بازگشت

يقرا الخطباء جملة (فخرجن من الخدور ناشرات الشعور) فكيف يمكن تفسير ذلك


ورد أن زينب كانت تخاطب عمر بن سعد والحسين عليه السلام صريع علي الأرض قبل أن يحتز نحره: أيقتل أبو عبد الله وأنت تنظر إليه.. قال الشيخ المفيد:

، وخرجت أخته زينب إلي باب الفسطاط فنادت عمر بن سعد بن أبي وقاص: ويحك يا عمر! أيقتل أبو عبد الله وأنت تنظر إليه؟ فلم يجبها عمر بشئ، فنادت: ويحكم أما فيكم مسلم؟! فلم يجبها أحد بشئ) [1] .

وأما عن اللفظ المذكور فهو لم يرد بهذا النص إلا في الزيارة المنسوبة للناحية المقدسة، وهي إن قيل بعدم ثبوتها عن المعصوم فلا حجية فيه، وإن قيل بثبوتها من الناحية السندية فيمكن توجيه هذه العبارة بعدة توجيهات:

الأول: أنهن خرجن من خدورهن لا إلي المعركة علي هذه الحالة، وإنما بداية خروجهن من الخيمات الخاصة بالنساء إلي فناء المخيم أو الخيمات الأخري، إذ أن بعض المصادر التأريخية تذكر بأن الإمام الحسين عليه السلام يوم التاسع أمر أن تجعل خيام النساء متوسطة في المخيم، بحيث تحيطها باقي الخيمات من الجهات المختلفة، وهذا هو الأمر الطبيعي الذي يقوم به المؤمنون حتي في الأحوال العادية حيث يؤمنون لنسائهم أكبر ما يمكن من حال الستر والحفظ والحماية. فلما جاء جواد الحسين عليه السلام وعرفن بعظم المصيبة قمن بما تقوم به كل امرأة ثاكل وفاقد من البكاء ونشر الشعر أي حله وترك الزينة واللطم، وخرجن من خيماتهن إلي خارجها ولكنهن ما زلن في داخل المخيم , ولم يخرجن إلي المصرع بهذه الحالة.

والثاني: بأن خروجهن ربما لا يكون علي نحو بحيث تظهر شعورهن للأجانب خصوصا مع ملاحظة بعد المسافة بين مخيم الإمام الحسين وبين موقف الجيش الأموي. فمن المعروف أن المسافة كانت علي الأقل بحيث تبتعد فيها المخيمات عن المرمي المباشر للسهام والنبال، وإن كانت ربما يصل بعضها بحسب ما ورد في أحداث اليوم العاشر، أن بعض سهام القوم ونبالهم قد وصلت إلي المخيمات..وهذه المسافة (وهي كما قيل أن غلوة السهم قرابة مائتين وخمسين مترا) لا تسمح بالرؤية المباشرة.

والذي يلاحظ بقايا الاسماء للمواقع كما هي في مدينة كربلاء يجد هذه المواقع (التل الزينبي) و (محل مقتل الحسين عليه السلام) و(المخيم) وفي الجهة الأخري محل مصرع أبي الفضل العباس قرب شريعة الفرات يجد أن المسافة بين المخيم حيث أن المفروض أنه هو الموقع الحقيقي لخيام الحسين عليه السلام و بين مصرع أبي الفضل الذي كان في طريقه إلي المخيم قادما من الفرات بعدما ملأ القربة، يجدها مسافة بعيدة لا تسمح للأعداء بالنظر والاطلاع علي أحوال النساء حتي لو فرضنا خروجهن علي باب المخيم.

هذا كله بالنظر إلي نفس العبارة، وأما لو فرضنا ما نعرفه من التزام نساء أهل البيت عليهم السلام بالحجاب والعفاف ومحافظتهن عليه، فإنه يشكل قرينة قطعية علي أن المقصود من العبارة ـ علي فرض صدورها من المعصوم ـ لا يراد منها معناها الظاهري جزما.

وبالطبع هذا يختلف عما بعد السبي و السلب، فإنهن في تلك الحال كن مسبيات مسلوبات الارادة، وليس معهن ما يستترن به بعد أخذت منهن تلك الأشياء، وسلبت منهن. وإنما الكلام في ما قبل السبي حيث أن ظاهر العبارة أنهن فعلن ذلك بارادتهن، وتوجيهه هو ما عرفت.


پاورقي

[1] الارشاد 2- 112.