بازگشت

اقصاء اهل البيت و ازمات المستقبل


لقد ساهم التسامح في مسألة الإمامة علي رسم نقطة البداية باتجاه لايلتقي مع الغايات الرساليّة ، والرسالات السماويّة ، فكانت بداية الافتراق و نقطة الانطلاق التي رسمها الجهل بعواقب الافعال ونتائجها باب فتنة ، فُتحت و لم تُغلق ، و لم تكن هذه النهاية خافية علي الواعين من الاُمة و إنما كانت واضحة النتائج لكثير منهم ، ولكن قصر النظر وتفسير الخلافة علي أنها سلطان ومكسب أدي الي أن يدخل البعض في صراع و منافسة مع الائمة الشرعيّين من جهة ، ومع المنافسين لهم من امثالهم ، وكانت حجّتهم علي امثالهم : (من ينازعنا سلطان محمّد وميراثه ، نحن اولياؤه وعشيرته . إلاّ مدل بباطل أو متجانف لإثم ، أو متورط في هلكة ).

فلم ينظر الي الخلافة ألاّ من جهة كونها سلطة ومقاماً دنيوياً، و هي رؤية هابطة ومتدنية لا تحمل أي بعد حضاري وديني ورسالي ؛ و لهذا كانت ضريبتها علي الاُمة باهضة جداً، وجبرانها عسير وماساتها عامّة و فسادها واسع و جرحها عميق . وكلّفت الاخطاء التي اُرتكبت عمداً من البعض بعد وفاة الرسول (ص) جهوداً ودماء وتضحيات ، كان موقعهاالطبيعي ان توظّف في طريق البناء الحضاري و خدمة المجتمع الإنساني ، والي يومنا هذا شغل المسلمون بتلك السيرة لإصرار البعض علي اتخاذها مبداً، وفرضها علي وعي المسلم و التزاماته باعتبارها المشروع الإسلامي .وقد رأت الاُمة الإسلامية الامتدادات او التفاعلات العمليّة عبر القرون الماضية و تأثيراتها السلبية في وعي المسلم وعناصر القوة للإسلام ، والمشروع الإسلامي في إقامة العدل و القسط و محاربة الجور والظلم .

ومنذ اللحظة الاُولي كان موقف أهل البيت (ع) واضحاً من هذه المسألة ، وذلك لإدراكهم خطورة المصير الذي ستنتهي إليه الاُمة ، ولذلك كانت تقترن مطالبتهم بحقّهم في الخلافة ، مواقفهم من المنهج الانحرافي والتهديد الذي تختلقه التفاعلات والتعقيدات المستقبلية لهذا الامر، و النهاية المأساوية التي ستتعرض لها الاُمة . نتيجة تعاطيها و تسامحها مع تلك المواقف غير المبدئية التي كانت تمثل إسقاطات الذات علي الواقع الخارجي فصبغت بممارساتها الحياة بصبغتها، فأفرزت اُطروحات إنسانية ناقصة تحمل في ثناياها ازمات و مشاكل ، ولدت لحظة ولادة الاراء الجديدة الغربية عن روح الإسلام ، و تفاقمت الي الحد الذي وضع المجتمع الإسلامي في موقف يقتل ذرية رسوله (ص) ويعرّضهم للسبي .