بازگشت

اجتماع مني العظيم


قال سليم في تتمّة كلامه السابق: فلمّا كان قبل موت معاوية بسنتين، حَجّ الحسين بن عليّ عليه السلام وعبد الله بن جعفر وعبد الله بن عبّاس معه.

وقد جمع الحسين بن علي عليه السلام بني هاشم: رجالَهم ونساءهم ومواليهم وشيعتهم، من حجّ منهم ومن لم يحجّ، ومن الأنصار ممّن يعرفونه وأهل بيته.

ثم لم يَدَعْ أحداً من أصحاب رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم، ومن أبنائهم والتابعين، ومن الأنصار المعروفين بالصلاح والنُسُك، إلاّ جمعهم.

فاجتمع عليه بـ «مِنَي» أكثر من ألف رجل [1] .

ويمكن اعتبار اجتماع مِني هذا العظيم، موقفاً سياسياً هامّاً، من وجهين:

1 ـ أنَّه تظاهرةٌ كبيرة، تجمع عَدَداً كبيراً من ذوي الشهرة، والوجهاء المعروفين بين الأُمّة، بحيث لا يمكن إغفال أثرها ولا منع الناس من التساؤلات حولها.

2 ـ أنّه أكبر «مَجْلِس» يضمُّ أصحابَ الرأي من رجالات الأُمّة، وشخصيّاتها ممّن له الحقّ في إبداء الرأي، وسنّ القانون، وهم النُخْبة المقدّمة من أهل الحلّ والعقد، ومن جميع القطّاعات الفاعلة في المجتمع الإسلامي وهم: العلويّون، والصحابة ـ المهاجرون والأنصار ـ والتابعون، ومن النساء، وطبقة الأبناء، وطبقة الموالي.

بحيث يمكن أن يعتبر ذلك «استفتاءاً شعبيّاً عامّاً» من خلال وجود ممثّلين


لكلّ طبقات الشعب المسلم.

وتبدو الحكمةوالحنكة في انتخاب الزمان، والمكان، لعقد ذلك المجمع العظيم:

فأرض «مني» المفتوحة الواسعة، وهي جزء من الحرم ـ تسع لمثل هذا الاجتماع العظيم في ساحة واحدة، وفي وسط كلّ الوافدين عليها، من الحجّاج المؤدّين للواجب، أو غيرهم القائمين بأعمال أُخري، واجتماع رهيب، مثل ذلك، لا يخفي علي كلّ الحاضرين في تلك الارض المفتوحة، وبذلك ينتشر الخبر، ولا يُحصَر بين الأبواب المغلقة أو جدران مكان خاص.

ولابدّ أنْ يكونَ الاجتماعُ في زمان الحضور في مِني وهو يوم العيد الأكبر ـ يوم الأضحي ـ العاشر من ذي الحجّة، فما بعد، إذ علي الجميع ـ الناسكين والعاملين معهم ـ الوجود علي أرض مِني، لأداء مناسكها أو تقديم الخدمات إلي الوافدين.

وفي انتخاب مثل هذا المكان، في مثل ذلك الزمان، مع نوعية الأشخاص المنتخبين للاشتراك في هذا الاجتماع، دلالات واضحة علي التدبير والاهتمام البليغ الذي كان يوليه الإمام لهذا الموقف.

وأمّا محتوي الخطاب التاريخي الذي ألقاه الإمام الحسين عليه السلام فهو ما سنقرؤه معاً [2] .:


پاورقي

[1] کتاب سليم بن قيس (ص 165) والاحتجاج للطبرسي (ص296).

[2] اعتمدنا في نقل نصّ الخطاب علي ما أثبته العلاّمة الشيخ محمد صادق نجمي، في تحقيقه القيّم الذي أصدره باسم «خطبه حسين بن علي عليه السلام در مني» باللغة الفارسية، وطبعته مؤسّسة القدس في مشهد سنة 1411 هـ ـ وقد ذکر أنّ مجموع الخطبة جاء علي شکل مقاطع في کلّ من کتاب سليم، والاحتجاج للطبرسي، وتحف العقول لابن شعبة.