بازگشت

شاء الله ان يراهن سبايا علي اقتاب المطايا؟


الجواب: في البداية نقول أن النص الوارد في اللهوف ليس فيه (علي أقتاب المطايا) وإنما بهذا المقدار (شاء الله أن يراهن سبايا). في حادثة ينقلها [1] .

وهناك تعبيرات في القرآن عن المشيئة والإرادة الإلهية تنتهي إلي أن لله إرادتين ومشيئتين: تكوينية وهي لا تتخلف فإن شاء شيئا كان من غير معالجة، وإذا أراده تحقق (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) ولتقريب المعني ـ مع ملاحظة الفارق نقول ـ إن الإنسان لو أراد أن يصور شيئا في ذهنه، فلا يحتاج هذا التصوير إلا إلي لمحة التفاتة فيحضر المعني المصور في ذهنه فورا، فلو أراد أن يتصور بحرا أو شجرة أو غيرها، فإنه لا يحتاج إلي معالجات وإعدادات وإنما يكفي أن يتصورها ويوجه ذهنه إليها في خلق الله للأشياء يكفي أن يريد ذلك، لكي يتحقق الموجود، ويصبح مخلوقا خارجيا، وقد تحدث القرآن الكريم عن هذه المشيئة والارادة التكوينية فقال (لو شاء ربك ما فعلوه)، (ولو شاء لذهب بسمعهم) (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس..)..

وتشريعية: وهي أن تتعلق مشيئة الله بفعل العبد، فهو لا يجبر العبد عليها وإنما يحثه عليها تارة ويزجره عنها أخري بأوامره ونواهيه، ولا يقسره علي فعلها ولا يجبره علي تركها، وإنما يبين له بالرسل، ويهديه بالعقول، ويزوده بالارادة والاختيار لكي يختار و(قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها): وهي التكاليف الشرعية، وقد تحدث عنها القرآن الكريم أيضا بلسان الارادة الالهية فقال (فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو علي سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) و (يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم) و(ما يريد الله بكم العسر ولكن يريد ليطهركم).

وهذه الثانية تبقي للإنسان مجال الاختيار، ولا يكون مسيرا فيها إلي جهة برغم إرادته، وإنما يكون في كل حالاته مختارا يستطيع الاستمرار ويستطيع التراجع، ومثل هذه الارادة قول الإمام الحسين عليه السلام (شاء الله أن يراني قتيلا. وشاء الله أن يراهن سبايا).

كيف نعرف أن هذه إرادة تشريعية لا تكوينية (أن يراهن..)؟

ـ لمخالفة ذلك لعقيدة الاختيار التي يدين بها الإسلام ويُعرف بها أهل البيت، هذا مع أنها كان يمكن أن تتخلف بتغيير الحسين رأيه، أو مسيره بينما التكوينية لا تتخلف. والشاهد عليه أن محمد بن الحنفية والذي يعرف عنه القول بالاختيار والارادة تبعا لما أخذه من أبيه أمير المؤمنين عليه السلام لم ينكر علي الإمام مقالته.

هذا مع ملاحظة كلام أمير المؤمنين عليه السلام لما سأله أكان مسيرنا إلي الشام بقضاء من الله وقدر؟ (.. ويحك لعلك ظننت قضاء لازما وقدرا حاتما. ولو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب، وسقط الوعد والوعيد. وإن الله سبحانه أمر عباده تخييرا، ونهاهم تحذيرا، وكلف يسيرا ولم يكلف عسيرا، وأعطي علي القليل كثيرا. ولم يعص مغلوبا، ولم يطع مكرها، ولم يرسل الانبياء لعبا، ولم ينزل الكتب للعباد عبثا، ولا خلق السماوات والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار).

ومعني الكلمة: أي شاء الله أن أخرج علي القوم فيحاربونني فأكون قتيلا، وشاء أن أصحب النساء لتكميل المسيرة فيكن سبايا بعد قتلي. ويقومون بدورهم في تكميل الثورة

وبالفعل فقد كان لذلك السبي أكبر الأثر في بقاء الثورة الحسينية، وتعريف الناس لحقيقة الحكم الأموي ومخالفته لأحكام الدين، مما أنتج الثورات المضادة له إلي أن سقط الحكم الجائر ذاك.


پاورقي

[1] اللهوف في قتلي الطفوف- قال السيد ابن طاووس الحسني ص 39:

ورويت من کتاب أصل لأحمد بن الحسين بن عمر بن يزيد الثقة، وعلي الاصل إن کان لمحمد بن داود القمي بالاسناد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سار محمد بن الحنفية الي الحسين في الليلة التي أراد الخروج في صبيحتها عن مکة فقال يا أخي إن أهل الکوفة من قد عرفت غدرهم بأبيک وأخيک وقد خفت أن يکون حالک کحال من مضي فإن رأيت أن تقيم فإنک أعز من في الحرم وأمنعه. فقال. يا أخي قد خفت أن يغتالني يزيد بن معاوية في الحرم فأکون الذي يستباح به حرمة هذا البيت فقال له: ابن الحنفية فإن خفت ذلک فصر إلي اليمن أو بعض نواحي البر فإنک أمنع الناس به ولا يقدر عليک أحد فقال: أنظر فيما قلت. فلما کان السحر إرتحل الحسين عليه السلام فبلغ ذلک ابن الحنفية فأتاه فأخذ زمام ناقته التي رکبها. فقال له: يا أخي ألم تعدني النظر فيما سألتک؟ قال بلي، قال: فما حداک علي الخروج عاجلا فقال: أتاني رسول الله صلي الله عليه واله وسلم بعد ما فارقتک، فقال: يا حسين أخرج فإن الله قد شاء ان يراک قتيلا، فقال له ابن الحنفية: إنّا لله وإنا إليه راجعون.. فما معني حملک هؤلاء النساء معک وأنت تخرج علي مثل هذه الحال؟ فقال له: قد قال لي (أي الرسول) إن الله قد شاء أن يراهن سبايا وسلم عليه ومضي.