بازگشت

خطاب رواد الفتنه، الخارجين علي القياده الشرعيه


رفع معاويه بن ابي سفيان شعار الثار لعثمان بن عفان، فهل كان ابن آكله الاكباد ووزيره الاول صادقين في دعواهما؟ فلنقرا سويا في صفحات التاريخ.

روي ابن جرير الطبري، في تاريخه: (لما قتل عثمان قدم النعمان بن بشير علي اهل الشام بقميص عثمان ووضع معاويه القميص علي المنبر، وكتب بالخبر الي الاجناد، وثاب اليه الناس، وبكوا سنه وهو علي المنبر والاصابع معلقه فيه (اصابع نائله زوجه عثمان) وآلي الرجال من اهل الشام الا ياتوا النساء ولا يناموا علي الفرش حتي يقتلوا قتله عثمان، ومن عرض دونهم بشي ء او تفني ارواحهم، فمكثوا حول القميص سنه، والقميص يوضع كل يوم علي المنبر ويجلله احيانا فيلبسه، وعلق في اردانه اصابع نائله).

(ثم مضي معاويه ينشر في الناس ان عليا (ع) قتل عثمان) [1] كان هذا هو الشعار المعلن، فهل كان هذا الشعار يمثل الحقيقه؟، فلنقرا اولا في تاريخ عمرو بن العاص.

ا- الشعار المعلن وحقيقته: الاستحواذ علي السلطان وروي الطبري، ايضا: (لما بلغ عمرا قتل عثمان، رضي اللّه عنه، قال: انا ابو عبداللّه قتلته «يعني عثمان » وانا بوادي السباع، من يلي هذا الامر من بعده؟ ان يله طلحه فهو فتي العرب سيبا، وان يله ابن ابي طالب فلا اراه الا سيستنطق الحق وهو اكره من يليه الي. قال: فبلغه ان عليا قد بويع له، فاشتد عليه وتربص اياما ينظر ما يصنع الناس، فبلغه مسير طلحه والزبير وعائشه، وقال استاني وانظر ما يصنعون، فاتاه الخبر ان طلحه والزبير قد قتلا، فارتج عليه امره فقال له قائل: ان معاويه بالشام لا يريد ان يبايع لعلي، فلو قاربت معاويه، فكان معاويه احب اليه من علي بن ابي طالب. وقيل له: ان معاويه يعظم شان قتل عثمان بن عفان ويحرض علي الطلب بدمه، فقال عمرو: ادعوا لي محمدا وعبداللّه فدعيا له، فقال: قد كان ما قد بلغكما من قتل عثمان رضي اللّه عنه وبيعه الناس لعلي وما يرصد معاويه من محالفه علي، وقال: ما تريان؟ اما علي فلا خير عنده وهو رجل يدل بسابقته، وهو غير مشركي في شي ء من امره، فقال عبداللّه بن عمرو:... اري ان تكف يدك وتجلس في بيتك حتي يجتمع الناس علي امام فتبايعه، وقال محمد بن عمرو: انت ناب من انياب العرب، فلا اري ان يجتمع هذا الامر وليس لك فيه صوت ولا ذكر، قال عمرو: اما انت، يا عبداللّه، فامرتني بالذي هو خير لي في آخرتي واسلم في ديني، واما انت، يا محمد، فامرتني بالذي هو انبه لي في دنياي وشر لي في آخرتي. ثم خرج عمرو بن العاص، ومعه ابناه، حتي قدم علي معاويه، فوجد اهل الشام يحضون معاويه علي الطلب بدم عثمان. فقال عمرو بن العاص:

انتم علي الحق، اطلبوا بدم الخليفه المظلوم، ومعاويه لا يلتفت الي قول عمرو. فقال ابنا عمرو لعمرو: الا تري الي معاويه لا يلتفت الي قولك، انصرف الي غيره، فدخل عمرو علي معاويه فقال: واللّه لعجب لك اني ارفدك بما ارفدك وانت معرض عني، اما واللّه ان قاتلنا معك نطلب بدم الخليفه، ان في النفس من ذلك ما فيها حيث نقاتل من تعلم سابقته وفضله وقرابته، ولكنا انما اردنا هذه الدنيا، فصالحه معاويه وعطف عليه). [2] هذا هو حال الوزير الاول، فهو نفسه ممن البوا علي عثمان وهو القائل: (انا ابو عبداللّه، قتلته وانا بوادي السباع)، وهو المقر بان انضمامه لابن آكله الاكباد انما هو من اجل الدنيا).

اما معاويه، صاحب القميص الذي صار مضربا للمثل علي الادعاءات الكاذبه، فنورد فقره من خطبته التي استهل بها عهده المشووم. روي ابو الفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبيين:

(لما انتهي الامر لمعاويه، وسار حتي نزل النخيله وجمع الناس بها فخطبهم قبل ان يدخل الكوفه خطبه طويله). واورد بعض مقاطعها ومنها:

(ما اختلفت امه بعد نبيها الا ظهر اهل باطلها علي اهل حقها..

فندم فقال: الا هذه الامه فانها وانها...) (الا ان كل شي ء اعطيته الحسن بن علي تحت قدمي هاتين لا افي به).

(اني واللّه ما قاتلتكم لتصلوا، ولا لتصوموا، ولا لتحجوا، ولا لتزكوا، انكم لتفعلون ذلك. وانما قاتلتكم لاتامر عليكم، وقد اعطاني اللّه ذلك وانتم كارهون). [3] هل كان ابن آكله الاكباد ووزيره الاول عمرو بن العاص يطالبان بدم عثمان او ان السلطه كانت هدفا لهما؟ وهل يبقي شك، بعد قراءتنا خطاب كل منهما في طبيعه الادعاءات المرفوعه من قبل الفئه الباغيه والصوره الحقيقيه لحركه الرده التي ما كان لها ان تحقق هدفها لولا تخاذل بعض المسلمين ووهن بعضهم الاخر.

كانت هذه هي الاهداف الحقيقيه: (الاستحواذ علي السلطه) و (اذلال المومنين)، وهي تختلف عن الاهداف الدعائيه: (الثار من قتله عثمان).

ب - وسائل التامر علي الناس اما عن الوسائل التي اتبعها ابن آكله الاكباد من اجل تحقيق غاياته الشيطانيه (وهي اقامه حكومه من بدوا في رويا رسول اللّه (ص) (قرده)، في مواجهه حكومه العدل الالهيه) فهي في المستوي نفسه، ومن نماذجها نذكر:

اولا: الرشوه والاغراء بالمناصب واليك النموذج الاتي: حاول معاويه رشوه قيس بن سعد بن عباده، والي الامام علي علي مصر. فكتب له: (... فان استطعت، يا قيس، ان تكون ممن يطلب بدم عثمان فافعل. تابعنا علي امرنا ولك سلطان العراقين، اذا ظهرت ما بقيت، ولمن احببت من اهل بيتك سلطان الحجاز ما دام لي سلطاني. وسلني غير هذا مما تحب فانك لا تسالني شيئا الا اوتيته) [4] .

اما رد قيس بن سعد بن عباده، رضوان اللّه عليه، علي ابن آكله الاكباد فكان ردا مخرسا فقد كتب اليه: (بسم اللّه الرحمن الرحيم، من قيس بن سعد الي معاويه بن ابي سفيان. اما بعد، فان العجب من اغترارك بي وطمعك في، واستسقاطك رايي، اتسومني الخروج من طاعه اولي الناس بالامره واقولهم للحق واهداهم سبيلا واقربهم من رسول اللّه (ص)، وتامرني بالدخول في طاعتك، طاعه ابعد الناس من هذا الامر، واقولهم للزور واضلهم سبيلا، وابعدهم من اللّه عز وجل ورسوله (ص)، وسيله، ولد ضالين مضلين، طاغوت من طواغيت ابليس. واما قولك اني مالي ء عليك مصر خيلا ورجلا، فواللّه ان لم اشغلك بنفسك حتي تكون نفسك اهم اليك، انك لذو جد، والسلام) [5] .

ثانيا: الاغتيال السياسي جاء في تاريخ الطبري: (فبعث علي الاشتر اميرا الي مصر حتي اذا صار بالقلزم، شرب شربه عسل كان فيها حتفه، فبلغ حديثهم معاويه وعمرا، فقال عمرو: ان للّه جنودا من عسل) [6] ثالثا: الاختلاق والخداع جاء في تاريخ الطبري: (ولما ايس معاويه من قيس ان يتابعه علي امره، شق عليه ذلك لما يعرف من حزمه وباسه، واظهر للناس قبله ان قيس بن سعد قد تابعهم فادعوا اللّه وقرا عليهم كتابه الذي لان له فيه وقاربه. قال: واختلق معاويه كتابا من قيس، فقراه علي اهل الشام) [7] .

رابعا: الاغاره علي المدنيين وقتل النساء والاطفال ذكر ابن جرير الطبري في تاريخه:

1- (وجه معاويه، في هذا العام، سفيان بن عوف في سته آلاف رجل وامره ان ياتي (هيت)، فيقطعها، وان يغير عليها ثم يمضي حتي ياتي الانبار والمدائن فيوقع باهلها) [8] .

2 - (وجه معاويه عبداللّه بن مسعده الفزاري في الف وسبعمائه رجل الي تيماء، وامره ان يصدق (ياخذ صدقه المال) من مر به من اهل البوادي، وان يقتل من امتنع من اعطائه صدقه ماله.

ثم ياتي مكه والمدينه والحجاز ويفعل ذلك) [9] .

3 - وجه معاويه الضحاك بن قيس، وامره ان يمر باسفل واقصه، وان يغير علي كل من مر به ممن هو في طاعه علي من الاعراب، ووجه معه ثلاثه آلاف رجل فسار، فاخذ اموال الناس وقتل من لقي من الاعراب، ومر بالثعلبيه فاغار علي مسالح علي، واخذ امتعتهم ومضي حتي انتهي الي القطقطانه فاتي عمرو بن عميس بن مسعود، وكان في خيل لعلي وامامه اهله وهو يريد الحج، فاغار علي من كان معه وحبسه عن المسير، فلما بلغ ذلك عليا سرح حجر بن عدي الكندي في اربعه آلاف واعطاهم خمسين خمسين، فلحق الضحاك بتدمر فقتل منهم تسعه عشر رجلا، وقتل من اصحابه رجلان وحال بينهم الليل فهرب الضحاك واصحابه ورجع حجر ومن معه [10] .

4- في عام 40ه، ارسل معاويه بن ابي سفيان بسر بن ابي ارطاه في ثلاثه آلاف من المقاتله الي الحجاز حتي قدموا المدينه، وعامل علي علي المدينه يومئذ ابو ايوب الانصاري، ففر منهم ابو ايوب، واتي بسر المدينه فصعد المنبر وقال: يا اهل المدينه، واللّه لولا ما عهد الي معاويه ما تركت بها محتلما الا قتلته. ثم مضي بسر الي اليمن وكان عليها عبيداللّه بن عباس عاملا لعلي، فلما بلغه مسيره فر الي الكوفه حتي اتي عليا، واستخلف عبداللّه بن عبد المدان الحارثي علي اليمن، فاتاه بسر فقتله وقتل ابنه، ولقي بسر ثقل عبيداللّه بن عباس وفيه ابنان له صغيران فذبحهما، وقد قال بعض الناس انه وجد ابني عبيداللّه بن عباس عند رجل من بني كنانه من اهل الباديه، فلما اراد قتلهما قال الكناني: علام تقتل هذين ولا ذنب لهما؟ فان كنت قاتلهما فاقتلني، قال: افعل، فبدا بالكناني فقتله ثم قتلهما، وقتل في مسيره ذلك جماعه كثيره من شيعه علي باليمن.

ولما ارسل علي جاريه بن قداحه في طلبه هرب) [11] .

تلك هي لمحات من اهداف الدوله الامويه وملامحها واساليبها في الوصول الي هذه الاهداف. لا فارق بين معاويه وصدام حسين وهتلر. الغايه، عند كل هولاء، تبرر الوسيله، بل ونزعم ان ابن آكله الاكباد، علي قرب عهده بالنبوه، اشد وزرا من صدام حسين الذي قتل النساء والاطفال واستخدم السلاح الكيماوي في قتل الابرياء، فصدام حسين لم ير رسول اللّه (ص)، ولا سمع منه ولا ادعي له بعض المورخين انه كان كاتبا للوحي، الي آخر هذه الادعاءات التي يمزج فيها الحق بالباطل.


پاورقي

[1] تاريخ الامم والملوک للطبري،3/561، موسسه الاعلمي، بيروت، لا.ت.

[2] الطبري، م.س.3/559 560.

[3] مقاتل الطالبيين، ص 76-77، موسسه الاعلمي، بيروت،1408 ه - 1987 م.

[4] تاريخ الطبري،3/552، موسسه الاعلمي، بيروت، د.ت.

[5] المصدر نفسه،3/552-553.

[6] المصدر نفسه،3/554.

[7] المصدر نفسه،3/554.

[8] المصدر نفسه،4/103.

[9] المصدر نفسه.

[10] تاريخ الامم والملوک لابن جرير الطبري،4/104.

[11] المصدر نفسه،4/107.