بازگشت

التحكيم: خديعه الذين جعلوا القرآن عضين


وتلبس ابليس (الذين جعلوا القرآن عضين) قال تعالي: (كما انزلنا علي المقتسمين الذين جعلوا القرآن عضين) «الحجر/90-91».

الفتنه تبلغ مداها، والهزيمه علي وشك ان تحل بجيش الرده الاموي، يتفتق ذهن الوزير الاول عن مكيده يكيد بها الامه ويشق صفها ويذهب ريحها، وبهذا يتحقق له من داخل الصف المسلم ما فشل في تحقيقه، طوال قرابه عشرين عاما، من المواجهه المسلحه مع الرسول الاكرم (ص)، قبيل ادعائه الاسلام. ولنرجع الي تاريخ الطبري.

(لما راي عمرو بن العاص ان امر اهل العراق قد اشتد وخاف الهلاك، قال لمعاويه: هل لك في امر اعرضه عليك لا يزيدنا الا اجتماعا ولا يزيدهم الا فرقه؟، قال: نعم. قال: نرفع المصاحف ثم نقول ما فيها حكم بيننا وبينكم، فان ابي بعضهم وجدت فيهم من يقول: بلي ينبغي ان نقبل، فتكون فرقه تقع بينهم، وان قالوا: بلي نقبل ما فيها، رفعنا هذا القتال عنا وهذه الحرب الي اجل وحين. فرفعوا المصاحف بالرماح وقالوا: هذا كتاب اللّه عز وجل بيننا وبينكم، من لثغور اهل الشام بعد اهل الشام؟ ومن لثغور اهل العراق بعد اهل العراق؟ فلما راي الناس المصاحف قد رفعت قالوا: نجيب الي كتاب اللّه عز وجل وننيب اليه) [1] وهنا لا بد لنا من وقفه مع قضيه التحكيم، رغم كونها ليست قضيه اساسيه في هذا البحث، وانما نعرض لها في اطار بحث رويه الامويين للاسلام وحقيقه موقفهم من كتاب اللّه، عز وجل، وما ورد فيه من احكام ومن ثم طبيعه دولتهم التي قامت بعد هذا من خلال هذه الرويه. ثم نعرض موقف ائمه الحق من آل محمد، عليهم السلام، من هذه الدوله من خلال ثوره الامام الشهيد الحسين (ع).

فها هو عمرو بن العاص يعلن الغرض الحقيقي لطلاب التحكيم، فيقول: ان عرض التحاكم لكتاب اللّه عز وجل امر يراد به تفريق الصف المسلم، او الكيان الشرعي للامه المتجمع خلف امام الامه علي بن ابي طالب (ع)، وزياده توحد الفئه الباغيه او حزب الشيطان، فماذا بعد الحق الا الضلال؟ تري كيف كان موقف ابي جهل او ابي سفيان، من ائمه الكفر والضلال، من وحده الصف المسلم ومن القياده الشرعيه للامه؟ هل كان اي من هولاء يحلم بان يحقق ما حققه معاويه وعمرو؟ ولكن هذه المره يحاربون الاسلام بالسلاح نفسه الذي انتصر به علي معسكر الشرك في الجوله الاولي، ولكن هذه المره بعد ان جعله ابن ابي سفيان وابن العاص (عضين)، اي مزقا وهزوا. ثم نري ونسمع، بعد ذلك، من يحاول ويزعم ويدعي ان الدوله الامويه كانت تمثل امتدادا للشرعيه التي جاء بها رسول اللّه (ص).

او يقول قائل: ان الحسين (ع) قتل بسيف جده رسول اللّه (ص)، هل كان الرسول علي الباطل؟! وهل جاء الرسول بقرآن يتخذه معبرا ليجلس علي اجساد المسلمين وينعم باموالهم؟! ام انه (ص) كان كما قال عنه ربنا عز وجل: (لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمومنين رووف رحيم) «التوبه/128» وقوله تعالي: (هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمه) «الجمعه/2».

ونعود الي تاريخ الطبري لنسمع رد الامام علي (ع)، علي هذا العرض المخادع، فلو كان القوم اصحاب ديانه حقا فلماذا لم يدخلوا في طاعه امام الحق؟! ولماذا استباحوا قتال من لا يحل قتاله من النساء والاطفال ولو كانوا مشركين؟!، فاي مصداقيه لطلبهم التحاكم الي كتاب اللّه؟ فكان رده (ع): (عباد اللّه، امضوا علي حقكم وصدقكم وقتال عدوكم، فان معاويه وعمرو بن العاص وابن ابي معيط وحبيب بن مسلمه وابن ابي سرح والضحاك بن قيس ليسوا باصحاب دين ولا قرآن، انا اعرف بهم منكم، قد صحبتهم اطفالا وصحبتهم رجالا فكانوا شر اطفال وشر رجال، ويحكم انهم ما رفعوها ثم لا يرفعونها ولا يعلمون بما فيها. وما رفعوها لكم الا خديعه ودهنا ومكيده، فقالوا له: ما يسعنا ان ندعي الي كتاب اللّه عز وجل فنابي ان نقبله، فقال لهم: فاني انما قاتلتهم ليدينوا بحكم هذا الكتاب، فانهم قد عصوا اللّه عز وجل ونسوا عهده ونبذوا كتابه) [2] .

وهكذا وقعت الكارثه والفتنه، حيث امتنعت الرويه الصائبه علي اكثر المسلمين وصار الناس في حيره، وصدق اللّه عز وجل:

(مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما اضاءت ما حوله ذهب اللّه بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون) «البقره/17»، واي ظلمه اشد من العجز عن ادراك الطريق، صراط اللّه المستقيم ونهج الرسول وائمه الحق.


پاورقي

[1] تاريخ الامم والملوک للطبري،4/34.

[2] تاريخ الامم والملوک للطبري،4/34.