بازگشت

رواية الحديث الشريف


وُلِدَ الحسينُ عليه السلام، وجدّه الرسول صلّي الله عليه وآله وسلّم منهَمكٌ في بثّ الرسالة الإسلامية، والدولة آخذة بالأوج والرفعة، والرسولُ القائدُ لا ينفكّ يدبّر أُمورها، ويرعي مصالحها، ويُعالج شؤونها، ويخطّط لها.

فالحسين السبط، الذي يدور في فلك جدّه الرسول، ويجلس في حجره، ويصعد علي ظهره، ويرتقي عاتقه وكاهله، لابُدّ وأن يمتلئ بكلّ وجوده من كلام الرسول وحديثه، فهو يسمع كلّ ما يقول، ويري كلّ ما يفعل، وقد عاشر جدّه سبعاً من السنين، تكفيه لأنْ يعيَ منه الكثير من الأُمور التي تعدّ في اصطلاح العلماء «حديثاً» لرسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم، و«سُنّة» له.

وقد ابتدأ ابن عساكر برواية بعض الأحاديث التي سمعها من جدّه، وأوَّل حديث ذكره هو:

[1] قال عليه السلام: سمعت رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم يقول: «ما من مسلم ولا مسلمة يُصاب بمصيبة وإن قدم عهدها، فيُحدِث لها استرجاعاً، إلاّ أحدَثَ الله له عند ذلك، وأعطاهُ ثوابَ ما وعده عليها يوم أُصيبَ بها [1] .

أَوَمن القَدَرِ أن يكون هذا أوّل حديث يُروي في ترجمة الإمام الحسين عليه السلام؟! أوْ أنّ الرسول صلّي الله عليه وآله وسلّم أراد أنْ يلقّنَ الحسين في أوّل دروسه له، درساً في الصبر علي المُصيبة، التي تكون قطب رحي سيرته، ومقرونة باسمه مدي التاريخ؟!

إنّ في ذلك ـ حقّاً ـ لَعِبْرةً!

وحديث آخَر نقله ابن عساكر في ترجمة الإمام عليه السلام:


[2] قال: إنّ أبي حدّثني ـ يرفع الحديث إلي النبيّ صلّي الله عليه وآله وسلّم ـ أنّه قال: «المغبون: لا محمود، ولا مأجور».

وهذا درس نبويّ عظيمٌ: فإنّ عمل الإنسان لدنياه يستتبع الحمدَ، وعمله لآخرته يستتبع الأجر، والأعمال بالنيّات.

أمّا أنْ يُحتالَ عليه ويُغبَنَ، فيؤخذَ منه ما لانيّة له في إعطائه، فهذا هو المغبون الذي لا يُحمد علي فعله إن لم يُعاتَبْ، ولا يؤجرَ علي شيء لم يقصد به وجه الله والخير، بل هو أداةٌ لتجرُّئ الغابنين واستهتارهم، كما يؤدّي إلي الاستهزاء بالقِيَم واستحماق الناس.

ففي الحديث دعوة إلي التنبُّهِ والحذر واليقظة، حتّي في الأُمور البسيطة الفردية، فكيف بالأُمور المصيريّة التي ترتبط بحياة الاُمّة؟!

إنّ في ذلك ـ أيضاً ـ عِبْرةً، لقّنها الرسولُ صلّي الله عليه وآله وسلّم لحفيده الحسين عليه السلام!


پاورقي

[1] مختصر تاريخ دمشق، لابن منظور (7:115).