عليه لا اله الا الله محمد رسول الله، و سجد معاوية شكرا لله بعد أن قتل الحسن بالسم، و هكذا يدلسون و يموهون، ليثق بهم السذج البسطاء، و يثنوا المخلصين عن طريق الحق و الجهاد في سبيله؛ ولكن الله، و هو احكم الحاكمين، قد فضحهم الي يوم يبعثون، و عاملهم بخلاف قصدهم، اما المخلصون فلم يكترثوا.



يزري الجبان بسيف عن

تر و البخيل بجود حاتم



و مهما تكن الدعايات و الافتراءات فلا تستطيع الصمود امام الحقيقة، اما عظمة الامام و ابناء الامام. فهذه المحافل في كل مكان، و هذه الدموع الجارية انهرا علي الحسين، و هذه الاصوات المدوية بالصلاة عليهم، و اللعنة علي اعدائهم و قاتليهم، و هذه القباب الذهبية التي تناطح السحاب، و هذه الوفود التي تؤمها من كل حدب و صوب، كل هذه و ما اليها ان هي الا صواعق و قنابل تنهال علي اعداء أهل البيت، و الا نشيد الخلود يردده الدهر الي يوم يبعثون.

أجل، لقد قتل الحسين، و غرق جسمه الشريف في بحر من دمائه، اما روحه و ذكراه، اما مبدأه و عمله ففي بحر من عطر و نور.



ان يبق ملقي بلا دفن فان له

قبرا باحشاء من ولاه محفورا





پاورقي

[1] طعنه الحرث بن المنذر في بطنه فسقط علي الارض، و قد رأي عبيدالله بن عمر صريعا الي جانبه، فجشي حتي دنا منه وعض علي ثدييه حتي تبينت فيه انيابه، ثم مات هاشم، و هو علي صدر عبيدالله.