بازگشت

اقامه الحجه و بيان الحقيقه


ثم جاء صباح عاشوراء، ووقف الحسين (ع) يدعو ربه: (اللهم انت ثقتي في كل كرب ورجائي في كل شده، وانت لي في كل امر نزل بي ثقه وعده، كم من هم يضعف فيه الفواد وتقل فيه الحيله ويخذل فيه الصديق ويشمت فيه العدو انزلته بك وشكوته اليك رغبه مني اليك عمن سواك ففرجته وكشفته فانت ولي كل نعمه وصاحب كل حسنه ومنتهي كل رغبه) [1] ثم ان الحسين اضرم نارا وراء البيوت لئلا ياتيه اعداء اللّه من الخلف، فجاءه شمر بن ذي الجوشن وقال: (يا حسين استعجلت النار في الدنيا قبل يوم القيامه؟، فقال الحسين: من هذا؟، كانه شمر بن ذي الجوشن؟ فقالوا: نعم اصلحك اللّه، هو.. هو. فقال: يا ابن راعيه المعزي انت اولي بها صليا. فقال مسلم بن عوسجه: يا ابن رسول اللّه جعلت فداك الا ارميه بسهم. فانه قد امكنني وليس يسقط سهم، فالفاسق من اعظم الجبارين. فقال له الحسين: لا ترمه فاني اكره ان ابداهم) [2] .

سلام اللّه عليك يا ابا عبداللّه، ها انت، وانت في قمه المواجهه مع اعداء اللّه من بني اميه محافظا علي موقف فقهي، واخلاقي، وعقائدي راسخ.

سلام اللّه عليك يا من انت من نور ابيك وامك، ومن نور رسول اللّه (ص)، فالامام علي (ع) لم يبدا اعداءه، اعداء اللّه يوما بقتال لا اصحاب الجمل، ولا الخوارج، ولا بني اميه يوم صفين، فالقوم ادعياء اسلام دخلوا هذا الدين من بوابه النبوه، ولسنا بصدد تكفيرهم ولا استباحه دمائهم (فمن اعتدي عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدي عليكم)«البقره/194»، (فلا عدوان الا علي الظالمين)«البقره/193».

هذا هو المبدا الراسخ في العلاقه بين ابناء الامه المنتمين اليها حتي ولو كان ذلك بمجرد الاسم والادعاء. وان فتح باب التكفير وقتل المسلمين، حتي الادعياء منهم، فان ذلك يعني فتح باب فتنه لا يغلق.

يقول ابن جرير الطبري، وهو يتحدث عن يوم عاشوراء، ضمن حديثه عن احداث سنه (61ه) ما نصه: (فلما دنا منه القوم عاد براحلته فركبها ثم نادي باعلي صوته بصوت عال يسمع جل الناس: (ايها الناس، اسمعوا قولي ولا تعجلوني حتي اعظكم بما هو حق لكم علي، وحتي اعتذر اليكم من مقدمي عليكم. فان قبلتم عذري وصدقتم قولي واعطيتموني النصف كنتم بذلك اسعد ولم يكن لكم علي سبيل، وان لم تقبلوا مني العذر ولم تعطوا النصف من انفسكم (فاءجمعوا امركم وشركاءكم ثم لا يكن امركم عليكم غمه ثم اقضوا الي ولا تنظرون)«يونس/71»، (ان ولي اللّه الذي نزل الكتاب وهو يتولي الصالحين)«الاعراف/196». قال فلما سمع اخواته كلامه هذا صحن وبكين وبكي بناته فارتفعت اصواتهن فارسل اليهن اخاه العباس بن علي وعليا ابنه وقال لهما: اسكتاهن فلعمري ليكثرن بكاوهن(...) [3] فلما سكتن حمد اللّه واثني عليه وذكر اللّه بما هو اهله وصلي علي محمد صلي اللّه عليه وعلي ملائكته وانبيائه فذكر من ذلك ما اللّه اعلم وما لا يحصي ذكره، «فقال الراوي »: فواللّه ما سمعت متكلما قط قبله ولا بعده ابلغ في منطق منه. ثم قال: اما بعد فانسبوني فانظروا من انا ثم ارجعوا الي انفسكم وعاتبوها فانظروا هل يحل لكم قتلي وانتهاك حرمتي؟ الست ابن بنت نبيكم صلي اللّه عليه وسلم ي ي ي ي وابن وصيه، وابن عمه، واول المومنين باللّه والمصدق لرسوله بما جاء به من عند ربه؟ اوليس حمزه سيد الشهداء عم ابي؟ اوليس جعفر الشهيد الطيار ذو الجناحين عمي؟ اولم يبلغكم قول مستفيض فيكم ان رسول اللّه صلي اللّه تعالي عليه وآله وسلم قال لي ولاخي: هذان سيدا شباب اهل الجنه؟ فان صدقتموني بما اقول، وهو الحق، واللّه ما تعمدت كذبا مذ علمت ان اللّه يمقت عليه اهله ويضر به من اختلقه، وان كذبتموني فان فيكم من ان سالتموه عن ذلك اخبركم، سلوا جابر بن عبداللّه الانصاري او ابا سعيد الخدري او سهل بن سعد الساعدي او زيد بن ارقم او انس بن مالك يخبروكم انهم سمعوا هذه المقاله من رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم لي ولاخي، افما هذا حاجز لكم عن سفك دمي؟! فقال له شمر بن ذي الجوشن:

هو يعبداللّه علي حرف ان كان يدري ما تقول. فقال له حبيب بن مظاهر: واللّه اني لاراك تعبد اللّه علي سبعين حرفا، وانا اشهد انك صادق ما تدري ما يقول قد طبع اللّه علي قلبك. ثم قال لهم الحسين: فان كنتم في شك من هذا القول افتشكون اثرا ما اني ابن بنت نبيكم فواللّه ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبي غيري منكم ولا من غيركم، انا ابن بنت نبيكم خاصه، اخبروني، اتطلبوني بقتيل منكم قتلته او مال لكم استهلكته او بقصاص من جراحه؟. قال: فاخذوا لا يكلمونه، قال: فنادي: يا شبث بن ربعي ويا حجار بن ابجر ويا قيس بن الاشعث ويا يزيد بن الحارث الم تكتبوا الي ان قد اينعت الثمار واخضر الجناب وطمت الجمام وانما تقدم علي جند لك مجند فاقبل. قالوا له:

لم نفعل. فقال: سبحان اللّه، بلي واللّه لقد فعلتم، ثم قال: ايها الناس اذ كرهتموني فدعوني انصرف عنكم الي مامني من الارض قال: فقال له قيس بن الاشعث: او لا تنزل علي حكم بني عمك. فانهم لن يروك الا ما تحب ولن يصل اليك منهم مكروه. فقال له الحسين: انت اخو اخيك اتريد ان يطلبك بنو هاشم باكثر من دم مسلم بن عقيل؟ لا واللّه لا اعطيهم بيدي اعطاء الذليل ولا اقر اقرار العبيد، عباد اللّه اني عذت بربي وربكم ان ترجمون، اعوذ بربي وربكم من كل متكبر لا يومن بيوم الحساب) [4] .


پاورقي

[1] الطبري: تاريخ الامم والملوک،4/321 ط.الاعلمي بيروت (غير مورخ).

[2] المصدر نفسه،4/322.

[3] اشاره الي فقره محذوفه.

[4] الطبري: تاريخ الامم والملوک‏4/322-323 احداث(سنه‏61 ه) مصدر سابق.