بازگشت

مواجهه التزييف، و احياء قيم الاسلام


لم تتوقف المواجهه بين ائمه اهل البيت (ع)، وبين بني اميه خلال هذه المرحله. وان ابتعدت عن المعارك العسكريه الكبري، فقد سال الكثير من الدماء، في هذه المرحله، ومنها دماء حجر بن عدي واصحابه وعمرو بن الحمق الخزاعي وغيرهم، من خواص اصحاب الامام علي (ع). وفي مواضع اخري كان الائمه (ع)، يتصدون لعمليات التزييف التي تمارسها الدعايه الامويه ويدعون الناس الي الحق وتغيير الباطل وعدم السكوت عليه. ولناخذ بعض الامثله علي ذلك من تاريخ الامام الحسن (ع)، قبيل استشهاده، ثم من تاريخ الامام الحسين (ع).

يروي ابو الفرج: (قال: خطب معاويه بالكوفه حين دخلها والحسن والحسين (ع) جالسان تحت المنبر، فذكر عليا (ع) فنال منه، ثم نال من الحسن، فقام الحسين ليرد عليه، فاخذه الحسن بيده فاجلسه، ثم قام فقال: ايها الذاكر عليا، انا الحسن، وابي علي، وانت معاويه وابوك صخر، وامي فاطمه وامك هند، وجدي رسول اللّه وجدك عتبه بن ربيعه، وجدتي خديجه وجدتك قتيله، فلعن اللّه اخملنا ذكرا، والامنا حسبا وشرنا قديما وحديثا، واقدمنا كفرا ونفاقا! فقال طوائف من اهل المسجد: آمين) [1] .

روي ابو الحسن المدائني قال: (سال معاويه الحسن بن علي، بعد الصلح، ان يخطب الناس، فامتنع فناشده ان يفعل، فوضع له كرسي، فجلس عليه، ثم قال: الحمد للّه الذي توحد في ملكه، وتفرد في ربوبيته، يوتي الملك من يشاء، وينزعه عمن يشاء، والحمد للّه الذي اكرم بنا مومنكم، واخرج من الشرك اولكم، وحقن دماء آخركم، فبلاونا عندكم قديما وحديثا احسن البلاء، ان شكرتم او كفرتم. ايها الناس ان رب علي كان اعلم بعلي حين قبضه اليه، وقد اختصه بفضل لم تعتادوا مثله، ولم تجدوا سابقته، فهيهات هيهات! طالما قلبتم له الامور حتي اعلاه اللّه عليكم، وهو صاحبكم، وعدوكم في بدر واخواتها، جرعكم رنقا، وسقاكم علقا، واذل رقابكم، واشرقكم بريقكم، فلستم بملومين علي بغضه، وايم اللّه لا تري امه محمد خفضا ما كان سادتهم وقادتهم في بني اميه، ولقد وجه اللّه اليكم فتنه لن تصدروا عنها حتي تهلكوا، لطاعتكم طواغيتكم، وانضوائكم الي شياطينكم، فعند اللّه احتسب ما مضي وما ينتظر من سوء دعتكم، وحيف حكمكم) [2] .

يقول ابو الفرج: (لما اراد معاويه البيعه لابنه يزيد فلم يكن عليه شي ء اثقل من امر الحسن بن علي وسعد بن ابي وقاص فدس اليهما سما فماتا).

استشهد الامام الحسن (ع) في ربيع الاول عام تسعه واربعين، وحمل الامام الحسين (ع) عب ء مواجهه الامويين طوال هذه المرحله حتي استشهاده (ع) في واقعه كربلاء. وكما اسلفنا كانت هذه المرحله مرحله مواجهه (غير مسلحه)، وهي كلمه غير دقيقه والا فبماذا نصف قتل حجر بن عدي وعمرو بن الحمق الخزاعي واصحابهما ومئات غيرهم ممن لم تشتهر اسماوهم علي يد شرطه معاويه وزياد وابن زياد وسمره بن جندب وغيرهم، واذا قلنا غير مسلحه فاننا نعني عدم حدوث معارك كبري فقط.

كانت هذه المرحله التي امتدت، من عام تسع واربعين حتي هلاك الطاغيه، مرحله تسابق. ان الطاغيه يحاول تكريس نهج الدوله الامويه وتحويله الي قدر ابدي (وهو ما نجح في بعضه)، والامام الحسين يحاول احياء موات هذه الامه، وردهم الي الدين الصحيح، دين محمد وعلي.


پاورقي

[1] شرح نهج البلاغه لابن ابي الحديد4/16، دار الهدي الوطنيه بيروت.

[2] المصدر نفسه،4/10.