بازگشت

بيعة الرسول


الّذين لم يبلغوا الحُلُمَ لم يُكلَّفوا في الدين الإسلامي بما يشقُّ عليهم، ولم يُعامَلوا إلاّ بما يلائم طفولتهم من الآداب.

فأمرٌ مثل «البيعة» التي تعني الالتزام بما يَقع عليه عقدها، لا يصدُر إلاّ من الكبار، لأنّها تقتضي الوعيَ الكاملَ، ومعرفة المسؤولية، والشعور بها، وتحمّل ما تستتبعه من أُمور، وكلّ ذلك ليس للصغار قبل البلوغ فيه شأن.

إلاّ أنّ النبيّ صلّي الله عليه وآله وسلّم ميّز بعض من كان في عمر الصغار من أهل البيت عليهم السلام بقبول «البيعة» منهم.

وهذا يستلزم أنْ يكون عملهم بمستوي عمل الكبار، وإلاّ لنافي الحكمة


التي انطوي فعل الرسول عليها بأتمّ شكل وبلا ريب! فالمسلمون يربأون بالنبيّ وحكمته، أن يقوم بأمر لغو.

وجاء الحديث عن الإمام أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام:

[194] أنّه قال: إنّ النبي صلّي الله عليه وآله وسلّم بايع الحسن والحسين، وعبد الله بن عبّاس، وعبد الله بن جعفر، وهم صغارٌ لم يبلغوا.

قال: ولم يبايع صغيراً إلاّ منِّا [1] .

وتدلُّ هذه البيعة علي أنّ قلّة الأعوام في أولاد هذا البيت الطاهر، ليستْ مانعةً عن بُلوغهم سنّ الرشد المؤهِّل للأعمال الكبيرة المفروضة علي الكبار، مادام فعل الرسول المعصوم يدعمُ ذلك، ومادام تصرّفهم يكشف عن أهليّتهم! ومادام الغيبُ، والمعجز الإلهيّ يُبَيّن ذلك.

فليس صِغَر عمر عيسي عليه السلام مانِعاً من نبوّته مادام المعجِز يرفده في المهد يكلّم الناس صبيّاً، وليس الصِغرَ في عمر الحسين مانِعاً من أن يُبايعه جدّه الرسول صلّي الله عليه وآله وسلّم.


پاورقي

[1] مختصر تاريخ دمشق، لابن منظور (7:129).