ولنسمع خطبه الافتتاح من ابن آكله الاكباد: (ما قاتلتكم لتصلوا، ولا لتصوموا، ولا لتحجوا، ولا لتزكوا، انكم لتفعلون ذلك، وانما قاتلتكم لاتامر عليكم، وقد اعطاني اللّه ذلك وانتم كارهون. كل شي ء اعطيته الحسن بن علي تحت قدمي هاتين، لا افي به) [1] .

ولا باس بان نورد نماذج من تطبيق الشريعه الاسلاميه، علي الطريقه الامويه، وهو ما يتمناه بعض المخدوعين في هذا الزمان:

اولا: النهج الاموي يبيح شرب الخمور روي احمد بن حنبل في مسنده عن عبداللّه بن بريده قال:

(دخلت انا وابي علي معاويه فاجلسنا علي الفرش، ثم اتينا بالطعام، فاكلنا. ثم اتينا بالشراب، فشرب معاويه، ثم ناول ابي، ثم قال: ما شربته منذ حرمه رسول اللّه) [2] .

ثانيا: النهج الاموي يبيح الربا اخرج مالك والنسائي وغيرهما، من طريق عطاء بن يسار ان معاويه باع سقايه من ذهب، او ورق، باكثر من وزنها فقال له ابو الدرداء رضي اللّه عنه: سمعت رسول اللّه، صلي اللّه عليه وآله وسلم، ينهي عن مثل هذا الا مثلا بمثل، فقال له معاويه: ما اري بمثل هذا باسا [3] .

ثالثا: استلحاق زياد (وصي رسول اللّه، صلي اللّه عليه وآله وسلم، ان الولد للفراش وللعاهر الحجر). متفق عليه.

(وقال صلي اللّه عليه وآله وسلم من ادعي الي غير ابيه، وهو يعلم انه غير ابيه، فالجنه عليه حرام). رواه البخاري ومسلم وابو داود.

اما ابن آكله الاكباد فجاء بزياد، وكان يدعي زياد ابن ابيه، وتاره زياد ابن امه، وتاره زياد بن سميه، واقام الشهاده ان اباه ابا سفيان قد وضعه في رحم سميه، وكانت بغيا، وسماه زياد بن ابي سفيان ليستخدمه في قمع المسلمين الشيعه وقتلهم.

رابعا: قتل الاحرار من اصحاب محمد، صلي اللّه عليه وآله وسلم.

قال تعالي:(من اجل ذلك كتبنا علي بني اسرائيل انه من قتل نفسا بغير نفس او فساد في الارض فكانما قتل الناس جميعا ومن احياها فكانما احيا الناس جميعا) «المائده/32».

روي الطبري في تاريخه: (استعمل معاويه المغيره بن شعبه علي الكوفه واوصاه: لا تتحم عن شتم علي وذمه والترحم علي عثمان والاستغفار له، والعيب علي اصحاب علي والاقصاء لهم، وترك الاستماع منهم، وباطراء شيعه عثمان رضوان اللّه عليه والادناء لهم والاستماع منهم. واقام المغيره علي الكوفه عاملا لمعاويه سبع سنين واشهرا، وهو من احسن شي ء سيره، واشده حبا للعافيه غير انه لا يدع ذم علي والوقوع فيه والعيب لقتله عثمان واللعن لهم، والدعاء لعثمان بالرحمه والاستغفار له والتزكيه لاصحابه، فكان حجر بن عدي اذا سمع ذلك قال: بل اياكم فذمم اللّه ولعن.

ثم قام فقال: ان اللّه عز وجل يقول:(كونوا قوامين بالقسط شهداء للّه) «النساء/135» وانا اشهد ان من تذمون وتعيرون لاحق بالفضل وان من تزكون وتطرون اولي بالذم) [4] واستمرت هذه الحال حتي ولي زياد الكوفه فقال مثلما كان يقول المغيره، ورد عليه حجر رضوان اللّه عليه بمثل ما كان يرد علي المغيره، فارسل زياد الي اميره معاويه فامر باعتقاله (وفقا لقانون طواري ء بني اميه) وارسل الي ابن آكله الاكباد مشدودا في الحديد فامر بقتله، فقال حجر للذين يلون امره: دعوني حتي اصلي ركعتين، فقالوا: صل، فصلي ركعتين خفف فيهما ثم قال: لولا ان تظنوا بي غير الذي انا عليه، لاحببت ان تكونا اطول مما كانتا، ثم قال لمن حضره من اهله: لا تطلقوا عني حديدا ولا تغسلوا عني دما فاني الاقي معاويه غدا علي الجاده، ثم قدم فضربت عنقه.

لم يكن حجر بن عدي النموذج الوحيد الدال علي ظلم هذه الدوله الجائره التي يزعم جاهلو امرها، وحدهم، انها كانت تحكم او تحكم بشريعه الاسلام. لقد كان بنو اميه يدابون ليل نهار لاطفاء نور اللّه، وفي الوقت نفسه كان خط الائمه (ع) قد تحول الي مشروع تاسيس لاقامه دوله المهدي المنتظر وان تاخر ذلك قرونا وقرونا. اما بنو اميه فيجهدون لاحداث اكبر قدر من الدمار بالامه الاسلاميه وبرجالاتها وبقيمها. وفي الوقت نفسه كان خط آل بيت محمد حريصا علي ابقاء قيم الاسلام الرسالي الاصيل حيه ومتوهجه، والتاكيد علي ان مرحله التمهيد وتاسيس دوله الامام المهدي ليست مرحله هدنه سلبيه، وليست ايثارا للابقاء علي حياه مجموعه من البشر وانما ابقاء للقيم وامدادها بكل ما يبقيها متالقه وحيه حتي زمن الظهور.