بازگشت

المصير الاسود لمجرمي كربلاء


(وكان عاقبة أمرها خسرا) [1] .

يحرص القرآن الكريم في إيراده لقصص الأقوام علي التركيز علي عواقب الأمور، فيؤكد دائما أن (تلك الدار الأخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين) [2] ، ولكي لا يعمي الواقع الراهن أبصار الناس بزخارف أصحاب المال ومظاهر قوة ذوي السلطان، فإنه يأمر الناس بأن يسيروا في الأرض فينظروا لا إلي الآثار وإنما إلي العاقبة والنهايات (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين) [3] .

ذلك أن المشكلة التي تعترض الكثير من الناس هو أنهم يريدون أن يروا النتائج عاجلة، فييأسوا مع تأخرها من نصر الله، بينما ينصحهم القرآن بأن ينظروا إلي سنن الله في الذين خلوا من قبل، وهذه السنة لن تخطئ من يعاصرونهم من الظالمين والمجرمين.

وفي قضية كربلاء شاهد صدق علي سنة الله في الظالمين , وبرهان حق علي أن (العاقبة للتقوي). انظر إلي تأريخ القتلة والمشاركين في الظلم، لم يمر عقد من الزمان إلا وقد تنشبت بهم أنياب أعمالهم فأصبحوا في وهق خطاياهم السابقة. وهلكوا غير مأسوف عليهم من أحد.

وهذه النتائج لأولئك الأشخاص الذين قاموا بالجرائم حرصا علي دنياهم ورغبة في بقائهم، فلا متع الدنيا حصلوا عليها ولا البقاء أتيح لهم، فكما قلنا ما مر عقد من الزمان إلا وقد ابتلعت الأرض أجسادهم، وفرقت عن الأجسام رؤسهم. بل ربما لو لم يرتكبوا تلك الجرائم لحصلوا علي متع من الدنيا كثيرة، ولعمروا أكثر مما صاروا إليه.

- يزيد بن معاوية بن أبي سفيان: المسؤول الأول عن قتل الامام الحسين عليه السلام..عجيب أن كتب التأريخ قد أغفلت كيفية هلاكه، وكأن ذلك كان عقاب التأريخ لمن قام بما قام به من أجل أن يبقي فإذا به في بدايات عمره من حيث السن (38 سنة) يهلك بنحو يختلف فيه حتي عاد أمر هلاكه مجهولا. فقد نقل في ترجمة اللهوف (إلي اللغة الفارسية) ما حاصله: أنه قد خرج للصيد فاعترضه غزال وظل يطارده إلي أن انفرد عن عسكره وحرسه، ووصل إلي خباء واستسقي صاحبه ماء فسقاه وعرفه علي اسمه، فلما عرفه قام إليه الأعرابي ليقتله انتقاما للحسين عليه السلام، فهرب يزيد وتعلق في هذه الأثناء بالركاب ولم يستطع الاستواء علي فرسه فظل هذا الفرس وهو مسرع يضرب به كل حجر ومدر حتي هلك إلي لعنة الله. [4] ومر غيره علي مصرعه لاعنا إياه، فـأكثر من تعرض لحديث رسول الله القائل بأن من أراد أهل المدينة بسوء أذابه الله (البعض قال: إنه في الدنيا، وقال آخرون إنه إذابته في النار، وجمع قسم ثالث بين الأمرين) ذكره في هذا الموضع مع مسلم بن عقبة المري.. هل مجهولية مصرعه جزء من الإذابة؟ فقد ذكر في فيض القدير بعد أن تعرض لشرح الحديث قال: قال القاضي عياض: وهذا حكمه في الآخرة بدليل رواية مسلم أذابه الله في النار أو يكون ذلك لمن أرادهم بسوء في الدنيا فلا يمهله الله ولا يمكن له سلطانا بل يذهبه عن قرب كما انقضي شأن من حاربهم أيام بني أمية كعقبة بن مسلم فإنه هلك في منصرفه عنها ثم هلك يزيد بن معاوية مرسله علي أثر ذلك [5] .

وقال الطبري: هلك يزيد بن معاوية وكانت وفاته بقرية من قري حمص يقال لها حوارين من أرض الشام لأربع عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة 64 وهو ابن ثمان وثلاثين سنة في قول بعضهم. [6] وبهلاكه انتهي الحكم من الفرع الأموي السفياني، حيث لم يبق ابنه معاوية في الحكم غير شهرين!!

-عمرو بن سعيد بن العاص المعروف بالاشدق: والي المدينة ـ الذي عينه يزيد بعد الوليد بن عتبة ـ والذي مال شدقه لكثرة سبه أمير المؤمنين عليه السلام، حتي إذا جاءه خبر قتل الحسين عليه السلام ونودي بقتله، لم يُسمع بواعية كواعية بني هاشم، هنااستخفه الطرب، وأمالته الشماتة.. وتمثل بقول القائل:

عجت نساء بني زياد عجة كعجيج نسوتنا غداة الارنب..

لم يمر عليه إلا تسع سنوات حتي كان رأسه معزولا عن بدنه. وعاقبته هي ما يذكرها المؤرخون، فإن عبد الملك لما أحكم أمر الشام، ووجه روح بن زنباع الجذامي فلسطين شخص عن دمشق، حتي صار إلي بطنان يريد قرقيسيا لمحاربة زفر بن الحارث، وأمر ابن الزبير علي حاله، فلما صار إلي بطنان من أرض قنسرين أتاه الخبر بأن عمرو بن سعيد بن العاص قد وثب بدمشق، ودعا إلي نفسه، وتسمي بالخلافة، وأخرج عبد الرحمن بن عثمان الثقفي خليفة عبد الملك بدمشق وحوي الخزائن وبيوت الاموال، فعلم عبد الملك أنه قد أخطأ في خروجه عن دمشق، فانكفأ راجعا إلي دمشق، فتحصن عمرو بن سعيد، ونصب له الحرب، وجرت بينهم السفراء، حتي اصطلحا وتعاقدا، وكتبا بينهما كتابا بالعهود والمواثيق والإيمان علي أن لعمرو بن سعيد الخلافة بعد عبد الملك، ودخل عبد الملك دمشق وانحاز مع عمرو بن سعيد أصحابه، فكانوا يركبون معه إذا ركب إلي عبد الملك.

ثم دبر عبد الملك علي قتل عمرو، ورأي ان الملك لا يصلح له إلا بذلك، فدخل إليه عمرو عشية، وقد أعد له جماعة من أهله ومواليه ومن كان عنده ممن سواهم، فلما استوي لعمرو مجلسه قال له: يا أبا أمية! إني كنت حلفت في الوقت الذي كان فيه من أمرك ما كان، أني متي ظفرت بك وضعت في عنقك جامعة، وجمعت يديك إليها. فقال: يا أمير المؤمنين! نشدتك بالله أن تذكر شيئا قد مضي. فتكلم من بحضرته، فقالوا: وما عليك أن تبر قسم أمير المؤمنين؟

فأخرج عبد الملك جامعة من فضة، فوضعها في عنقه، وجعل يقول:



أدنيته مني ليسكن روعه

فأصول صولة حازم مستمكن



و جمع يديه إلي عنقه، فلما شد المسار جذبه إليه، فسقط لوجهه، فانكسرت ثنيتاه، فقال: نشدتك الله، يا أمير المؤمنين، أن يدعوك عظم مني كسرته إلي أن تركب مني أكثر من ذلك، أو تخرجني إلي الناس فيروني علي هذه الصورة! وإنما أراد أن يستفزه فيخرجه، وكان علي الباب من شيعة عمرو بن سعيد نيف وثلاثون ألفا منهم عنبسة بن سعيد، فقال له: أمكرا أبا أمية، وأنت في الانشوطة؟ وليس بأول مكر، إني والله لو علمت أن الامر يستقيم، ونحن جميعا باقيان، لافتديتك بدم النواظر، ولكني أعلم أنه ما اجتمع فحلان في إبل إلا غلب أحدهما. وقتله وفرق جمعه، وطرح رأسه إلي أصحابه، ونفي أخاه عنبسة إلي العراق، وكان ذلك سنة 70 هـ..

- عبيد الله بن زياد: قال ابراهيم الاشتر القائد العسكري لجيش المختار الثقفي بعد انتهاء المعركة بينهم وبين جيش ابن زياد في سنة 67 هـ: قتلت رجلا شرقت يداه وغربت رجلاه تحت راية منفردة علي شاطئ نهر خازر فالتمسوه فإذا هو عبيد الله بن زياد قتيلا، ضربه فقده نصفين.

قتلة الحسين عليه السلام واصحابه وهم ممن شارك في المعركة مباشرة [7] :

1- عمرو بن سعد بن نفيل الأزدي [8] : وقد قتل القاسم بن الحسن عليهما السلام فلم يبرح الموقعة، إذ أن الحسين جلي كالصقر لاستنقاذ القاسم ابن أخيه، بينما راحت خيل بني أمية لاستنقاذ عمرو هذا، فاستقبلته بصدورها ووقع تحت حوافرها وهلك في مكانه.

2- عمرو بن الحجاج الزبيدي: وهو الذي كان علي شريعة الفرات في أربعة آلاف فارس لمنع أصحاب الحسين من الوصول إليها والشرب منها. هرب في أثناء القتال من جيش المختار الثقفي فركب راحلته ثم ذهب عليها فأخذ في طريق شراف وواقصة فلم ير حتي الساعة كما يقول الطبري في حوادث سنة 66، فلا يدري أرض بخسته أم سماء حصبته!!

3- شمر بن ذي الجوشن:هرب من الكوفة حتي إذا وصل قرية تسمي الكلتانية فوجد علجا هناك فضربه وقال: النجاء بكتابي هذا إلي مصعب بن الزبير فمضي العلج حتي دخل قرية فيها أبو عمرة، ورأي علجا آخر فأخذ يشكو إليه ما لقي من شمر وسمعه رجل من أصحاب أبي عمرة ورأي كتابه فسأل عن مكانه فدل عليه وذهبوا إليه فقتلوه.

4- عبد الله بن أسيد بن النزال الجهني

5- مالك بن النسير البدي

6- حمل بن مالك المحاربي: هربوا إلي القادسية فأرسل المختار خلفه، وجيء بهم إليه فقال: يا أعداء الله وأعداء كتابه وأعداء رسوله وآل رسوله أين الحسين بن علي؟ أدوا إلي الحسين قتلتم من أمرتم بالصلاة عليه في الصلاة، قالوا: بعثنا ونحن كارهون فامنن علينا واستبقنا، فقال: فهلا مننتم علي الحسين واستبقيتموه وسقيتموه.. فسأل البدي: انت صاحب برنسه؟ قيل له نعم: فقال: اقطعوا يدي هذا ورجليه ودعوه فليضطرب حتي يموت ففعل به ذلك وترك.وقدم الآخران فقتلا.

7- زياد بن مالك

8- عمران بن خالد

9- عبد الله بن قيس الخولاني

10- عبد الرحمن بن أبي خشكارة البجلي

أدخلوا علي المختار فقال يا قتلة الصالحين لقد أقاد الله منكم! لقد جاءكم الورس [9] بيوم نحس. وكانوا قد أصابوامن الورس الذي كان مع الحسين فقدموا في السوق فضربت أعناقهم.

11- عثمان بن خالد الدهماني

12- بشر بن سوط القابضي وكانا قد اشتركا في دم عبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب وفي سلبه، فقدما في موضع بئر الجعد فقتلا وأحرقا.

13- خولي بن يزيد الأصبحي بعث خلفه معاذ بن هانئ بن عدي (ابن أخي حجر) فجاؤوا بيته، وسألوا امرأته فقالت لا أدري ـ وأشارت بيدها إلي موضعه ـ فوجدوه قد وضع قوصرة علي رأسه.. فجاؤوا به إلي المختار وأحرق بالنار.

14- عمر بن سعد: وكان قد أخذ الأمان من المختار وأعطاه ذلك (..إلا أن يحدث حدثا) فكان أبو جعفر يقول: أما أمان المختار لعمر بن سعد ألا يحدث حدثا فإنه كان يريد به إذا دخل بيت الخلاء فأحدث. فأمر أبا عمرة فقتله ثم قتل أبنه حفص.

15- حكيم بن الطفيل السنبسي وهو من قطع يد ابي الفضل العباس وقيل إنه ضربه بعمود من حديد، ورمي الإمام الحسين عليه السلام وكان يقول تعلق سهمي بسرباله وما ضره شيء فقبض عليه وأراد أهله أن يوسطوا أحدا عند المختار، فقال من قبض عليه لعبد الله بن كامل نخشي أن يشفع الأميرُ عدي بن حاتم في هذا الخبيث، فدعنا نقتله فقال شأنكم به، فنصبوه غرضا ورموه بالسهام إلي أن هلك.

16- مرة بن منقذ العبدي: أحاطوا بداره، فضربه ابن كامل بالسيف ولكن استطاع الهرب ولحق بمصعب ثم شلت يمينه فيما بعد.

17- زيد بن الرقاد (الجنبي) وكان قال رميت منهم فتي بسهم وإنه لواضع كفه علي جبهته يتقي النبل فاثبت كفه فيها وهو عبد الله بن مسلم بن عقيل، فأحاطوا بداره وخرج عليهم مصلتا بسيفه فقال بن كامل لا تضربوه بسيف ولا تطعنوه برمح ولكن ارموه بالنبل، وارجموه بالحجارة ففعلوا به ذلك، وسقط علي الأرض وبه رمق فأخرقوه بالنار.

18- عمرو بن صبيح الصدائي: وكان يقول لقد جرحت فيهم وطعنت بعضهم وما قتلت منهم أحدا فجيء ليلا وهو علي سطح داره فأخذ أخذا.. وسجن إلي الصباح ثم قال ابن كامل للمختار: ‘إنه يقول أنه قد جرح في آل محمد وطعن فمرنا بأمرك فقال علي بالرماح فأمر أن يطعن بها حتي يموت.

19- الحصين بن نمير التميمي الذي كان من طلائع القادة الذين قاتلوا مسلم بن عقيل في الكوفة وقد اسر جنوده عبد الله بن يقطر وسلموه لابن زياد حتي قتل، وكان له دور سيء في كربلاء وقد هلك في المعركة التي دارت بين جنود المختار وبين جيش بني أمية فقد حمل شريك بن جدير التغلبي علي الحصين بن نمير فقتله.

20- محمد بن الأشعث قتل في حملة مصعب بن الزبير علي جنود المختار في الكوفة.

21- حرملة بن كاهل الأسدي: صاحب السهم المثلث والذي رمي به كبد الحسين عليه السلام، والسهم الآخر الذي رمي به عنق طفله الرضيع، تقول الرواية أنه قد أخذه المختار فقطع يديه ورجليه، وأحرقه بالنار.

22- سنان بن أنس النخعي: الذي احتز رأس الحسين عليه السلام علي بعض الروايات، أو حمله إلي ابن زياد، تقول بعض الروايات التاريخية أنه كان من جملة من قبض عليهم أيام انتصار المختار وقد قطع جنود المختار أنامله، ثم قطع يديه ورجليه وأحرق بالنار كما ذكر ذلك السيد بن طاووس في اللهوف. غير أن الطبري ذكر أنه كان قد طلب في الكوفة فهرب إلي البصرة، فهدم المختار داره. ويظهر من المنتخب من ذيل المذيل للطبري وكذا من ترجمة الامام الحسين لابن عساكر: أنه كان موجودا إلي أيام الحجاج الثقفي، فقد قال الحجاج: من كان له بلاء فليقم!! فقام قوم فذكروا وقام سنان بن أنس فقال: أنا قاتل الحسين!! فقال بلاء حسن. ورجع إلي منزله فاعتقل لسانه وذهب عقله فكان يأكل ويحدث مكانه!!


پاورقي

[1] الطلاق - 9.

[2] القصص 83.

[3] النمل 69.

[4] اللهوف في قتلي الطفوف (فارسي)- 263 مع أن الکاتب قد نقل الرواية عن أبي مخنف إلا أننا لم نجد في الطبري الذي ينقل عن ابي مخنف أکثر روايات المقتل ما هو مذکور أعلاه.

[5] فيض القدير بشرح الجامع الصغير ج 6.

[6] تاريخ الطبري ج 4.

[7] تم الاعتماد بشکل أساسي علي تاريخ الطبري ج 3. ولسنا في صدد مناقشة کيفية الجزاءات التي تعرض لها أولئک القتلة وإنما في صدد بيان أنه (بشر القاتل بالقتل ولو بعد حين) وأن لا يتصور المجرم بأنه يستطيع أن يفلت من آثار عمله.

[8] الغريب أن أخاه عبد الله بن سعد بن نفيل الأزدي کان ممن خرج مع التوابين بل هو من رؤسائهم ,واستشهد بعد سليمان والمسيب، کما استشهد معه أخوه الآخر خالد بن سعد بن نفيل. راجع الطبري.

[9] الورس: نبت أصفر يکون باليمن يتخذ منه الغمرة للوحه، تقول أورس المکان - عن الصحاح للجوهري.

ويظهر أنه من بقايا ما أخذه الإمام عليه السلام ـ وهو حقه حيث هو الولي الشرعي دون يزيد ـ من القافلة التي أرسل بها بها بحير بن ريسان الحميري إلي يزيد بن معاوية، وکان عامله علي اليمن، وکانت محملة بالورس والحلل، فلقيها الحسين عليه السلام في منطقة التنعيم أول خروجه من مکة متجها إلي العراق. وخيّر أصحاب الابل قائلا: لا أُکرهکم، من أحب أن يمضي معنا إلي العراق أو فينا کراءه وأحسنا صحبته، ومن أحب أن يفارقنا من مکاننا هذا أعطيناه من الکراء علي قدر ما قطع من الأرض. فمن فارقه منهم حوسب فأوفي حقه، ومن مضي منهم معه أعطاه کراءه وکساه.