بازگشت

تتمة مهمة


قد طال التشاجر بين الأصحاب في أن اطلاق الابن علي ولد البنت حقيقة أو مجاز، و ذهب المشهور الي الثاني تمسكا بالتبادر، و عليه الحكم في ابواب الخمس و الوقف و الوصية، و اختار جمع منهم علم الهدي و مشايخ أهل الحديث الي الأول، لأخبار كثيرة دالة بظاهرها عليه، أظهرها ما رواه ثقة الاسلام في الروضة بسنده عن أبي الجارود، قال قال: أبوجعفر (ع) له: ما يقولون لكم في الحسن و الحسين (ع)؟ قلت: ينكرون علينا أنهما ابنا رسول الله. قال فأي شيئي احتججتم عليهم؟ قلت: احتججنا عليهم بقول الله عزوجل في عيسي بن مريم: «و من ذريته داود و سليمان... الآية الي قوله: و عيسي...» فجعل عيسي من ذرية نوح. قال: اي شيي قالوا لكم؟ قلت: قالوا قد يكون ولد الابنة من الولد و لا يكون من الصلب. قال: فأي شيئي احتججتم عليهم؟ قلت: احتججنا عليهم بقوله تعالي لرسول الله صلي الله عليه و آله: «قل تعالوا ندع أبنائنا و ابنائكم و...» قال: فاي شيئي قالوا؟ قلت: قالوا قد يكون في كلام العرب ابناء رجل و آخر يقول ابنائنا. قال: فقال ابوجعفر (ع): يا أبا الجارود، لأعطينكها من كتاب الله عزوجل أنهما من صلب رسول الله (ص) و لا يردها الا كافر. قلت: أين ذلك جعلك فداك؟ قال: من حيث قال الله عزوجل: «حرمت عليكم امهاتكم و بناتكم و أخواتكم...» الي ان انتهي الي قوله تبارك و تعالي: «و حلائل ابنائكم الذين من اصلابكم...» فاسألهم يا ابا الجارود: هل كان يحل لرسول الله نكاح حليلتهما؟ فان قالوا: نعم، كذبوا و فجروا، و ان قالوا: لا، فهما ابناه لصلبه...» الحديث. و بمعناه اخبار متكاثره بل متواترة معني من مناظرة مولانا الكاظم (ع) مع الرشيد و مناظرة الشعبي مع الحجاج - لعنه الله - و مناظرة مولانا الرضا (ع) مع المأمون، كما رواه الشيخ ابوالفتح الكراجكي في كنز الفوائد عن امالي الشيخ المفيد، قال: روي أن المأمون لما سار الي خراسان كان مع الامام الرضا (ع) علي بن موسي، فبيناهما يسايران، اذ قال له المأمون: يا أبا الحسن، اني فكرت في شيئي فسنح لي الفكر الصواب فيه، فكرت في امرنا و أمركم و نسبنا و نسبكم فوجدت الفضيلة فيه واحدة، و رأيت اختلاف شيعتنا في ذلك محمولا علي الهوي و العصبية، فقال له ابوالحسن الرضا (ع): ان لهذا الكلام جوابا ان شئت ذكرته لك و ان شئت أمسكت، قال المأمون: لم أقله الا


لأعلم ما عندك فيه. قال الرضا (ع): أنشدك الله يا أميرالمؤمنين، لو أن الله بعث نبيه (ص) فخرج علينا من وراء أكمة من هذه الآكام فخطب الينا ابنتك لكنت مزوجه اياها؟ فقال: يا سبحان الله! و هل أحد يرغب عن رسول الله؟ فقال له الرضا (ع): أفتراه كان يحل له أن يخطب ابنتي؟ قال: فسكت المأمون، فقال: أنتم و الله أمس برسول الله رحما. و هذه الأخبار ظاهرة في كون ولد البنت ابنا حقيقة و مستعملا فيه في الكتاب المجيد و عرف أهل اللسان، فلابد من التزام اختصاص في هذا الاستعمال في ابناء فاطمة و علي عليهماالسلام، كما احتمله بعض الاصحاب، و هو في غاية البعد، و ان كان يؤيده ما رواه في المناقب عن معجم الطبراني عن ابن عباس و اربعين المؤذن و تاريخ الخطيب بأسانيدهم الي جابر، قال النبي (ص): ان جعل ذرية كل نبي من صلبه خاصة و جعل ذريتي من صلبي و صلب علي بن أبي طالب، كل بني ينسبون الي أبيهم الا اولاد فاطمة فاني أنا أب هم. انتهي.

و يبعد هذا الاحتمال تمسكهم (ع) في بعض هذه الأخبار بقوله تعالي: «و حلائل أبنائكم»، و يمكن أن يلتزم صدق الولد علي ولد البنت حقيقة و ادعاء الانصراف في بعض الموارد، كالخمس و الوقف و غيرهما، كما التزمه شيخ مشايخنا في الجواهر و بعض آخر. و قال بعض مشايخنا المعاصرين: ان المناظرة في هذه الأخبار مع المخالفين ليست في الحقيقة و المجاز اللغويين، بل النزاع في امر معنوي و هو أن الانتساب بالأم ليس امرا واقعيا و ربطا حقيقيا، سواء كان الاستعمال حقيقة او مجازا، كما قال الشاعر:



بنونا بنو أبنائنا و بناتنا

بنوهن ابناء الرجال الأباعد



و هذه الأخبار صدرت ردا عليهم و تنبيها لهم علي انه قرابة واقعية و ليس كما تخليه العوام من ان الأم وعاء الولد فقط و أن الولادة و النسبة الي الوالد واقعا. و كيف كان فيبعد غاية البعد عدم اطلاع الفقهاء علي هذه الأخبار، و مع ذلك ذهبوا الي الخلاف و التزموا أن الاستعمال في ولد البنت مجاز، و الله تعالي و اوليائه أعلم.