بازگشت

احداث المعركة اخذت زمنا طويلا فهل هي اكثر من يوم؟


مع أنه قد احتمل بعض العلماء كما نقل عنهم الفاضل الدربندي [1] رحمه الله في كتابه أسرار الشهادة، ذلك الأمر إلا أنه لا يمكن قبوله، فقد اتفقت كلمة المؤرخين قاطبة، والروايات الواردة من طريق أهل البيت عليهم السلام، علي أن المعركة بدأت بصباح اليوم العاشر من شهر المحرم لعام 61 هـ وانتهت قبل غروب ذلك اليوم، بشهادة الإمام الحسين عليه السلام وقبله أصحابه وأهل بيته.

نعم ربما يتصور البعض ما ذكر من خلال حجم التفاصيل المذكورة في السيرة والكتب التأريخية، فيتوهم أنها تحدث مترتبة، بينما هي قد تحدث متزامنة وفي وقت واحد لكن الناقل لا يستطيع إلا أن ينقل القضية من جهات المختلفة ويفرد لكل خبر منها جهة مستقلة. لكن ذلك فمثلا قد يكون الحوار الذي يجري في داخل الخيمة بين الحسين وزينب مثلا، قد حدث في نفس الوقت الذي يكون فيه حبيب يخطب في أنصاره ويشجعهم علي القتال غدا وهو في نفس الوقت الذي يكون فيه بعض الهاشميين يتعبدون أو يقرؤون القرآن، وهذه كلها في وقت واحد، أو حينما يحمل عدد من الأنصار في الحملة الأولي ويقاتل كل منهم في جهة، وينشد من شعر الحماسة ما هو أهله، فإن المؤرخ أو الراوي لا يستطيع أن ينقل ذلك إلا بإفراد خبر لكل واحد منهم، بينما قد تكون حملتهم في وقت واحد.

ولتقريب الأمر نضرب مثال الفيلم التلفزيوني فإنه قد يستطيع المخرج أن يختصر فيه عددا من المشاهد والأفكار من خلال الصورة، فيستطيع بذلك أن ينقل أكثر من معني في مشهد واحد بينما لو أراد أن يتحدث متكلم عن ذلك لاحتاج إلي صفحات متعددة.


پاورقي

[1] المولي، آقا بن عابدين بن رمضان بن زاهد الشيرواني الدربندي، المعروف ب‍ الفاضل الدربندي، الحائري. ت 1285 فقيه أصولي متکلم محقق مدقق، جامع للمعقول والمنقول. کان من تلاميذ شريف العلماء المازندراني. له: خزائن الاصول، و خزائن الاحکام شرح منظومة بحر العلوم، و قواميس القواعد مشتمل علي دراية الحديث والرجال وطبقات الرواة، وغيرها. توفي في طهران سنة 1285 أو 1286، ونقل إلي کربلاء ودفن في الصحن الحسيني. وهو مع تبحره الکامل في الفقه والأصول والرجال إلا أن کتابه (أسرار الشهادة) والذي خصصه لما جري في کربلاء، يحتوي علي غير قليل من الروايات غير الثابتة. واحتمل بعضهم أنه يري تعميم قاعدة التسامح في أدلة السنن إلي الروايات التاريخية، بأنه حتي لو جاء بها خبر غير مسند، فإنه لا مانع من نقلها.