بازگشت

جزاء من قتل الحسين


إن من صفات الله تعالي العدل فلذلك جَعل يومَ المعاد يوماً للجزاء ولإحقاق الحق وإن الله تعالي يمهل ولا يهمل فإن لم ينتقم لعباده الصلحاء في دار الدُنيا فهو مقتص لهم من خصومهم في الآخرةِ وأنه ناصرٌ مؤيَد لعبادهِ الصالحين. فقد روي أن قومَ نبي الله صالح قد عقروا ناقته فأنزل الله عذابه الرباني عليهم بعد ثلاثة أيام (فعقروها فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعدٌ غير مكذوب) [1] .

عقروا ناقة نبيه فأنزل غضبه عليهم منتصراً لنبيه، فكيف لا ينصرُ مَن يُنبري للثأر من قتله أولاد الأنبياء والأوصياء.. وهو ينتقمُ لمِن ضحي بدمه وآل بيته وأولاده من أجل بسط شريعة الله علي الأرض والحكمُ بدستوره.. إن الله غضب للإمام الحسين فكسفت الشمس لمصرعه ومطرت السماء دماً عبيطاً... وكادت الأرض أن تميدَ بأهلها واشتد غضبه علي البغاة العصاة يوم رفعوا رؤوس آل البيت علي أسنة الرماح يطوفون بهم البلدان وسبي بنات وحفيدات المصطفي نكاية بآل مـحمد الذي هدم أصنامهم وقتل رجالهم العتاة البغاة الخارجين عن إرادة السماء.

عن السُّدِّي قال: أتيت كربلاء لأبيع التمر بها، فعمل لنا شيخ من طيّء طعاماً، فتعشّينا عنده، فذكرنا قتل الحسين، فقلت: ما شَرِكَ أحدٌ في قتل الحسين إلاّ مات بأسوأ ميتَة. قال: ما أكذبكم يا أهل العراق! أنا ممَّن شَرِكَ في ذلك. فلم يبرح حتي دنا من المصباح وهو متَّقد بنفط، فذهب يُخرج الفتيلة بأصبعه، فأخذتِ النارُ فيها، فذهب يُطفئها بريقه، فأخذت النار في لحيته، فغدا فألقي نفسه في الماء، فرأيته كأنَّه حُمَمَة [2] .

وعـن أبـي رجاء العطـاردي أنـه كـان يقول: لا تسبُّوا علياً ولا أهل بيــت النبي (صلي الله عليه وآله وسلم)، إن جاراً لنا من بني الـهُجيـم قـدم مـن الكـوفة فـقـال: ألـمْ تَروْا هذا الفاسق ابن الفاسق، إن الله قتله - يعني الحسين رضي الله عـنه - فرماهُ الله بكوكبين في عينيه، وطمس الله بصره. قال: أبو رجاء: فأنا رأيته - لعنه الله - [3] .

وعن هشام بن الكلبي عن أبيه قال: كان رجل يقال له: زُرْعة، شهد قتل الحسين، فرمي الحسينَ بسهم فأصاب حنكَه، وكان الحسين دعا بماء ليشرب، فرماه، فحال بينه وبين الماء، فقال: اللهم أظِمئْه. قال: فحدثني مَنْ شهد موته وهو يصيح من الحرِّ في بطنه ومن البرد في ظهره، وبين يديه الثلج والمراوح، وهو يقول: اسْقُوني، أهلكَني العطش، فيؤتي بالعُسِّ العظيم فيه السويق والماء واللبن، لو شربه خمسة لكفاهم، فيشربه ثم يعود فيقول: اسقوني، أهلكني العطش. قال: فانقَدَّ بطنُه كانقداد البعير [4] .

عن أبي مـحمد الهلالي قال: شرك منا رجلان في دم الحسين بن علي (رضـي الله عنـهما) فـأما أحـدهما فـابتلي بـالعطش فكان لو شرب راويةً ما رَوِيَ... [5] .

وعن أبي زُرْعة بسنده قال: جاء رجل يبشر الناس بقتل الحسين، فرأيته أعمي يقاد [6] .

قال الحجاج: من كان له بلاء فليقم، فقام قوم يذكروا، وقام سنان بن أنس فقال: أنا قاتل حسين، فقال: بلاء حسن، ورجع إلي منزله، فاعُتقل لسانه وذهب عقله، فكان يأكل ويحدث في مكانه [7] .

وقال الأعمش: أحدث رجل من أهل الشام علي قبر الحسين بن عليّ، فأبرص من ساعته [8] .

وعنه أيضاً قال: تغوط رجل من بني أسد علي قبر الحسين بن علي، قال: فأصاب أهل ذلك البيت خبل وجنون وجُذام ومرض وفقر [9] .

وروي سبط بن الجوزي: أن شخصاً علّق رأس الحسين (عليه السلام) في لبب فرسه فرؤي بعدَ أيام ووجهه أشد سواداً من القار، ومات علي أقبح حالة. ويقال: إن رجلاً أنكر ذلك، فوثبت النار علي جسده، فحرقته.

وعن الزهري أنّه لم يبق أحد ممّن قتل الحسين إلاّ عوقب في الدنيا قبل الآخر، أما بالقتل أو سواد الوجه أو تغيير الخلقة، أو زوال الملك في مدة يسيرة [10] .


پاورقي

[1] سورة هود: الآية 65.

[2] سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 425 رقم:270؛ تاريخ مدينة دمق: ج 14 ص 231،ص 234 ح 3545؛ ذخائر العقبي: ص 248؛ تهذيب الکمال: ج 6 ص 436؛ کفاية الطالب: ص 393؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2641.

[3] سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 425 رقم: 270؛ ذخائر العقبي: ص 248؛ تهذيب الکمال: ج 6 ص 436، وفيه: (صلي الله عليه وآله وسلم)بلهجيم بدل: الهجيم؛ کفاية الطالب: ص 400؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2642؛ تاريخ الخلفاء ص 207.

[4] ذخائر العقبي: ج 246؛ سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 424، وفيه: (صلي الله عليه وآله وسلم)ظَمِّئه بدل أظِمئْه؛ تهذيب الکمال: ج 6 ص 430؛ کفاية الطالب: ص 391؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2620.

[5] ذخائر العقبي: ص 247؛ تهذيب الکمال: ج 6 ص 438؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2621.

[6] تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 227 ح 3545؛ تهذيب الکمال: ج 6 ص 433.

[7] تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 231 و234 ح 3545.

[8] تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 244 ح 3547؛ تهذيب الکمال: ج 6 ص 444.

[9] تاريخ مدينة دمشق: ص 244 ح 3547؛ تهذيب الکمال: ج 6 ص 444.

[10] نور الأبصار: ص 233.