الحسين يحطم الصمت
عند ما هلك معاوية وخلّف يزيد علي الاُمة بما يتصف به من مجون و فسوق وجرأة علي ارتكاب المحرمات ، عاشت الاُمة حالة قلق و وجل من مستقبل هذه السلطة و خطرها علي الإسلام عقيدة شريعة و اُمة .
و في هذه الاجواء المملوءة بالارهاب و الانحرافات الواسعة عن الإسلام ، و المخاطر المحدقة بالصالحين من ابناء الاُمة ، كان الإمام الحسين (ع) محط الانظار، والبقية الباقية من آل البيت (ع) وهو إمام المسلمين و قدوتهم ، و الهادي لهم علي المستوي الفكري و العقائدي و السلوكي .
طلبت الحكومة الاُموية من الإمام البيعة ، وفعلها هذا خلاف لمعاهدة الصلح التي عقدت مع معاوية ؛ حيث اشترط ان يكون الامر للإمام الحسن إذا هلك معاوية و إذا حدث امر للإمام الحسن (ع) فالإمام الحسين (ع). ثم إن ولاية العهد بدعة لم يألفها المسلمون و لا تتفق مع ثقافتهم ، وإضافة الي ذلك لم يكن يزيد من الشخصيات المجهولة عند الاُمة و إنّما كان واضحاً و معروفاً جداً لسلوكه الشاذ عن المستوي الطبيعي ، ولعدم تحفّظه من عمل المنكر و المجاهرة به .
في مثل هذه الظروف المتشنجة طلب الحكم الاُموي من الإمام (ع) البيعة ليزيد، وكانت بطلب من يزيد مباشرة ؛ اذ كتب الي الوليد بن عتبة ابن ابي سفيان :
(امّا بعد فخذ حسيناً و عبد الله بن عمر و ابن الزبير بالبيعة أخذا شديدا ليس فيه رخصة حتي يبايعوا و السلام ).
في هذا الوقت أعلن الإمام الحسين (ع) عن موقفه من حكومة يزيد و من شخصية يزيد بقوله وهو يخاطب والي المدينة :
«...إنّا اهل بيت النبوة و معدن الرسالة ، و مختلف الملائكة ، و مهبط الرحمة ، بنافتح الله، وبنا يختم ، و يزيد شارب الخمر، وقاتل النفس المحترمة ، معلن بالفسق ، و مثلي لا يُبايع مثله ، ولكن نصبح و تصبحون ، وننظر وتنظرون ، أينا أحق بالخلافة و البيعة ».
وقال لمروان بن الحكم : «علي الإسلام السلام إذا ابتليت الاُمة براع مثل يزيد، ولقد سمعت جدي رسول الله (ص) يقول : الخلاقة محرّمة علي آل ابي سفيان ؛ فإذا رأيتم معاوية علي منبري فابقروا بطنه ، و قد رآه أهل المدينة علي المنبر فلم يبقروا فابتلاهم الله بيزيد الفاسق ».
بهذه المواقف الصريحة والمبدئية بدأ الإمام الحسين (ع) حركته ، و عيّن الموقف من حكومة يزيد؛ فتحطم الصمت و بدأ الكلام عن شرعية و كفاءة يزيد لهذا المقام ، فبدأ ولم ينته ، وأسس مدرسته مواجهة مع يزيد الماضي و كل ّ يزيدي السلوك علي طول التاريخ .