بازگشت

الانحدار الخطير


نتيجة لتراكم الاخطاء السابقة والابتعاد عن الدين و الاهتمام الحكومي بقضية الحكم و الترف ، والتعامل مع ممتلكات الاُمة باعتبارها ملكاً لقريش و الاُمة تعمل لبني أُميّة ، وكل ّ ما تتملك الاُمة فهو ملك لهم ، و اضاف يزيد الي ذلك ان اشراف الاُمة عبيد له ، وطلب البيعة علي ذلك و قتل من أبي .

وكان الجهاز الحاكم يدير الاُمة بهذه الطريقة ، ويتعامل معها بكل مالديه من انحراف فكري وسلوكي .

وهذا المستوي المتدني و الانحراف الظاهري يهدّد اصل الدين ولهذا لايمكن السكوت عليه حتي أذا ادي الي التضحيات الجسام . فلاينظر في هذه المواقع الي المصلحة الشخصية وما يترتب علي التصدي لهذا الواقع المنحرف . لان ّ الدين ضرب من جميع الجهات و هوجم علي جميع الاتجاهات ولم يقف الاُمويون عند حدٍّ معين . وانما كانوا في حركة دائمة بالاتجاه المعاكس للدين ، ولو قدّر لهذه النشاطات المعادية للإسلام ان تستمر لايبقي رجاء بسلامة الدين . ولنقضت حلقاته الواحدة بعدالاُخري ، ولسيطرت مجموعة متهتكه علي مقدرات المجمتع و مقدساته بلا مخالفة .

وقد أثار سلوك يزيد أشراف أهل المدينة المنوّرة عندما وفدوا عليه ، حيث رجعوا يقولون : قدمنا من رجل ليس له دين يشرب الخمر،و يضرب بالطنابير، ويعزف عنده القيان ، ويلعب بالكلاب ، ويسمر عنده الخراب - وهم اللصوص ـ و إنانشهدكم انا قد خلعناه ». و قام عبد الله بن حنظلة الغسيل فقال :جئتكم من عند رجل لو لم أجد إلاّ بني هؤلاء لجاهدته بهم . وقد أعطاني واكرمني وما قبلت منه عطاءه إلاّ لاتقوّي به ، فخلعه الناس ، و بايعوا عبدالله بن حنظلة الغسيل علي خلع يزيد و ولوه عليهم .

و كان عمّال يزيد علي طريقته بالانحراف عن الدين و التظاهر بمخالفة الشريعة و ارتكاب المحرمات ، وقد ذكر ابن عبد ربّه ذلك بقوله :

«(يزيد بن معاوية ) صاحب طرب وجوارح وكلاب و قرود و فهود و منادمة علي الشراب ، وغلب علي اصحاب يزيد و عمّاله ما كان يفعله من الفسوق ، و في أيامه ظهر الغناء بمكة والمدينة ، واستعملت الملاهي و أظهر الناس شرب الشراب ».

فاشتركت تركيبة حكومية كاملة بالفسق و الاستهتار بقيم السماء و العمل علي عزل احكام الإسلام عن مسرح الحياة ، ونشر ثقافة التهتك و التحلل من الالتزامات الإسلامية الظاهرية العامة فضلاً عن الالتزامات الخاصة علي الولاة و الخليفة ؛ لانهم القائمون علي إقامة الإسلام وإجراء أحكامه .

اتفاق هذه التشكيلة الحكومية أدت الي السقوط و الوصول الي أدني مستوي من الإنحطاط ، وشكّلت اكبر خطراً علي الإسلام والاُمة الإسلامية ، و أعظم حاجر عن تحقق غايات الشريعة ، وأوسع ضوضاء في أجواء العقيدة .