بازگشت

المكاتبات


كان الحسين (ع) يكتب باستمرار إلي أنصاره و شيعته في الولايات و البلدان ، وخاصة إلي اليمن و الكوفة والبصرة ، وهي المناطق المعروفة بحب آل البيت : و موالاتهم ، ينقل تعليماته إليهم ويطلع علي كل المستجدات ، ولكن وسيلة المكاتبات هذه لايمكن الاعتماد عليها كلياً في الحصول علي المعلومات و نقلها؛ و ذلك لان حامل الكتاب في بعض الاحيان يقع في فخ مخابراتي ، و يُكتشف أمره و يتعرض ـ بالتالي - إلي العقوبة القاسية أو يتعرض للعذيب من أجل الكشف عن الجهة المكلف بإرسال الكتاب إليها. كما حصل مع قيس بن مسهر الصيداوي الذي كلّفه الحسين (ع) بإيصال كتاب سري للغاية إلي سليمان بن صرد الخزاعي والمسيب بن نجبة ورفاعة بن شداد و جماعة الشيعة بالكوفة ، فلما قارب دخول الكوفة اعترضه الحصين بن نمير ـ صاحب عبيد الله بن زياد ـ ليفتّشه فأخرج (قيس ) الكتاب و مزّقه ، فحمله الحصين بن نمير إلي عبيد الله، فلما مَثُل بين يديه قال له من أنت ؟ قال : أنا رجل من شيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) و ابنه ، قال : فلماذا خرَّقت الكتاب ؟ قال : لئلا تعلم مافيه .فحاول (عبيد الله) التحقيق معه وأخذ الاعتراف منه . وقال له : و ممن الكتاب وإلي من ؟ قال : من الحسين (ع) إلي جماعة من أهل الكوفة لاأعرف أسماءهم ، فغضب ابن زياد وقال : والله لاتفارقني حتي تخبرني بأسماء هؤلاء القوم ، أو تصعد المنبر فتلعن الحسين بن علي وأباه و أخاه وإلا قطّعتك إرباً إرباً، فقال قيس : أما القوم فلا أخبرك بأسمائهم وأما لعن الحسين و أبيه و أخيه فأفعل .

فصعد المنبر فحمد الله و أكثر من الترحم علي علي و الحسن و الحسين ثم لعن عبيد الله بن زياد و أباه ، ولعن عُتاة بني أمية عن آخرهم ، ثم قال :

«ايها الناس أنا رسول الحسين اليكم وقد خلفته بموضع كذا فأجيبوه » فأمرعبيد الله بإلقائه من أعالي القصر.

من هذا الموقف يظهر لنا جلياً بأن الإمام يختار حملة كُتبه من ذوي الخبرة و الكفاءة والشجاعة والامانة للتقليل من الاثار السِّلبية للمكاتبات التحريرية .