بازگشت

و في هذه الاجواء الخانقة فقدت الامة


1 - الكتاب والسنة باعتبارهما المصدرين اللذين تأخذ منهما احكامها الشرعية .

2 - الإمام المعصوم الذي يمثّل الرسالة الإسلامية وعياً و تطبيقاً.

واختفاء الكتاب والسنة والقيادة المعصومة بأي مستوي وشكل ، يساهم بأضرار و خسارات عظيمة علي الاُمة يصعب جبرانها منها:

اـ ضياع التفسير الصحيح للإسلام في أجواء الضجيج و كثرة الاجتهادات .

ب ـ فقدان الاُمة للقدوة الصالحة ، لماكان الرسول مع الاُمة فهو القدوة و الاُسوة ، ولما اختاره الله الي الرفيق الاعلي فحاجة الاُمة الي القدوة ـ بأجيالها المتعاقبة - لم تنته ِ.

ج ـ الانقسام الي اتجاهات و مذاهب كثيرة تختلف في قرائتها للإسلام .

د ـ إيجاد فرصة لنفوذ اعداء الإسلام التقليديين للانتقام من الإسلام و المسلمين .

ه ـ خسارة الإنسانية للمشروع الإلهي للإنقاذ علي جميع المستويات . و في هذه الاجواء والظروف التي حذفت فيها المصادر الفكرية و التطبيقية استحدثت و توّلدت معطيات غريبة لا تنسجم مع روح الإسلام ، ساهمت في تغيير الحقائق والمعايير، وألبس الإسلام ثوب الجاهلية بعد ما أفرغ من محتواه إلاّ بالمقدار الذي يقوّم السلطة الحاكمة و يمكنها من رقاب المحتمع .

و انتهي الامر الي اجتهادات فردية ارتجالية حلّت مكان الاحكام الإسلامية ، والتي كوّنت فيما بعد المدارس الفقهية التي خلطت جزءً من السنّة مع تلك الاراء فأنتجت فقه الاحكام الذي لا يبتغي إلاّ استقرار عرروشهم ، وكانت من إفرازاته قانون الغلبة و السيف و الكثرة ، و إقرار حكام الجور والظلمة و الطلقاء وابناء الطلقاء، و رفعوا بذلك جميع الالتزامات المفروضة علي الحاكم و ذهب ضحية ذلك خيرة ابناء الاُمة و رجالاتها المخلصين . و استولي علي الحكم الإسلامي أصحاب المواقف المخزية من الإسلام ورسول الكريم (ص) أمثال بني اُمية ، وهؤلاء جعلوامن أنفسهم الممثلين لتفسير الإسلام و طرح نظرته ، و أعلنوا العداء و الحرب لال بيت النبي (ص)، و للصحابة الذين لايرتضون سلوكهم المنحرف ، مع كل ّ ذلك اعتبروا الخروج عليهم خروجاً علي الإسلام و الجماعة و شق عصا الطاعة ، وأحياناً يتهم المخالف لهم بالزندقة و الكفر.

فالمسألة لم تنته بالسيطرة علي السلطة ، وإنما تهدر وجود الإسلام كدين للإنسانية يريد انقاذها، فإذا استمرّ الحال علي هذا المنوال فلم يبق منه بنو اُميّة شيئاً يذكر.

ففي هذه الاجواء وهذه النشاطات الجادة لمحو الإسلام كانت حركة الإمام الحسين (ع) باتجاه الفكر لتحريك الوعي العام ، وباتجاه الدين ونحو الإمامة و الخلافة ليحمّل الاُمة مسؤوليتها فيما يحدث ، لان ّ الاُسلوب الاُموي في السياسة و الحكم ، استطاع ان يجعل دور الاُمة هامشياً وتابعاً لإرادتهم ، وألفت ذلك الجماهير المسلمة التي عاشت تحت ظل السلطة الاُموية وسيفها القاهر.

ونتيجة للإرهاب الذي تعرّضت له الاُمة من الاُمويين أخذت بالانصراف تدريجيا عن مراقبة الحكام والاخذ علي أيديهم حين يخطئون .

وبهذا تم إقصاء الاُمة عن دورها الاساسي في المراقبة والتوجيه و ممارسة دورها في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، الاداة العمليّة لتقويم الانحراف علي جميع المستويات ، والاليّة السلميّة في مراحلها الاوليّة لاسترجاع الحقوق وإيقاف الظالم عند حدوده ؛ ومن اجل ذلك جعل الله اللعنة علي بني اسرائيل لتركهم هذه الوظيفة بقوله تعالي : لعن الذين كفروا من بني اسرائيل علي لسان داود وعيسي بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ، كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون .

ولسعة مفهوم الامر بالمعروف و النهي عن المنكر الذي يشمل جميع انواع الإصلاح الفكري والسياسي والاجتماعي كان بيان الإمام الحسين (ع): «إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أمّة جدي أريد ان آمر بالمعروف وأنهي عن المنكر».

فكانت ثورته (ع) لبناء اُمة قادرة علي أداء وظيفة الامر بالمعروف و النهي عن المنكر والحفاظ علي جميع المستويات ، سائرة علي خطي الحسين (ع) في أداء هذه الوظيفة متفاعلة مع منهجه وأهدافه تعيش هموم الإسلام ، تستمد و تستلهم من حركته روح المقاومة ، تفكر بالعطاء، وتحسب الربح والخسارة التي تحصل عليها المبادي و القيم الإسلامية الرفيعة .