بازگشت

القتال الجماعي


ابتدأت المعركة عندما تقدم عمر بن سعد نحو معسكر الحسين (ع) و أطلق سهماً باتجاهه وقال : «اشهدوا لي عند الامير اني أول من رمي ، فقال الحسين (ع): قوموا إلي الموت الذي لابد منه ، فنهضوا جميعاً والتقي العسكران الرَّجالة مع الفُرسان واشتد الصراع ».

ثم اقبلت السهام ترشق اصحاب الحسين (ع) كأنها المطر، عندها قال الإمام القائد لاصحابه : «إن السهام هي رسل القوم إليكم . فاقتتلوا ساعة من النهار حملة و حملة ».

بعدها أصدر الشمر بن ذي الجوشن ـ و هو من أبرز قادة أركان الجيش الاموي ـ أوامره بالهجوم الجماعي عندما قال :«احملوا عليهم حملة رجل واحد..وافنوهم عن آخرهم ».

وصف ابو مخنف ـ المراسل الحربي بلغة اليوم ، ضراوة المعركة ، فقال :«..و قاتلوهم حتي انتصف النهار أشد القتال ، و أخذوا لايقدرون علي أن يأتوهم إلاّ من وجه واحد لاجتماع أبنيتهم و تقارب بعضها من بعض ، قال : فلما رأي ذلك (عمر بن سعد) أرسل رجالاً يقوّضونها ـ أي يهدمون البيوت - عن ايمانهم وعن شمائلهم ليحيطوا بهم ، قال : فأخذ الثلاثة و الاربعة من أصحاب الحسين يتخللون البيوت فيشدون علي الرجل و هو يقوّض وينتهب فيقتلونه من قريب و يعقرونه ، فأمر بها (عمر بن سعد)عند ذلك فقال : أحرقوها بالنار و لاتدخلوا بيتاً و لا تقوّضوه ، فجاءوا بالنار فاخذوا يحرقون . فقال الحسين (ع): دعوهم فليحرقوها فإنهم لو قد حرقوها لم يستطيعوا أن يجوزوا ـ أي يصلوا ـ إليكم منها، وكان ذلك كذلك . ويضيف أبومخنف : و أخذوا لايقاتلونهم إلا وجهاً واحداً، لاحظ كيف أن الحسين القائد كان يخطّط بمنتهي الحكمة ، و يضع بنظر الاعتبار معالجة خطط و أفكار الشمر (لعنه الله)، وكيف أنه أراد أن يكون اتجاه المعركة من وجه واحد، مراعياً قلة عدد قواته ، و حماية لنسائه وأطفاله من أن يُعتدي عليهن ، أو يقعن رهينة ً بيد عدوّه .

و مع النقص الشديد في عددهم قاتل جند الحسين ببسالة منقطع النظير، وبالنتيجة سقطوا في ساحة الوغي بين شهيد وجريح ؛ وذلك لشدة قصف السهام وكون ميدان القتال بالنسبة لاصحاب الحسين (ع) المحاصرين ضيّقاً لايتسع للانتشار والتبعثر الذي يقلل ـ عادة ـ من الخسائر في الارواح .